توتر على خلفية نزاع عقاري بين الكنيسة ومناصرين لـ«حزب الله» بجبل لبنان

القوى الأمنية تدخلت لمنع استكمال أعمال البناء

توتر على خلفية نزاع عقاري بين الكنيسة ومناصرين لـ«حزب الله» بجبل لبنان
TT

توتر على خلفية نزاع عقاري بين الكنيسة ومناصرين لـ«حزب الله» بجبل لبنان

توتر على خلفية نزاع عقاري بين الكنيسة ومناصرين لـ«حزب الله» بجبل لبنان

أفضت الاتصالات بين القوى الأمنية وفعاليات بلدة شيعية في محافظة جبل لبنان اللبنانية، أمس، إلى تهدئة توتر كان بدأ بين بعض السكان والأجهزة الأمنية، على خلفية قرار قضائي بمنع تشييد بناء متنازع عليه بين المطرانية المارونية ومناصرين لـ«حزب الله»، وتطور لاحقا إلى اعتصامات وقطع طرق مؤدية إلى البلدة.
بدأ التوتر حين قررت النيابة العامة الاستئنافية في جبل لبنان، هدم بناء شيد ليل أول من أمس على العقار 61 في بلدة لاسا في قضاء جبيل بأقصى شمال جبل لبنان، على الرغم من أن هذا العقار متنازع على ملكيته بين المطرانية المارونية في بلدة جونيه وسكان قالت مصادر إعلامية إن أحدهم قيادي في «حزب الله» اللبناني، واسمه يسار المقداد. وذكرت إذاعة «صوت لبنان» أن خمسين مسلحا من «حزب الله»، حاولوا «كسر قرار قضائي، وأقاموا بناء على العقار المتنازع عليه». كما أفاد موقع لبنان «الآن»، بأن عناصر «(حزب الله) ضربوا طوقا أمنيا حول الورشة». وهدد المقداد أي قوة أمنية تحاول منعه من إكمال عمله، مما استدعى طلب مؤازرة من قوى الأمن التي وصلت عند الرابعة والنصف فجرا بعد انتهاء أعمال صب الإسمنت. لكن المقداد نفى أن يكون قياديا بحزب الله، موضحا لـ«الشرق الأوسط» أنه «مناصر للحزب»، مؤكدا أن «(حزب الله) لم يكن موجودا على الأرض، كما أننا لم نقطع الطرقات»، واضعا ما جرى في إطار «حملة إعلامية لن تثبت».
من ناحية ثانية، كانت الوكالة الوطنية للإعلام قد ذكرت أن أهالي بلدة لاسا تحركوا اعتراضا على قرار بهدم البناء، إذ قطع المحتجون الطريق من جهة قرية قهمز (آمز) باتجاه لاسا والطريق من بلدة الغابات باتجاه لاسا، بحسب الوكالة التي أفادت لاحقا بإعادة فتح طريق لاسا بعدما تدخلت فاعليات البلدة.
إزاء ذلك، باشر النائب العام الاستئنافي في جبل لبنان القاضي كلود كرم تحقيقاته في المخالفات، خلافا لإشارات النيابة العامة الاستئنافية في جبل لبنان، بحسب وكالة الأنباء الرسمية اللبنانية، مشيرة إلى «الاستماع إلى إفادات عدد من الشهود لمعرفة طبيعة المخالفات والمخالفين، في انتظار انتهاء التحقيق واتخاذ القرارات المناسبة». وبينما ذكرت معلومات صحافية أن القوى الأمنية منعت المقداد من استكمال أعمال بناء، بعدما باشر بتشييد سقف من الإسمنت، قال إنه استكمل أعمال التشييد «تحت أنظار عناصر قوى الأمن الداخلي، لأنني أمتلك رخصة قانونية صادرة عن دائرة التنظيم المدني، وليس البلدية». لكن مصادر متابعة للملف، قالت إن المقداد لم ينتظر القرار القضائي الآيل لحسم الخلاف حول ملكية العقار، علما بأن القرار بوقف العمل في هذا العقار صدر منذ عام 2012.
الجدير بالذكر أن لاسا بلدة تسكنها أغلبية شيعية، وتتوسط قرى تسكنها غالبية مسيحية، ويعد آل المقداد فيها من أكبر عائلات المنطقة. وبدأ النزاع قبل عامين حين قالت المطرانية المارونية في جونيه، إن أشخاصا من البلدة، يشيدون أبنية على عقارات تابعة لها في البلدة. ورحل الملف إلى القضاء اللبناني لحسم الخلاف على الملكية. وشهدت البلدة في ذلك الوقت اعتصامات واعتراضات من بعض السكان، مما دفع بالجيش اللبناني إلى وضع نقطة عسكرية له على مدخل البلدة. وكانت هذه الورشة التي وترت الوضع الأمني في لاسا، أمس، واحدة من مجموعة أبنية غير شرعية متنازع عليها. وتداولت مواقع إلكترونية معلومات بأن جزءا من البناء، قائم منذ عامين في العقار المتنازع على ملكيته، بعدما حصل على رخصة بناء، مما دفع المطرانية المارونية إلى الادعاء عليه وتمكنت من وضع إشارة قضائية لوقف أعمال البناء قبل عامين.
ويغلب على سكان لاسا انتماؤهم لـ«حزب الله» اللبناني، حيث تنتشر صور ثلاثة قتلى على الأقل لمقاتلين في «حزب الله» في البلدة، يعتقد أنهم قتلوا في سوريا.



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم