أزمة بغداد وأربيل تراوح مكانها والحكومتان تكتفيان بالتصريحات

تمديد حظر الرحلات الدولية إلى كردستان حتى نهاية فبراير

TT

أزمة بغداد وأربيل تراوح مكانها والحكومتان تكتفيان بالتصريحات

لا تبدو مؤشرات حل الأزمة المتواصلة بين حكومتي بغداد وأربيل التي تفجرت عقب استفتاء الاستقلال الكردي في سبتمبر (أيلول) الماضي، قريبة إلى الحل، خصوصاً بالنسبة إلى مواطني الإقليم الذين يعانون من أزمة مالية خانقة سببها فقدان السكان المحليين آلاف فرص العمل، في قطاع السياحة والمنافذ الحدودية والمطارات التي أغلقتها الحكومة الاتحادية، أثناء الأزمة، فضلاً عن عجز حكومة الإقليم عن تسديد مرتبات موظفيها.
وتفيد الأنباء بأن أصحاب الفنادق مثلاً، خسروا بنحو 50 في المائة من مداخليهم نتيجة انحسار السياحة، وأغلب تلك الفنادق مدينة للحكومة بملايين الدنانير لعجزها عن تسديد فواتير الماء والكهرباء.
وعلى الرغم من التصريحات العلنية التي تطلقها حكومتا بغداد وأربيل بشأن الحوار وحل المشكلات تحت سقف الدستور، ورغم اللجنة التي يرأسها الأمين العام لمجلس الوزراء مهدي العلاق التي أرسلتها الحكومة إلى أربيل قبل يومين، وتقول إنها تناقش مع الجانب الكردي المشكلات الفنية المتعلقة بالمنافذ الحدودية والمطارات وغيرها، فإن «المواطنين العاديين في الإقليم لم يلمسوا تقدماً يُذكر بالنسبة لأوضاعهم الاقتصادية ويعتبرون تصريحات حكومتي الإقليم وبغداد مجرد ترف إعلامي لا أكثر»، على حد قول الكاتب الكردي المقيم في بغداد نوزاد حسن، الذي يضيف لـ«الشرق الأوسط»: «أظن أن التصريحات الصادرة من الحكومتين تعقّد الأوضاع ولا تقدم حلاً، المهم في الأمر وجود نية حقيقة من الجانبين وجلوس إلى طاولة الحوار، لحل الأزمة ورفع المعاناة عن المواطنين الكرد».
وبرأي حسن، فإن المؤتمر الصحافي الذي عقده أمس رئيس حكومة الإقليم نيجيرفان بارزاني «يصب في حالة الترف الإعلامي نفسها، ولا يساعد على حل الأزمة، وكذلك تصريحات رئيس الوزراء العبادي الأسبوع الماضي». ودعا رئيس حكومة إقليم كردستان نيجيرفان بارزاني، أمس، رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي إلى «تحمل مسؤولياته تجاه مواطني الإقليم»، وأعرب عن استعداد الإقليم لإجراء الحوار بشأن المطارات، معتبراً أن «استمرار بغداد بإغلاق أجواء مطارات إقليم كردستان أمام الرحلات الخارجية ورقة ضغط على مواطني إقليم كردستان».
وأعلنت مديرة مطار أربيل الدولي تالار فائق صالح أمس أن بغداد قررت تمديد حظر الرحلات الجوية الدولية في مطاري السليمانية وأربيل في إقليم كردستان حتى نهاية فبراير المقبل. وحظرت الحكومة العراقية الرحلات الدولية من وإلى المطارين في نهاية سبتمبر، رداً على الاستفتاء. وقالت تالار فائق صالح للصحافيين إن «وزارة النقل أرسلت رسالة بالبريد الإلكتروني إلى مطارات أربيل (شمال) والسليمانية (شمال شرقي) تشير إلى أن الرحلات الدولية محظورة حتى 28 فبراير». وأضافت: «الرحلات الداخلية فقط مسموح بها».
وكان رئيس الوزراء حيدر العبادي، أعلن، الأربعاء الماضي، بدء حكومته بدفع رواتب موظفي الموارد المائية في الإقليم، وأنها بصدد «تدقيق رواتب موظفي وزارتي التربية والصحة» وكشف عن تكليف وزارة المالية بتدقيق جميع رواتب الموظفين في كردستان. في مقابل ذلك، تنشط جهات برلمانية عربية وكردية في اتجاه المطالبة بإشراف الحكومة الاتحادية على توزيع مرتبات موظفي الإقليم أسوة بنظرائهم في المحافظات العربية. وفي هذا الاتجاه يؤكد النائب عن «كتلة الجماعة الإسلامية» الكردية زانا سعيد عزم كتلته طرح مشروع ربط مرتبات الإقليم بالحكومة الاتحادية على البرلمان العراقي، بعد انتهاء عطلة فصله التشريعي الحالي.
ويقول سعيد لـ«الشرق الأوسط»: «يجب أن تكون رواتب موظفي الإقليم اتحادية وتتولاها الحكومة في بغداد توزيعها حصراً، أسوةً ببقية الموظفين، لأنها هي المسؤولة عن السياسات الاقتصادية والخارجية والداخلية». ويضيف: «نعمل في كتلة الجماعة الإسلامية على طرح مشروع المرتبات في مجلس النواب الاتحادي، بحيث تصبح محمية قانونياً ولا يتم استغلالها من بعض الأطراف السياسية في الإقليم وتبقى عرضة للاستقطاع والمنع والتصرفات المزاجية».
ولا يستبعد سعيد «معارضة بعض الأطراف الكردية لهذا المشروع، لأنها تريد إبقاء لقمة عيش الناس بيدها وتستثمرها للابتزاز وكسب الولاء تبعاً لمصالحها الحزبية». كما يستبعد «الحل العاجل» للأزمة بين بغداد وأربيل، ذلك أن «حكومتي بغداد والإقليم غير جادتين في إيجاد حلول للأزمة، بغداد تبحث عن مختلف الذرائع لكسر إرادة الإقليم، وتعتقد حكومة الإقليم أن حل الأزمة يضرّ بمصالحها الحزبية الضيقة وتريد لها أن تطول لأبعد وقت، لأنها تعتقد أن ذلك يصب في مصلحتها».
بدوره، يؤيد النائب عن ائتلاف «دولة القانون» كامل الزيدي مشروع توزيع مرتبات الموظفين في الإقليم من قبل الحكومة الاتحادية، ويقول لـ«الشرق الأوسط»: «شخصياً مع هذا المشروع وأن يكون كل موظف في العراق، بمن فيهم موظفو الإقليم يتسلمون رواتبهم اتحادياً، حتى لا تبقى أرزاق الناس تحت مطرقة الخلافات والتحولات السياسية، وتسلم إلى الإقليم من الموازنة الاتحادية الأموال التشغيلية فقط».
وبشأن السقف الزمني المتوقع لحل الأزمة بين بغداد، يرى الزيدي أن «الوفد الفني الحكومي الذي ذهب إلى الإقليم أخيراً يمكن أن يمهد إلى الحل، لأنه يعالج مسائل فنية ضرورية لصيغة حل محتملة».
وكشف الزيدي عن أن «الأحزاب الشيعية في بغداد تفكّر جدياً هذه الأيام في مساعدة بغداد وأربيل على تجاوز الأزمة الراهنة، وغالباً ما يُثار موضوع الأزمة في اجتماعات تلك الأحزاب، لأنها تعتقد أن بقاء الأزمة يحول دون المضي قدماً في استحقاقات المرحلة المقبلة، ومنها الاستحقاق الانتخابي في مايو (أيار) المقبل».



تقرير أممي: تدهور الأراضي الزراعية سيفقد اليمن 90 مليار دولار

اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
TT

تقرير أممي: تدهور الأراضي الزراعية سيفقد اليمن 90 مليار دولار

اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)

وضع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي سيناريو متشائماً لتأثير تدهور الأراضي الزراعية في اليمن إذا ما استمر الصراع الحالي، وقال إن البلد سيفقد نحو 90 مليار دولار خلال الـ16 عاماً المقبلة، لكنه وفي حال تحقيق السلام توقع العودة إلى ما كان قبل الحرب خلال مدة لا تزيد على عشرة أعوام.

وفي بيان وزعه مكتب البرنامج الأممي في اليمن، ذكر أن هذا البلد واحد من أكثر البلدان «عُرضة لتغير المناخ على وجه الأرض»، ولديه أعلى معدلات سوء التغذية في العالم بين النساء والأطفال. ولهذا فإنه، وفي حال استمر سيناريو تدهور الأراضي، سيفقد بحلول عام 2040 نحو 90 مليار دولار من الناتج المحلي الإجمالي التراكمي، وسيعاني 2.6 مليون شخص آخر من نقص التغذية.

اليمن من أكثر البلدان عرضة لتغير المناخ على وجه الأرض (إعلام محلي)

وتوقع التقرير الخاص بتأثير تدهور الأراضي الزراعية في اليمن أن تعود البلاد إلى مستويات ما قبل الصراع من التنمية البشرية في غضون عشر سنوات فقط، إذا ما تم إنهاء الصراع، وتحسين الحكم وتنفيذ تدابير التنمية البشرية المستهدفة.

وفي إطار هذا السيناريو، يذكر البرنامج الأممي أنه، بحلول عام 2060 سيتم انتشال 33 مليون شخص من براثن الفقر، ولن يعاني 16 مليون شخص من سوء التغذية، وسيتم إنتاج أكثر من 500 مليار دولار من الناتج الاقتصادي التراكمي الإضافي.

تحذير من الجوع

من خلال هذا التحليل الجديد، يرى البرنامج الأممي أن تغير المناخ، والأراضي، والأمن الغذائي، والسلام كلها مرتبطة. وحذّر من ترك هذه الأمور، وقال إن تدهور الأراضي الزائد بسبب الصراع في اليمن سيؤثر سلباً على الزراعة وسبل العيش، مما يؤدي إلى الجوع الجماعي، وتقويض جهود التعافي.

وقالت زينة علي أحمد، الممثلة المقيمة لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي في اليمن، إنه يجب العمل لاستعادة إمكانات اليمن الزراعية، ومعالجة عجز التنمية البشرية.

تقلبات الطقس تؤثر على الإنسان والنباتات والثروة الحيوانية في اليمن (إعلام محلي)

بدورها، ذكرت منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (فاو) أن النصف الثاني من شهر ديسمبر (كانون الأول) الحالي يُنذر بظروف جافة في اليمن مع هطول أمطار ضئيلة في المناطق الساحلية على طول البحر الأحمر وخليج عدن، كما ستتقلب درجات الحرارة، مع ليالٍ باردة مع احتمالية الصقيع في المرتفعات، في حين ستشهد المناطق المنخفضة والساحلية أياماً أكثر دفئاً وليالي أكثر برودة.

ونبهت المنظمة إلى أن أنماط الطقس هذه قد تؤدي إلى تفاقم ندرة المياه، وتضع ضغوطاً إضافية على المحاصيل والمراعي، وتشكل تحديات لسبل العيش الزراعية، وطالبت الأرصاد الجوية الزراعية بضرورة إصدار التحذيرات في الوقت المناسب للتخفيف من المخاطر المرتبطة بالصقيع.

ووفق نشرة الإنذار المبكر والأرصاد الجوية الزراعية التابعة للمنظمة، فإن استمرار الظروف الجافة قد يؤدي إلى تفاقم ندرة المياه، وزيادة خطر فترات الجفاف المطولة في المناطق التي تعتمد على الزراعة.

ومن المتوقع أيضاً - بحسب النشرة - أن تتلقى المناطق الساحلية والمناطق الداخلية المنخفضة في المناطق الشرقية وجزر سقطرى القليل جداً من الأمطار خلال هذه الفترة.

تقلبات متنوعة

وبشأن تقلبات درجات الحرارة وخطر الصقيع، توقعت النشرة أن يشهد اليمن تقلبات متنوعة في درجات الحرارة بسبب تضاريسه المتنوعة، ففي المناطق المرتفعة، تكون درجات الحرارة أثناء النهار معتدلة، تتراوح بين 18 و24 درجة مئوية، بينما قد تنخفض درجات الحرارة ليلاً بشكل حاد إلى ما بين 0 و6 درجات مئوية.

وتوقعت النشرة الأممية حدوث الصقيع في مناطق معينة، خاصة في جبل النبي شعيب (صنعاء)، ومنطقة الأشمور (عمران)، وعنس، والحدا، ومدينة ذمار (شرق ووسط ذمار)، والمناطق الجبلية في وسط البيضاء. بالإضافة إلى ذلك، من المتوقع حدوث صقيع صحراوي في المناطق الصحراوية الوسطى، بما في ذلك محافظات الجوف وحضرموت وشبوة.

بالسلام يمكن لليمن أن يعود إلى ما كان عليه قبل الحرب (إعلام محلي)

ونبهت النشرة إلى أن هذه الظروف قد تؤثر على صحة الإنسان والنباتات والثروة الحيوانية، وسبل العيش المحلية في المرتفعات، وتوقعت أن تؤدي الظروف الجافة المستمرة في البلاد إلى استنزاف رطوبة التربة بشكل أكبر، مما يزيد من إجهاد الغطاء النباتي، ويقلل من توفر الأعلاف، خاصة في المناطق القاحلة وشبه القاحلة.

وذكرت أن إنتاجية محاصيل الحبوب أيضاً ستعاني في المناطق التي تعتمد على الرطوبة المتبقية من انخفاض الغلة بسبب قلة هطول الأمطار، وانخفاض درجات الحرارة، بالإضافة إلى ذلك، تتطلب المناطق الزراعية البيئية الساحلية التي تزرع محاصيل، مثل الطماطم والبصل، الري المنتظم بسبب معدلات التبخر العالية، وهطول الأمطار المحدودة.

وفيما يخص الثروة الحيوانية، حذّرت النشرة من تأثيرات سلبية لليالي الباردة في المرتفعات، ومحدودية المراعي في المناطق القاحلة، على صحة الثروة الحيوانية وإنتاجيتها، مما يستلزم التغذية التكميلية والتدخلات الصحية.