مسيحيو فلسطين يلغون المظاهر الاحتفالية بالميلاد

عباس حضر ورئيس وزرائه قداس منتصف الليل

عباس والحمد الله خلال حضورهما قداس منتصف الليل في بيت لحم (إ.ب.أ)
عباس والحمد الله خلال حضورهما قداس منتصف الليل في بيت لحم (إ.ب.أ)
TT

مسيحيو فلسطين يلغون المظاهر الاحتفالية بالميلاد

عباس والحمد الله خلال حضورهما قداس منتصف الليل في بيت لحم (إ.ب.أ)
عباس والحمد الله خلال حضورهما قداس منتصف الليل في بيت لحم (إ.ب.أ)

ألغت الطوائف المسيحية الفلسطينية في سائر البلدات المسيحية في فلسطين، من الجليل وحتى قطاع غزة، عبر القدس وبيت لحم، مظاهر الاحتفال في ساحة كنيسة المهد الليلة الماضية، والاحتفالات الفنية الأخرى بمناسبة أعياد الميلاد هذه السنة، والاكتفاء بالشعائر الدينية وقداس منتصف الليل، وذلك نصرة للقدس واحتجاجا على قرار الرئيس الأميركي، دونالد ترمب، اعتبار المدينة المقدسة عاصمة لإسرائيل.
وبحضور الرئيس الفلسطيني، محمود عباس، ورئيس حكومته، رامي الحمد الله، ووزير خارجية مالطا، كارميلو أبيلا، ووزيرة السياحة والآثار الأردنية، لينا عناب، وعدد من قناصل الدول والشخصيات الدينية والاعتبارية والوزراء، أكدّ الأب مانويل مسلم، مسؤول ملف العالم المسيحي في منظمة التحرير الفلسطينية، أن «الرسالة الأولى والأخيرة في مراسم عيد الميلاد هذا العام، هي أن القدس مدينة عربية إسلامية مسيحية محتلة، والعاصمة الأبدية لدولة فلسطين»، مشيرا إلى أن هذا الشعار «يرفع في شوارع مدينة بيت لحم وحاراتها».
وخلال القداس ألقى المدبر الرسولي للبطريركية اللاتينية في القدس، رئيس الأساقفة بيرباتيستا بيتسبالا، عِظة الميلاد، فحيا مشاركة الرئيس محمود عباس، وأكد على السلام وأهميته للمؤمنين، وقال لأصحاب السلطة: «تحلوا بالشجاعة وتجرأوا وجازفوا من أجله... ولا تخافوا أن تكونوا وحدكم ولا تتركوا رعاياكم».
كما شدد على أن «القدس هي مدينة السلام... وهي الأم التي تحب الجميع». ودعا بيتسبالا، إلى الصلاة من أجل القدس ومن أجل السلام، كما دعا القادة والسياسيين لحزم أمرهم، وأن تكون لهم رؤية واضحة، وأن يستمعوا دوما إلى المعذبين، معربا عن مخاوفه من عدم الأمان.
وجاء قرار إلغاء الاحتفالات وسط انخفاض ملحوظ في أعداد السياح الأجانب، وكذلك أعداد المسيحيين الفلسطينيين الذين توافدوا إلى بيت لحم لإحياء أعياد الميلاد المجيد، في حين حاصرت حواجز الجيش الإسرائيلي مدينة المهد، وحولت القدس إلى ثكنة عسكرية. وادعت سلطات الاحتلال أنها قررت استنفار قواتها على هذا النحو في سبيل حماية الاحتفالات بالميلاد. وقال متحدث باسم الشرطة إن هذه التعزيزات تستهدف تسهيل تحرك ووصول السياح والزوار إلى المدينة الفلسطينية الواقعة جنوب الضفة.
وتذمر أصحاب الفنادق والمتاجر السياحية والمطاعم في القدس وبيت لحم وبيت ساحور، من الانخفاض الحاد في عدد السياح، وشكوا من «انهيار موسم السياحة». وأقدمت وزارة السياحة الإسرائيلية على تحويل السياح والحجاج الأجانب إلى مدينة الناصرة في الجليل، التي ألغت هي أيضا الاحتفالات، ولكن فنادقها كانت مليئة بنسبة مائة في المائة، وشوهد فيها نحو 60 ألف سائح وزائر، نصفهم من اليهود الإسرائيليين.
وكانت السلطات الإسرائيلية قد سمحت لبضعة آلاف من المسيحيين الفلسطينيين في الضفة الغربية وقطاع غزة، بدخول إسرائيل لزيارة الناصرة والأماكن المسيحية المقدسة وأقربائهم فيها وفي قرى منطقتها. وقام وفد فلسطيني رسمي من محافظة جنين بزيارة معايدة لبلدة كفركنا، حيث حلّ الوفد ضيفاً على كنيسة الروم الكاثوليك. فاستقبلهم الأب الدكتور سيمون خوري، وعدد من وجهاء الطائفة والبلدة، وقد ترأس الوفد مفتي محافظة جنين الشيخ محمد أحمد أبو الرب، ورافقه من الغرفة التجارية أحمد نزال ورجل الأعمال محمد أبو الحسن، والمحاضر في الجامعة الأميركية العربية الدكتور إياد دلبح، والسيد محمد حسن أبو كارم. وقدم الوفد التهاني بمناسبة أعياد الميلاد المجيد وحلول رأس السنة الميلادية الجديدة، وتمنى المفتي «جني السعادة والخير لأبناء شعبنا الفلسطيني المحتفلين بميلاد السيد المسيح عليه السلام»، عادّاً أنّ «ولادة السيد المسيح تعني ولادة السلام والمحبة»، كما أكد باقي أعضاء الوفد أنّ «شعبنا حي وأنه يتواصل في المناسبات السعيدة، رغم الحواجز التي يضعها الاحتلال، على أمل أن يحتفل الجميع بقيام الدولة المستقلة وعاصمتها القدس الشريف».
من جانبه ثمّن خوري هذه الزيارة وشكر «الوفد على اللفتة الكريمة»، وتمنى قدس الأب خوري أن «يحل السلام العادل في ربوع منطقتنا».



