مخاوف من «موصل ثانية» في إدلب بانسحاب الفصائل من بيت جن

ترقب تنفيذه خلال ساعات... و{الجيش الحر} يتوجه إلى درعا

TT

مخاوف من «موصل ثانية» في إدلب بانسحاب الفصائل من بيت جن

شارفت الاستعدادات لانسحاب فصائل المعارضة المسلحة من الغوطة الغربية إلى محافظتي إدلب ودرعا على الانتهاء، وذلك بعد انطلاق عملية تطبيق بنود الاتفاق الذي وقعته هذه الفصائل مع النظام السوري، فيما فاقم الإعلان عن توجه أعداد جديدة من عناصر «جبهة النصرة» إلى إدلب من مخاوف سكانها وفصائل الجيش الحر.
وفي حين نقلت وكالة «رويترز» عن مقاتلين في الجيش الحر أن النظام أمهل الفصائل 72 ساعة للاستسلام مهددا بعد انقضاء المهلة بشن عملية عسكرية كبيرة على منطقة بيت جن المحاصرة، أعلنت وكالة الأنباء الألمانية بعد ظهر أمس عن انسحاب مقاتلي المعارضة المسلحة من مواقعهم في تل مروان وقرية مغر المير الواقعة جنوب غربي العاصمة السورية دمشق، في إطار تنفيذ الاتفاق، الذي تم التوصل إليه مع قوات النظام لتسليم ما بقي تحت سيطرة المعارضة ونقل مقاتليها إلى إدلب، بينما تحدث موقع «عنب بلدي» المعارض عن «وصول الباصات التي ستقل مقاتلي منطقة بيت جن غربي دمشق إلى الشمال السوري، إلى بلدة سعسع».
وذكر مصدر ميداني يقاتل إلى جانب قوات النظام أن «نحو 300 من مسلحي المعارضة تركوا مواقعهم في تل مروان وقرية مغر المير، وتوجهوا إلى مزرعة بيت جن القريبة تمهيدا لنقلهم مع باقي المقاتلين في وقت لاحق إلى إدلب»، لافتا إلى أن «القوات الحكومية دخلت على الفور إلى مواقع المعارضة في التل والقرية، وقامت بتمشيطها وهي حاليا تثبت نقاطا لها بداخلها».
من جهته، أفاد عضو المكتب الإعلامي لـ«قوات جبل الشيخ» أبو اليمان، أن «مفاوضات سرية كانت قد انطلقت من أيام للتفاهم على انسحاب مقاتلي المعارضة من المنطقة»، لافتا في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أنه «تقرر أن يكون الانسحاب على دفعات، على أن تخرج الدفعة الأولى إلى درعا بعدما تم تخيير المقاتلين بينها وبين إدلب».
وقال رامي عبد الرحمن، مدير «المرصد السوري لحقوق الإنسان» أن الانسحاب كان يجب أن يتم أمس الأربعاء؛ «إلا أن بعض الأطراف رفضت الخروج، وهو ما أعاق انطلاق العملية». لكن عبد الرحمن شدد في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، على أن «الاتفاق قد تم وأصبح نهائيا». وقال إن «عناصر (النصرة) سيخرجون إلى إدلب، أما الفصائل التابعة للجيش الحر فستنسحب إلى درعا»، موضحا أن «مقاتلي المعارضة الذين سيبقون في الغوطة الغربية سيكونون تابعين لنظام المصالحة على أن تدخل شرطة مدنية تابعة للنظام إلى مناطق سيطرتهم».
وبحسب أيمن العاسمي، الناطق باسم وفد المعارضة في آستانة، فإن إقدام النظام في الساعات الماضية على تحديد مهلة 72 ساعة للانسحاب «سببه رفض بعض الفصائل الخروج من مناطقها»، لافتا في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إلى أنه لو «كانت قوات النظام حقيقة قادرة على شن عمل عسكري يحسم الوضع في بيت جن، لما تأخرت ولما دخلت في مفاوضات مع الفصائل». وأضاف أن «ما يثير الاستهجان هو هذا الصمت الدولي على الهجمة والحصار الذي يفرضه النظام على بيت جن المشمولة في مناطق خفض التصعيد، كما الغوطة الشرقية».
وتعتمد قوات النظام السوري وحلفاؤها «تكتيكا مزدوجا يقوم على الحصار وشهور من الضربات على المناطق لدفع معارضين للخروج من مناطق تحت سيطرتهم إلى أخرى بعيدة عن العاصمة دمشق». وقال صهيب الرحيل، وهو متحدث باسم مقاتلي معارضة، إن هناك أيضا أكثر من 8 آلاف مدني محاصرون في الجيوب المتبقية وإن محنتهم تتفاقم في الغوطة الغربية.
ويوم أمس، نقلت وكالة «سبوتنك» الروسية عن مصدر ميداني من مركز الجولان للدفاع الوطني أنه «يجري الآن تفاوض مع قيادات (جبهة النصرة) والفصائل الأخرى، في منطقة بيت جن ومزرعة بيت جن ومغر المير، أو ما تسمى (قرى جبل الشيخ)، قبل خروج المسلحين النهائي من هذه المنطقة». وأشار المصدر إلى أن «المفاوضات تدور حاليا للاتفاق على عدة نقاط؛ من أهمها تسليم التنظيمات المسلحة الجيش السوري خرائط الألغام للمنطقة التي زرعها المسلحون في منطقة سيطرتهم، والنقطة الثانية ملف المخطوفين والمفقودين في هذه المناطق، والأسلحة التي سيخرج بها عناصر التنظيمات المسلحة من المنطقة». وأضاف: «المنطقة تعد ساقطة عسكريا من خلال إعلان الفصائل المسلحة في وقت سابق استسلامها بشكل تام، وانضمامها إلى المفاوضات للخروج باتجاه إدلب».
ويُقدّر «الإعلام الحربي» التابع لـ«حزب الله» عدد المسلحين الموجودين في قرى بيت جن ومزرعة بيت جن ومغر المير بـ300 مسلح، ينتمون إلى «جبهة النصرة»، و«جبهة ثوار سوريا» و«حركة أحرار الشام».
وفاقم الإعلان عن توجه أعداد جديدة من عناصر «جبهة النصرة» إلى إدلب من مخاوف سكانها وفصائل الجيش الحر معاً. وقال مصدر قيادي في «الحر» لـ«الشرق الأوسط» إن «إدلب تتحول وبمسعى روسي واضح إلى موصل ورقّة أخريين، ولعل مصيرها سيكون مشابها لهما بعد تجميع كل ما تبقى من جماعات متشددة فيها». وأضاف: «وقد جاءت التصريحات الروسية الأخيرة التي تؤكد أن هدف موسكو الجديد في عام 2018 هو القضاء على (النصرة)، لتفاقم مخاوفنا، خصوصا بعد فشل أنقرة في تفكيك (هيئة تحرير الشام)؛ لا بل تعاونها معها في الفترة الماضية عبر حكومة الإنقاذ الوطني».



مصر: «كشك باب النصر» يعيد الجدل بشأن «التعدي» على الآثار

مطالب بإعادة النظر في الصورة الجمالية للقاهرة التاريخية (تصوير: عبد الفتاح فرج)
مطالب بإعادة النظر في الصورة الجمالية للقاهرة التاريخية (تصوير: عبد الفتاح فرج)
TT

مصر: «كشك باب النصر» يعيد الجدل بشأن «التعدي» على الآثار

مطالب بإعادة النظر في الصورة الجمالية للقاهرة التاريخية (تصوير: عبد الفتاح فرج)
مطالب بإعادة النظر في الصورة الجمالية للقاهرة التاريخية (تصوير: عبد الفتاح فرج)

جدد بناء «كشك نور» بالطوب الأحمر، في مكان بارز بمنطقة الجمالية الأثرية في مصر، مطالب خبراء أثريين بتشديد الرقابة على المناطق الأثرية وحمايتها من الاعتداء بالاستناد إلى قانون حماية الآثار.

ويرى الخبير الأثري الدكتور محمد حمزة أن واقعة بناء كشك كهرباء داخل «حرم موقع أثري»، صورة من أوجه مختلفة للاعتداء على الآثار في مصر، حسبما يقول لـ«الشرق الأوسط»، ويضيف: «يمثل هذا الكشك مثالاً لحالات البناء العشوائي التي لا تراعي خصوصية المناطق الأثرية، وتشويهاً معمارياً مثل الذي شهدته بنفسي أخيراً ببناء عمارة سكنية في مواجهة جامع «الحاكِم» الأثري في نهاية شارع المعز التاريخي، بما لا يتلاءم مع طراز المنطقة، وأخيراً أيضاً فوجئنا بقرار بناء مسرح في حرم منطقة سور مجرى العيون الأثرية، وهناك العديد من الأمثلة الأخيرة الخاصة بهدم آثار كالتعدي على قبة الشيخ عبد الله بمنطقة عرب اليسار أسفل قلعة صلاح الدين الأيوبي، وتلك جميعها صور من الاعتداء التي تتجاهل تماماً قوانين حماية الآثار».

كشك كهرباء باب النصر (حساب د. محمد حمزة على فيسبوك)

وحسب الدكتور محمد عبد المقصود، الأمين العام الأسبق للمجلس الأعلى للآثار، فإن بناء هذا الكشك «هو حالة متكررة لمخالفة قانون حماية الآثار بشكل واضح»، حسبما يقول لـ«الشرق الأوسط»، مضيفاً: «يجب أن تتم إزالته، فهو يؤثر بشكل واضح على بانوراما المكان الأثري، علاوة على أنه كيان قبيح ولا يليق أن يتم وضعه في موقع أثري، ويتسبب هذا الكشك في قطع خطوط الرؤية في تلك المنطقة الأثرية المهمة».

ويضيف عبد المقصود: «المؤسف أن وزارة السياحة والآثار لم تعلق على هذا الأمر بعد، مثلما لم تعلق على العديد من وقائع الاعتداء على مواقع أثرية سواء بالبناء العشوائي أو الهدم قبل ذلك، رغم أن الأمر يقع في نطاق مسؤوليتهم».

قانون الآثار المصري يمنع بناء مبان أعلى من المنشآت الأثرية (تصوير: عبد الفتاح فرج)

وأثار تشويه بعض نقوش مقبرة مريروكا الأثرية في منطقة سقارة بالجيزة (غرب القاهرة) ضجة واسعة في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، وسط دعوات بضرورة تطبيق قانون حماية الآثار الذي تنص المادة 45 منه رقم 117 لسنة 1983 وتعديلاته، على أنه «يعاقَب كل من وضع إعلانات أو لوحات للدعاية أو كتب أو نقش أو وضع دهانات على الأثر أو شوّه أو أتلف بطريق الخطأ أثراً عقارياً أو منقولاً أو فصل جزءاً منه بالحبس مدة لا تقل عن سنة وغرامة لا تقل عن 10 آلاف جنية ولا تزيد على 500 ألف جنيه أو إحدى هاتين العقوبتين».

الآثار الإسلامية تتوسط غابة من الكتل الخرسانية (تصوير: عبد الفتاح فرج)

وترى الدكتورة سهير حواس، أستاذة العمارة والتصميم العمراني بقسم الهندسة المعمارية بجامعة القاهرة، أن منطقة القاهرة التاريخية مسجلة وفقاً لقانون 119 لسنة 2008، باعتبارها منطقة أثرية لها اشتراطات حماية خاصة، وتقول في حديثها لـ«الشرق الأوسط»: «تشمل تلك الحماية القيام بعمل ارتفاعات أو تغيير أشكال الواجهات، وأي تفاصيل خاصة باستغلال الفراغ العام، التي يجب أن تخضع للجهاز القومي للتنظيم الحضاري ووزارة الثقافة».

شكاوى من تشويه صور الآثار الإسلامية بالقاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)

وحسب القانون يجب أن يتم أخذ الموافقة على وضع أي كيان مادي في هذا الفراغ بما فيها شكل أحواض الزرع والدكك، وأعمدة الإضاءة والأكشاك، سواء لأغراض تجميلية أو وظيفية؛ لذلك فمن غير المفهوم كيف تم بناء هذا الكشك بهذه الصورة في منطقة لها حماية خاصة وفقاً للقانون.

ويرى الخبير الأثري الدكتور حسين عبد البصير أنه «لا بد من مراعاة طبيعة البيئة الأثرية، خاصة أن هناك العديد من الطرق التي يمكن بها تطويع مثل تلك الضرورات كتوسيع الطرق أو البنية التحتية أو إدخال تطويرات كهربائية بطريقة جمالية تلائم النسيج الجمالي والبصري للأماكن الأثرية».