تركيا إلى عهد سياسي جديد

إردوغان عزز سلطاته عبر تعديل الدستور

تركيا إلى عهد سياسي جديد
TT

تركيا إلى عهد سياسي جديد

تركيا إلى عهد سياسي جديد

شكل الاستفتاء على تعديل الدستور للانتقال إلى النظام الرئاسي الذي شهدته تركيا في 16 أبريل (نيسان) الماضي أهم وأبرز حدث خلال العام 2017 وينظر إليه الكثير من المحللين والمراقبين على أنه نقطة فارقة بين مرحلتين في التاريخ التركي الحديث أو بداية لما يسمى بـ«الجمهورية الثانية».
في 21 يناير (كانون الثاني) وافق البرلمان التركي على مشروع قانون لتعديل الدستور تمهيدا لإقرار النظام الرئاسي الذي يمنح رئيس الجمهورية صلاحيات واسعة على حساب الحكومة والبرلمان.
حصلت حزمة التعديلات الدستورية المؤلفة من 18 مادة على أغلبية الثلاثة أخماس المطلوبة للمضي قدما في إقرارها عبر استفتاء الشعب، بعد حصول حزب العدالة والتنمية الحاكم على دعم حزب الحركة القومية المعارض، وكان من أهم ما احتوته التعديلات أنها أتاحت للرئيس الحالي رجب طيب إردوغان إعادة علاقته بالحزب الحاكم الذي أسسه برفقة آخرين في مقدمتهم الرئيس السابق عبد الله غل والبقاء رئيسا لتركيا بصلاحيات شبه مطلقة حتى عام 2029 حيث سيحق له الترشح مجددا لفترتين رئاسيتين جديدتين مدة كل منهما 5 سنوات اعتبارا من الانتخابات الرئاسية التي ستجرى في 3 نوفمبر (تشرين الثاني) 2019 حسب النظام الجديد.
ومنحت التعديلات الدستورية صلاحيات واسعة لرئيس الجمهورية منها أن يعين مباشرة كبار مسؤولي الدولة بمن فيهم الوزراء، كما يحق له أن يعين نائبا أو عدة نواب للرئيس كما ألغي منصب رئيس الوزراء الذي يشغله حاليا بن علي يلدريم ويحق للرئيس أن يتدخل في القضاء وأن يعين عددا من أعضاء المجلس الأعلى للقضاء ومدعي العموم فضلا عن إلغاء المحاكم العسكرية إلى جانب تقرير ما إذا كان يتعين فرض حالة الطوارئ أم لا واتخاذ القرار بذلك دون الرجوع للبرلمان كما يحق له أيضا حل البرلمان والدعوة لإجراء انتخابات مبكرة وإصدار المراسيم بقوانين.

معارك الخصوم
خاض إردوغان خلال فترة حملة الاستفتاء على التعديلات الدستورية معارك مع خصومه في الداخل مركزا حملته بصفة أساسية على حزب الشعب الجمهوري، أكبر أحزاب المعارضة ورئيسه كمال كليتشدار أوغلو مستخدما في ذلك أسلوب الطعن في كفاءة كليتشدار أوغلو تارة واتهامه بدعم المحاولة الانقلابية التي وقعت في منتصف يوليو (تموز) 2016 ومنفذيها تارة أخرى.
كما اتهم إردوغان حزب الشعب الجمهوري بالتآمر على المشروعية في تركيا، مذكراً بانتخابات رئاسة الجمهورية عام 2007. والتعاون بين الشعب الجمهوري والمؤسسة العسكرية لمنع انتخاب عبد الله غل لرئاسة الجمهورية، عندما أصدر الجيش مذكرة تهديد للحكومة على موقع هيئة الأركان التركية الإلكتروني، أطلق عليها فيما بعد «التحذير الإلكتروني».
أما البعد الثاني في حملة تعديل الدستور فكان الهجوم على الاتحاد الأوروبي واتهامه بالعداء لتركيا ورفضها كونها بلدا مسلما واصفا الاتحاد بأنه من بقايا الفاشية والنازية بسبب تجميده مفاوضات انضمام تركيا إلى عضويته.
كما دخل إردوغان في حروب كلامية مع قادة كل من ألمانيا وهولندا والنمسا والسويد وسويسرا بسبب منع مشاركة وزراء ومسؤولين أتراك في تجمعات للأتراك في هذه الدول لحثهم على التصويت لصالح التعديلات الدستورية، وتسبب ذلك في أزمة حادة مع هولندا انتهت بسحب السفراء وعدم عودتهم حتى الآن إضافة إلى توتر في العلاقات مع ألمانيا تحاول أنقرة تجاوزه بعد تصاعد ضغوط المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل على تركيا ومحاولتها قطع المساعدات الاقتصادية الأوروبية وإلغاء مفاوضاتها مع الاتحاد الأوروبي.