رسائل السيسي لـ«طمأنة» المصريين تثير تفاعلاً «سوشيالياً»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
TT

رسائل السيسي لـ«طمأنة» المصريين تثير تفاعلاً «سوشيالياً»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)

حظيت رسائل «طمأنة» جديدة أطلقها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، خلال احتفال الأقباط بـ«عيد الميلاد»، وأكد فيها «قوة الدولة وصلابتها»، في مواجهة أوضاع إقليمية متوترة، بتفاعل واسع على مواقع التواصل الاجتماعي.

وقال السيسي، خلال مشاركته في احتفال الأقباط بعيد الميلاد مساء الاثنين، إنه «يتابع كل الأمور... القلق ربما يكون مبرراً»، لكنه أشار إلى قلق مشابه في الأعوام الماضية قبل أن «تمر الأمور بسلام».

وأضاف السيسي: «ليس معنى هذا أننا كمصريين لا نأخذ بالأسباب لحماية بلدنا، وأول حماية فيها هي محبتنا لبعضنا، ومخزون المحبة ورصيدها بين المصريين يزيد يوماً بعد يوم وهو أمر يجب وضعه في الاعتبار».

السيسي يحيّي بعض الأقباط لدى وصوله إلى قداس عيد الميلاد (الرئاسة المصرية)

وللمرة الثانية خلال أقل من شهر، تحدث الرئيس المصري عن «نزاهته المالية» وعدم تورطه في «قتل أحد» منذ توليه المسؤولية، قائلاً إن «يده لم تتلوث بدم أحد، ولم يأخذ أموال أحد»، وتبعاً لذلك «فلا خوف على مصر»، على حد تعبيره.

ومنتصف ديسمبر (كانون الأول) الماضي، قال السيسي في لقاء مع إعلاميين، إن «يديه لم تتلطخا بالدم كما لم تأخذا مال أحد»، في إطار حديثه عن التغييرات التي تعيشها المنطقة، عقب رحيل نظام بشار الأسد.

