مقتل أكثر من 10 آلاف مدني سوري في 2017 رغم «خفض التصعيد»

صورة مقتطعة من فيديو لإنقاذ مدنيين من بيت بعد استهدافه بالطيران الحربي في مسرابا قرب دمشق أمس (أ.ب)
صورة مقتطعة من فيديو لإنقاذ مدنيين من بيت بعد استهدافه بالطيران الحربي في مسرابا قرب دمشق أمس (أ.ب)
TT

مقتل أكثر من 10 آلاف مدني سوري في 2017 رغم «خفض التصعيد»

صورة مقتطعة من فيديو لإنقاذ مدنيين من بيت بعد استهدافه بالطيران الحربي في مسرابا قرب دمشق أمس (أ.ب)
صورة مقتطعة من فيديو لإنقاذ مدنيين من بيت بعد استهدافه بالطيران الحربي في مسرابا قرب دمشق أمس (أ.ب)

أصدرت الشبكة السورية لحقوق الإنسان تقريرا وثقت فيه مقتل 10204 مدنيين في عام 2017 على يد الجهات الرئيسية الفاعلة في سوريا.
نوّه التقرير إلى الاتفاق لوقف إطلاق نار شامل أُعلنَ عنه في 30 ديسمبر (كانون الأول) 2016 في «أنقرة» برعاية روسية - تركية، وأقرَّت الأطراف الموقعة عليه (النظام السوري من جهة، وفصائل في المعارضة المسلحة من جهة ثانية) وقف الهجمات المسلحة كافة في عموم سوريا، وتم استثناء المناطق العسكرية الخاضعة لسيطرة تنظيم داعش.
وذكّرت الشبكة في تقريرها أنَّ الاتفاق تبعته 7 جولات من المفاوضات في العاصمة الكازاخية آستانة بين ممثلين عن روسيا وتركيا وإيران كدولٍ راعية للاتفاق ناقشَ معظمها - إضافة إلى عدد من الاتفاقات المحلية - سُبل تثبيت مناطق خفض التصعيد في محافظة إدلب وما حولها (أجزاء من محافظات حلب وحماة واللاذقية)، وشمال محافظة حمص، والغوطة الشرقية، وأجزاء من محافظتي درعا والقنيطرة جنوب سوريا، والسماح بدخول المساعدات الإنسانية وعودة الأهالي النازحين إلى تلك المناطق.
ومنذ دخول هذه الاتفاقات حيِّزَ التنفيذ شهدت المناطق المشمولة بها تراجعاً ملحوظاً وجيداً نسبياً في معدَّل القتل، مقارنة مع الأشهر السابقة منذ مارس (آذار) 2011 حتى الآن.
ولفتَ التقرير إلى أنَّ هذه الاتفاقات انعكست على الأمور المعيشية للمدنيين في معظم المناطق التي شملتها حيث أقبل المرضى على عيادة المشافي والنقاط الطبية، كما التحق الكثير من الأطفال بمدارسهم، والمشافي أيضاً، كما ازداد نشاط الحركة التجارية في الأسواق، إضافة إلى ترميم الورشات الخدمية للكثير من خدمات البنية التحتية، لكن على الرغم من كل ذلك فإن الخروقات لم تتوقف، وبشكل رئيسي من قبل النظام السوري، الذي يبدو أنَّه المتضرر الأكبر من استمرار وقف إطلاق النار، وخاصة جرائم القتل خارج نطاق القانون، والأفظع من ذلك عمليات الموت بسبب التعذيب، وهذا يؤكد وبقوة أنَّ هناك وقفاً لإطلاق النار فوق الطاولة نوعاً ما، أما الجرائم التي لا يُمكن للمجتمع الدولي - تحديداً للجهات الضامنة للاتفاقات - أن يلحظَها فهي لا تزال مستمرة لم يتغير فيها شيء.
وتحدث عن أنّه على الرغم من إبرام اتفاقٍ لخفض التصعيد في الغوطة الشرقية بين فصيل جيش الإسلام أحد فصائل المعارضة المسلحة والقوات الروسية برعاية مصريَّة في 22 يوليو (تموز) 2017، ومن ثمّ توقيع اتفاق مماثل مع فصيل فيلق الرحمن ينصُّ على انضمامه أيضاً إلى منطقة خفض التصعيد في الغوطة الشرقية في أغسطس (آب)، إلا أنّ قوات الحلف السوري الروسي بدأت حملة عسكرية شرسة على الغوطة الشرقية منذ 14 نوفمبر (تشرين الثاني).
يُشير التقرير إلى وجود صعوبات تواجه فريق الشبكة السورية لحقوق الإنسان في توثيق الضحايا من فصائل المعارضة المسلحة لأن أعداداً كبيرة تقتل على جبهات القتال وليس داخل المدن، ولا يتمكَّن فريق الشبكة من الحصول على تفاصيل من اسم وصورة وغير ذلك، وبسبب تكتم قوات المعارضة المسلحة في بعض الأحيان لأسباب أمنية أو غير ذلك، وبالتالي فإن ما يتم تسجيله هو أقل بكثير مما هو عليه الحال.
قدّم التقرير حصيلة الضحايا المدنيين في عام 2017 والتي بلغت 10204 مدنيين، بينهم 2298 طفلاً، و1536 امرأة في على يد الأطراف الرئيسة الفاعلة في سوريا. قتلت منهم قوات النظام السوري 4148 مدنياً بينهم 754 طفلاً، و591 امرأة، و211 قضوا بسبب التعذيب. فيما قتلت القوات الروسية 1436 مدنياً بينهم 439 طفلاً، و284 امرأة. وقتلت قوات الإدارة الذاتية 316 مدنياً، بينهم 58 طفلاً، و54 امرأة، و5 بسبب التعذيب.
ووفقَ التقرير فقد قتلت قوات التحالف الدولي 1759 مدنياً بينهم 521 طفلاً، و332 امرأة في عام 2017، وقتل تنظيم داعش 1421 مدنياً بينهم 281 طفلاً، و148 امرأة وشخص واحد بسبب التعذيب، فيما قتلت هيئة تحرير الشام 25 مدنياً بينهم طفلان، وامرأة، و4 بسبب التعذيب.
كما ذكر التقرير أنّ فصائل في المعارضة المسلحة قتلت 186 مدنياً في عام 2017، بينهم 45 طفلاً، و29 امرأة، و7 بسبب التعذيب. كما سجَّل مقتل 913 مدنياً، بينهم 198 طفلاً، و97 سيدة، و4 بسبب التعذيب على يد جهات أخرى.
ووفقَ التقرير فقد تصدَّرت دمشق وريفها بقية المحافظات بـ2019 مدنياً قتلوا منذ بداية العام، تلتها محافظة الرّقة بـ1512 مدنياً.



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.