استقطاب حاد
عمقت فترة الإعداد للاستفتاء على التعديلات الدستورية من أجواء الاستقطاب التي سيطرت على البلاد منذ محاولة الانقلاب الفاشلة العام 2016 وانقسمت الساحة السياسية ومعها الشارع التركي إلى معسكرين، معسكر التأييد للتعديلات الدستورية ومعسكر الرفض.
وعمل إردوغان على تقديم النظام الرئاسي على أنه البوابة التي ستجعل من تركيا أكثر قوة ونموا وأنه ليس مشروع شخص أو حزب بعينه، وإنما مشروع 80 مليون مواطن تركي وهدم مقولة المعارضة بأن النظام الجديد هو نظام «الرجل الواحد».
وركز الحزب الحاكم حملته للاستفتاء على أن الدولة التركية تعيش حالة اضطراب وفوضى سياسية واقتصادية، وأن هناك حاجة ماسة لدستور ديمقراطي مدني يساند الحريات، وذهب مؤيدو إردوغان إلى الربط بين الاستفتاء على تحول تركيا إلى النظام الرئاسي وحلم إحياء الخلافة الإسلامية وأمجاد الدولة العثمانية.
في المقابل تكتل أنصار حزبي الشعب الجمهوري والشعوب الديمقراطي إلى جانب مجموعات مدافعة عن حقوق الإنسان وحركات ديمقراطية في حملة للتصويت ضد التعديلات وهو ما أدى إلى أن تخرج نتيجة استفتاء 16 أبريل متقاربة بين المعسكرين حيث صوت بنعم 51.4 في المائة مقابل 48.6 في المائة صوتوا بـ«لا».

ما بعد الاستفتاء
لم تقبل المعارضة التركية نتائج الاستفتاء بسبب التقارب الشديد في الأصوات واعترضت، ومعها مراقبون أوروبيون على قرار اللجنة العليا للانتخابات بقبول أوراق تصويت غير مختومة ما أزال ضمانة مهمة ضد التزوير.
وفي أول خطاب بعد إعلان نتيجة الاستفتاء، جدد إردوغان تأكيده على استعداده للمصادقة على قانون يعيد عقوبة الإعدام إلى تركيا حال إقراره في البرلمان حتى لو رفض الاتحاد الأوروبي الذي هدد بوقف المفاوضات مع تركيا إذا أعيدت هذه العقوبة التي أسقطتها تركيا مع بدء المفاوضات في 2004.

أجواء ساخنة
وبعد إعلان نتيجة الاستفتاء سيطرت أجواء سياسية ساخنة على تركيا امتدت من حزب العدالة والتنمية الحاكم، الذي تلقى رسالة مفادها أن هناك نقاط ضعف بدأت تظهر في الحزب بعد أن فقد أهم معاقله في إسطنبول وأنقرة إلى جانب إزمير وعدد آخر من الولايات وهو ما دفع إردوغان إلى طلب تشكيل لجنة لتقييم نتائج الاستفتاء ووضع تصور للمرحلة المقبلة، إلى أحزاب المعارضة التي دبت الانقسامات في صفوفها حيث فتح الفارق الضئيل بين فريقي «نعم» و«لا» الباب أمام حراك جديد في صفوف أحزاب المعارضة التي قررت شحذ قواها استعدادا للانتخابات البرلمانية التي ستجرى مع الانتخابات الرئاسية في يوم واحد في 3 نوفمبر 2019.
وشهد رئيس حزب الشعب الجمهوري، حزب المعارضة الرئيسي، كمال كليتشدار أوغلو، حالة من الضغط المكثف بعد أن تصاعدت الأصوات داخل الحزب تطالبه بالاستقالة من منصبه إذا لم يكن ينوي الترشح لمنصب رئيس الجمهورية في 2019.
وأشعل رئيس الحزب السابق دنيز بيكال حالة من الغضب بطرحه أسماء لمن يمكنهم قيادة الحملة القادمة للفوز بالانتخابات البرلمانية في 2019 طارحا اسم الرئيس التركي السابق عبد الله غل أحد مؤسسي حزب العدالة والتنمية الحاكم وميرال أكشنار نائبة رئيس حزب الحركة القومية السابقة التي تم فصلها من الحزب بعد قيادة جبهة معارضة ضد رئيس الحزب دولت بهشلي والتي أطلقت لاحقا في 26 أكتوبر (تشرين الأول) حزبا جديدا برئاستها باسم «الحزب الجيد» متعهدة بخوض الانتخابات الرئاسية في مواجهة إردوغان وبإعادة النظام البرلماني وإلغاء التعديلات الدستورية إذا فازت في الانتخابات.

