الأمم المتحدة: التعذيب سمة سائدة في السجون الليبية

14 ألف ليبي ولاجئ مودعون في مراكز حبس مكتظة وسط أحوال مزرية

الأمم المتحدة: التعذيب سمة سائدة في السجون الليبية
TT

الأمم المتحدة: التعذيب سمة سائدة في السجون الليبية

الأمم المتحدة: التعذيب سمة سائدة في السجون الليبية

قالت الأمم المتحدة أمس الجمعة إن نحو 14 ألف ليبي ولاجئ مودعون في سجون مكتظة في ليبيا وسط أحوال مزرية ودون اتباع إجراءات سليمة، وإن التعذيب سمة سائدة في تلك السجون.
وقال روبرت كولفيل المتحدث باسم مفوضية الأمم المتحدة لحقوق الإنسان في إفادة صحافية إن نحو نصف النزلاء ما زالت حريتهم مسلوبة دون مراعاة اتباع عملية سليمة، وكثيرون منهم محتجزون منذ تفجر الصراع الأهلي عام 2011 للإطاحة بمعمر القذافي.
وأضاف أن هناك 7000 لاجئ ومهاجر آخرين محتجزين، وكثيرون منهم من دول الشرق الأوسط أو جنوب الصحراء الكبرى ممن سافروا إلى ليبيا سعيا للوصول إلى أوروبا بطريق البحر.
وقال كولفيل - حسب وكالة رويترز - احتجاز اللاجئين والمهاجرين في ليبيا شائع وطويل الأمد وليس إجراء استثنائيا كما يقضي القانون الدولي. ومضى قائلا: «لا يملكون عادة الوسيلة للطعن في احتجازهم ويعانون أحوالا بالغة السوء وسط تكدس مزمن وعدم توافر الأحوال الصحية الأساسية. ويتعرضون أيضا لسوء المعاملة والاستغلال كعمالة».
وتابع أن جماعات مسلحة احتجزت البعض في منشآت احتجاز منفصلة يجب إخضاعها لسيطرة الحكومة، مشيرا إلى أن الأمم المتحدة وثقت في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي 27 حالة وفاة في الحجز مما يشير إلى تعرضهم لتعذيب.
وليبيا مهددة بالفوضى مع عجز الحكومة والبرلمان عن السيطرة على الميليشيات ورجال القبائل المسلحين والإسلاميين الذين ساعدوا على الإطاحة بالقذافي لكنهم يتحدون الآن سلطة الدولة.
وتخوض قوات غير نظامية وفصائل إسلامية في مدينة بنغازي اشتباكات منذ ثلاثة أسابيع. وقتل أكثر من 100 شخص في اشتباكات شبه يومية بعضها شاركت فيه طائرات هليكوبتر أو طائرات حربية وأصابت مناطق سكنية. وقال كولفيل: «لا يكاد يمر أسبوع دون اغتيالات أو كمائن تنصبها جماعات مسلحة لأناس وتقتلهم فيها، أو دون انفجار قنابل وما إلى ذلك». وتابع بقوله: «لذا فإن الوضع خطير للغاية وهذا مستمر طول الوقت بل يبدو أنه يزداد سوءا». وأوقفت اللجنة الدولية للصليب الأحمر عملياتها في ليبيا أول من أمس الخميس بعد أن قتل مسلحون مجهولون أحد عامليها السويسريين في سرت.
وندد كولفيل بالحادث وطالب السلطات بفتح تحقيق فوري غير منحاز ومستقل وضمان مثول كل من تتبين مسؤوليته أمام العدالة. وقال: «هذا أمر أساسي لضمان الالتزام بحكم القانون وعدم السماح لثقافة الحصانة بأن تزداد سوءا».
وبشأن الوضع الأمني المتردي في ليبيا قال متحدث باسم اللجنة الدولية للصليب الأحمر: «إن المنظمة ستعلق عملياتها في ليبيا فيما تحقق في مقتل أحد موظفيها هناك». وقتل السويسري مايكل جريب وهو رئيس وفد فرعي للجنة الدولية للصليب الأحمر بالرصاص الأربعاء في مدينة سرت الساحلية بعد أن غادر في سيارة لا تحمل أي علامات عقب اجتماع مع زميلين. وتنتشر الفوضى في البلد المنتج للنفط والذي يشهد اضطرابات ومشاحنات سياسية منذ الانتفاضة التي أطاحت بالقذافي. وتعمل مجموعة من الميليشيات المسلحة بعيدا عن سلطة الدولة.
وقال المتحدث باسم اللجنة الدولية للصليب الأحمر في جنيف فولدا - جابرئيل سوجيرون إن «من الصعب إلى حد ما معرفة ما إذا كانت المنظمة هي المستهدفة أم أن زميلنا هو المستهدف لأنه غربي. نحتاج فقط إلى وقف لعملياتنا». ويعمل لدى المنظمة الإنسانية أكثر من 160 موظفا في ليبيا يقدمون المساعدة للجرحى أو النازحين أو المتضررين بسبب الصراع ويدعمون عمل الهلال الأحمر الليبي.
وقال سوجيرون إنه من السابق لأوانه معرفة ما قد تفعله المنظمة على المدى الأبعد. وعد التلميح إلى أن الصليب الأحمر قد ينسحب تماما من ليبيا مجرد تكهنات. وقال: «هناك مجموعة من الاحتمالات إذا شعرت المنظمة بأنها مهددة بهجمات أخرى». لكنه عبر عن أمله في أن يمكن للمنظمة استئناف عملها في أقرب وقت ممكن.
وأطلق مسلحون أيضا قذيفة صاروخية على مكتب رئيس الوزراء أحمد معيتيق وحاولوا قتل اللواء السابق خليفة حفتر في هجوم انتحاري على قاعدته في بنغازي بشرق ليبيا الأربعاء الماضي.
ونكس علم الصليب الأحمر على مقر المنظمة في جنيف أمس حدادا على مقتل جريب (42 سنة) الذي سبق أن عمل في العراق والسودان واليمن وغزة.



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.