مساعٍ أردنية لاحتواء واقعة الاعتداء على مواطن مصري

عمّان تعهدت بمعاقبة الجاني... والقاهرة تتابع سير التحقيقات

TT

مساعٍ أردنية لاحتواء واقعة الاعتداء على مواطن مصري

في مسعى أردني لاحتواء واقعة اعتداء تعرض لها مواطن مصري على يد أردني ومقتله،أكدت وزارة العمل الأردنية، أمس، أنها تتابع مع الجهات المختصة قضية مقتل المواطن علي السيد مرسي، الذي توفي الليلة قبل الماضية، وأن «العدالة ستأخذ مجراها بعد أن تم ضبط المعتدي، وإحالته للقضاء»، معبرة عن بالغ أسفها وتعازيها لعائلة المتوفى وللشعب المصري. بينما قالت القاهرة أمس، إنها تتابع سير التحقيقات، مؤكدة أنها تقف مع المواطن المصري حتى يحصل على حقوقه.
وأثار مقطع فيديو لشقيق القتيل بمواقع التواصل الاجتماعي، يطالب بحق شقيقه، حفيظة المصريين، وطالب أعضاء في مجلس النواب (البرلمان) بمحاكمة مرتكب الحادث. وبخاصة أنه جاء بعد أيام من الاعتداء الوحشي على شاب مصري من مدينة الإسكندرية في الكويت من قِبل مواطن كويتي.
وفي القاهرة، نعت نبيلة مكرم، وزيرة الدولة للهجرة وشؤون المصريين بالخارج، وفاة المواطن المصري، موضحة أن الدولة المصرية لن تتوانى في الحصول على كافة حقوق المتوفى القانونية، ومتابعة سير عمليات التحقيقات مع السلطات الأردنية حتى ينال الجاني عقابه.
وقالت الوزيرة في مؤتمر صحافي بمقر مجلس الوزراء، أمس: «تواصلت مع وزير العمل الأردني علي الغزالي، وطلبت منه كمساعدة إنسانية أن تتولى الحكومة الأردنية نفقات علاجه، ووافق مجلس الوزراء الأردني على تحمل النفقات»، مشيرة إلى أن سبب الوفاة يرجع إلى «وقوع مشاجرة مع مجموعة من الأردنيين، وتم توجيه لهم تهمة الشروع في القتل، وكان الخلاف على 2000 دينار لشراء سيارة لصالح المواطن المصري، وتوفي بسبب معاناته من نزيف في المخ».
وأكدت الوزيرة أن «الدولة المصرية تقف مع المواطن المصري، سواء كان في وضع شرعي أو غير شرعي، فالمواطن انتهى تصريح العمل الخاص به منذ عام 2008، وتم التواصل مع زوجته بعد الإعلان عن وفاة المواطن لتنفيذ مطالبهم من خلال التنسيق مع الحكومة الأردنية».
وكان وزير العمل الأردني قد قام بزيارة المواطن المصري أثناء تواجده في مستشفى «جبل الزيتون» شمال شرقي العاصمة عمان، وتواصل مع كافة الجهات المسؤولة لتطبيق القانون على المعتديين.
وأشارت وزارة العمل الأردنية في بيان لها إلى أن «رئيس الوزراء الأردني أوعز في وقت سابق بتقديم العلاج اللازم للمتوفى، وعلى نفقة الحكومة الأردنية». وأكدت الوزارة أنها سوف تقوم بكل الإجراءات الضرورية لتسريع نقل جثمان الفقيد إلى مصر. مشددة على الاحترام والتقدير للأشقاء المصريين المقيمين على أرض المملكة الأردنية، والعلاقات الأخوية التي تربط الشعبين الأردني والمصري، مؤكدة أن هذه الحادثة فردية، ولا تمثل المجتمع الأردني، وأن القضية لاقت استهجان وغضب الأردنيين على مختلف المستويات.
من جانبها، أكدت مديرية الأمن العام الأردنية أن الصورة التي يتم تداولها في بعض وسائل التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام، على أنها تخص قضية العامل المصري المتوفى، لا علاقة لها بالحادث على الإطلاق.
وأوضح الناطق الإعلامي باسم المديرية، المقدم عامر السرطاوي، تفاصيل حادثة الاعتداء على العامل المصري، حيث وقع خلاف بين العامل المصري وصاحب محل خضراوات بمنطقة وادي الحجر في مدينة الزرقاء، وأقدم صاحب المحل على ضرب العامل الوافد؛ مما أدى إلى سقوطه على الأرض وارتطامه بإحدى المركبات المتوقفة على جانب الطريق، وتم إسعافه بنقله للمستشفى، وكانت حالته العامة سيئة جداً، مضيفاً: أنه بعد البحث والتحري، وبالتحقيق في القضية قام المواطن الأردني بتسليم نفسه، وتم توقيفه على ذمة القضية.
يذكر أن المركز الأمني ومديرية الشرطة قد استقبلت مندوب السفارة المصرية أحمد الشربجي، وأبدت تعاوناً معه في جميع حيثيات وتفاصيل القضية.
وكانت وزارة القوى العاملة المصرية، أعلنت أول من أمس (الأربعاء) وفاة أحد مواطنيها العاملين بالأردن، بعد أيام من الاعتداء عليه. وأشارت السفارة، بحسب البيان، إلى أن «مكتب التمثيل العمالي يتابع نتائج آخر التحقيقات في القضية المعروضة حالياً على المدعي العام (الأردني) للتحقيق فيها». والأحد الماضي، قالت الخارجية المصرية: إن المواطن المصري (علي السيد مرسي) حالته الصحية غير مستقرة، وإنه تم إلقاء القبض على المشكو في حقه ومعه 5 أفراد أردنيين، وطبقاً لما جاء في التقرير الطبي، فإنه تم توجيه تهمة الشروع في القتل ضد الشخص المعتدي، وإحالته – والعاملين معه بصفتهم شهوداً– إلى مدعي عام محافظة الزرقاء.
في غضون ذلك، طالب النائب أمين مسعود، عضو مجلس النواب المصري، الحكومة بالإسراع في متابعة ملف ‏وفاة المواطن المصري... وتساءل في طلب إحاطة قدمه للدكتور على عبد العال، رئيس مجلس النواب، لتوجيهه إلى وزيري الهجرة وشؤون المصريين بالخارج، والقوى العاملة، عن الإجراءات التي اتخذتها الحكومة تجاه هذه الواقعة للحفاظ على جميع حقوق هذا العامل المصري، معرباً عن إدانته الكاملة لواقعة الضرب التي تعرض لها العامل المصري، والتي أفضت إلى وفاته. مؤكداً ضرورة أن تتابع الحكومة جميع الإجراءات القانونية تجاه مرتكب هذه الكارثة الخطيرة، لتوقيع أقصى وأشد العقوبات ضد من ارتكبها؛ حتى لا تتكرر مثل هذه الأحداث.