مرحلة جديدة
وبعد صمت طويل خرج غل بتصريحات أكد فيها أنه لم يأخذ التصريحات التي تناولته على محمل الجد. لكن كلام غل لم يخل من تلميحات إلى وجود تيارات متعارضة في الحزب الحاكم الذي كان أحد مؤسسيه حيث اعترف مؤيدون لحزب العدالة والتنمية بأن الذين صوتوا في الاستفتاء ضد النظام الرئاسي وإردوغان في المدن الكبيرة (أنقرة، إسطنبول وإزمير) أوصلوا رسالة إلى الحزب.
بدأ إردوغان على الفور تطبيق التعديلات الدستورية على أرض الواقع وعاد إلى رئاسة حزب العدالة والتنمية من خلال مؤتمر عام استثنائي عقد في 21 مايو (أيار) وأعلن دخول تركيا مرحلة تشكل «وثبة تقدم» جديدة، لا إضاعة للوقت فيها، وشدد على ضرورة التخطيط للمستقبل وتحقيق أهداف رؤية عام 2023 الذي يوافق الذكرى المئوية لتأسيس الجمهورية التركية الحديثة.



«داعش» يعلن مسؤوليته عن هجوم قتل فيه وزير من «طالبان»

وزير اللاجئين الأفغاني خليل حقاني يصل لحضور تجمع أقيم بمناسبة الذكرى الأولى لعودة «طالبان» إلى السلطة في كابل يوم 15 أغسطس 2022 (أ.ف.ب)
وزير اللاجئين الأفغاني خليل حقاني يصل لحضور تجمع أقيم بمناسبة الذكرى الأولى لعودة «طالبان» إلى السلطة في كابل يوم 15 أغسطس 2022 (أ.ف.ب)
TT

«داعش» يعلن مسؤوليته عن هجوم قتل فيه وزير من «طالبان»

وزير اللاجئين الأفغاني خليل حقاني يصل لحضور تجمع أقيم بمناسبة الذكرى الأولى لعودة «طالبان» إلى السلطة في كابل يوم 15 أغسطس 2022 (أ.ف.ب)
وزير اللاجئين الأفغاني خليل حقاني يصل لحضور تجمع أقيم بمناسبة الذكرى الأولى لعودة «طالبان» إلى السلطة في كابل يوم 15 أغسطس 2022 (أ.ف.ب)

أعلن تنظيم «داعش» مسؤوليته عن تفجير انتحاري أودى بحياة وزير اللاجئين الأفغاني في مكتبه في كابل، بحسب ما ذكر موقع «سايت»، اليوم (الأربعاء).

وقُتل وزير اللاجئين الأفغاني، خليل الرحمن حقاني، اليوم، من جرّاء تفجير وقع بمقر وزارته في كابل، نُسب إلى تنظيم «داعش» الإرهابي، وهو الأوّل الذي يستهدف وزيراً منذ عودة حركة «طالبان» إلى الحكم في عام 2021. واستنكر الناطق باسم حكومة الحركة «هجوماً دنيئاً» من تدبير تنظيم «داعش»، مشيداً بتاريخ «مقاتل كبير» قد «ارتقى شهيداً»، كما نقلت «وكالة الصحافة الفرنسية». ووقع الانفجار، الذي لم تتبنّ بعد أي جهة مسؤوليته، «في مقرّ وزارة اللاجئين»، وفق ما أفاد به مصدر حكومي «وكالة الصحافة الفرنسية»، مشيراً إلى أنه تفجير انتحاري. وأوضح المصدر، الذي طلب عدم الكشف عن اسمه: «للأسف وقع انفجار في وزارة اللاجئين، ويمكننا أن نؤكد أن الوزير خليل الرحمن حقاني قد استشهد إلى جانب عدد من زملائه». وضربت قوى الأمن طوقاً حول الحيّ حيث تقع الوزارة في وسط كابل. فيما أورد حساب الوزارة على منصة «إكس» أن ورشات تدريبية كانت تعقد في الأيام الأخيرة بالموقع. وكلّ يوم، تقصد أعداد كبيرة من النازحين مقرّ الوزارة لطلب المساعدة أو للدفع بملفّ إعادة توطين، في بلد يضمّ أكثر من 3 ملايين نازح من جراء الحرب.

«إرهابي عالمي»

وزير اللاجئين الأفغاني خليل حقاني خلال مؤتمر صحافي في كابل يوم 12 يونيو 2022 (أ.ف.ب)

كان خليل الرحمن يحمل سلاحاً أوتوماتيكياً في كلّ إطلالاته، وهو شقيق جلال الدين الذي أسس «شبكة حقاني» مع بداية سبعينات القرن الماضي وإليها تُنسب أعنف الهجمات التي شهدتها أفغانستان، قبل أن تندمج «الشبكة» مع حركة «طالبان» إبان حكمها الذي بدأ عام 1994 وأنهاه الغزو الأميركي للبلاد في عام 2001، ثم عودة الحركة إلى الحكم بعد انسحاب القوات الأميركية والدولية في 2021. وهو أيضاً عمّ وزير الداخلية الحالي سراج الدين حقاني. ورصدت الولايات المتحدة مكافأة مالية تصل إلى 5 ملايين دولار في مقابل الإدلاء بمعلومات عن خليل الرحمن، واصفة إياه بأنه «قائد بارز في (شبكة حقاني)» التي صنّفتها واشنطن «منظمة إرهابية». وفي فبراير (شباط) 2011، صنَّفته وزارة الخزانة الأميركية «إرهابياً عالمياً»، وكان خاضعاً لعقوبات من الولايات المتحدة والأمم المتحدة، التي قدّرت أن يكون في الثامنة والخمسين من العمر.

هجمات «داعش»

وزير اللاجئين الأفغاني خليل حقاني (وسط) خلال وصوله لتفقد مخيم للاجئين بالقرب من الحدود الأفغانية - الباكستانية يوم 2 نوفمبر 2023 (أ.ف.ب)

ويبدو أن «شبكة حقاني» منخرطة في نزاع على النفوذ داخل حكومة «طالبان». ويدور النزاع، وفق تقارير صحافية، بين معسكر يطالب بالتطبيق الصارم للشريعة على نهج القائد الأعلى لـ«طالبان» المقيم في قندهار، وآخر أكثر براغماتية في كابل. ومنذ عودة حركة «طالبان» إلى الحكم إثر الانسحاب الأميركي في صيف 2021، تراجعت حدة أعمال العنف في أفغانستان. إلا أن الفرع المحلي لتنظيم «داعش - ولاية خراسان» لا يزال ينشط في البلاد، وأعلن مسؤوليته عن سلسلة هجمات استهدفت مدنيين وأجانب ومسؤولين في «طالبان». وسُمع أكثر من مرّة دويّ انفجارات في كابل أبلغت عنها مصادر محلية، غير أن مسؤولي «طالبان» نادراً ما يؤكدون حوادث من هذا القبيل. وفي أواخر أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، قُتل طفل وأصيب نحو 10 أشخاص في هجوم استهدف سوقاً وسط المدينة. وفي سبتمبر (أيلول) الذي سبقه، تبنّى تنظيم «داعش» هجوماً انتحارياً أسفر عن مقتل 6 أشخاص، وجُرح 13 بمقرّ النيابة العامة في كابل. وأكّدت المجموعة أن هدفها كان «الثأر للمسلمين القابعين في سجون (طالبان)»، علماً بأن الحركة غالباً ما تعلن عن توقيف أعضاء من التنظيم أو قتلهم، مشددة في الوقت عينه على أنها تصدّت للتنظيم في البلد.