تطورات أنظمة التعليم في 2017

تطورات أنظمة التعليم في 2017
TT

تطورات أنظمة التعليم في 2017

تطورات أنظمة التعليم في 2017

بدأ التحول الرقمي الذي طال مجالات الحياة كافة يؤثر بشكل فعال على المؤسسات التربوية وطرائق التعليم. وقد شهد العام المنصرم ترسيخ عدد من التوجهات الجديدة التي أصبحت متاحة بفضل التطورات التكنولوجية في مجالات متعلقة بالعملية التعليمية، من وسائل وطرائق وإدارة. ورغم تركز معظم هذه التطورات في الدول المتقدمة، فإن تأثيراتها بدأت تصل إلى العالم العربي أيضاً.
وأدى توفر التجهيزات والتطبيقات الذكية إلى تغيير جذري في تصميم الصف والبيئة التعليمية، مما يتيح للطلاب داخل الصف أن يعملوا بشكل تفاعلي وجماعي كفريق بحثي يستخدم وسائل التواصل والمعلومات المتاحة على الإنترنت، ويسهم في استخدام وإنتاج أنواع مختلفة من المحتوى الرقمي التفاعلي. كما أن دخول تقنيات العالم الافتراضي والمدمج، والذكاء الاصطناعي والرجل الآلي، وديناميات الألعاب، وتقنيات الفيديو والوسائط المتعددة، أدى إلى تطوير المحتوى، وأنتج بيئة تعلم جذابة وتفاعلية تتأقلم مع احتياجات وكفاءات كل طالب، وتحول معها دور المعلم من ناقل للمعرفة إلى مسهل لعملية التعلم، ومشرف على تطور الطلاب، كل حسب سرعته وكفاءته. وأصبح اعتماد التعليم المدمج الذي يستخدم التفاعل المباشر داخل الصف، والتعلم الإلكتروني وأجهزة الجوال ووسائل التواصل الاجتماعي، من الممارسات المألوفة في المدارس والجامعات. وهذا أتاح مجالات جديدة للتعلم خارج المدرسة، وإشراك الأهل بسهولة في العملية التعليمية.
كما أن توفر أنواع متعددة وغنية من المحتوى الإلكتروني المفتوح، والموارد المجانية، والتعليم الخصوصي الإلكتروني، أفسح المجال لنشوء أنماط جديدة من التعليم غير الرسمي، والتعلم المجتمعي الذي يكمل ويدعم أنظمة التعليم النظامي، وأحياناً يحل محلها. كما تم تطوير أنماط جديدة من التقييم المستمر المدمج في العملية التعليمية، وأصبح من الضروري تنمية المهارات والمواهب، ومستويات أعلى من التفكير الإبداعي والنقدي، ومنهجيات مبتكرة لحل المشكلات، لإنتاج جيل من المتعلمين قادر على التعامل مع الكم الهائل المتنامي من المعلومات والمعارف الجديدة، وجاهز للتعامل مع مشكلات جديدة لم تكن معروفة من قبل، باستخدام تقنيات مستقبلية لم تكتشف بعد، في عالم متغير بسرعة وبشكل دائم. كما أن دخول هذا الكم الكبير من التقنيات والأساليب والتطبيقات فرض على المؤسسات التعليمية في العالم المتقدم اعتماد تقنيات حديثة للإدارة والإحصاء والمتابعة، تعتمد على أحدث تطبيقات علم البيانات وإدارتها وتحليلها، لتفعيل عمليات التخطيط والتطوير واتخاذ القرار.
وكان من نتائج هذه التطورات ظهور أنماط جديدة من التعليم الذكي والمدمج، أو حتى الإلكتروني، وظهور المزيد من التطبيقات والأساليب التعليمية التي تعتمد على التقنيات الجديدة الذكية. فبالإضافة إلى ازدياد عدد برامج التعليم الإلكتروني في معظم الجامعات الغربية، شهد هذا العام توسعاً كبيراً في مبادرات «موكس» (Moocs) للتعليم الإلكتروني شبه المجاني من قبل مئات الجامعات الرائدة في أميركا وكندا وأوروبا. كما ازدهرت حركة المحتوى الإلكتروني المفتوح (OER) المتاح للاستخدام من قبل أي كان، وقد تم إنتاج واعتماد ملايين المصادر الإلكترونية لكل الاختصاصات والفئات العمرية. وازدهرت أيضاً خدمات التعليم غير النظامي والتعليم الخصوصي الإلكتروني. ورغم أن كل هذا التطور ترافق مع نسب مختلفة من المخاوف من تحويل التعليم إلى سلعة تجارية، تلغي مع الوقت التفاعل الإنساني في العملية التربوية، فإن مواكبة مؤسسات الاعتماد لهذه التطورات، وإنتاج معايير عالمية معاصرة لاعتماد وتنظيم هذه الأنماط الحديثة والمبتكرة من التعليم، قد واكب تطورها السريع، وأفسح المجال أمام الإبداع والتجديد في هذه المجالات.
في المقابل، لم تستطع مؤسسات الاعتماد ووزارات التربية والتعليم في العالم العربي مواكبة هذه التطورات، وبقيت على أنماط الاعتماد التقليدية، مما أعاق التقدم السريع في العالم العربي، ومواكبة التطورات العالمية. ورغم ذلك، فقد بدأت تأثيرات هذه التطورات السريعة بالوصول إلى الدول العربية بنسب متفاوتة. فنجد أن عدداً من الجامعات بدأت بتحويل جزء من برامجها إلى برامج إلكترونية ذكية، تقدم جزئياً أو كلياً بشكل إلكتروني، دون الحاجة إلى الحضور المباشر إلى حرم الجامعة، كما هو الحال في بعض برامج جامعة حمدان بن محمد الذكية في دبي، أو الجامعة الأميركية في بيروت.
كما نجد توجهات لتحويل المناهج المدرسية في بعض الدول، مثل لبنان والأردن ودولة الإمارات العربية المتحدة، إلى مناهج رقمية تفاعلية، تغني العملية التعليمية داخل المدرسة، وتدعم عملية التعلم الذاتي للطلاب من أي مكان. وهذا التوجه مرشح للانتشار أكثر في السنوات المقبلة في كثير من الدول الأخرى، مثل قطر والسعودية ومصر وغيرها. وقد شهدنا أيضاً توسيع برامج التعلم الذاتي الإلكتروني على مستوى التعلم المستمر للكبار، كما يحصل في مؤسسة «إدراك» في الأردن، وهي من أولى مؤسسات «موكس» العربية.
وقد بدأت بعض المؤسسات الخاصة بابتكار أساليب متطورة للتعليم، تعتمد على الذكاء الاصطناعي في إنتاج محتوى إلكتروني ذكي، وبيئة تعليمية مرنة وذكية، كمشروع «ألف» في أبوظبي. وقد شهد هذا العام أيضاً إطلاق مبادرات عربية رائدة، مثل مبادرة محمد بن راشد في الإمارات لتعريب «أكاديمية خان» العالمية، التي تقدم المواد العلمية المدرسية بشكل إلكتروني تفاعلي، ومبادرة محمد بن راشد لإنتاج مليون مبرمج عربي.
وتنبئ هذه التطورات العالمية والعربية بأن ثورة جديدة في أنظمة التعليم أصبحت على الأبواب، ولم تعد خياراً للترف، بل قدراً لكل مجتمع يريد أن يدخل إلى عصر المعرفة، ويسهم في الثورة المعرفية المستقبلية.
- خبير تعليمي


