استكمال محدود لإجلاء مرضى من الغوطة الشرقية

طفل فاقد لإحدى ساقية ينتظر الإجلاء من الغوطة الشرقية عبر الصليب الاحمر (إ ف )
طفل فاقد لإحدى ساقية ينتظر الإجلاء من الغوطة الشرقية عبر الصليب الاحمر (إ ف )
TT

استكمال محدود لإجلاء مرضى من الغوطة الشرقية

طفل فاقد لإحدى ساقية ينتظر الإجلاء من الغوطة الشرقية عبر الصليب الاحمر (إ ف )
طفل فاقد لإحدى ساقية ينتظر الإجلاء من الغوطة الشرقية عبر الصليب الاحمر (إ ف )

خرجت مساء الأربعاء دفعة ثانية من المرضى، غالبيتها من الأطفال، من الغوطة الشرقية المحاصرة قرب دمشق التي تطالب الأمم المتحدة بإجلاء مئات الحالات الحرجة منها مع اشتداد الوضع الإنساني فيها.
ويأتي ذلك غداة إخراج دفعة أولى صغيرة من أربعة أشخاص، بينهم ثلاثة أطفال، إلى مستشفيات في دمشق. وبدأت عملية الإجلاء ليل الثلاثاء الأربعاء بموجب اتفاق بين الأطراف المتنازعة على إخراج 29 مريضاً على دفعات، مقابل الإفراج عن عدد من الأسرى والعمال لدى الفصائل المعارضة.
وكانت الأمم المتحدة أعلنت في نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) لائحة من 500 شخص بحاجة ماسة للإجلاء من الغوطة الشرقية، معقل الفصائل المعارضة قرب دمشق، إلا أن 16 شخصاً منهم على الأقل قضوا منذ ذلك الحين.
وقالت المتحدثة باسم اللجنة الدولية للصليب الأحمر في سوريا إنجي صدقي، أمس، لوكالة الصحافة الفرنسية «أجلينا الأربعاء 12 مريضاً، غالبيتهم أطفال، مع أفراد من عائلاتهم»، مشيرة إلى أن غالبية من تم إجلاؤهم حتى الآن يعانون من السرطان وأمراض مزمنة وأخرى في القلب». وأعربت اللجنة الدولية عن أملها في إجلاء باقي المرضى قريباً، من دون أن تحدد ما إذا كان سيتم استكمال العملية الخميس.
ولا يمكن أن تتم عمليات الإجلاء أو أن تدخل قوافل المساعدات إلى الغوطة الشرقية، إلا بعد الحصول على موافقة مسبقة من السلطات السورية.
وحصل المرصد السوري لحقوق الإنسان من مصادر موثوقة على معلومات تفيد بأن فريق الهلال الأحمر كان من المفترض أن ينقل من ضمن القائمة الموجودة لديه للحالات المرضية، طفلاً مصاباً بمرض «تشوه القلب»، إلا أن الفريق الطبي خلال توجهه لإبلاغ ذويه بالتحضر لنقل الطفل خارج الغوطة، فوجئ بأنه فارق الحياة قبل عدة أسابيع، نتيجة سوء حالته الصحية وتعذر علاجه بالإمكانيات الطبية المتوافرة في الغوطة الشرقية.
وأعلن فصيل جيش الإسلام، الأبرز في الغوطة الشرقية، قبل يومين على اتفاق لإجلاء 29 شخصاً في حالة حرجة على دفعات. وأكد في بيان موافقته على «إخراج عدد من الأسرى الموقوفين لدينا (....) بالإضافة إلى بعض العمال والموظفين (....) وذلك مقابل إخراج الحالات الإنسانية الأشد حرجاً».
وعاد في الدفعة الأولى خمسة عمال إلى دمشق، كما تضمنت الدفعة الثانية، وفق مراسل الصحافة الفرنسية، عدداً آخر.
وقال مدير المرصد السوري رامي عبد الرحمن للوكالة، إن الاتفاق تم بطلب من تركيا، مشيراً إلى أنه «مقابل خروج المرضى، أفرج جيش الإسلام حتى الآن عن 26 شخصاً بينهم مدنيون وعمال ومسلحون موالون للنظام، كانت الفصائل المعارضة اختطفتهم قبل سنوات قرب دمشق».
وتعليقاً على عملية الإجلاء المحدودة، قال يان ايغلاند، رئيس مجموعة العمل الإنساني التابعة للأمم المتحدة في سوريا، «ليس اتفاقاً جيداً حين يتم تبادل أطفال مرضى بأسرى هذا يعني أن الأطفال تحولوا إلى أداة للمساومة، أنه أمر لا يجدر أن يحدث». وأضاف في حديث لهيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) «لديهم الحق بالإجلاء ولدينا واجب إجلائهم».وتحاصر القوات الحكومية الغوطة الشرقية بشكل محكم منذ العام 2013. ما تسبب بنقص خطر في المواد الغذائية والأدوية في المنطقة حيث يقطن نحو 400 ألف شخص. وسجلت الغوطة الشرقية، وفق منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف)، أعلى نسبة سوء تغذية بين الأطفال منذ بدء النزاع في سوريا في العام 2011.
وكانت اللجنة الدولية للصليب الأحمر حذرت من بلوغ الوضع الإنساني في الغوطة الشرقية «حداً حرجاً». وتوفي طفلان رضيعان في أكتوبر (تشرين الأول) في الغوطة بسبب أمراض فاقمها سوء التغذية بينهما الرضيعة سحر ضفدع (34 يوماً) التي التقط مصور متعاون مع وكالة الصحافة الفرنسية، صوراً ومشاهد صادمة لها تصدّرت وسائل الإعلام حول العالم عشية وفاتها.
وتُعدّ الغوطة الشرقية واحدة من أربع مناطق خفض توتر في سوريا، بموجب اتفاق توصلت إليه موسكو وطهران حليفتا دمشق، وأنقرة الداعمة للمعارضة في آستانة في مايو (أيار). وبدأ سريانه في الغوطة في يوليو (تموز).
ورغم كونها منطقة خفض تصعيد، إلا أن ذلك لم ينسحب تحسناً لناحية إدخال المساعدات الإنسانية. كما صعّدت قوات النظام السوري منتصف شهر نوفمبر قصفها الجوي والمدفعي على الغوطة الشرقية، ما تسبب بمقتل عشرات المدنيين وإصابة آخرين.



أحداث سوريا تدفع الحوثيين لإطلاق مجاميع من المعتقلين

الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
TT

أحداث سوريا تدفع الحوثيين لإطلاق مجاميع من المعتقلين

الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)

دفعت الأحداث المتسارعة التي شهدتها سوريا الحوثيين إلى إطلاق العشرات من المعتقلين على ذمة التخطيط للاحتفال بالذكرى السنوية لإسقاط أسلافهم في شمال اليمن، في خطوة تؤكد المصادر أنها تهدف إلى امتصاص النقمة الشعبية ومواجهة الدعوات لاستنساخ التجربة السورية في تحرير صنعاء.

وذكرت مصادر سياسية في إب وصنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن الحوثيين أطلقوا دفعة جديدة من المعتقلين المنحدرين من محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) بعد مضي ثلاثة أشهر على اعتقالهم بتهمة الدعوة للاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بنظام حكم الإمامة في شمال البلاد عام 1962.

الكثيري والحذيفي بعد ساعات من إطلاق سراحهما من المعتقل الحوثي (إعلام محلي)

وبيّنت المصادر أن معتقلين آخرين من صنعاء تم إطلاق سراحهم أيضاً، ورأت أن هذه الخطوة تهدف إلى امتصاص النقمة الشعبية على إثر انكشاف حجم الجرائم التي ظهرت في سجون النظام السوري، الذي كان حليفاً للحوثيين.

وبحسب هذه المصادر، تم إطلاق سراح محمد الكثيري، وهو أول المعتقلين في محافظة إب، ومعه الناشط الحوثي سابقاً رداد الحذيفي، كما أُطلق سراح المراهق أمجد مرعي، والكاتب سعيد الحيمي، والطيار الحربي مقبل الكوكباني، مع مجموعة من المعتقلين الذين تم نقلهم إلى السجون السرية لمخابرات الحوثيين في صنعاء.

وتوقعت المصادر أن يقوم الحوثيون خلال الأيام المقبلة بإطلاق دفعة من قيادات حزب «المؤتمر الشعبي» الذين اعتقلوا للأسباب ذاتها.

امتصاص النقمة

كان الحوثيون، وفقاً للمصادر السياسية، يرفضون حتى وقت قريب إطلاق سراح المعتقلين الذين يُقدر عددهم بالمئات، وأغلبهم من محافظة إب، ومن بينهم قيادات في جناح حزب «المؤتمر الشعبي»، أمضوا أكثر من ثلاثة أشهر في المعتقل واتُهموا بالتخطيط لإشاعة الفوضى في مناطق حكم الجماعة من خلال دعوة السكان للاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم الإمامة.

تعنت حوثي بشأن إطلاق سراح قيادات حزب «المؤتمر الشعبي» (إعلام محلي)

وبيّنت المصادر أن الجهود التي بذلتها قيادة جناح حزب «المؤتمر» المتحالف شكليّاً مع الحوثيين، وكذلك الناشطون والمثقفون والشخصيات الاجتماعية، وصلت إلى طريق مسدود بسبب رفض مخابرات الحوثيين الاستجابة لطلب إطلاق سراح هؤلاء المعتقلين، على الرغم أنه لا يوجد نص قانوني يجرم الاحتفال بذكرى الثورة (26 سبتمبر 1962) أو رفع العلم الوطني، فضلاً عن أن الجماعة فشلت في إثبات أي تهمة على المعتقلين عدا منشورات على مواقع التواصل الاجتماعي تدعو للاحتفال بالمناسبة ورفع الأعلام.

وتذكر المصادر أنه عقب الإطاحة بنظام الرئيس السوري بشار الأسد وانكشاف حجم الانتهاكات والجرائم التي كانت تُمارس في سجونه، ووسط دعوات من أنصار الحكومة المعترف بها دولياً لإسقاط حكم الحوثيين على غرار ما حدث في سوريا وتفكك المحور الإيراني في المنطقة، سارعت الجماعة إلى ترتيب إطلاق الدفعات الجديدة من المعتقلين من خلال تكليف محافظي المحافظات باستلامهم والالتزام نيابة عنهم بعدم الاحتفال بذكرى الإطاحة بالإمامة أو رفع العلم الوطني، في مسعى لامتصاص النقمة الشعبية وتحسين صورتها أمام الرأي العام.

مراهق أمضى 3 أشهر في المعتقل الحوثي بسبب رفع العلم اليمني (إعلام محلي)

ورغم انقسام اليمنيين بشأن التوجهات الدينية للحكام الجدد في سوريا، أجمعت النخب اليمنية على المطالبة بتكرار سيناريو سقوط دمشق في بلادهم، وانتزاع العاصمة المختطفة صنعاء من يد الحوثيين، بوصفهم أحد مكونات المحور التابع لإيران.

وخلافاً لحالة التوجس التي يعيشها الحوثيون ومخاوفهم من أن يكونوا الهدف المقبل، أظهر قطاع عريض من اليمنيين، سواء في الشوارع أو على مواقع التواصل الاجتماعي، ارتياحاً للإطاحة بنظام الحكم في سوريا، ورأوا أن ذلك يزيد من الآمال بقرب إنهاء سيطرة الحوثيين على أجزاء من شمال البلاد، ودعوا الحكومة إلى استغلال هذا المناخ والتفاعل الشعبي للهجوم على مناطق سيطرة الحوثيين.