العبادي يبدأ من بغداد حملة جمع الأسلحة ومطاردة المتاجرين بها

انطلقت في أكبر سوق شعبية وأسفرت عن ضبط قطع تابعة للدولة

TT

العبادي يبدأ من بغداد حملة جمع الأسلحة ومطاردة المتاجرين بها

اختار رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي أحد أكبر الأسواق الشعبية في العراق، «سوق مريدي» الواقع في مدينة الصدر شرق بغداد، ليبدأ منها، أمس، حملة جمع الأسلحة.
تاريخياً عرفت هذه السوق بأنها الأكبر على صعيد بيع وشراء السلع المستعملة. وحتى في عهد النظام السابق، ورغم صرامة الإجراءات الحكومية، فإن العديد من عمليات البيع والشراء لشتى أنواع السلع والبضائع، بما فيها المسروقة، كانت تجري فيها، فضلاً عن طبع العملة المزيفة. وبعد عام 2003 اشتهرت هذه السوق بأنها جامعة متنقلة لتوزيع كل أنواع الشهادات الدراسية بدءاً من الإعدادية حتى الدكتوراه، مروراً بالبكالوريوس والماجستير، ناهيك عن وجود كل أنواع الأختام لكل الخطابات الرسمية، بما فيها خطابات الرئاسات الثلاث. ولكونها تمتلك هذه المواصفات الفريدة من نوعها فقد تحولت إلى مخزن هائل لكل أنواع الأسلحة، وهو ما دفع الحكومة العراقية إلى بدء خطتها لجمع الأسلحة منها، وبإسناد جوي، نظراً للمخاطر التي يمكن أن تترتب على أي قوة عسكرية، حال حصلت مواجهة بين تجار ومتعاطي الأسلحة في هذه السوق.
الحملة التي أشرف عليها قائد عمليات بغداد الفريق الركن جليل الربيعي امتدت لنحو ساعتين، وأسفرت عن جمع أعداد كبيرة جداً من مختلف أنواع الأسلحة، إضافة إلى إلقاء القبض على عدد من المتاجرين بها ممن كانت قد صدرت بحقهم مذكرات اعتقال. ونشرت قيادة عمليات بغداد صوراً للأسلحة والأعتدة التي تمت مصادرتها في سياق عمليات الدهم والتفتيش.
من جهتها، اعتبرت لجنة الأمن والدفاع في البرلمان العراقي ما قامت به الحكومة في هذا المجال خطوة في الاتجاه الصحيح. وقال محمد الكربولي، عضو اللجنة، في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك مناطق داخل بغداد توجد فيها كل أنواع الأسلحة، وهو أمر غريب، وبالتالي يتطلب من الدولة جمع هذا السلاح، وحصره بيدها مثلما وعدت». وأوضح الكربولي أن «هذه الخطوة هامة ونتمنى توسيعها ليس فقط في سوق مريدي، إذ هناك عصابات مسلحة في مناطق أخرى تملك حتى أسلحة متوسطة»، مبيناً أن «رئيس الوزراء كان قد أعلن أن الكرادة منطقة منزوعة السلاح، لكن للأسف لا تزال بعض مقرات الأحزاب تمتلك أسلحة، بالإضافة إلى عدد من الفصائل المسلحة تمتلك أسلحة، وبرغم أنها مرخصة، فإن مجرد حمل السلاح في شوارع بغداد، وبكثافة، يعطي رسالة خاطئة بشأن استمرار التهديدات، بينما نحن نريد المضي نحو الاستقرار، خصوصاً بعد طرد تنظيم داعش الإرهابي».
وعبَّر الكربولي عن مساندة وتأييد لجنة الأمن والدفاع «للإجراءات التي تقوم بها الحكومة حالياً لسحب السلاح غير المرخص واعتقال المتاجرين والمروجين ممن يتولون المتاجرة به، حتى عن طريق وسائل التواصل الاجتماعي، حيث تجري عمليات بيع وشراء بشكل واضح، وهو ما يتطلب اتخاذ إجراءات أقوى حتى تتم السيطرة على مثل هذه الظواهر الشاذة في المجتمع».
بدوره، أكد الخبير الأمني فاضل أبو رغيف في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «هذه بداية لإعطاء زخم لقيادة العمليات في الفرات الأوسط والجنوب والوسط، لغرض متابعة الأسلحة لدى بعض العشائر المنفلتة التي باتت تشكل خطراً على المجتمع العراقي، لا سيما في البيئة الجنوبية التي تشهد استقراراً أمنياً».
في السياق ذاته، أكدت اللجنة الأمنية في مجلس محافظة بغداد أن بعض الأسلحة التي تم الاستيلاء عليها في سوق مريدي تابعة للدولة. وقال سعد المطلبي عضو اللجنة الأمنية في مجلس محافظة بغداد إن «هناك مشكلة حقيقة بشأن ظاهرة بيع أسلحة الدولة من قبل بعض المنتسبين، إذ يدعي بعضهم أنها فقدت في المواجهات العسكرية، أو ظروف أخرى، لكنهم في حقيقة الأمر يقومون ببيعها». وأوضح المطلبي أن «أسلحة الدولة التي ضبطت في سوق مريدي قابلة للتعقب من خلال الأرقام التسلسلية الموجودة فيها»، لافتاً إلى أنه «يمكن بسهولة معرفة الأشخاص الذين منحت إليهم هذه الأسلحة من أجل محاسبتهم».



تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
TT

تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

سلطت أحدث التقارير الحقوقية في اليمن الضوءَ على آلاف الانتهاكات التي ارتكبتها الجماعة الحوثية ضد المدنيين في 3 محافظات، هي العاصمة المختطفة صنعاء، والجوف، والحديدة، بما شملته تلك الانتهاكات من أعمال القمع والقتل والخطف والتجنيد والإخضاع القسري للتعبئة.

وفي هذا السياق، رصد مكتب حقوق الإنسان في صنعاء (حكومي) ارتكاب جماعة الحوثيين نحو 2500 انتهاك ضد المدنيين في صنعاء، خلال عامين.

بقايا منازل فجرها الحوثيون في اليمن انتقاماً من ملاكها (إكس)

وتنوّعت الانتهاكات التي طالت المدنيين في صنعاء بين القتل والاعتداء الجسدي والاختطافات والإخفاء القسري والتعذيب ونهب الممتلكات العامة والخاصة وتجنيد الأطفال والانتهاكات ضد المرأة والتهجير القسري وممارسات التطييف والتعسف الوظيفي والاعتداء على المؤسسات القضائية وانتهاك الحريات العامة والخاصة ونهب الرواتب والتضييق على الناس في سُبل العيش.

وناشد التقرير كل الهيئات والمنظمات الفاعلة المعنية بحقوق الإنسان باتخاذ مواقف حازمة، والضغط على الجماعة الحوثية لإيقاف انتهاكاتها ضد اليمنيين في صنعاء وكل المناطق تحت سيطرتها، والإفراج الفوري عن المخفيين قسراً.

11500 انتهاك

على صعيد الانتهاكات الحوثية المتكررة ضد السكان في محافظة الجوف اليمنية، وثق مكتب حقوق الإنسان في المحافظة (حكومي) ارتكاب الجماعة 11500 حالة انتهاك سُجلت خلال عام ضد سكان المحافظة، شمل بعضها 16 حالة قتل، و12 إصابة.

ورصد التقرير 7 حالات نهب حوثي لممتلكات خاصة وتجارية، و17 حالة اعتقال، و20 حالة اعتداء على أراضٍ ومنازل، و80 حالة تجنيد للقاصرين، أعمار بعضهم أقل من 15 عاماً.

عناصر حوثيون يستقلون سيارة عسكرية في صنعاء (أ.ف.ب)

وتطرق المكتب الحقوقي إلى وجود انتهاكات حوثية أخرى، تشمل حرمان الطلبة من التعليم، وتعطيل المراكز الصحية وحرمان الموظفين من حقوقهم وسرقة المساعدات الإغاثية والتلاعب بالاحتياجات الأساسية للمواطنين، وحالات تهجير ونزوح قسري، إلى جانب ارتكاب الجماعة اعتداءات متكررة ضد المناوئين لها، وأبناء القبائل بمناطق عدة في الجوف.

ودعا التقرير جميع الهيئات والمنظمات المحلية والدولية المعنية بحقوق الإنسان إلى إدانة هذه الممارسات بحق المدنيين.

وطالب المكتب الحقوقي في تقريره بضرورة تحمُّل تلك الجهات مسؤولياتها في مناصرة مثل هذه القضايا لدى المحافل الدولية، مثل مجلس حقوق الإنسان العالمي، وهيئات حقوق الإنسان المختلفة، وحشد الجهود الكفيلة باتخاذ موقف حاسم تجاه جماعة الحوثي التي تواصل انتهاكاتها بمختلف المناطق الخاضعة لسيطرتها.

انتهاكات في الحديدة

ولم يكن المدنيون في مديرية الدريهمي بمحافظة الحديدة الساحلية بمنأى عن الاستهداف الحوثي، فقد كشف مكتب حقوق الإنسان التابع للحكومة الشرعية عن تكثيف الجماعة ارتكاب مئات الانتهاكات ضد المدنيين، شمل بعضها التجنيد القسري وزراعة الألغام، والتعبئة الطائفية، والخطف، والتعذيب.

ووثق المكتب الحقوقي 609 حالات تجنيد لمراهقين دون سن 18 عاماً في الدريهمي خلال عام، مضافاً إليها عملية تجنيد آخرين من مختلف الأعمار، قبل أن تقوم الجماعة بإخضاعهم على دفعات لدورات عسكرية وتعبئة طائفية، بغية زرع أفكار تخدم أجنداتها، مستغلة بذلك ظروفهم المادية والمعيشية المتدهورة.

الجماعة الحوثية تتعمد إرهاب السكان لإخضاعهم بالقوة (إ.ب.أ)

وأشار المكتب الحكومي إلى قيام الجماعة بزراعة ألغام فردية وبحرية وعبوات خداعية على امتداد الشريط الساحلي بالمديرية، وفي مزارع المواطنين، ومراعي الأغنام، وحتى داخل البحر. لافتاً إلى تسبب الألغام العشوائية في إنهاء حياة كثير من المدنيين وممتلكاتهم، مع تداعيات طويلة الأمد ستظل تؤثر على اليمن لعقود.

وكشف التقرير عن خطف الجماعة الحوثية عدداً من السكان، وانتزاعها اعترافات منهم تحت التعذيب، بهدف نشر الخوف والرعب في أوساطهم.

ودعا مكتب حقوق الإنسان في مديرية الدريهمي المجتمع الدولي إلى التدخل العاجل لإيقاف الانتهاكات التي أنهكت المديرية وسكانها، مؤكداً استمراره في متابعة وتوثيق جميع الجرائم التي تواصل ارتكابها الجماعة.