تواصل الجدل في تركيا حول مرسوم «الحصانة القضائية»

مخاوف من فتحه الباب لتشكيل ميليشيات تابعة للحكومة

تواصل الجدل في تركيا حول مرسوم «الحصانة القضائية»
TT

تواصل الجدل في تركيا حول مرسوم «الحصانة القضائية»

تواصل الجدل في تركيا حول مرسوم «الحصانة القضائية»

لا تزال تداعيات المرسوم الذي أصدرته الحكومة التركية بمنح حصانة قضائية للمدنيين الذين ساهموا في إحباط محاولة انقلاب، متواصلة بين الأوساط السياسية والقانونية.
ورغم أن المرسوم لم يشر في نصه تحديداً إلى محاولة الانقلاب في 2016، فإن الحكومة التركية أكدت أنه لن يشمل سوى هذا الحدث. وأثار المرسوم قلقا واسعا باعتبار أنه قد يعزز شعوراً بالإفلات من العقاب ويمهد لأعمال عنف لا تخضع للمحاسبة القضائية بحق أفراد متهمين بأنهم على صلة بمحاولة الانقلاب.
وكان في مقدمة من انتقدوا المرسوم، الصادر يوم الأحد الماضي، الرئيس التركي السابق عبد الله غل، الذي وصفه بأنه مثير للقلق، وقال عبر حسابه على «تويتر»: «آمل أن يعاد النظر في النص، لتجنب حصول تطورات مستقبلا من شأنها أن تصيبنا جميعا بالحزن».
من جانبه، أكد رئيس حزب الشعب الجمهوري، أكبر أحزاب المعارضة التركية، كمال كليتشدار أوغلو أن المرسوم تجاوز الدستور والبرلمان، وأن المحكمة الدستورية هي المسؤولة عن الأزمة الأخيرة التي تشهدها تركيا، قائلا إن «المسؤولية الرئيسية عن تجاهل البرلمان والدستور تقع على عاتق أعضاء المحكمة الدستورية».
وقال كليتشدار أوغلو إن المراسيم الصادرة بموجب حالة الطوارئ يجب أن تقتصر على إجراءات الطوارئ فقط، لافتا إلى أن رئيس البرلمان الذي «كان يجب أن يعترض على هذا المرسوم ظل صامتا، لأنه يدين بمقعده إلى القصر (قصر الرئاسة)».
وانتقد كليتشدار أوغلو كذلك مرسوما يقضي بإجراء تغيير في تشكيل مجلس الدولة والمحكمة العليا، قائلا إنه خطوة لتسليم السلطة القضائية إلى الحكومة، وجعل القضاء حديقة خلفية للحزب الحاكم، «لأنهم يبنون نظاما قانونيا يحميهم»، عادّاً أن ما يحدث الآن يذكره بانقلاب 12 سبتمبر (أيلول) عام 1980.
وقال كليتشدار أوغلو إنه «في ليلة 15 يوليو (تموز) 2016، تم إعدام (قتل) جنود من الجيش ليس بيدهم إصدار الأمر ولا سلطة لهم، فماذا كان خطؤهم؟ وقد قالوا إنهم أطاعوا الأوامر التي صدرت لهم». وتابع: «هم الآن يمنحون الحصانة لمرتكبي تلك الجريمة. وبعبارة أخرى، فإنهم يمنحونهم عفوا. وهذا مخالف للدستور»، لافتا إلى أن «سلطة منح العفو للمجرمين تقع تحت سلطة البرلمان». وأوضح أن هذا المرسوم يخلق ثغرة قانونية «لأنه يمكن لأي شخص أن يدعي على مجموعة من الناس أنهم إرهابيون ويقتلهم، ثم يحصل على العفو». وتابع: «إذا كان الأمر كذلك، فإن ذلك يعني أن الدولة ستحول أمنها إلى منظمات سرية. لا يمكنك تسليم أمن الدولة إلى فناء خلفي».
بدوره، تساءل المتحدث باسم حزب الشعب الجمهوري بولنت تزجان: «هل تسعون إلى إحراق تركيا؟»، مضيفاً أن حزبه سيلجأ إلى المحكمة الدستورية لطلب إلغاء المرسوم. وحذّر حقوقيون من خطورة هذه الخطوة، وأعلنت اتحادات المحامين الرئيسية في تركيا أن المرسوم يمكن أن يوفر حصانة لمواطنين لارتكاب عنف سياسي ضد معارضين للحكومة يشتبه في تورطهم في محاولة انقلاب فاشلة العام الماضي، كما أن الإجراء صيغ بشكل غامض.
ومنحت الحكومة التركية بالفعل الحصانة لمسؤولين العام الماضي من محاكمتهم على أعمال رسمية اتخذوها لإحباط محاولة الانقلاب. ومد المرسوم الصادر الأحد هذه الحصانة لتشمل المدنيين، سواء كان لهم توصيف وظيفي رسمي أم لا، وسواء كانوا قاموا بمهام رسمية أم لا.
وقال نقيب المحامين الأتراك متين فيزي أوغلو: «سيبدأ الناس في إطلاق النار على الرؤوس في الشوارع. كيف يمكن منع ذلك؟».
ويتخوف منتقدو القانون من أنه سيفسح المجال لإنشاء «ميليشيات تابعة للحكومة» تقمع أي تحرك معارض على اعتبار أنه امتداد للمحاولة الانقلابية. وقال فيزي أوغلو، موجها كلامه لإردوغان: «لقد جئت بفقرة تترك المدنيين يقتل بعضهم بعضا وينفذون الإعدام خارج إطار القانون، دون محاسبة ودون تعويض. هل أنت واع بما تفعله يا سيادة الرئيس؟».
من جانبه، أكد نائب رئيس الوزراء المتحدث باسم الحكومة بكير بوزداغ، أمس، أنه لا توجد حاجة لتعديل المرسوم، كما أكد وزير العدل عبد الحميد غل، أن الإجراء يشمل فقط الأفعال التي هدفت إلى منع محاولة الانقلاب، قائلا: «إذا قام مواطن بتعذيب شخص آخر خارج إطار محاولة الانقلاب، فستتمّ محاكمته».
وقتل نحو 250 شخصاً من غير الانقلابيين خلال محاولة الانقلاب التي نسبتها أنقرة إلى أنصار الداعية فتح الله غولن المقيم بأميركا منذ عام 1999. وقامت عناصر في قوات الأمن الموالية للرئيس رجب طيب إردوغان بإحباط المحاولة، وكذلك آلاف من المدنيين نزلوا إلى الشوارع بعد نداء وجهه إردوغان لمواجهة الانقلابيين.



كوريا الجنوبية: المحكمة الدستورية تبدأ النظر في مساءلة الرئيس

مبنى المحكمة في سيول (أ.ب)
مبنى المحكمة في سيول (أ.ب)
TT

كوريا الجنوبية: المحكمة الدستورية تبدأ النظر في مساءلة الرئيس

مبنى المحكمة في سيول (أ.ب)
مبنى المحكمة في سيول (أ.ب)

بدأت المحكمة الدستورية في كوريا الجنوبية، اليوم الاثنين، النظر في مساءلة الرئيس يون سوك يول؛ على خلفية محاولته قصيرة الأمد لفرض الأحكام العرفية، في الثالث من ديسمبر (كانون الأول) الحالي.

وتستهلّ المحكمة بذلك إجراءات لاتخاذ القرار حول ما إذا كانت ستعزل يون، في حين ينوي محققون استجوابه، هذا الأسبوع.

وقال المتحدث باسم المحكمة، في مؤتمر صحافي، إنها ستعقد أول جلسة عامة، في 27 ديسمبر الحالي، وذلك بعد اجتماع قضاة المحكمة الستة، لمناقشة خطط النظر في مساءلة الرئيس بهدف عزله، التي أقرّها البرلمان الذي تقوده المعارضة، يوم السبت الماضي.

وسيكون أمام المحكمة ما يصل إلى ستة أشهر لتقرر ما إذا كانت ستعزل يون من منصبه أم تعيده إليه.

وقال المتحدث إن أول جلسة ستكون «تحضيرية» لتأكيد الجوانب القانونية الرئيسية في القضية، والجدول الزمني، من بين أمور أخرى.

وأضاف أن يون غير مطالَب بحضور تلك الجلسة.

ويواجه يون وعدد من كبار المسؤولين اتهامات قد تشمل التمرد بسبب قرار الأحكام العرفية.

وقال مسؤول بالشرطة، لـ«رويترز»، إن فريقاً مشتركاً من محققي الشرطة ووزارة الدفاع ووكالة مكافحة الفساد، يعتزم استدعاء يون؛ لاستجوابه، يوم الأربعاء.

وأفادت وكالة «يونهاب» للأنباء بأن المحققين حاولوا تسليم المكتب الرئاسي ومقر إقامة الرئيس الرسمي مذكرة لاستدعاء يون للمثول أمامهم، لكن جهاز الأمن الرئاسي رفض تسلمها قائلاً إن ذلك ليس من اختصاصه.

وقالت «يونهاب» إن يون لم يمتثل، أمس الأحد، لأمر استدعاء، لاستجوابه، في إطار تحقيق منفصل من جانب مكتب المدعي العام. وأضافت أن يون عزا ذلك إلى أنه لم ينتهِ بعد من اختيار الفريق القانوني الذي سيتولى الدفاع عنه.