احتدام المعارك في حرستا... وضباط بين قتلى قوات النظام

احتدام المعارك في حرستا... وضباط بين قتلى قوات النظام
TT

احتدام المعارك في حرستا... وضباط بين قتلى قوات النظام

احتدام المعارك في حرستا... وضباط بين قتلى قوات النظام

تصاعدت أمس حدة المعارك في جبهة حرستا - عربين في الغوطة الشرقية لدمشق، بعد هجوم فصائل معارضة في محاولة لتضييق الخناق على القوات الحكومية المحاصرة مع المسلحين الموالين في مباني إدارة المركبات القريبة من مدينة حرستا. ورغم التعزيزات الكبيرة التي استقدمها النظام إلى المنطقة، أفيد بمقتل 39 من عناصره، بينهم 5 ضباط، من ضمنهم 3 عمداء، وتشييع محافظة طرطوس 13 عسكرياً قتلوا في معارك الغوطة المتواصلة منذ الجمعة.
ولفت طلب قاعدة حميميم العسكرية الروسية من قوات النظام «التصدي بحزم» لمسلحي المعارضة في مدينة حرستا شرق العاصمة دمشق. وقال المتحدث الرسمي باسم قاعدة حميميم أليكسندر إيفانوف عبر مواقع التواصل الاجتماعي التابعة لقاعدة حميميم الروسية: «نأمل من قوات الحرس الجمهوري في القوات الحكومية السورية إبداء المزيد من الجدية في التصدي للهجمات الإرهابية في منطقة حرستا التي تشهد نزاعاً دموياً منذ بداية الصراع في سوريا».
لكنه استدرك لاحقاً: «أعتقد أن الأفراد المقاتلين في الحرس الجمهوري يبدون شجاعة في التصدي للهجمات الإرهابية»، بينما اعتمد التصريح الصادر عن القناة المركزية على تقارير رسمية تحدثت عن انسحابات جماعية من نقاط تعتبر استراتيجية في المنطقة المحددة لصالح تنظيمات متطرفة تم تصنيفها على لائحة الإرهاب الدولي في وقت سابق، علماً بأن الفصيل الأساسي في الهجوم هو «حركة أحرار الشام» غير المصنفة على القوائم الدولية.
وأفاد «المرصد السوري لحقوق الإنسان» أمس بتنفيذ قوات النظام أمس أكثر من ٢٣ غارة جوية على أطراف حرستا وعربين. ووصف الاشتباكات التي تشهدها المنطقة بـ«العنيفة جداً»، متحدثاً عن «استماتة من قبل النظام لفك الحصار عن إدارة المركبات».
من جهته، أوضح إسماعيل الداراني، عضو «مجلس قيادة الثورة» في ريف دمشق، أن المعركة الجديدة التي تشهدها الغوطة الشرقية هي نتيجة «هجوم معاكس تنفذه فصائل المعارضة رداً على استماتة النظام لفصل حرستا عن عربين»، لافتاً في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «الفصائل نجحت خلال هذا الهجوم في استعادة السيطرة على عدة قطاعات، أبرزها أحياء الحداذق والعجمي وجسرين والإنتاج، كما على كتلة المدارس و3 مساجد». وأضاف: «لكن المعركة الحالية ليست استراتيجية وتندرج بإطار السعي لكسر شوكة النظام، وتكمن أهميتها بمحاصرة قواته من جديد في إدارة المركبات».
ونقلت وكالة الأنباء الألمانية عن مصادر مقربة من القوات الحكومية أن «مجموعات كبيرة من الفرقة الرابعة (قوات الغيث) وصلت إلى مشارف مدينة حرستا، تتمركز في بساتينها الغربية، مزودة بعربات تحمل صواريخ أرض - أرض وكاسحات ألغام». وحسب المصادر، «انتشر الحرس الجمهوري وقوات درع القلمون في محيط حي القابون من جهة الأتوستراد الدولي، مع وصول تعزيزات جديدة إلى فرع المخابرات الجوية في حرستا».
وأحصى «المرصد» عدد قتلى المعارك المحتدمة في حرستا، فأشار إلى مقتل 42 مدنياً، بينهم 11 طفلاً، و39 من العناصر والمسلحين التابعين للنظام، مقابل 45 من فصائل المعارضة، خلال الأيام الخمسة الماضية. وبالتزامن مع احتدام المعارك في الغوطة الشرقية، أفاد «المرصد» أمس بأن قوات النظام بدأت بتمشيط منطقة التلول الحمر الواقعة على الحدود الإدارية لريف دمشق الجنوبي الغربي مع ريف القنيطرة الشمالي، بعد دخولها إليها بناء على اتفاق «بيت جن» الذي أفضى إلى انسحاب مقاتلي المعارضة إلى محافظتي إدلب ودرعا. وقال الإعلام الحربي التابع لحزب الله أن «جيش النظام السوري يثبت نقاطه في التلول الحمر الاستراتيجية بريف القنيطرة، ويقفل ملف الغوطة الغربية بشكل كامل».



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم