خبراء روس يحذرون من ركود جديد ويشككون في مرحلة النمو

وزارة المالية: الاقتصاد نجح في الخروج من المصيدة

TT

خبراء روس يحذرون من ركود جديد ويشككون في مرحلة النمو

حذر خبراء من المدرسة الروسية العليا للاقتصاد من احتمال دخول اقتصاد البلاد في مرحلة جديدة من الركود، وتوقعوا استمرار تراجع الاستثمارات خلال المرحلة القادمة.
وأصدر «مركز التنمية» التابع للمدرسة العليا للاقتصاد، وهي مؤسسة أكاديمية اقتصادية عريقة، دراسة بعنوان «حول الدولة والبيزنس»، أشار فيها إلى أن النشاط الاستثماري حقق في الفترة ما بين يناير (كانون الثاني) وسبتمبر (أيلول) نموا بنسبة 4.2 في المائة، مقارنة بحجم الاستثمارات خلال الفترة ذاتها من 2016، موضحا أن النشاط الاستثماري سجل انكماشا خلال الربع الثالث من العام. وتخلص الدراسة إلى أن «تراجع الاستثمارات بالإضافة إلى تباطؤ نمو الإنتاج الصناعي، وتباطؤ نمو الاقتصاد بشكل عام، مؤشرات تضع الكثير من علامات الاستفهام حول بداية مرحلة نمو اقتصادي متكاملة».
ويعبر الخبراء عن قناعتهم بأن «الحديث حول مرحلة النمو الاقتصادي كان في الواقع كمن يعرض آماله وكأنها أمر واقع تحقق»، ويضيفون أن هذا الوضع يشير إلى أن الاقتصاد الروسي في واقع الأمر ليس مستعدا بعد للخروج من حالة الركود، بل ويزيد الاحتمالات بإمكانية الدخول في مرحلة ركود جديدة.
ولفتوا في الوقت ذاته إلى أنه «من المبكر الآن الحديث عن تلك المرحلة الجديدة من الركود، لكن المراقبة الحالية للوضع الاقتصادي تتطلب بكل الأحوال مزيدا من الاهتمام».
وبالنسبة للروبل تتوقع الدراسة تزايد الضغوط عليه في المرحلة القادمة، لكن في الوقت ذاته تستبعد تقلبات كبيرة على سعره أمام العملات الصعبة، نظراً لأن «البنك المركزي يملك القدرة على تلبية الطلب المتزايد في السوق على العملات الصعبة».
وكان استطلاع لستة عشر محللا واقتصاديا أجرته رويترز هذا الشهر أظهر اتجاه التوقعات لنمو الاقتصاد الروسي بنحو 1.9 في المائة خلال 2018 مقابل 1.7 في المائة هذا العام.
وعانت روسيا من انكماش اقتصادي خلال عامي 2015 و2016، لكن رويترز رأت أن النمو سيتصاعد في 2018 مدعوما بانخفاض متوقع في أسعار الفائدة، والذي سيقلل من تكاليف الإقراض ويعزز من المبيعات والاستثمارات.
وتحاول وزارة المالية الروسية أن تروج رؤية أكثر إيجابية عن المستقبل الاقتصادي للبلاد، حيث قالت في وقت سابق إن اقتصاد البلاد نجح بالخروج خلال عام 2017 من مصيدة الركود، وتتوقع أن يحقق نموا يتراوح بين 1.8 في المائة و2 في المائة خلال العام الجاري.
وكان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين عبر عن قناعته، في حديث في نهاية أغسطس (آب) الماضي، بأن الاقتصاد الروسي تجاوز مرحلة الانكماش وانتقل إلى نمو «خجول» لكنه ثابت، منوها إلى أن نمو الاستثمارات المباشرة يتجاوز نمو الاقتصاد.
ولم ينف بوتين وجود مشاكل يعاني منها الاقتصادي الروسي وما زالت عالقة دون حل، وأشار إلى بنية الاقتصاد، وقال إنها «لا تناسبنا»، كما لفت إلى «انخفاض الإنتاجية»، وقال: «إذا فشلنا في رفعها لن تكون هناك فرص عمل جديدة، ما يعني أنه لن يكون هناك ارتفاع للدخل»، وشدد على أن هذه مسألة رئيسية.
في سياق متصل بمستوى الاستثمارات في الاقتصاد الروسي، أصدرت مؤسسة «BofA Merrill Lynch»، وهي مؤسسة مالية متخصصة في تقديم الاستشارات الاستراتيجية، تقريراً قالت فيه إن حجم الاستثمارات الأجنبية المباشرة في الاقتصاد الروسي ارتفع خلال العام الجاري وبلغ 23 مليار دولار، مسجلة بذلك المستوى الأعلى على مدى السنوات الأربع الماضية.
ويؤكد التقرير أن هجرة رؤوس الأموال من السوق الروسية خلال العام الجاري بلغت 900 مليون دولار، وهو أقل بكثير من عام 2014، عندما فرضت الدول الغربية عقوبات على روسيا. غير أن تلك التقديرات لحجم الاستثمارات لم ترض صندوق الاستثمارات المباشرة الروسي، والذي اعتبر أن التقرير لم يكن حياديا ولم يظهر القيمة الحقيقة للاستثمارات الأجنبية.
ويؤكد الصندوق أن حجم تلك الاستثمارات سيتجاوز خلال عام 2017 مستوى 30 مليار دولار. وأكد صندوق الاستثمارات المباشرة في بيان رسمي أنه تمكن وحده خلال العام الجاري من جذب استثمارات بلغت نحو 270 مليار روبل (ما يعادل نحو 4.5 مليار دولار) في إطار التعاون في 15 مشروعاً.



السعودية... نظام جديد للبتروكيماويات لتعزيز كفاءة قطاع الطاقة وتحقيق الاستدامة

أحد مصانع «الشركة السعودية للصناعات الأساسية (سابك)»... (واس)
أحد مصانع «الشركة السعودية للصناعات الأساسية (سابك)»... (واس)
TT

السعودية... نظام جديد للبتروكيماويات لتعزيز كفاءة قطاع الطاقة وتحقيق الاستدامة

أحد مصانع «الشركة السعودية للصناعات الأساسية (سابك)»... (واس)
أحد مصانع «الشركة السعودية للصناعات الأساسية (سابك)»... (واس)

يمثل إقرار مجلس الوزراء السعودي «نظام الموارد البترولية والبتروكيماوية» خطوة استراتيجية على طريق تعزيز المنظومة التشريعية لقطاع الطاقة في البلاد، وتنفيذ مستهدفاتها الوطنية، وتحقيق أمن الطاقة، وضمان استدامة وموثوقية الإمدادات، ودعم توطين سلسلة القيمة في القطاع، وخلق فرص عمل جديدة، وفق ما صرح به مختصون لـ«الشرق الأوسط».

والسعودية من بين أكبر منتجي البتروكيماويات في العالم، وهو القطاع الذي توليه أهمية في إطار عملية التنويع الاقتصادي. من هنا، فإنه يمثل حصة كبيرة من صادراتها غير النفطية. ويبلغ الإنتاج السنوي من البتروكيماويات في السعودية نحو 118 مليون طن.

وكان الأمير عبد العزيز بن سلمان، وزير الطاقة، قال إن «نظام الموارد البترولية والبتروكيماوية يأتي ليحقق عدداً من المستهدفات، في مقدمتها؛ تنظيم العمليات البترولية والبتروكيماوية، بما يسهم في النمو الاقتصادي، ودعم جهود استقطاب الاستثمارات، وزيادة معدلات التوظيف، ورفع مستويات كفاءة استخدام الطاقة، ويُسهم في حماية المستهلكين والمرخص لهم، ويضمن جودة المنتجات، وإيجاد بيئة تنافسية تحقق العائد الاقتصادي العادل للمستثمرين».

زيادة التنافسية

يقول كبير مستشاري وزارة الطاقة السعودية سابقاً، الدكتور محمد سرور الصبان، في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إن «(نظام الموارد البترولية والبتروكيماوية) سيلعب دوراً كبيراً في إعادة هيكلة وبناء المنظومة التشريعية لقطاع الطاقة، والاستفادة من التجارب العالمية الناجحة وأفضل الممارسات الدولية، بما يسهم في تحقيق الأهداف الوطنية في تطوير هذا القطاع الحيوي وتعظيم الاستفادة منه»، مضيفاً أنه «سيزيد من القدرة التنافسية بين شركات البتروكيماويات وسيدعم جهود السعودية لتعزيز أمن الطاقة؛ سواء للاستخدام المحلي ولتصدير بعض المنتجات والنفط الخام إلى الأسواق العالمية».

وأشار الصبان إلى أن النظام الجديد سيساهم في استقطاب الاستثمارات الأجنبية إلى السوق السعودية؛ «مما سيعزز معدلات التوظيف، ويرفع كفاءة استخدام الطاقة، ويساعد في ترشيد استهلاك الطاقة ومنتجات البتروكيماويات واقترابها من المعدل الفردي العالمي»، لافتاً إلى أن «تنظيم العمليات النفطية والبتروكيماوية يساهم في رفع معدلات النمو الاقتصادي وتحقيق المستهدفات السعودية في أمن الطاقة».

أحد مصانع «الشركة السعودية للصناعات الأساسية (سابك)»... (واس)

تنظيم العمليات التشغيلية

من جهته، قال محمد حمدي عمر، الرئيس التنفيذي لشركة «جي وورلد» المختصة في تحليل بيانات قطاعات الاستثمارات البديلة، لـ«الشرق الأوسط»، إن النظام «يُسهم في تحقيق أهداف متعددة، تشمل رفع كفاءة الأداء في القطاع، وتحقيق المستهدفات الوطنية، وتنظيم العمليات النفطية والبتروكيماوية. كما تكمن أهمية النظام في تلبية احتياجات القطاع عبر تطوير الإطار القانوني بما يواكب أفضل الممارسات العالمية».

وأضاف أن النظام «يمثل نقلة نوعية، ويحل محل نظام التجارة بالمنتجات النفطية السابق، ويهدف إلى تنظيم العمليات التشغيلية، بما في ذلك أنشطة البيع، والشراء، والنقل، والتخزين، والاستيراد، والتصدير، كما يضمن الاستخدام الأمثل للموارد النفطية والبتروكيماوية، مما يعزز من حماية المستهلكين والمستثمرين، ويدعم توفير بيئة تنافسية عادلة».

وأشار حمدي إلى أن النظام يضمن حماية المستهلكين والمرخص لهم؛ «مما يعزز من ثقة السوق ويضمن جودة المنتجات، بالإضافة إلى دعم استقطاب الاستثمارات من خلال توفير بيئة تنظيمية واضحة وشفافة، تعزز ثقة المستثمرين المحليين والدوليين، كما يُسهم في تحقيق أمن الطاقة عبر ضمان استدامة وموثوقية الإمدادات، فضلاً عن دعم توطين سلسلة القيمة في القطاع، وخلق فرص عمل جديدة».

ويرى حمدي أن النظام يعكس التزام السعودية بتحقيق أهداف «رؤية 2030»، عبر «تعزيز كفاءة قطاع الطاقة، وتنظيم عملياته، وحماية حقوق المستهلكين والمستثمرين، مما يُسهم في تحقيق التنمية المستدامة ودعم الاقتصاد الوطني»، مشيراً إلى «أننا سنرى تحولاً كبيراً في القطاع بعد العمل بهذا النظام، ودخول استثمارات أجنبية جديدة أكثر مع وضوح الرؤية المستقبلية للاستثمار في هذا القطاع الحيوي».

مواكبة التحولات الكبيرة

أما المحلل الاقتصادي طارق العتيق، فقال لـ«الشرق الأوسط»، إن هذا النظام «خطوة استراتيجية في مواكبة التحولات الكبيرة التي يشهدها قطاعا الطاقة والبتروكيماويات عالمياً والقطاعات المرتبطة بهما. كما يسهم في دعم الصناعات التحويلية وتعزيز قيمتها وإضافتها إلى الاقتصاد المحلي والمنتج الوطني، بما يخدم مصلحة تعزيز الصناعات ذات القيمة المضافة والتنويع الاقتصادي وتحقيق أهداف (رؤية 2030) في هذا السياق».

وأشار العتيق إلى أن النظام ستكون له مساهمات مهمة في تحفيز وتنمية الصناعات المحلية بقطاع البتروكيماويات، «مثل صناعات البلاستيك والمطاط وقطع الغيار... وغيرها، وفي الاستفادة من الميزة التنافسية التي تمتلكها السعودية في إنتاج المواد الأولية، وأهمية استغلالها في تصنيع منتجات نهائية تلبي الطلب المحلي والإقليمي. كما أنه سيسهم في رفع التنافسية بالقطاع ويزيد مساهمته في خلق الوظائف والتوطين، ونقل المعرفة والخبرات إلى سوق العمل السعودية».