بعد يوم واحد من نجاح نجم توتنهام هوتسبر هاري كين في كسر الرقم القياسي المسجل باسم ألان شيرر بتسجيله أكبر عدد من الأهداف في الدوري الإنجليزي الممتاز خلال عام ميلادي واحد، قام شيرر بتهنئة مهاجم توتنهام وعبر عن سعادته لكين بعد تحقيقه لهذا الإنجاز الرائع وتمنى له الاستمرار في النجاح. ولقد تحلى شيرر بهذه الروح الرياضية العالية، رغم أن هذا الرقم القياسي لم يعد مسجلا باسمه ولن يكون بمقدوره بعد الآن أن يتفاخر به، لكنه كتب مهنئا كين في تغريدة على حسابه الخاص على موقع «تويتر» يقول فيها «حسنا، أنت تستحق ذلك».
ويبدو أن هذا هو النموذج الرياضي المتبع خلال الفترة الأخيرة، فقبل عامين نجح لاعب الكريكيت جيمي أندرسون في كسر الرقم القياسي المسجل باسم إيان بوثام، والذي جاء رد فعله مماثلا لرد فعل شيرر، حيث كتب يقول: «إنه يسعد المشاهدين منذ أكثر من 12 عاما، وأنا سعيد للغاية بالنسبة له». صحيح أن بوثام ربما يكون حزينا في قرارة نفسه لأن الرقم لم يعد مسجلا باسمه، لكنه أظهر أنه يمتلك الشجاعة الكافية لتهنئة اللاعب الذي نجح في تدوين اسمه في سجلات اللعبة بدلا منه.
ومن الإنصاف أن نقول إن كل الرياضيين ليس لديهم نفس الروح الرياضية التي أظهرها شيرر بعد فقدانه الرقم القياسي المسجل باسمه، ففي عام 2000 أصبح الأميركي بيت سامبراس أكثر لاعب تنس يحصل على بطولات الجراند سلام الكبرى في التاريخ، بعد تغلبه على الأسترالي باتريك رافتر في بطولة ويمبلدون المفتوحة. وبعد المباراة، سُئل رافتر عن كيف سيستقبل مواطنه روي إيمرسون هذا الخبر بعد سحب الرقم القياسي منه، ورد قائلا: «إيمرسون شخص هادئ جدا، ولا أعتقد أنه سيلقي بالا لما حدث!».
وقد اتضح بعد ذلك أن ما قاله رافتر صحيح تماما، حيث قال إيمرسون: «أنا أشعر بأنني على ما يرام، ولا أشعر بأي شيء مختلف عما كنت أشعر به قبل كسر رقمي. إنه بطل حقيقي ويستحق أن يحتل مكانا في التاريخ». واتفق سامبراس مع الجملة الأخيرة لإيمرسون، قائلا: «عندما أعتزل اللعبة، ربما لن ترى لاعبا يهيمن على الرياضة مرة أخرى لسنوات وسنوات. أنا أشعر بأن ما حققته في لعبة التنس لم يحظ دائما بالتقدير المناسب».
وكان سامبراس يعني بكلماته «لسنوات وسنوات» هيمنته على لعبة التنس لأكثر من تسع سنوات، لكنه في الصيف التالي مباشرة أطيح به من بطولة ويمبلدون على يد لاعب سويسري شاب غير معروف آنذاك، لكنه وقبل مرور عقد من الزمان قد هيمن على لعبة التنس وتفوق على سامبراس، وكان هذا اللاعب هو روجر فيدرر. وعندما سُئل عام 2009. عما إذا كان روجر فيدرر قد أصبح الآن أفضل لاعب تنس على مر العصور، رد سامبراس قائلا: «يتعين علي أن أقر بذلك».
هذه هي إذن الروح السائدة فيما يتعلق بأكبر الإنجازات التي يحققها الرياضيون، فتلك الإنجازات لا يتم تحقيقها بسهولة ولا تهبط من السماء من دون أي مجهود، لكنها تتطلب مزيجا من العمل الجاد والتفاني والتضحية والتركيز والحظ الجيد، ولذا لا يكون التخلي عنها شيئا سهلا كما يتوقع البعض.
ربما يكون الشعور بالإحباط وخيبة الأمل أقل لو كان الرياضي الذي سحب منه الرقم القياسي ما زال شابا وقادرا على العطاء والمنافسة بالشكل الذي يسمح له باستعادة لقبه مرة أخرى. ومن المؤكد أن أعظم مثال لاستعادة الرقم القياسي في ألعاب القوى في أوروبا كان قد حدث في صيف عام 1981. أي بعد عام من كسر ستيف أوفيت للرقم القياسي المسجل باسم سيباستيان كو الذي ظل صامدا لمدة عامين. وفي 19 أغسطس (آب) نجح كو في استعادة الرقم القياسي مرة أخرى، وفي 26 أغسطس (آب) استعاد أوفيت الرقم القياسي لصالحه من جديد. وفي تلك الليلة، اتصل صحافي بكو في منزله لمعرفة شعوره، لكن والدة كو هي التي ردت على الهاتف، وقالت: «لا يوجد رد فعل على الإطلاق من جانب سيباستيان. لقد ذهب إلى الفراش». وبعد أقل من 48 ساعة، صنع كو التاريخ مرة أخرى، وكان أوفيت هو المطالب هذه المرة بأن يتحدث عن شعوره بعد خسارته للرقم القياسي الذي كان مسجلا باسمه.
ولو كان هناك شخص تفانى بشكل حقيقي في عمله من أجل كسر الرقم القياسي فإن هذا الرجل هو ديريك إبوتسون، وهو مثل كو من مقاطعة يوركشاير وعداء للمسافات المتوسطة. وسئل ذات مرة عما إذا كان أي شخص قد ألهمه للوصول إلى القمة في مسيرته الرياضية، فرد قائلا: «لا أحد في حقيقة الأمر. كان مصدر إلهامي هو التفكير في كسر الأرقام القياسية العالمية. كنت أريد دائما أن أكون حاملا لرقم قياسي عالمي، وكان لدي حافز كبير من داخلي. كنت أريد دائما أن أكون الأفضل في العالم».
وفي ظهيرة أحد الأيام في العاصمة البريطانية لندن في صيف عام 1957. نجح إيبوتسون في تحقيق الحلم الأكبر بالنسبة له، بعدما حفر اسمه في سجلات التاريخ كصاحب الرقم القياسي في السباق لمسافة ميل. وقد احتفظ إيبوتسون بهذا الرقم القياسي لمدة 13 شهرا. وفي الصيف التالي، جاء هيرب إيليوت، وهو رياضي من أستراليا وصديق جيد لإيبوتسون وهو الذي كتب في وقت لاحق مقدمة السيرة الذاتية لإيبوتسون - جاء للإقامة مع إيبوتسون أثناء التحضير للسباق في دبلن. ونجح إيليوت في كسر الرقم القياسي المسجل باسم إيبوتسون بثلاث ثوان. وعندما عاد إلى مسكن إيبوتسون وجد متعلقاته قد ألقيت على الرصيف بالخارج. وعندما سأل: «ما الذي وضع أشيائي هنا؟»، رد إيبوتسون قائلا: «هل تعتقد بأنك ستظل هنا بعدما كسرت الرقم القياسي المسجل باسمي؟».
عظماء الرياضة «تعلموا» تهنئة من يكسرون أرقامهم القياسية
شيرر أعرب عن سعادته بنجاح كين لكن ردود الفعل لم تكن دائما جيدة
عظماء الرياضة «تعلموا» تهنئة من يكسرون أرقامهم القياسية
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة