الجيش اليمني يحذر معرقلي مخرجات الحوار.. و20 ألف نازح من عمران بسبب القتال

اليمن يتجه لإقرار قانون العدالة الانتقالية والمصالحة السياسية

جنود يمنيون في نقطة تفتيش بمحافظة أبين جنوب اليمن حيث تنشط عناصر {القاعدة} (رويترز)
جنود يمنيون في نقطة تفتيش بمحافظة أبين جنوب اليمن حيث تنشط عناصر {القاعدة} (رويترز)
TT

الجيش اليمني يحذر معرقلي مخرجات الحوار.. و20 ألف نازح من عمران بسبب القتال

جنود يمنيون في نقطة تفتيش بمحافظة أبين جنوب اليمن حيث تنشط عناصر {القاعدة} (رويترز)
جنود يمنيون في نقطة تفتيش بمحافظة أبين جنوب اليمن حيث تنشط عناصر {القاعدة} (رويترز)

أعلنت حكومة الوفاق اليمنية استكمال الصيغة النهائية لمشروع قانون العدالة الانتقالية والمصالحة الوطنية، مع بقاء الخلاف حول الفترة الزمنية لنطاق سريان القانون. وطالب مسؤول دولي بإلغاء الحصانة الممنوحة للرئيس السابق. وغادر المبعوث الأممي لليمن، جمال بنعمر، أمس صنعاء، متوجها إلى نيويورك، لتقديم تقريره الدوري لمجلس الأمن، يوم 20 من الشهر الحالي، والذي يتضمن التحديات التي تواجهها المرحلة الانتقالية.
وتمثل العدالة الانتقالية إحدى أهم نقاط الاختلاف بين أطراف التسوية السياسية في المرحلة الانتقالية، لوجود ملفات «حساسة» مرتبطة بانتهاكات حقوق الإنسان، وهو ما أعاق إقرار قانون العدالة، منذ سنتين.
واحتضنت صنعاء، أمس، المؤتمر الإقليمي للعدالة الانتقالية، بمشاركة عربية، ودولية، حيث نظمته وزارة الشؤون القانونية بالتعاون مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي والمفوضية السامية لحقوق الإنسان، وقال رئيس الحكومة محمد سالم باسندوة «إن الغاية النهائية من مشروع قانون العدالة الانتقالية والمصالحة الوطنية هي استكمال المصالحة السياسية بمصالحة مجتمعية»، مؤكدا في كلمته بالمؤتمر أن «تحقيق الوقاية من آثار الحصانة لا يتم إلا عبر الإقرار بالحق في معرفة الحقيقة والحق في جبر الضرر». ولفت باسندوة إلى «وجود ظروف سياسية أعاقت التغيير الكامل والتحول الديمقراطي المنشود، وأخضعته إلى تسوية أطالت من أمد التحول».
ودعا ممثل المفوضية السامية لحقوق الإنسان في اليمن، جورج أبو الزلف، إلى إلغاء الحصانة الممنوحة للرئيس السابق، علي عبد الله صالح، وقال «لن يتحقق الأمن والسلام المستدام، وطي صفحة الماضي وبناء اليمن الجديد، دون إنهاء الحصانة والإفلات من العقاب». ومنح البرلمان عام 2012 الرئيس السابق علي عبد الله صالح، ومن عمل معه، حصانة قضائية، بموجب اتفاق نقل السلطة، الذي رعته دول مجلس التعاون الخليجي ومجلس الأمن. وطالب أبو الزلف «بسرعة تعيين أعضاء لجنة التحقيق في أحداث 2011، في أقرب وقت، مع ضمان تقديم المسؤولين عن الانتهاكات السابقة للعدالة وفق المبادئ الدولية لحقوق الإنسان»، معتبرا أن «التجارب أثبتت أن الدول التي قررت محاكمة مرتكبي الجرائم الكبرى هي في المتوسط أكثر استقرارا من تلك التي لم تفعل ذلك».
إلى ذلك، كشف مصدر في رئاسة الوزراء، لـ«الشرق الأوسط»، وجود تباينات داخل الحكومة، حول الفترة الزمنية لنطاق سريان قانون العدالة الانتقالية. وقال المصدر الذي طلب حجب هويته إن «جميع الوزراء بمختلف توجهاتهم السياسية توافقوا على مشروع القانون في صورته النهائية، فيما عدا النطاق الزمني»، مضيفا «عدد من الوزراء رفضوا الفترة الموجودة في المشروع الحالي، الممتدة من عام 1962، وحتى اليوم، مطالبين بأن تقتصر من 2011، فقط، وبرروا ذلك بأن هناك ملفات قديمة، قد تفتح باب جهنم على المرحلة الانتقالية، في حال فتحها، وهو ما يهدد الإنجازات التي تحققت».
وغادر مساعد أمين عام الأمم المتحدة ومستشاره الخاص لشؤون اليمن جمال بنعمر، صنعاء، في ختام زيارته الثلاثين إلى اليمن. وذكر بنعمر في بيان صحافي، حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه، أنه سيقدم تقريرا لمجلس الأمن، يوم 20 من الشهر الحالي، يتضمن التحديات السياسية والأمنية والاقتصادية الراهنة، مشيرا إلى أنه ناقش مع الرئيس عبد ربه منصور هادي والقيادات السياسية سبل دفع العملية السياسية، وأعلن دعمه للجهود الحثيثة التي بذلها الرئيس هادي لإنهاء التوتر في عمران. ولفت إلى أنه يتابع «تطورات الأوضاع عن كثب»، مشددا على أهمية التزام جميع الأطراف باتفاق وقف إطلاق النار الذي تم التوصل إليه، وقال إن «إشاعة أجواء التوتر والاقتتال في هذه المرحلة الدقيقة ليست من مصلحة أحد على الإطلاق».
وجدد الجيش اليمني دعمه للمرحلة الانتقالية التي تعيشها البلاد، محذرا في الوقت نفسه من «أي عبث يعوق تنفيذ مخرجات مؤتمر الحوار الوطني». وعقد أمس بصنعاء اجتماع لقيادات الجيش، برئاسة وزير الدفاع اللواء الركن محمد ناصر أحمد، لمناقشة الأوضاع الأمنية التي تعيشها محافظة عمران، والمحافظات الأخرى، وقال أحمد «إن القوات المسلحة ستبقى دوما حصن اليمن المنيع وقلعته الحصينة ضد أي متهاون أو عابث يحاول إعاقة تنفيذ مخرجات الحوار وإعاقة الشعب عن تحقيق تطلعاته سواء عن طريق الإرهاب أو التخريب»، مؤكدا «ضرورة قيام الوحدات العسكرية بمهامها في حماية السيادة والإسهام في حفظ الأمن والاستقرار وردع الخارجين عن النظام والقانون»، بحسب ما نقلت عنه وكالة الأنباء الحكومية.
وأعلن مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية نزوح نحو عشرين ألف شخص مؤخرا في محافظة عمران بشمال اليمن، منذ مايو (أيار)، نتيجة القتال بين القوات الحكومية والمتمردين الحوثيين، وقال يانس لاركيه، المتحدث باسم المكتب، في مؤتمر صحافي في جنيف: «لا يزال الطريق الرئيس من العاصمة صنعاء إلى عمران، مغلقا. وتسبب في تعطيل عمليات توصيل المساعدة إلى أربعين ألف شخص شردوا في المحافظة منذ عام 2011»، مشيرا إلى أن «جميع عمليات الوكالات الإنسانية خارج مدينة عمران قد توقفت».



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.