زيادة التململ الشعبي وسط فشل وعود روحاني الاقتصادية

زيادة التململ الشعبي وسط فشل  وعود روحاني الاقتصادية
TT

زيادة التململ الشعبي وسط فشل وعود روحاني الاقتصادية

زيادة التململ الشعبي وسط فشل  وعود روحاني الاقتصادية

سلطت الأضواء على الوضع الاقتصادي الإيراني، بعدما شهدت البلاد احتجاجات شعبية منذ الخميس الماضي تحت شعار «لا لغلاء الأسعار»، على إثر ارتفاع مفاجئ لأسعار السلع الأساسية بقرار من حكومة الرئيس الإيراني حسن روحاني.
وكانت مدينة مشهد، ثاني أكبر المدن الإيرانية وأبرز مراكزها الاقتصادية، شهدت نزول احتجاجات إلى الشارع ضد تدهور الوضع المعيشي، وسرعان ما تجاوزت شعارات المواطنين من القضايا الاقتصادية إلى هتافات تندد بالتدخل الخارجي الإيراني في عدة مناطق من الشرق الأوسط، في إشارة إلى تململ الشارع الإيراني من تجاهل أوضاعه، وإنفاق ثرواته في مكان خارج الحدود الإيرانية.
وتشير الصحف الاقتصادية، على مدى الشهر الماضي، إلى تحذيرات سبقت الاحتجاجات الشعبية من آثار ارتفاع الأسعار، وخاصة سعر الدولار في الأسواق.
وكان رئيس البرلمان الإيراني علي لاريجاني، عزا ارتفاع الأسعار في أسواق العملة، قبل يومين من اندلاع الاحتجاجات، إلى تراجع موارد الحكومة. وعلى نقيض ذلك، قال المتحدث باسم الحكومة محمد رضا نوبخت، قبل يوم من الاحتجاجات، إن «الحكومة لا يمكن أن تقبل بارتفاع سعر الدولار، وأن يرزح المواطن الإيراني تحت غلاء العيش».
وبحسب لاريجاني، فإن كل الموارد الإيرانية من الصادرات النفطية وغير النفطية لا تبلغ 70 مليار دولار، وذلك في حين كان روحاني اقترح ميزانية قدرها 104 مليارات دولار. وأوضح لاريجاني أن الحكومة ترفع التكاليف لمواجهة نقص الميزانية.
وبعد الانتخابات طالب المرشد الإيراني علي خامنئي أن «تكون المشكلات المعيشية على أولويات الحكومة». وكان روحاني وعد خلال حملته الانتخابية بتحسين أوضاع الفقر والمناطق المهمشة، ومواجهة أزمة البطالة، فضلاً عن الفساد.
وراهن روحاني على نتائج الاتفاق النووي، وتقول الحكومة إنها تواجه مشكلات في رفع القيود الدولية عن تعاملاتها مع البنوك الخارجية. كما راهن روحاني بتشجيع الاستثمار الأجنبي من أجل خلق فرص العمل، لكنه اصطدم في بداية طريقه بصخرة «الحرس الثوري»، الذي تشير التقديرات إلى استحواذه بنسبة 40 في المائة من الاقتصاد الإيراني.
وفي هذا الصدد، أفادت صحيفة «واشنطن بوست»: «أعلن روحاني عن الميزانية المقترحة الشهر الجاري التي دعت إلى تخفيض الدعم النقدي المقدم للفقراء، ورفع أسعار الطاقة، في إطار جهد يهدف إلى تقليص الديون، والابتعاد باقتصاد البلاد عن الصادرات النفطية. وبحسب المحللون، تشمل الخطة أيضا رسوما مثل تسجيل المركبات، وضريبة المغادرة التي لم تكن معروفة في السابق، وأثارت جدلا واسعا. وأدى الغضب الذي تسببت فيه الموازنة إلى خروج المظاهرات والاحتجاجات».
انتخب روحاني، الذي يوصف بالمعتدل، لفترة رئاسة ثانية في مايو (أيار) الماضي، بعد أن تعهد بمواصلة فتح إيران على العالم، لكنه فشل حتى الآن في الوفاء بوعوده بإنعاش الاقتصاد من جديد بعد توقيع الاتفاق النووي مع بلاده الذي كان بمثابة الإنجاز الذي تحقق. وأدى هذا الاتفاق، الذي أبرم مع الولايات المتحدة و5 دول أخرى، إلى إيقاف البرنامج النووي الإيراني مقابل رفع العقوبات الدولية المفروضة عليها. غير أن الفساد المستشري، والمشاكل في القطاع المصرفي، والعقوبات التي فرضتها الولايات المتحدة، تسببت في إعاقة التطور الاقتصادي في البلاد.
وتنقل الصحيفة عن محللين بأن المظاهرات «أكدت وجود حالة من السخط العام في إيران يمكن لها أن تشتعل في أي وقت. وكشفت تلك المظاهرات أن الإيرانيين يرون أن النظام وسوء الإدارة هما ما يعيقان حياتهم اليومية». فيما حذر آخرون من تأثير تلك المظاهرات التي ينقصها استراتيجية للتماسك والتلاحم ووجود رؤية سياسية أوسع. وتشير إلى أنه «لا يمكن لحالة عدم الرضا وحدها أن تغني عن المقاومة السياسية المؤثرة. فمن دون وجود الموارد الضرورية، سيظل التغيير أمرا مستبعدا».
وقال رئيس اللجنة الاقتصادية في البرلمان الإيراني، محمد رضا بور إبراهيمي، أمس، إن الرئيس الإيراني حسن روحاني يرأس، اليوم الاثنين، اجتماعا لرؤساء لجان البرلمان لبحث القضايا المتعلقة بالاقتصاد والمجتمع الإيراني.
وقال النائب عن مدينة طهران، إلياس حضرتي، إن «أسباب انطلاق الأحداث في بعض المدن لا تحتاج إلى تحليل معقد وأمني ومجهول». وتابع عبر حسابه في «تويتر» أنه «تكفي جولة للمسؤولين في أزقة مدينتنا والحضور بين الناس لنرى معاناتهم ونسمع كلامهم».



قائد الجيش الإسرائيلي يأمر بالتأهب لمواجهة «هجوم إيراني محتمل»

صورة وزعتها وزارة الدفاع الإسرائيلية لرئيس أركان الجيش، هيرتسي هليفي، أثناء تفقد قاعدة جوية تحت الأرض 2 يناير 2025
صورة وزعتها وزارة الدفاع الإسرائيلية لرئيس أركان الجيش، هيرتسي هليفي، أثناء تفقد قاعدة جوية تحت الأرض 2 يناير 2025
TT

قائد الجيش الإسرائيلي يأمر بالتأهب لمواجهة «هجوم إيراني محتمل»

صورة وزعتها وزارة الدفاع الإسرائيلية لرئيس أركان الجيش، هيرتسي هليفي، أثناء تفقد قاعدة جوية تحت الأرض 2 يناير 2025
صورة وزعتها وزارة الدفاع الإسرائيلية لرئيس أركان الجيش، هيرتسي هليفي، أثناء تفقد قاعدة جوية تحت الأرض 2 يناير 2025

قرر رئيس أركان الجيش الإسرائيلي، هيرتسي هليفي، رفع مستوى التأهب لمواجهة أي هجوم إيراني مباغت، على الرغم من أن التقديرات تشير إلى «احتمالات ضعيفة للغاية».

وأوضحت مصادر أمنية مقربة منه أن التصريحات المتداولة في واشنطن وتل أبيب بشأن تصاعد التوتر واحتمالية شن هجوم أميركي على طهران لا تعكس بالضرورة قراراً وشيكاً.

وأضافت المصادر أن الرئيس جو بايدن وفريقه للأمن القومي ناقشوا مختلف الخيارات والسيناريوهات، بما في ذلك مهاجمة المنشآت النووية الإيرانية، لكن الرئيس لم يتخذ حتى الآن قراراً نهائياً بهذا الشأن.

وأفادت المصادر بأن بعض القوى في الجهاز الأمني الإسرائيلي ترى أن التغيرات الاستراتيجية في الشرق الأوسط، عقب الضربات التي تلقتها إيران و«حزب الله» اللبناني و«حماس»، التي بلغت ذروتها بانهيار نظام بشار الأسد في سوريا، قد تدفع إيران لاتخاذ إجراءات انتقامية متطرفة ضد إسرائيل.

ومع ذلك، تؤكد التقديرات السائدة بين القيادات الأمنية في تل أبيب أن هذا الاحتمال لا يزال ضعيفاً للغاية. لكن، حرصاً على عدم وقوع مفاجآت، أصدر هيرتسي هليفي توجيهات باتخاذ تدابير احترازية صارمة، بما في ذلك رفع جاهزية سلاح الجو وقوات الدفاع الجوي للتعامل مع أي تطورات محتملة.

تحديات طهران

ويرى المؤيدون لاحتمالية قيام إيران بشن هجوم على إسرائيل في الوقت الراهن أن تدهور الأوضاع الداخلية في طهران يشكل دافعاً لمثل هذا التحرك. ويتجلى هذا التدهور في الانهيار الحاد لقيمة الريال الإيراني، وتصاعد الانتقادات للمسؤولين، وعودة بوادر الاحتجاجات الشعبية، بالإضافة إلى مشكلات التلوث وانقطاع التيار الكهربائي، والضغوط الأميركية المتزايدة. ومن المرجح أن تتفاقم هذه التحديات مع دخول الرئيس الجديد، دونالد ترمب، إلى البيت الأبيض، مما يضع حكام إيران أمام تحديات إضافية.

ووفقاً لما نقله موقع «واللا» العبري، فإن ترمب، المعروف بسياساته غير المتوقعة، قد يتخذ خطوات مفاجئة من شأنها خلخلة التوازنات القائمة في المنطقة. وفي السياق ذاته، تناولت صحيفة «يسرائيل هيوم» اليمينية، الأحد، هذا الموضوع، مشيرةً إلى أن هذه التحولات تصب في مصلحة إسرائيل، نظراً لدعم ترمب المطلق لها ورفضه القاطع السماح لإيران بتطوير قدراتها النووية.

في هذا السياق، أفادت مصادر أمنية في تل أبيب بوجود «قلق واضح» في إسرائيل والولايات المتحدة من احتمال أن تقدم طهران على اتخاذ «خطوة متطرفة»، رداً على الضربات التي تلقتها أو قد تتلقاها مستقبلاً، تتمثل في التوجه نحو تطوير تسلح نووي بوتيرة متسارعة. وترى تل أبيب وواشنطن أن من واجبهما التدخل بالقوة لمنع هذا السيناريو.

صورة وزعتها وزارة الدفاع الإسرائيلية لرئيس أركان الجيش هيرتسي هليفي أثناء تفقد قاعدة جوية تحت الأرض 2 يناير 2025

خيارات العمل العسكري

وفي تقرير نشره مراسل «أكسيوس» في تل أبيب، باراك رافيد، أشار إلى أن الرئيس الأميركي جو بايدن ناقش مع مستشاريه احتمالية شن هجوم أميركي على المنشآت النووية الإيرانية. وأوضح التقرير أن هذا الخيار سيصبح وارداً في حال توافرت معلومات تفيد بأن طهران بدأت بتحقيق تقدم سريع في تطوير أسلحة نووية، وذلك قبل تسلم الرئيس الأميركي المنتخب، دونالد ترمب، مهامه الرسمية في البيت الأبيض في العشرين من الشهر الحالي.

وجاء في تقرير موقع «واللا» الإلكتروني، الخميس الماضي، أن مستشار الأمن القومي بالبيت الأبيض، جيك سوليفان، عرض على بايدن «قبل بضعة أسابيع» خيارات لشن عمل عسكري أميركي ضد المنشآت النووية الإيرانية، وذلك في حال تسارع النظام في طهران نحو تطوير أسلحة نووية قبل نهاية ولاية بايدن في 20 من الشهر الحالي، وفقاً لما نقل عن ثلاثة مصادر مطلعة.

وأشار التقرير إلى أن توجيه ضربة أميركية ضد البرنامج النووي الإيراني خلال فترة يعد فيها بايدن «بطة عرجاء» سيكون بمثابة مقامرة كبرى. فمن جهة، أكد الرئيس الأميركي التزامه بمنع إيران من تطوير أسلحة نووية، لكن من جهة أخرى، فإن تنفيذ هجوم كهذا قد ينطوي على خطر نقل أزمة إقليمية أكبر في الشرق الأوسط إلى خليفته، دونالد ترمب.

وذكرت المصادر أن «بايدن وفريقه للأمن القومي ناقشوا خلال الاجتماع مختلف الخيارات والسيناريوهات، لكن الرئيس لم يتخذ قراراً نهائياً». وأضافت أن بعض مساعدي بايدن، ومن بينهم سوليفان، «يرون أن تآكل أنظمة الدفاع الجوي الإيرانية والقدرات الصاروخية، إلى جانب الضعف الكبير لوكلاء إيران في المنطقة، قد يعزز فرص توجيه ضربة ناجحة ضد المنشآت النووية، مع تقليل مخاطر الانتقام الإيراني والتصعيد الإقليمي».

وقال الدبلوماسي السابق، داني زاكن، إن «ترمب، يبدو مصمماً على استعادة مكانة الولايات المتحدة كأكبر قوة عالمية. لا يبدو هذا التقدير بعيداً عن الواقع، حيث من المتوقع أن تكون ولايته هذه مختلفة تماماً عن (الولايات العادية) التي شهدتها إدارة الرؤساء الديمقراطيين ومعظم الجمهوريين، وأن التغييرات ستتم بسرعة أكبر وبعظمة أكبر من تلك التي حدثت في ولايته السابقة». وأضاف: «استناداً إلى محادثات أجريتها مع مسؤولين سابقين وآخرين في الإدارة المقبلة، ومع موظف كبير في البنتاغون، إضافة إلى مصدر سياسي إسرائيلي مطلع على الاتصالات مع كبار مسؤولي الإدارة الجديدة، تبدو الأمور أكثر من إيجابية لإسرائيل، ولديها طابع عملي للغاية».

وفيما يتعلق بإيران وإمكانية شن هجوم ضدها، قال زاكن إن هناك نيةً من الإدارة الجديدة لتوسيع وتطبيق العقوبات على صادرات النفط الإيراني إلى الصين، وهو المصدر الأساسي لتمويل النظام في طهران. ومع ذلك، من المحتمل أن يفضل ترمب خوض مفاوضات مع النظام الإيراني على أساس التهديد، بهدف التوصل إلى اتفاق يجبره على التنازل الكامل عن برنامجه النووي تقريباً.

وأضاف: «ترمب ليس من محبي الحروب، بل هو محب للصفقات الكبيرة، ومصمم على تنفيذها بسرعة». وذكر أيضاً: «ترمب يسعى لصفقة كبرى، شاملة، تقوم على أساس (صفقة القرن) من جوانب اقتصادية وأمنية. الرئيس الحالي ليس دونالد ترمب 2017، بل أصبح أكثر نضجاً بكثير، ويعرف خفايا الإدارة. على مدار سنوات إدارة بايدن، تابع عن كثب القضايا المركزية، خصوصاً القضايا الخارجية. وإذا كان قد احتاج إلى عامين في ولايته السابقة لتنفيذ التغييرات الكبرى في الشرق الأوسط، فسيتم ذلك الآن في بداية ولايته».

وحسب مصدر آخر نقلته صحيفة «يديعوت أحرونوت»، فإن ترمب يسعى إلى اتفاق مع إيران، لكنه يعتمد على إسرائيل للضغط العسكري على طهران، بهدف تسريع تراجعها عن مطالبها السابقة والتوجه نحو اتفاق نووي يرضي جميع الأطراف.