واختتم السيسي كلمته بكاتدرائية «ميلاد المسيح» في العاصمة الجديدة، قائلاً إن «مصر دولة كبيرة»، مشيراً إلى أن «الأيام القادمة ستكون أفضل من الماضية».

العبارة الأخيرة، التي كررها الرئيس المصري ثلاثاً، التقطتها سريعاً صفحات التواصل الاجتماعي، وتصدر هاشتاغ (#مصر_دولة_كبيرة_أوي) «التريند» في مصر، كما تصدرت العبارة محركات البحث.

وقال الإعلامي المصري، أحمد موسى، إن مشهد الرئيس في كاتدرائية ميلاد المسيح «يُبكي أعداء الوطن» لكونه دلالة على وحدة المصريين، لافتاً إلى أن عبارة «مصر دولة كبيرة» رسالة إلى عدم مقارنتها بدول أخرى.

وأشار الإعلامي والمدون لؤي الخطيب، إلى أن «التريند رقم 1 في مصر هو عبارة (#مصر_دولة_كبيرة_أوي)»، لافتاً إلى أنها رسالة مهمة موجهة إلى من يتحدثون عن سقوط أو محاولة إسقاط مصر، مبيناً أن هؤلاء يحتاجون إلى التفكير مجدداً بعد حديث الرئيس، مؤكداً أن مصر ليست سهلة بقوة شعبها ووعيه.

برلمانيون مصريون توقفوا أيضاً أمام عبارة السيسي، وعلق عضو مجلس النواب، محمود بدر، عليها عبر منشور بحسابه على «إكس»، موضحاً أن ملخص كلام الرئيس يشير إلى أنه رغم الأوضاع الإقليمية المعقدة، ورغم كل محاولات التهديد، والقلق المبرر والمشروع، فإن مصر دولة كبيرة وتستطيع أن تحافظ علي أمنها القومي وعلى سلامة شعبها.

وثمّن عضو مجلس النواب مصطفى بكري، كلمات السيسي، خاصة التي دعا من خلالها المصريين إلى التكاتف والوحدة، لافتاً عبر حسابه على منصة «إكس»، إلى مشاركته في الاحتفال بعيد الميلاد الجديد بحضور السيسي.

وربط مصريون بين عبارة «مصر دولة كبيرة» وما ردده السيسي قبل سنوات لقادة «الإخوان» عندما أكد لهم أن «الجيش المصري حاجة كبيرة»، لافتين إلى أن كلماته تحمل التحذير نفسه، في ظل ظهور «دعوات إخوانية تحرض على إسقاط مصر

وفي مقابل الكثير من «التدوينات المؤيدة» ظهرت «تدوينات معارضة»، أشارت إلى ما عدته تعبيراً عن «أزمات وقلق» لدى السلطات المصرية إزاء الأوضاع الإقليمية المتأزمة، وهو ما عدّه ناجي الشهابي، رئيس حزب «الجيل» الديمقراطي، قلقاً مشروعاً بسبب ما تشهده المنطقة، مبيناً أن الرئيس «مدرك للقلق الذي يشعر به المصريون».

وأوضح الشهابي، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أنه «رغم أن كثيراً من الآراء المعارضة تعود إلى جماعة الإخوان وأنصارها، الذين انتعشت آمالهم بعد سقوط النظام السوري، فإن المصريين يمتلكون الوعي والفهم اللذين يمكنّانهم من التصدي لكل الشرور التي تهدد الوطن، ويستطيعون التغلب على التحديات التي تواجههم، ومن خلفهم يوجد الجيش المصري، الأقوى في المنطقة».

وتصنّف السلطات المصرية «الإخوان» «جماعة إرهابية» منذ عام 2013، حيث يقبع معظم قيادات «الإخوان»، وفي مقدمتهم المرشد العام محمد بديع، داخل السجون المصرية، بعد إدانتهم في قضايا عنف وقتل وقعت بمصر بعد رحيل «الإخوان» عن السلطة في العام نفسه، بينما يوجد آخرون هاربون في الخارج مطلوبون للقضاء المصري.

بينما عدّ العديد من الرواد أن كلمات الرئيس تطمئنهم وهي رسالة في الوقت نفسه إلى «المتآمرين» على مصر.