البرلمان المصري يكذب مزاعم الكونغرس بانتهاكات ضد الأقباط

شيخ الأزهر يرد على المتشددين ويزور المقر البابوي لتهنئة المسيحيين بأعياد الميلاد

شيخ الأزهر بمقر الكاتدرائية لتقديم التهنئة للبابا تواضروس («الشرق الأوسط»)
شيخ الأزهر بمقر الكاتدرائية لتقديم التهنئة للبابا تواضروس («الشرق الأوسط»)
TT

البرلمان المصري يكذب مزاعم الكونغرس بانتهاكات ضد الأقباط

شيخ الأزهر بمقر الكاتدرائية لتقديم التهنئة للبابا تواضروس («الشرق الأوسط»)
شيخ الأزهر بمقر الكاتدرائية لتقديم التهنئة للبابا تواضروس («الشرق الأوسط»)

رفض مجلس النواب (البرلمان) المصري، أمس، ادعاءات بعض أعضاء الكونغرس الأميركي، بتعرض الأقباط لانتهاكات في مصر، ووصفها بأنها «مجرد افتراءات وأكاذيب مرفوضة». وفي سياق مماثل، زار الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر، مقر الكاتدرائية المرقسية (المقر البابوي) بضاحية العباسية (شرق القاهرة) لتقديم التهنئة للبابا تواضروس الثاني، بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، بمناسبة أعياد الميلاد، في رسالة تشكل فيما يبدو رداً على المتشددين الذين يرفضون تهنئة الأقباط.
وعقدت لجنتا «العلاقات الخارجية والدفاع والأمن القومي» بالبرلمان اجتماعاً أمس، لبحث تداعيات مذكرة معروضة على الكونغرس، تطالب بربط المعونة باتخاذ مصر خطوات لضمان المساواة، وإنهاء تهميش المسيحيين في المجتمع المصري. وقال النائب طارق رضوان، رئيس لجنة العلاقات الخارجية بالبرلمان، إن «حل مشكلات الأقباط في مصر يتم بشكل داخلي سريع وعميق، ولا ينتظر أي تدخلات أجنبية، فهي شأن داخلي يخص مصر ومواطنيها».
وأثارت مناقشة الكونغرس لمشروع قرار بشأن تعرض أقباط مصر لانتهاكات، ومعاملتهم معاملة مواطن من الدرجة الثانية، جدلاً داخل الأوساط السياسية والكنسية. وقال رضوان، إن «ما تضمنته المذكرة الأميركية من مزاعم تهدف لتسليط الضوء على انتهاكات يتعرض لها الأقباط على غير الحقيقة، وهي افتراءات وأكاذيب مرفوضة».
في حين كشف ضياء رشوان، رئيس الهيئة العامة للاستعلامات بمصر، أن المذكرة المقدمة من إحدى المنظمات لـ6 نواب بالكونغرس، جاءت بناء على جلسة استماع داخل الكونغرس عن القضايا المصرية، والاستماع لجميع الأطراف، ومنها منظمة التضامن القبطي، دون وجود ممثل للجانب المصري. وقال رشوان، خلال اجتماع لجنتي البرلمان أمس، إن «المذكرة المزعومة تتحدث عن وجود تمييز ضد الأقباط، دون تقديم أي دليل أو واقعة محددة، فضلاً عن ادعائها وجود مجتمع تمييزي في مصر، وأن الأقباط أصبحوا معرضين للخطر ولأعمال عنف». مضيفاً أن الإرهاب لا يفرق بين أحد، وكما تم الاعتداء على الكنائس والأقباط، فإنه أوقع المئات من رجال الجيش والشرطة، فوجود ادعاءات عن التقصير الحكومي إزاء الأقباط في غير محله.
وطالب رشوان بضرورة الإعلان رسمياً عن عدد الكنائس في مصر، والمقدر عددها بالآلاف – على حد قوله - وتوضيح حقيقة مواد قانون إعادة بناء وترميم الكنائس، مشدداً على أهمية استمرار التواصل مع الكونغرس.
يأتي هذا في وقت، توجه فيه وفد أزهري إلى مقر الكاتدرائية المرقسية بالعباسية، لتهنئة البابا تواضروس والأقباط بأعياد الميلاد أمس. وقال شيخ الأزهر إن «مشاعر المحبة والرحمة التي تجمع أبناء الشعب المصري، مسلمين ومسيحيين، تشكل تجسيداً حقيقياً لقيم التسامح والحوار والتعايش والصفح»، مؤكداً أن القادة الدينيين من المسلمين والمسيحيين عليهم مسؤولية كبيرة، بتذكير الناس بعناصر الألفة والأخوة بين أبناء المجتمع المصري، وهي مسؤولية متجددة، وتزداد أهمية وخطورة في هذا الوقت؛ لأننا أمام تحدٍ كبير يمارس فيه القتل باسم الأديان، سواء من قبل متطرفين منسوبين إلى الإسلام أو إلى المسيحية «المتصهينة»، فهؤلاء يدمرون العالم على أساس تفسيرات دينية مغلوطة ومغشوشة، مبيناً أن حادث مسجد الروضة الإرهابي، هو أكبر دليل على أن الإرهاب لا دين له، وأنه يقتل من المسلمين أكثر مما يقتل من غيرهم.
وشهد مركز «بئر العبد»، في شمال سيناء، نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، أسوأ هجوم إرهابي تتعرض له مصر في العصر الحديث، حين قتل مسلحون أكثر من 300 مُصل، في هجوم على مسجد.
من جانبه، قال البابا تواضروس، إن «زيارة الأزهر للكنيسة رسالة قوية للعالم، تؤكد على الروح الطيبة التي تجمعنا والتي تشهد عمق العلاقة الموجودة والمستمرة عبر القرون والسنين»، مؤكداً أن أي محاولة للعبث بالرباط القوي الذي يجمعنا سوف تنتهي بالفشل.
وعن الزيارة، قال الدكتور محمد مختار جمعة، وزير الأوقاف، إن «هذه الزيارة تقطع الطريق أمام الأفكار الهدامة التي يحاول أعداؤنا استخدامها وتوظيفها للنيل من وحدة صفنا الوطني». مضيفاً أن «سماحة الأديان وعمق الفهم الوطني كفيلان بصد جميع المحاولات الخبيثة التي تحاول النيل من وحدة صفنا وبنائنا الوطني الصلب، المتجذر في أعماق التاريخ، ورد كيد المتربصين بنا في نحورهم».



«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
TT

«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)

ما زال حزب «الجبهة الوطنية» المصري الجديد يثير انتقادات وتساؤلات بشأن برنامجه وأهدافه وطبيعة دوره السياسي في المرحلة المقبلة، خاصة مع تأكيد مؤسسيه أنهم «لن يكونوا في معسكر الموالاة أو في جانب المعارضة».

وكان حزب «الجبهة الوطنية» مثار جدل وتساؤلات في مصر، منذ الكشف عن اجتماعات تحضيرية بشأنه منتصف الشهر الماضي، انتهت بإعلان تدشينه في 30 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وتمحورت التساؤلات حول أسباب ظهوره في هذه المرحلة، وهل سيكون بديلاً لحزب الأغلبية في البرلمان المصري (مستقبل وطن)، لا سيما أن مصر مقبلة على انتخابات برلمانية نهاية العام الجاري.

هذه التساؤلات حاول اثنان من مؤسسي الحزب الإجابة عنها في أول ظهور إعلامي مساء السبت، ضمن برنامج «الحكاية» المذاع على قناة «إم بي سي»، وقال وكيل مؤسسي حزب «الجبهة الوطنية» ووزير الإسكان المصري السابق عاصم الجزار، إن «الحزب هو بيت خبرة هدفه إثراء الفكر وإعادة بناء الوعي المصري المعاصر»، مؤكداً أن الحزب «لا يسعى للأغلبية أو المغالبة، بل يستهدف التأثير النوعي وليس الكمي».

وأضاف: «هدفنا تشكيل تحالف من الأحزاب الوطنية القائمة، إذ لن نعمل وحدنا»، معلناً استعداد الحزب الجديد، الذي لا يزال يستكمل إجراءات تأسيسه رسمياً، للتحالف مع «أحزاب الأغلبية مستقبل وطن وحماة وطن والمعارضة والمستقلين أيضاً بهدف خدمة المصلحة الوطنية»، مستطرداً: «لن نكون أداة لتمرير قرارات، بل أداة للإقناع بها».

وشدد الجزار على أن «الحزب لا ينتمي لمعسكر الموالاة أو للمعارضة»، وإنما «نعمل لمصلحة الوطن».

وهو ما أكده رئيس «الهيئة العامة للاستعلامات» بمصر وعضو الهيئة التأسيسية لحزب «الجبهة الوطنية»، ضياء رشوان، الذي قال: «سنشكر الحكومة عندما تصيب ونعارضها عندما تخطئ»، مشيراً إلى أن «مصر ليس لها حزب حاكم حتى يكون هناك حديث عن موالاة ومعارضة».

الانتقادات الموجهة للحزب ارتبطت بتساؤلات حول دوره في ظل وجود نحو 87 حزباً سياسياً، وفق «الهيئة العامة للاستعلامات»، منها 14 حزباً ممثلاً في البرلمان الحالي، يتصدرها حزب «مستقبل وطن» بأغلبية 320 مقعداً، يليه حزب «الشعب الجمهور» بـ50 مقعداً، ثم حزب «الوفد» بـ39 مقعداً، وحزب «حماة الوطن» بـ27 مقعداً، وحزب «النور» الإسلامي بـ11 مقعداً، وحزب «المؤتمر» بـ8 مقاعد.

ورداً على سؤال للإعلامي عمرو أديب، خلال برنامج «الحكاية»، بشأن ما إذا كان الحزب «طامحاً للحكم ويأتي بوصفه بديلاً لحزب الأغلبية»، قال رشوان: «أي حزب سياسي يسعى للحكم، لكن من السذاجة أن نقول إن حزباً يعمل على إجراءات تأسيسه اليوم سيحصد الأغلبية بعد 8 أو 10 أشهر»، مشيراً إلى أن «الحزب لن يعيد تجارب (الهابطين من السماء)». واستطرد: «لن نسعى للأغلبية غداً، لكن قد يكون بعد غد».

وأضاف رشوان أن «الحزب يستهدف في الأساس إعادة بناء الحياة السياسية في مصر بعد فشل تجربة نظام الحزب الواحد في مصر منذ عام 1952»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إحياء تحالف 30 يونيو (حزيران)»، لافتاً إلى أن «التفكير فيه هو ثمرة للحوار الوطني الذي أثار زخماً سياسياً».

طوال ما يزيد على ساعة ونصف الساعة حاول الجزار ورشوان الإجابة عن التساؤلات المختلفة التي أثارها إعلان تدشين الحزب، والتأكيد على أنه «ليس سُلمة للوصول إلى البرلمان أو الوزارة»، وليس «بوابة للصعود»، كما شددا على أن «حزب الجبهة يضم أطيافاً متعددة وليس مقصوراً على لون سياسي واحد، وأنه يضم بين جنباته المعارضة».

وعقد حزب «الجبهة الوطنية» نحو 8 اجتماعات تحضيرية على مدار الأسابيع الماضي، وتعمل هيئته التأسيسية، التي تضم وزراء ونواباً ومسؤولين سابقين، حالياً على جمع التوكيلات الشعبية اللازمة لإطلاقه رسمياً.

ويستهدف الحزب، بحسب إفادة رسمية «تدشين أكبر تحالف سياسي لخوض الانتخابات البرلمانية المقبلة، عبر صياغة تفاهمات سياسية واسعة مع الأحزاب الموجودة»، إضافة إلى «لمّ الشمل السياسي في فترة لا تحتمل التشتت».

ومنذ إطلاق الحزب تم ربطه بـ«اتحاد القبائل والعائلات المصرية» ورئيسه رجل الأعمال إبراهيم العرجاني، حتى إن البعض قال إن «الحزب هو الأداة السياسية لاتحاد القبائل». وعزز هذه الأحاديث إعلان الهيئة التأسيسية التي ضمت رجل الأعمال عصام إبراهيم العرجاني.

وأرجع الجزار الربط بين الحزب والعرجاني إلى أن «الاجتماعات التحضيرية الأولى للحزب كانت تجري في مكتبه بمقر اتحاد القبائل؛ كونه أميناً عاماً للاتحاد»، مؤكداً أن «الحزب لا علاقة له باتحاد القبائل». وقال: «العرجاني واحد من عشرة رجال أعمال ساهموا في تمويل اللقاءات التحضيرية للحزب». وأضاف: «الحزب لا ينتمي لشخص أو لجهة بل لفكرة».

وحول انضمام عصام العرجاني للهيئة التأسيسية، قال رشوان إنه «موجود بصفته ممثلاً لسيناء، ووجوده جاء بترشيح من أهل سيناء أنفسهم».

وأكد رشوان أن «البعض قد يرى في الحزب اختراعاً لكتالوج جديد في الحياة السياسية، وهو كذلك»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إعادة بناء الحياة السياسية في مصر التي يقول الجميع إنها ليست على المستوى المأمول».

بينما قال الجزار: «نحن بيت خبرة يسعى لتقديم أفكار وحلول وكوادر للدولة، ونحتاج لكل من لديه القدرة على طرح حلول ولو جزئية لمشاكل المجتمع».

وأثارت تصريحات الجزار ورشوان ردود فعل متباينة، وسط تساؤلات مستمرة عن رؤية الحزب السياسية، التي أشار البعض إلى أنها «غير واضحة»، وهي تساؤلات يرى مراقبون أن حسمها مرتبط بالانتخابات البرلمانية المقبلة.

كما رأى آخرون أن الحزب لم يكن مستعداً بعد للظهور الإعلامي.

بينما أشار البعض إلى أن «الحزب ولد بمشاكل تتعلق بشعبية داعميه»، وأنه «لم يفلح في إقناع الناس بأنه ليس حزب موالاة».

وقال مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية الدكتور عمرو الشوبكي لـ«الشرق الأوسط» إن «الحزب قدم حتى الآن كلاماً عاماً دون تصور أو رؤية واضحة للإصلاح التدريجي»، موضحاً أنه «من حيث المبدأ من حق أي جماعة تأسيس حزب جديد».

وبينما أكد الشوبكي أن ما عرضه المسؤولون عن الحزب الجديد بشأن «عدم طموحه للحكم لا يختلف عن واقع الحياة السياسية في مصر الذي يترك للدولة تشكيل الحكومة»، مطالباً «بتفعيل دور الأحزاب في الحياة السياسية»، فالمشكلة على حد تعبيره «ليست في إنشاء حزب جديد، بل في المساحة المتاحة للأحزاب».