مخاوف في تونس من رد فعل «العمال» بعد ارتفاع الأسعار

تحذيرات ومطالبات نقابية وحزبية... والحكومة تسعى للتهدئة

TT

مخاوف في تونس من رد فعل «العمال» بعد ارتفاع الأسعار

انطلقت السنة الجديدة بسلسلة من الزيادات التي عرفتها مجموعة من المنتجات الاستهلاكية في تونس، وخضع الكثير منها لضرائب الاستهلاك، التي سترتفع بنسب قد تصل في بعض الحالات إلى 30%، وهو ما دعا الاتحاد العام التونسي للشغل (كبرى نقابات العمال في تونس) إلى تذكير الحكومة التونسية بضرورة الالتزام بالاتفاق الموقَّع بين الطرفين حول عدم رفع أسعار المواد الأساسية.
وقال نور الدين الطبوبي، رئيس نقابة العمال، في اجتماع عمالي عُقد أمس، في مدينة جندوبة (شمال غربي تونس)، إن كل محاولة للمساس بالتعهدات التي جمعت بين الحكومة واتحاد الشغل لن تمر، وأكد أمام آلاف العمال أنه تواصل مع وزير التجارة عمر الباهي لإبلاغه رفض الاتحاد أي مساس بالاتفاقيات والتعهدات مع الحكومة. وأفاد بأن الوزير التونسي أكد له أن ما تم الحديث عنه من زيادات في بعض المواد الغذائية «غير صحيح».
وفي السياق ذاته، دعا حزب العمال (حزب يساري معارض) إلى التصدي المدني والسلمي الحازم لإجراءات الزيادة في أسعار العديد من المنتجات، وأهمها المحروقات والغاز وخدمات الهاتف الجوال. كما دعا مختلف القوى الشعبية السياسية والاجتماعية والمدنية لرصّ الصفوف وتوحيدها لفرض تعليق العمل بقانون المالية لسنة 2018، خصوصاً الإجراءات التي وصفها بـ«الموجعة»، والتي ستزيد فقر الفقراء مقابل مضاعفة ثراء الأثرياء، وهو ما يوحي بمواجهات ساخنة مع حكومة يوسف الشاهد في حال إقرارها مجموعة من الإصلاحات الاقتصادية الهيكلية، ومن بينها مراجعة دعم عدد من المواد الاستهلاكية والضغط من أجل تخفيض كتلة أجور موظفي القطاع العام.
وفي المقابل، قال يوسف الشاهد، في برنامج تلفزيوني بُث الليلة قبل الماضية، إن قانون المالية الخاص بالسنة الجديدة، على الرغم كل الانتقادات التي رافقته، سيسهم، على حد قوله، في بلوغ نسبة نمو تقدَّر بـ3% في انتظار بلوغ ما بين 3.5 و4% سنة 2019 و5% سنة 2020. وأشار الشاهد إلى أن نسبة التداين ستكون أقل خلال السنة الحالية من خلال الضغط الذي سيخلقه القانون الجديد «حتى لا نشهد انفلاتاً في العجز المالي للبلاد»، على حد تعبيره.
وبشأن تراجع عدد من المنظمات الاجتماعية والأحزاب السياسية عن مساندته بسبب اعتراضهم على قانون المالية الجديد، على غرار منظمة الأعراف (مجمع رجال الأعمال) واتحاد الشغل (نقابة العمال)، اكتفى الشاهد بالقول إن المالية العمومية يجب أن تتعافى لأهمية تأثيرها على القدرة الشرائية للتونسيين وهو ما يتطلب مجموعة من التضحيات.
وأشار الشاهد إلى أن سنة 2018 ستكون سنة التشغيل بامتياز، وذلك بالاعتماد على كل الآليات، ومن بينها تشجيع المبادرة الخاصة ودفع الاستثمار بشقيه المحلي والأجنبي.
وفيما يتعلق بالزيادات المنتظرة المرتقبة على عدد الأداءات (الضرائب) الحكومية، فقد أشار الخبراء إلى أن ضريبة الاستهلاك سترتفع إلى ما بين 10 و25% على معظم المنتجات الاستهلاكية، كما أن الضرائب على عدد من المواد الأولية ستتراوح بين 10 و40%، وهو ما سينعكس على معظم الأسعار المتداولة في الأسواق التونسية.
ووفق متابعين للوضع الاقتصادي التونسي، لن تقتصر الزيادات على أسعار المحروقات؛ بل ستشمل مجموعة من المواد الاستهلاكية الأخرى ضمن إجراءات تتخذها الحكومة لتخفيض العجز المسجل على مستوى الميزانية العامة للدولة.
وأقرت السلطات التونسية زيادة في أسعار المحروقات بداية من الأول من يناير (كانون الثاني) الحالي، وهو ما سينعكس على مجموعة من الأنشطة الاقتصادية ذات الارتباط مع مختلف أنواع الوقود، من بينها النقل والكهرباء ومختلف الصناعات المعتمدة على المحروقات.



بورصة لندن تواجه أزمة تنافسية مع أكبر موجة هجرة منذ الأزمة المالية

رجل يتجول في بهو بورصة لندن (رويترز)
رجل يتجول في بهو بورصة لندن (رويترز)
TT

بورصة لندن تواجه أزمة تنافسية مع أكبر موجة هجرة منذ الأزمة المالية

رجل يتجول في بهو بورصة لندن (رويترز)
رجل يتجول في بهو بورصة لندن (رويترز)

حذَّر الرئيس السابق لمجموعة بورصة لندن، من أنَّ بورصة لندن الرئيسية أصبحت «غير تنافسية للغاية»، وسط أكبر هجرة شهدتها منذ الأزمة المالية.

وقال كزافييه روليه، الذي ترأس مجموعة بورصة لندن بين عامَي 2009 و2017، إن التداول الضعيف في لندن يمثل «تهديداً حقيقياً» يدفع عدداً من الشركات البريطانية إلى التخلي عن إدراجها في العاصمة؛ بحثاً عن عوائد أفضل في أسواق أخرى.

وجاءت تعليقاته بعد أن أعلنت شركة تأجير المعدات «أشتيد» المدرجة في مؤشر «فوتسي 100» خططها لنقل إدراجها الرئيسي إلى الولايات المتحدة، استمراراً لاتجاه مماثل اتبعته مجموعة من الشركات الكبرى في السنوات الأخيرة.

ووفقاً لبيانات بورصة لندن، فقد ألغت أو نقلت 88 شركة إدراجها بعيداً عن السوق الرئيسية في لندن هذا العام، بينما انضمت 18 شركة فقط. وتشير هذه الأرقام، التي نشرتها صحيفة «فاينانشيال تايمز»، إلى أكبر تدفق صافي من الشركات خارج السوق منذ الأزمة المالية في 2009.

كما أن عدد الإدراجات الجديدة في لندن يتجه لأن يكون الأدنى في 15 عاماً، حيث تتجنب الشركات التي تفكر في الطرح العام الأولي (IPO) التقييمات المنخفضة نسبياً مقارنة بالأسواق المالية الأخرى.

وقد تجاوزت قيمة الشركات المدرجة التي تستعد لمغادرة سوق الأسهم في لندن هذا العام، 100 مليار جنيه إسترليني (126.24 مليار دولار) سواء من خلال صفقات استحواذ غالباً ما تتضمن علاوات مرتفعة، أو من خلال شطب إدراجها.

وأضاف روليه أن انخفاض أحجام التداول في لندن في السنوات الأخيرة، مقارنة مع الارتفاع الحاد في الولايات المتحدة، دفع الشركات إلى تسعير أسهمها بأسعار أقل في المملكة المتحدة لجذب المستثمرين.

وقال في تصريح لصحيفة «التليغراف»: «الحسابات البسيطة تشير إلى أن السوق ذات السيولة المنخفضة ستتطلب خصماً كبيراً في سعر الإصدار حتى بالنسبة للطروحات العامة الأولية العادية. كما أن السيولة المنخفضة نفسها ستؤثر في تقييم الأسهم بعد الاكتتاب. بمعنى آخر، فإن تكلفة رأس المال السهمي تجعل هذه السوق غير تنافسية بشكل كامل».

ووفقاً لتقديرات «غولدمان ساكس»، يتم تداول الأسهم في لندن الآن بخصم متوسط يبلغ 52 في المائة مقارنة بنظيراتها في الولايات المتحدة.

وتستمر معاناة سوق العاصمة البريطانية في توجيه ضربة لحكومة المملكة المتحدة، التي تسعى جاهدة لتبسيط القوانين التنظيمية، وإصلاح نظام المعاشات المحلي لتشجيع مزيد من الاستثمارات.

وأشار روليه إلى أن المملكة المتحدة بحاجة إلى التخلص من الإجراءات البيروقراطية المرتبطة بالاتحاد الأوروبي التي تمنع صناديق التقاعد من امتلاك الأسهم، بالإضافة إلى ضرورة خفض الضرائب على تداول الأسهم وتوزيعات الأرباح.

وأضاف: «قلقي اليوم لا يتعلق كثيراً بالطروحات العامة لشركات التكنولوجيا، فقد فات الأوان على ذلك. التهديد الحقيقي في رأيي انتقل إلى مكان آخر. إذا استمعنا بعناية لتصريحات كبار المديرين التنفيذيين في الشركات الأوروبية الكبرى، فسنجد أنهم أثاروا احتمال الانتقال إلى الولايات المتحدة للاستفادة من انخفاض تكلفة رأس المال والطاقة، والعوائد المرتفعة، والتعريفات التفضيلية».