مقالات ذات صلة

دراسة تكشف: مدرستك الثانوية تؤثر على مهاراتك المعرفية بعد 60 عاماً

الولايات المتحدة​ دراسة تكشف: مدرستك الثانوية تؤثر على مهاراتك المعرفية بعد 60 عاماً

دراسة تكشف: مدرستك الثانوية تؤثر على مهاراتك المعرفية بعد 60 عاماً

أظهر بحث جديد أن مدى جودة مدرستك الثانوية قد يؤثر على مستوى مهاراتك المعرفية في وقت لاحق في الحياة. وجدت دراسة أجريت على أكثر من 2200 من البالغين الأميركيين الذين التحقوا بالمدرسة الثانوية في الستينات أن أولئك الذين ذهبوا إلى مدارس عالية الجودة يتمتعون بوظيفة إدراكية أفضل بعد 60 عاماً، وفقاً لشبكة «سكاي نيوز». وجد الباحثون أن الالتحاق بمدرسة مع المزيد من المعلمين الحاصلين على تدريب مهني كان أوضح مؤشر على الإدراك اللاحق للحياة. كانت جودة المدرسة مهمة بشكل خاص للمهارات اللغوية في وقت لاحق من الحياة. استخدم البحث دراسة استقصائية أجريت عام 1960 لطلاب المدارس الثانوية في جميع أنحاء الولايات المتحدة

