«الوطني الحر» يوسع حضوره في طرابلس مقابل انكفاء وجوه مسيحية

يعول على تحالف انتخابي مع «المستقبل» لتعزيز تمثيله النيابي

TT

«الوطني الحر» يوسع حضوره في طرابلس مقابل انكفاء وجوه مسيحية

تتحضر الأحزاب المسيحية، كغيرها، لخوض الانتخابات في مدينة طرابلس، كبرى مدن شمال لبنان، من دون أن تكون لديها صورة واضحة عن التحالفات حتى الآن. فكل ما تفعله في هذا الصدد هو ترتيب القطاعات وتحضير القواعد تمهيدا لمواجهة غير عادية يفرضها قانون جديد على المواطنين لم يطلعوا أصلا على كامل تفاصيله.
وافتتح رئيس «التيار الوطني الحر» وزير الخارجية جبران باسيل الأسبوع الماضي، مكتباً للتيار في المدينة. ويأتي دخوله إلى المشهد، في ظل تخطيطه للتحالف مع تيار «المستقبل»، أكبر القوى السنية النافذة شعبياً في طرابلس، مما قد يشكل قوة انتخابية كبيرة.
ويقول مسؤول في «الوطني الحر» بطرابلس لـ«الشرق الأوسط»، إن «الجو السياسي في لبنان يقول حاليا إن التحالف سيكون مع (تيار المستقبل)، وهذا ما هو واضح في كل لبنان وسينسحب على طرابلس». ويضيف: «البحث في الأسماء يتم على مستوى القيادة في بيروت ونرى ارتداداته في طرابلس من حضور (المستقبل) في عشاء (التيار)»، مشيراً إلى أن «التواصل قائم ومستمر معهم».
والواضح أن هناك ميلاً لتوسيع نشاط «التيار» في المدينة؛ إذ إنه إضافة إلى مكتب جبل محسن الذي افتتح مؤخراً والمكتب السابق في الميناء، تم افتتاح مكتب هيئة قضاء «جديد» في شارع الجميزات، كما أن هناك خطة لافتتاح مكتبين آخرين قبل الانتخابات. ويقول المصدر نفسه إن الهدف «يتمثل في أن نبين أن قلب طرابلس مفتوح على الجميع، وليست منغلقة على أحد»، على حد قوله، مشيرا إلى أن «هناك نموا في عدد المنتسبين (للتيار) ويمكن أن نتحدث عن تضاعفه سنويا»، لافتاً إلى أن ما يتخطى 70 في المائة من المنتسبين الجدد «هم من الطائفة السنية في طرابلس».
ويقول المسؤول إن التواصل مع الأحزاب المسيحية الأخرى «يتم بحكم أننا أبناء مدينة واحدة ولنا هموم مشتركة، بالإضافة إلى أن العلاقات الشخصية التي تربط بعضنا ببعض تشكل جسرا دائما للتواصل».
وتتمثل طرابلس بثمانية نواب في البرلمان بينهم مسيحيان اثنان؛ ماورني وأرثوذكسي. ووفق قانون الانتخاب النافذ لدورة 2018، جُمِعت المدينة مع قضائي المنية والضنية وأصبح عدد الناخبين المسيحيين الإجمالي نحو 13 ألفا بينهم قرابة 5250 في عاصمة الشمال. وسيكون هؤلاء الناخبون أمام وجوه جديدة مع انكفاء كل من عضو كتلة «الكتائب اللبنانية» النائب الحالي سامر سعادة، والعضو المستقيل عن المقعد الأرثوذكسي روبير فاضل.
وقالت مصادر مطلعة لـ«الشرق الأوسط»، إن سعادة لن يترشح من جديد في المدينة مع صعود القوى المسيحية الأخرى والخلاف غير المعلن معها. إلا أن ذلك لا يعني أن الحزب اتخذ قراراً بالانسحاب من المدينة؛ إذ إن التحضيرات للانتخابات من قبله قائمة «حتى في طرابلس» على ما قال مصدر كتائبي مطلع، مضيفا أن «القرار النهائي يعود للمكتب السياسي للحزب، وهو سيتخذ بعد الأعياد على الأرجح».
من جهته، وعلى عكس المعلومات المتداولة في الأيام السابقة، يؤكد النائب المستقيل روبير فاضل في اتصال مع «الشرق الأوسط» أنه لن يترشح مجددا للانتخابات. ولدى سؤاله عن الأسباب قال إن الظروف التي حصلت عندما استقال من مجلس النواب (أيام 2016) لم تتغير؛ «وبالتالي لن أترشح مجددا»، علما بأن فاضل اعترض حينها على غياب التمثيل المسيحي في الانتخابات البلدية.
من جهته، يقول مصدر في تيار «المردة» إن «نتيجة الانتخابات في 2009 تؤكد حضور (تيار المردة) الكبير» في المدينة من خلال المرشح عن المقعد الأرثوذكسي رافلي دياب. ويضيف: «لدينا مرشح في طرابلس، ونحن مقتنعون تماما بأن وجودنا في المدينة على المستويات كافة وعلى امتداد جميع الطوائف، مما سيؤدي إلى فوز مرشحنا».
لكنه يرى في الوقت عينه أن الحديث عن التحالفات «ما زال مبكرا»، خصوصا أن «التيار» يتمتع بعلاقة مميزة مع كل الأفرقاء على الساحة الطرابلسية.
أما حزب «القوات اللبنانية» فهو ينتظر «ترميم العلاقة في المدى القريب» مع «المستقبل»، إضافة إلى اتصالات مفتوحة مع فعاليات طرابلسية كثيرة من مختلف التوجهات السياسية، وعمل ميداني مستمر في القطاعات الانتخابية.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».