عشرات الإصابات في «جمعة الغضب» الرابعة في الأراضي الفلسطينية

السلطات الإسرائيلية تسعى إلى إجهاض الاحتجاجات باعتقال قادتها الميدانيين

محتجون يحاولون الاحتماء من قنابل الغاز خلال مواجهات مع قوات الاحتلال في الضفة الغربية أمس (أ.ف.ب)
محتجون يحاولون الاحتماء من قنابل الغاز خلال مواجهات مع قوات الاحتلال في الضفة الغربية أمس (أ.ف.ب)
TT

عشرات الإصابات في «جمعة الغضب» الرابعة في الأراضي الفلسطينية

محتجون يحاولون الاحتماء من قنابل الغاز خلال مواجهات مع قوات الاحتلال في الضفة الغربية أمس (أ.ف.ب)
محتجون يحاولون الاحتماء من قنابل الغاز خلال مواجهات مع قوات الاحتلال في الضفة الغربية أمس (أ.ف.ب)

على الرغم من حملة الاعتقالات الواسعة التي نفذتها قوات الاحتلال الإسرائيلي في صفوف القيادات الميدانية في القدس والضفة الغربية، خرج الألوف من الشباب إلى الشوارع في مظاهرات ومسيرات سلمية بعد صلاة الجمعة، أمس، احتجاجاً على الاعتراف الأميركي بالقدس عاصمة لإسرائيل. وكما في أيام الغضب السابقة، اعتدت قوات الاحتلال على المتظاهرين في الجمعة الرابعة بمختلف وسائل القمع، بينها الرصاص الحي والمطاطي والغاز المسيل للدموع، ما أدى إلى عشرات الإصابات.
وكانت «الحركة العالمية للدفاع عن الأطفال في فلسطين» قد أصدرت، أمس، تقريراً أكد أن قوات الاحتلال تستهدف عيون الأطفال في قمع الاحتجاجات، مشيرة إلى أنها وثّقت حالات منها حالة طفل فقد عينه بسبب قنبلة غاز، وآخر صارع رصاصة معدنية مغلّفة بالمطاط استقرت في جمجمته، وثالث فقد عينه ويرقد في العناية الفائقة بسبب إطلاق النار الحي باتجاهه لمجرد الاشتباه به، ورابع تسبب عيار معدني استقر في جمجمته بنزيف في عينه اليسرى. كما أشار التقرير إلى حالات اعتقال الأطفال مثل الطفل فوزي الجنيدي الذي هاجمه 21 جندياً مدججون بالسلاح، وعهد التميمي التي تتسابق قيادات الاحتلال على إصدار تصريحات صحافية ضدها، ونشطاء المقاومة الشعبية.
ولوحظ أن قوات الاحتلال تعمدت اعتقال أعضاء اللجان الشعبية الذين يعتبرون من القادة الميدانيين للمظاهرات، في مسعى إلى إجهاضها. كما أفيد بأن سيدة مقدسية اعتقلت أمس بعد تعرضها للضرب في منطقة باب العامود حيث تركزت مظاهرة القدس الشرقية المحتلة احتجاجاً على قرار ترمب.
واندلعت مواجهات في مناطق تماس عدة في الضفة الغربية، وكذلك على الجدار ما بين إسرائيل وقطاع غزة. وفي مواجهات بيت لحم، أطلقت قوات الاحتلال قنابل الغاز المسيل للدموع على المتظاهرين. وفي الخليل أفادت مصادر طبية بإصابة 3 شبان بالرصاص الحي عند مخيم العروب. كما أقام ذوو أسرى وقفة احتجاجية أمام الصليب الأحمر الدولي احتجاجاً على اعتداء عضو الكنيست الإسرائيلي أورن حزان على أمهات الأسرى. وفي نهاية الوقفة، أحرقت نسوة صور حزان ووزير الدفاع الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان.
وفي رام الله اندلعت مواجهات عند حاجز «بيت إيل»، قرب مقر قيادة جيش الاحتلال في الضفة الغربية، وأصيب شاب برصاصة مطاطية وتم نقله إلى المستشفى لتلقي العلاج اللازم. وفي قلقيلية، قمعت قوات الاحتلال مسيرة قرية كفر قدوم الأسبوعية المناهضة للاستيطان شرق المدينة، فأصيب 3 شبان بالرصاص المطاطي و18 آخرون بالاختناق جراء استنشاق الغاز المسيل للدموع، بحسب جمعية الهلال الأحمر. وفي نابلس، اندلعت مواجهات مع قوات الاحتلال على حاجز حوارة ومفرق بيتا ومفرق اللبن جنوب نابلس وفي قرية سالم شرق المدينة. وأكدت وزارة الصحة وقوع إصابة طفيفة بالرصاص الحي في الكتف وصلت إلى مركز طوارئ حوارة بنابلس.
وفي قطاع غزة، بلغت حصيلة الإصابات في المواجهات المندلعة بين قوات الاحتلال والمتظاهرين الغاضبين إلى أكثر من 40 إصابة جراء إطلاق النار من قبل القناصة الإسرائيليين و70 إصابة بالاختناق تمت معالجتهم ميدانيا.
وعند الحدود الشرقية لبلدة بيت حانون دفعت قوات الاحتلال الإسرائيلي بتعزيزات عسكرية وقامت بإطلاق قنابل الغاز بشكل كثيف باتجاه الشبان المتظاهرين. وتمكن الشبان من حرق البرج العسكري المقام في المكان.
وكانت سلطات الاحتلال أفرجت، أمس، عن أصغر أسيرة فلسطينية وهي الطفلة ملاك الغليظ (14 عاماً) من مخيم الجلزون بعد اعتقال دام 7 أشهر. وكانت سلطات الاحتلال اعتقلتها في 20 مايو (أيار) الماضي على حاجز قلنديا شمال القدس بتهمة محاولة طعن جندي. ومدّدت محكمة «عوفر» العسكرية الإسرائيلية، مساء الخميس، اعتقال الفتاة الفلسطينية عهد التميمي (16 عاماً) ووالدتها (40 عاما)، خمسة أيام، لغايات استكمال التحقيقات. وفي وقت سابق أمس، قضت المحكمة ذاتها بتمديد اعتقال نور التميمي (21 عاماً)، ابنة عم الطفلة عهد، والمعتقلة بذات التهمة، إلى الاثنين المقبل، لاستكمال التحقيق معها.
من جهة أخرى، نشرت وسائل إعلام إسرائيلية قصة شابة فلسطينية اكتفت بتسميتها «ليلى» كانت قد تعرضت للاغتصاب من جندي إسرائيلي في معتقل في شرطة القدس، قبل أكثر من خمس سنوات. وقالت إن مركز التحقيق مع رجال الشرطة (ماحاش) في القدس، أغلق ملف التحقيق بدعوى أنه لا توجد أدلة كافية. وهو الأمر الذي رفضه محامي الدفاع عنها، مؤيد ميعاري، مؤكداً أن «ماحاش» اختارت التغطية على المجرم. وروى ميعاري القصة قائلا إن أحد عناصر شرطة الاحتلال في القدس أوقف ليلى بذريعة عدم حمل تصريح ملائم يتيح لها التواجد في المدينة، ونقلها لأحد مراكز الشرطة في القدس للتحقيق معها. وقد تحرش المحقق الأول بها لفظياً وجسدياً خلال التحقيق، وبعد برهة، خرج من الغرفة وتركها وحيدة، وبعد ذلك دخل شخص آخر يرتدي ثياب ما يسمى بحرس الحدود، قام بالاعتداء عليها بعد تكبيل حركتها وإغلاق فمها بيده خلال دقائق، وخرج من الغرفة. وبعد الجريمة، ارتدت الفتاة ملابسها وخرجت من مركز الشرطة مسرعة، من دون أن توقع أي مستند إطلاق سراح أو غيره، ومن دون أن يعترضها أحد رغم خروجها من البوابة الرئيسية. وأخبرت زوجها بما حدث صباح اليوم التالي، حيث توجه معها لتقديم الشكوى في مركز «ماحاش». وتبين صدق الفتاة بعد عرضها على جهاز كشف الكذب، حيث تعمد المحققون سؤالها أسئلة محرجة ومهينة في بعض الأحيان، كذلك أثبت الفحص الطبي تعرضها للاعتداء وكشف عن كدمات وعلامات عنف بقيت على جسدها، خاصة على ذراعها اليسرى.
في غضون ذلك ذكرت وكالة الصحافة الفرنسية أن أكثر من ألف شخص تظاهروا في وسط عمان بعد صلاة الجمعة رفضاً لاعتبار الرئيس الأميركي دونالد ترمب القدس عاصمة لإسرائيل.
وانطلقت المظاهرة من أمام المسجد الحسيني الكبير حيث رفع المتظاهرون الأعلام الأردنية والفلسطينية ولافتات كتب عليها «التطبيع مع العدو الصهيوني خيانة»، و«القدس لنا».
كما شارك مئات الأردنيين الجمعة في تجمعات واعتصامات ومظاهرات في مدن البلقاء وإربد والعقبة والزرقاء والطفيلة تنديدا بالقرار الأميركي، بحسب الوكالة الفرنسية.



رسائل السيسي لـ«طمأنة» المصريين تثير تفاعلاً «سوشيالياً»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
TT

رسائل السيسي لـ«طمأنة» المصريين تثير تفاعلاً «سوشيالياً»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)

حظيت رسائل «طمأنة» جديدة أطلقها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، خلال احتفال الأقباط بـ«عيد الميلاد»، وأكد فيها «قوة الدولة وصلابتها»، في مواجهة أوضاع إقليمية متوترة، بتفاعل واسع على مواقع التواصل الاجتماعي.

وقال السيسي، خلال مشاركته في احتفال الأقباط بعيد الميلاد مساء الاثنين، إنه «يتابع كل الأمور... القلق ربما يكون مبرراً»، لكنه أشار إلى قلق مشابه في الأعوام الماضية قبل أن «تمر الأمور بسلام».

وأضاف السيسي: «ليس معنى هذا أننا كمصريين لا نأخذ بالأسباب لحماية بلدنا، وأول حماية فيها هي محبتنا لبعضنا، ومخزون المحبة ورصيدها بين المصريين يزيد يوماً بعد يوم وهو أمر يجب وضعه في الاعتبار».

السيسي يحيّي بعض الأقباط لدى وصوله إلى قداس عيد الميلاد (الرئاسة المصرية)

وللمرة الثانية خلال أقل من شهر، تحدث الرئيس المصري عن «نزاهته المالية» وعدم تورطه في «قتل أحد» منذ توليه المسؤولية، قائلاً إن «يده لم تتلوث بدم أحد، ولم يأخذ أموال أحد»، وتبعاً لذلك «فلا خوف على مصر»، على حد تعبيره.

ومنتصف ديسمبر (كانون الأول) الماضي، قال السيسي في لقاء مع إعلاميين، إن «يديه لم تتلطخا بالدم كما لم تأخذا مال أحد»، في إطار حديثه عن التغييرات التي تعيشها المنطقة، عقب رحيل نظام بشار الأسد.

واختتم السيسي كلمته بكاتدرائية «ميلاد المسيح» في العاصمة الجديدة، قائلاً إن «مصر دولة كبيرة»، مشيراً إلى أن «الأيام القادمة ستكون أفضل من الماضية».

العبارة الأخيرة، التي كررها الرئيس المصري ثلاثاً، التقطتها سريعاً صفحات التواصل الاجتماعي، وتصدر هاشتاغ (#مصر_دولة_كبيرة_أوي) «التريند» في مصر، كما تصدرت العبارة محركات البحث.

وقال الإعلامي المصري، أحمد موسى، إن مشهد الرئيس في كاتدرائية ميلاد المسيح «يُبكي أعداء الوطن» لكونه دلالة على وحدة المصريين، لافتاً إلى أن عبارة «مصر دولة كبيرة» رسالة إلى عدم مقارنتها بدول أخرى.

وأشار الإعلامي والمدون لؤي الخطيب، إلى أن «التريند رقم 1 في مصر هو عبارة (#مصر_دولة_كبيرة_أوي)»، لافتاً إلى أنها رسالة مهمة موجهة إلى من يتحدثون عن سقوط أو محاولة إسقاط مصر، مبيناً أن هؤلاء يحتاجون إلى التفكير مجدداً بعد حديث الرئيس، مؤكداً أن مصر ليست سهلة بقوة شعبها ووعيه.

برلمانيون مصريون توقفوا أيضاً أمام عبارة السيسي، وعلق عضو مجلس النواب، محمود بدر، عليها عبر منشور بحسابه على «إكس»، موضحاً أن ملخص كلام الرئيس يشير إلى أنه رغم الأوضاع الإقليمية المعقدة، ورغم كل محاولات التهديد، والقلق المبرر والمشروع، فإن مصر دولة كبيرة وتستطيع أن تحافظ علي أمنها القومي وعلى سلامة شعبها.

وثمّن عضو مجلس النواب مصطفى بكري، كلمات السيسي، خاصة التي دعا من خلالها المصريين إلى التكاتف والوحدة، لافتاً عبر حسابه على منصة «إكس»، إلى مشاركته في الاحتفال بعيد الميلاد الجديد بحضور السيسي.

وربط مصريون بين عبارة «مصر دولة كبيرة» وما ردده السيسي قبل سنوات لقادة «الإخوان» عندما أكد لهم أن «الجيش المصري حاجة كبيرة»، لافتين إلى أن كلماته تحمل التحذير نفسه، في ظل ظهور «دعوات إخوانية تحرض على إسقاط مصر

وفي مقابل الكثير من «التدوينات المؤيدة» ظهرت «تدوينات معارضة»، أشارت إلى ما عدته تعبيراً عن «أزمات وقلق» لدى السلطات المصرية إزاء الأوضاع الإقليمية المتأزمة، وهو ما عدّه ناجي الشهابي، رئيس حزب «الجيل» الديمقراطي، قلقاً مشروعاً بسبب ما تشهده المنطقة، مبيناً أن الرئيس «مدرك للقلق الذي يشعر به المصريون».

وأوضح الشهابي، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أنه «رغم أن كثيراً من الآراء المعارضة تعود إلى جماعة الإخوان وأنصارها، الذين انتعشت آمالهم بعد سقوط النظام السوري، فإن المصريين يمتلكون الوعي والفهم اللذين يمكنّانهم من التصدي لكل الشرور التي تهدد الوطن، ويستطيعون التغلب على التحديات التي تواجههم، ومن خلفهم يوجد الجيش المصري، الأقوى في المنطقة».

وتصنّف السلطات المصرية «الإخوان» «جماعة إرهابية» منذ عام 2013، حيث يقبع معظم قيادات «الإخوان»، وفي مقدمتهم المرشد العام محمد بديع، داخل السجون المصرية، بعد إدانتهم في قضايا عنف وقتل وقعت بمصر بعد رحيل «الإخوان» عن السلطة في العام نفسه، بينما يوجد آخرون هاربون في الخارج مطلوبون للقضاء المصري.

بينما عدّ العديد من الرواد أن كلمات الرئيس تطمئنهم وهي رسالة في الوقت نفسه إلى «المتآمرين» على مصر.