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
العالم العربي مصر: نفي رسمي لـ«إلغاء مجانية» التعليم الجامعي الحكومي

مصر: نفي رسمي لـ«إلغاء مجانية» التعليم الجامعي الحكومي

نفت الحكومة المصرية، أمس السبت، عزمها «إلغاء مجانية التعليم الجامعي»، مؤكدة التزامها بتطوير قطاع التعليم العالي. وتواترت أنباء خلال الساعات الماضية حول نية الحكومة المصرية «إلغاء مجانية التعليم في الجامعات الحكومية»، وأكد مجلس الوزراء المصري، في إفادة رسمية، أنه «لا مساس» بمجانية التعليم بكل الجامعات المصرية، باعتباره «حقاً يكفله الدستور والقانون لكل المصريين».

إيمان مبروك (القاهرة)
«تشات جي بي تي»... خصم وصديق للتعليم والبحث

«تشات جي بي تي»... خصم وصديق للتعليم والبحث

لا يزال برنامج «تشات جي بي تي» يُربك مستخدميه في كل قطاع؛ وما بين إعجاب الطلاب والباحثين عن معلومة دقيقة ساعدهم «الصديق (جي بي تي)» في الوصول إليها، وصدمةِ المعلمين والمدققين عندما يكتشفون لجوء طلابهم إلى «الخصم الجديد» بهدف تلفيق تأدية تكليفاتهم، لا يزال الفريقان مشتتين بشأن الموقف منه. ويستطيع «تشات جي بي تي» الذي طوَّرته شركة الذكاء الصناعي «أوبن إيه آي»، استخدامَ كميات هائلة من المعلومات المتاحة على شبكة الإنترنت وغيرها من المصادر، بما في ذلك حوارات ومحادثات بين البشر، لإنتاج محتوى شبه بشري، عبر «خوارزميات» تحلّل البيانات، وتعمل بصورة تشبه الدماغ البشري. ولا يكون النصُّ الذي يوفره البرنامج

حازم بدر (القاهرة)
تحقيقات وقضايا هل يدعم «تشات جي بي تي» التعليم أم يهدده؟

هل يدعم «تشات جي بي تي» التعليم أم يهدده؟

رغم ما يتمتع به «تشات جي بي تي» من إمكانيات تمكنه من جمع المعلومات من مصادر مختلفة، بسرعة كبيرة، توفر وقتاً ومجهوداً للباحث، وتمنحه أرضية معلوماتية يستطيع أن ينطلق منها لإنجاز عمله، فإن للتقنية سلبيات كونها قد تدفع آخرين للاستسهال، وربما الاعتماد عليها بشكل كامل في إنتاج موادهم البحثية، محولين «تشات جي بي تي» إلى أداة لـ«الغش» العلمي.

حازم بدر (القاهرة)
العالم العربي بن عيسى يشدد على أهمية التعليم لتركيز قيم التعايش

بن عيسى يشدد على أهمية التعليم لتركيز قيم التعايش

اعتبر محمد بن عيسى، الأمين العام لمؤسسة منتدى أصيلة، ووزير الخارجية المغربي الأسبق، أن مسألة التعايش والتسامح ليست مطروحة على العرب والمسلمين في علاقتهم بالأعراق والثقافات الأخرى فحسب، بل أصبحت مطروحة حتى في علاقتهم بعضهم ببعض. وقال بن عيسى في كلمة أمام الدورة الحادية عشرة لمنتدى الفكر والثقافة العربية، الذي نُظم أمس (الخميس) في أبوظبي، إن «مسألة التعايش والتسامح باتت مطروحة علينا أيضاً على مستوى بيتنا الداخلي، وكياناتنا القطرية، أي في علاقتنا ببعضنا، نحن العرب والمسلمين».

«الشرق الأوسط» (أبوظبي)

جامعة أوكلاند النيوزيلندية... حرية أكاديمية وتاريخ مثير للجدل

جامعة أوكلاند النيوزيلندية... حرية أكاديمية وتاريخ مثير للجدل
TT

جامعة أوكلاند النيوزيلندية... حرية أكاديمية وتاريخ مثير للجدل

جامعة أوكلاند النيوزيلندية... حرية أكاديمية وتاريخ مثير للجدل

تعد جامعة أوكلاند أكبر جامعة في نيوزلندا، وتقع في مدينة أوكلاند. وتأسست الجامعة في عام 1883 بصفتها هيئة تأسيسية تابعة لجامعة نيوزيلندا، وتتكون الجامعة من ثماني كليات موزعة على ستة أفرع، ويبلغ عدد الطلاب نحو 40 ألفا.
وكانت الجامعة تجري القليل من الأبحاث حتى ثلاثينات القرن الماضي، عندما ازداد الاهتمام بالأبحاث الأكاديمية خلال فترة الكساد الاقتصادي. وعند هذه المرحلة، أصدر المجلس التنفيذي للكلية عددا من القرارات التي تتعلق بالحرية الأكاديمية بعد الإقالة المثيرة للجدل للمؤرخ النيوزيلندي جون بيغلهول (ويقال إن سبب الإقالة خطاب أرسله إلى إحدى الصحف يدافع فيه عن حق الشيوعيين في نشر آدابهم في المجال العام)، الأمر الذي ساعد في تشجيع نمو الكلية وأبحاثها.
وافتتحت الملكة إليزابيث الثانية مبنى كلية الطب الجديدة في غرافتون بتاريخ 24 مارس (آذار) من عام 1970.
وفي مايو (أيار) لعام 2013 ابتاعت الجامعة موقعا تبلغ مساحته 5 أفدنة لصالح حرم الجامعة بالقرب من منطقة المال والأعمال الرئيسية في نيوماركت. وسوف يوفر الموقع المشترى للجامعة إمكانية التوسع على مدى الخمسين عاما المقبلة مع كلية الهندسة التي تتخذ مكانها بصفتها أولى كليات الحرم الجامعي الجديد اعتبارا من عام 2014. وتعتبر جامعة أوكلاند من أفضل الجامعات في نيوزيلندا، وفقا لآخر إصدار من تقرير التصنيفات الجامعية العالمية.
ولقد هبطت مرتبة الجامعة درجة واحدة فقط على الصعيد العالمي في العام الماضي، وهي تحتل الآن المرتبة 82 بين أفضل جامعات العالم، لكنها تعتبر الأفضل في البلاد رغم ذلك.
ومن بين مؤشرات التصنيف الجامعية الستة والمستخدمة في تقييم الجامعات العالمية، أحرزت جامعة أوكلاند أعلى الدرجات من حيث السمعة الأكاديمية التي تحتل الجامعة بسببها المرتبة 56 على العالم.
ويأتي هذا الترتيب نتيجة للأداء القوي للجامعة على مؤشر التصنيفات الجامعية العالمية لعام 2017، حيث حازت على مرتبة مميزة بين أفضل عشرين جامعة في العالم بالنسبة لعلوم الآثار والتعليم.
كان روجر كيرتس غرين، البروفسور الفخري لعصور ما قبل التاريخ، وحتى وفاته في عام 2009 من أقدم أعضاء هيئة التدريس بالجامعة، وهو الحاصل على درجة البكالوريوس من جامعة نيومكسيكو، ودرجة الدكتوراه من جامعة هارفارد، وزميل الجمعية الملكية في نيوزيلندا. ولقد كان عضوا في هيئة التدريس من عام 1961 حتى 1966، ثم من عام 1973 حتى وفاته، وعضو هيئة التدريس الأطول من حيث سنوات الخدمة وغير المتقاعد هو برنارد براون الحائز على وسام الاستحقاق النيوزيلندي، ودرجة البكالوريوس في القانون من جامعة ليدز، ودرجة الماجستير (التخصص) في القانون من جامعة سنغافورة. ولقد كان محاضرا متفرغا في كلية الحقوق بالجامعة من عام 1962 حتى 1965، ثم من عام 1969 فصاعدا، أما ويليام فيليبس، وهو من أبرز خبراء الاقتصاد المؤثرين والمعروف بمنحنى فيليبس الشهير، فقد كان يدرس في الجامعة من عام 1969 حتى وفاته في عام 1975، وعكف روبرت جنتلمان وروس إيهاكا في تسعينات القرن الماضي على تطوير لغة «R» للبرمجة الحاسوبية في الجامعة، التي تستخدم على نطاق واسع من قبل علماء الإحصاء والبيانات.