«خط أحمر»... «الحكومة الموازية» تثير مخاوف مصرية من تفكك السودان

وزراء الخارجية والري في مصر والسودان خلال اجتماع تشاوري عقد بالقاهرة قبل نحو أسبوع (الخارجية المصرية)
وزراء الخارجية والري في مصر والسودان خلال اجتماع تشاوري عقد بالقاهرة قبل نحو أسبوع (الخارجية المصرية)
TT

«خط أحمر»... «الحكومة الموازية» تثير مخاوف مصرية من تفكك السودان

وزراء الخارجية والري في مصر والسودان خلال اجتماع تشاوري عقد بالقاهرة قبل نحو أسبوع (الخارجية المصرية)
وزراء الخارجية والري في مصر والسودان خلال اجتماع تشاوري عقد بالقاهرة قبل نحو أسبوع (الخارجية المصرية)

تثير تحركات تشكيل «حكومة موازية» في السودان، مخاوف مصرية من تفكك البلاد، التي تعاني من حرب داخلية اندلعت قبل نحو عام ونصف العام، وشردت الملايين. وقال وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي، الأحد، إن «بلاده مع استقرار السودان ومع بسط سيادته على كل الأراضي السودانية»، مشيراً إلى أن «هذا أمر ثابت في السياسة الخارجية المصرية ولا يمكن أن تتزحزح عنه».

واعتبر وزير الخارجية، في مؤتمر صحافي مشترك، مع المفوضة الأوروبية لشؤون المتوسط دوبرافكا سويتشا، «تشكيل أي أطر موازية قد تؤدي إلى تفكك الدولة السودانية خطاً أحمر بالنسبة لمصر ومرفوضاً تماماً»، مضيفاً: «ندعم الشرعية. ندعم مؤسسات الدولة السودانية، وندعم الدولة، لا ندعم أشخاصاً بأعينهم».

ويرى خبراء ومراقبون، تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، أن الموقف السياسي المصري الداعم بقوة لمؤسسات الدولة، والرافض لتشكيل أي أطر موازية، هدفه حماية السودان من التمزق، لكنه يظل رهن تباينات إقليمية تعقد حل الأزمة.

ويمهد توقيع «قوات الدعم السريع» وحركات مسلحة وقوى سياسية ومدنية متحالفة معها بنيروبي، الأسبوع الماضي، على «الميثاق التأسيسي»، الطريق لإعلان حكومة أخرى موازية في السودان، في مواجهة الحكومة التي يقودها رئيس مجلس السيادة السوداني، الفريق عبد الفتاح البرهان، وتتخذ من مدينة بورتسودان مقراً لها.

وفي تصريحات لـ«الشرق الأوسط» من القاهرة، قبل أيام، عدَّ وزير الخارجية السوداني، علي يوسف الشريف، أن تحرك تشكيل «حكومة موازية» في مناطق سيطرة قوات «الدعم السريع» لا يحظى باعتراف دولي، مشيراً إلى أن «دولاً إقليمية ودولية تدعم موقف بلاده في هذه القضية».

وجددت مصر، الأحد، رفضها مساعي تشكيل «حكومة موازية» بالسودان، ووصفت الخارجية المصرية، في بيان رسمي، الأحد، ذلك، بأنه «محاولة تهدد وحدة وسيادة وسلامة أراضي السودان».

وأضاف البيان أن تشكيل حكومة سودانية موازية «يُعقد المشهد في السودان، ويعوق الجهود الجارية لتوحيد الرؤى بين القوى السودانية، ويفاقم الأوضاع الإنسانية»، فيما طالبت كافة القوى السودانية بتغليب المصلحة الوطنية العليا للبلاد والانخراط في إطلاق عملية سياسية شاملة دون إقصاء أو تدخلات خارجية.

وحسب الوزير المصري عبد العاطي، فإن «مصر على تواصل مع كل الأطراف المعنية لنقل وجهه نظرها وموقفها الواضح والثابت»، وأضاف: «بالتأكيد نحن مع السودان كدولة، ومع السودان كمؤسسات، ومع السودان بطبيعة الحال لفرض سيادته وسيطرته على كل الأراضي السودانية».

وتستهدف مصر من رفض مسار الحكومة الموازية «دعم المؤسسات الوطنية في السودان، حفاظاً على وحدته واستقراره، وسلامته الإقليمية»، وفق عضو المجلس المصري للشؤون الخارجية، السفير صلاح حليمة، الذي قال لـ«الشرق الأوسط» إن «مصر تعمل على حشد الدعم الدولي والإقليمي لوقف الحرب ونفاذ المساعدات الإنسانية، ووضع خطط لإعادة الإعمار».

وتنظر القاهرة لحكومة بورتسودان باعتبارها الممثل الشرعي للسودان، والمعترف بها دولياً، وفق حليمة، ودلل على ذلك بـ«دعوة رئيس مجلس السيادة السوداني، عبد الفتاح البرهان، للأمم المتحدة، وزيارة دول مختلفة، كممثل شرعي عن بلاده».

وترأس البرهان وفد السودان، في اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، سبتمبر (أيلول) الماضي.

ويعتقد حليمة أن إجهاض مساعي «الحكومة الموازية» لن يتحقق سوى بـ«التوافق على مسار سياسي، من خلال حوار سوداني - سوداني، تشارك فيه كل الأطراف، ويفضي لتشكيل حكومة مدنية مستقلة لفترة انتقالية»، وطالب بالبناء على مبادرة مصر باستضافة مؤتمر للقوى السياسية السودانية العام الماضي.

وجمعت القاهرة، في شهر يوليو (تموز) الماضي، لأول مرة، الفرقاء المدنيين في الساحة السياسية السودانية، في مؤتمر عُقد تحت شعار «معاً لوقف الحرب»، وناقش ثلاث ملفات لإنهاء الأزمة السودانية، تضمنت «وقف الحرب، والإغاثة الإنسانية، والرؤية السياسية ما بعد الحرب».

في المقابل، يرى المحلل السياسي السوداني، عبد المنعم أبو إدريس، أن «التحركات المصرية تواجه تحديات معقدة، بسبب دعم دول إقليمية مؤثرة للقوى الساعية لتشكيل حكومة موازية، في مقدمتها (الدعم السريع)»، مشيراً إلى أن «الموقف المصري مرهون بقدرتها على تجاوز الرفض الدبلوماسي، وقيادة تحركات مع الفرقاء السودانيين وحلفائها في الإقليم».

ويعتقد أبو إدريس، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن اختراق القاهرة لأزمة «الحكومة الموازية»، «لن يكون سهلاً، في ضوء تأثير الجهات الدولية والأطراف الداعمة للقوى السودانية التي تقف خلف هذه الحكومة»، وقال إن «مصر تخشى أن تقود تلك التحركات إلى انفصال جديد في السودان، ما يمثل تهديداً لمصالحها الاستراتيجية».

ورغم هذه الصعوبات، يرى القيادي بالكتلة الديمقراطية السودانية، مبارك أردول، أن الموقف المصري مهم في مواجهة الأطراف الإقليمية الداعمة لمسار الحكومة الموازية، وقال لـ«الشرق الأوسط»: «رفض القاهرة يؤكد أن السودان لا يقف وحده في هذه الأزمة»، وأن «هناك أطرافاً إقليمية داعمة لوحدة واستقرار السودان».

وتعتقد مديرة وحدة أفريقيا في «مركز الأهرام للدراسات السياسية»، أماني الطويل، أن «المواقف الرافضة لهذه الحكومة، التي صدرت من مصر والأمم المتحدة ودول أخرى، يمكن أن تُضعف من الاعتراف الدولي والإقليمي للحكومة الموازية، دون أن تلغيها».

وباعتقاد الطويل، «سيستمر مسار الحكومة الموازية بسبب رغبة شركات عالمية في الاستفادة من موارد السودان، ولن يتحقق لها ذلك إلا في وجود سلطة هشّة في السودان»، وقالت: «الإجهاض الحقيقي لتلك التحركات يعتمد على التفاعلات الداخلية بالسودان، أكثر من الموقف الدولي، خصوصاً قدرة الجيش السوداني على استعادة كامل الأراضي التي تسيطر عليها (الدعم السريع) وخصوصاً دارفور».