3 عوامل تحدد أفضل جامعات العالم... واللحاق بها ليس سهلاً

3 عوامل تحدد أفضل جامعات العالم... واللحاق بها ليس سهلاً
TT

3 عوامل تحدد أفضل جامعات العالم... واللحاق بها ليس سهلاً

3 عوامل تحدد أفضل جامعات العالم... واللحاق بها ليس سهلاً

مع مشارف عام 2018، تظهر تصنيفات معدلة لأفضل جامعات العالم، وتسعى بقية الدول للحاق بها وتقليدها، دون جدوى في معظم الأحوال. فمجموعة النخبة، بغض النظر عن ترتيبها، تحتل القمة منذ سنوات، ولا تختفي منها أسماء مرموقة مثل معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا وهارفارد وستانفورد وأكسفورد وكامبريدج. فما الذي يجعل هذه النخبة تستمر في التفوق؟ وما المعادلة السحرية التي نجحت بها في تحقيق النجاح عاماً بعد عام؟
من ناحية أخرى، نجد أن الجامعات العربية ما زالت تعاني من تراجع ترتيبها العالمي، على الرغم من أنها عميقة في جذورها، ويصل تاريخ إحداها إلى ألف عام! فما أسباب التراجع؟ في معظم الأحيان، تكون الأسباب واضحة، وهي عكس أسباب التفوق في جامعات النخبة في العالم. ومع ذلك، لا تستطيع بعض الجامعات العربية الخروج من نطاق ترتيبها العالمي لأسباب تكون أحياناً خارجة عن إرادة إداراتها.
بعض الدراسات التي أجريت حول أسباب تفوق جامعات العالم، ومنها دراسة من البنك الدولي صدرت عام 2009 تحت عنوان «التحديات التي تواجه تأسيس جامعات عالمية»، من تأليف جميل السلمي منسق التعليم في البنك، وذكرت 3 عوامل:
أول هذه العوامل أن هذه الجامعات تضم تركيزاً عالياً من الأساتذة والباحثين والطلبة الموهوبين. وفي أغلب الأحيان، تقوم هذه الجامعات باختيار أستاذتها وطلبتها وباحثيها من مواقع مختلفة في العالم، بغض النظر عن الجنسية أو الحدود، فالتركيز يكون فقط على الموهبة الأكاديمية، بغض النظر عن بلد المنشأ، بالإضافة إلى الانفتاح على كل الأفكار الجديدة.
جامعة كولومبيا، على سبيل المثال، لديها 23 في المائة من الطلبة الأجانب، وستانفورد 21 في المائة، وأكسفورد 19 في المائة، وكامبريدج 18 في المائة. كما تستقطب الجامعات الأميركية في مجموعة النخبة كثيراً من الأستاذة الأجانب، منها معهد كاليفورنيا للتكنولوجيا الذي يضم 37 في المائة من الأجانب بين أساتذته.
والعامل الثاني هو مصادر التمويل. فجامعات النخبة لديها كثير من الموارد، منها أموال حكومية للمسائل الإدارية والأبحاث، والمؤسسات العامة والخاصة التي تريد أبحاثاً في مجالات معينة، بالإضافة إلى موارد أوقاف ومنح ومصاريف الدراسة من الطلبة. ويصل التمويل الخارجي في أرقى الجامعات الأميركية إلى 40 ألف دولار للطالب الواحد، مقارنة بنحو ألف دولار للطالب الواحد في الجامعات العادية خارج مجموعة النخبة.
وهناك أيضاً جامعات تنشط في تدبير التمويل الذاتي من كثير من المصادر، وبعضها يلجأ إلى الخريجين القدامى لتقديم الدعم عرفاناً بالجميل. وتوجد مكاتب تمويل دائمة في الجامعات المرموقة توفر لها القدرات المالية المطلوبة التي تجذب بها أفضل الخبرات العلمية لضمها لطاقمها التعليمي.
العامل الثالث في نجاح جامعات النخبة يجمع بين عناصر الحرية والقيادة والاعتماد على الذات. فجامعات النخبة تنمو في مناخ يشجع على المنافسة والتفكير العلمي غير المحدود، والفكر الانتقادي، والتجديد والابتكار والقيادة. ولا تلتزم جامعات النخبة بالبيروقراطية المقيدة لحركتها، وهي تدير مواردها بكفاءة، وتتفاعل بسرعة ومرونة مع متغيرات عالم ديناميكي حولها.
والواضح من هذه العوامل أن الدول النامية مثلاً لا تستطيع أن تجاري هذه الموارد المالية، في وقت لا يوجد فيها ما يكفي لبقية نظم التعليم التي تحتاج إلى أساسيات التمويل لمدرسيها ومنشآتها. ولذلك تركز معظم الدول على تأسيس جامعات وطنية أو معاهد تخصصية في المجالات التي تحتاج إليها.
وتحتاج الدول النامية إلى تفهم أن حلم تأسيس جامعات عالمية يمكن أن يتحقق على المدى الطويل، بلا تسرع في المغامرة، لأن هناك أولويات في التمويل يحتاجها نظام التعليم الإجمالي فيها. ومعظم جامعات النخبة بدأت في صيغة كليات صغيرة، وتطورت عبر الزمن ونمو موارد التمويل فيها. ويجب الاعتراف بأن عظمة الجامعات لا تكتسب ذاتياً، فلا يمكن أن تنجح جامعة تضفي على نفسها لقب «جامعة النخبة» لأن الألقاب تمنح من الاعتراف الدولي بمكانتها. فهناك كثير من المدارس والجامعات التي تمنح نفسها ألقاباً براقة، ولكن مثل هذه الألقاب لا تعني شيئاً مقابل اعتراف جهات محايدة بها، وفق تصنيف رسمي بنخبة جامعات العالم.
وفي أحدث ترتيب لأفضل جامعات العالم، وللمرة الأولى منذ 14 عاماً، لم يشمل تصنيف «تايمز» لأفضل جامعات العالم في 2018 جامعات أميركية على قائمته، واختارت المطبوعة هذا العام جامعتي أكسفورد وكامبريدج في المركزين الأول والثاني عالمياً. وفي المركز الثالث مكرر، جاءت جامعة ستانفورد ومعهد كاليفورنيا للتكنولوجيا، ثم تبعهما معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا، ثم جامعة هارفارد في المركز السادس، تليها جامعة برنستون وإمبريال كوليدج في لندن، وجامعة شيكاغو. وفي المركز العاشر المكرر، جاء معهد سويسرا للتكنولوجيا في زيوريخ، وجامعة بنسلفانيا.
وعلى المستوى العربي في عام 2018، وفق تصنيف «كيو إس»، تأتي الجامعة الأميركية في بيروت في المركز الأول، تليها جامعة الملك فهد للبترول والمعادن، ثم جامعة الملك سعود وجامعة الملك عبد العزيز. وفي المركز الخامس، تأتي جامعة الإمارات، ثم الجامعة الأميركية في القاهرة. وباستثناء الجامعتين الأميركية في بيروت والقاهرة، يمكن اعتبار أن الجامعات السعودية الثلاث ما زالت تسيطر على قمة لائحة الجامعات العربية في العام الجديد. وفي تصنيفات أخرى، مثل تصنيف «تايمز»، تقع الجامعات السعودية الثلاث في القمة، بينما تأتي الجامعة الأميركية في بيروت في المركز السابع، والجامعة الأميركية في القاهرة في المركز الثالث عشر.
وفي لائحة «تايمز»، تضم لائحة أفضل الجامعات العربية 8 جامعات من مصر، و4 من السعودية، و3 من كل من الأردن والمغرب والإمارات، و2 من تونس، وواحدة من لبنان والكويت وعمان والجزائر. وتبرز جامعات العلوم والتكنولوجيا في لائحة التفوق العربي، كما تشمل الجامعات المتفوقة نسبة ملحوظة من الطلبة الأجانب فيها، وتستقدم أفضل الأساتذة من أنحاء العالم المختلفة.


مقالات ذات صلة

دراسة تكشف: مدرستك الثانوية تؤثر على مهاراتك المعرفية بعد 60 عاماً

الولايات المتحدة​ دراسة تكشف: مدرستك الثانوية تؤثر على مهاراتك المعرفية بعد 60 عاماً

دراسة تكشف: مدرستك الثانوية تؤثر على مهاراتك المعرفية بعد 60 عاماً

أظهر بحث جديد أن مدى جودة مدرستك الثانوية قد يؤثر على مستوى مهاراتك المعرفية في وقت لاحق في الحياة. وجدت دراسة أجريت على أكثر من 2200 من البالغين الأميركيين الذين التحقوا بالمدرسة الثانوية في الستينات أن أولئك الذين ذهبوا إلى مدارس عالية الجودة يتمتعون بوظيفة إدراكية أفضل بعد 60 عاماً، وفقاً لشبكة «سكاي نيوز». وجد الباحثون أن الالتحاق بمدرسة مع المزيد من المعلمين الحاصلين على تدريب مهني كان أوضح مؤشر على الإدراك اللاحق للحياة. كانت جودة المدرسة مهمة بشكل خاص للمهارات اللغوية في وقت لاحق من الحياة. استخدم البحث دراسة استقصائية أجريت عام 1960 لطلاب المدارس الثانوية في جميع أنحاء الولايات المتحدة

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
العالم العربي مصر: نفي رسمي لـ«إلغاء مجانية» التعليم الجامعي الحكومي

مصر: نفي رسمي لـ«إلغاء مجانية» التعليم الجامعي الحكومي

نفت الحكومة المصرية، أمس السبت، عزمها «إلغاء مجانية التعليم الجامعي»، مؤكدة التزامها بتطوير قطاع التعليم العالي. وتواترت أنباء خلال الساعات الماضية حول نية الحكومة المصرية «إلغاء مجانية التعليم في الجامعات الحكومية»، وأكد مجلس الوزراء المصري، في إفادة رسمية، أنه «لا مساس» بمجانية التعليم بكل الجامعات المصرية، باعتباره «حقاً يكفله الدستور والقانون لكل المصريين».

إيمان مبروك (القاهرة)
«تشات جي بي تي»... خصم وصديق للتعليم والبحث

«تشات جي بي تي»... خصم وصديق للتعليم والبحث

لا يزال برنامج «تشات جي بي تي» يُربك مستخدميه في كل قطاع؛ وما بين إعجاب الطلاب والباحثين عن معلومة دقيقة ساعدهم «الصديق (جي بي تي)» في الوصول إليها، وصدمةِ المعلمين والمدققين عندما يكتشفون لجوء طلابهم إلى «الخصم الجديد» بهدف تلفيق تأدية تكليفاتهم، لا يزال الفريقان مشتتين بشأن الموقف منه. ويستطيع «تشات جي بي تي» الذي طوَّرته شركة الذكاء الصناعي «أوبن إيه آي»، استخدامَ كميات هائلة من المعلومات المتاحة على شبكة الإنترنت وغيرها من المصادر، بما في ذلك حوارات ومحادثات بين البشر، لإنتاج محتوى شبه بشري، عبر «خوارزميات» تحلّل البيانات، وتعمل بصورة تشبه الدماغ البشري. ولا يكون النصُّ الذي يوفره البرنامج

حازم بدر (القاهرة)
تحقيقات وقضايا هل يدعم «تشات جي بي تي» التعليم أم يهدده؟

هل يدعم «تشات جي بي تي» التعليم أم يهدده؟

رغم ما يتمتع به «تشات جي بي تي» من إمكانيات تمكنه من جمع المعلومات من مصادر مختلفة، بسرعة كبيرة، توفر وقتاً ومجهوداً للباحث، وتمنحه أرضية معلوماتية يستطيع أن ينطلق منها لإنجاز عمله، فإن للتقنية سلبيات كونها قد تدفع آخرين للاستسهال، وربما الاعتماد عليها بشكل كامل في إنتاج موادهم البحثية، محولين «تشات جي بي تي» إلى أداة لـ«الغش» العلمي.

حازم بدر (القاهرة)
العالم العربي بن عيسى يشدد على أهمية التعليم لتركيز قيم التعايش

بن عيسى يشدد على أهمية التعليم لتركيز قيم التعايش

اعتبر محمد بن عيسى، الأمين العام لمؤسسة منتدى أصيلة، ووزير الخارجية المغربي الأسبق، أن مسألة التعايش والتسامح ليست مطروحة على العرب والمسلمين في علاقتهم بالأعراق والثقافات الأخرى فحسب، بل أصبحت مطروحة حتى في علاقتهم بعضهم ببعض. وقال بن عيسى في كلمة أمام الدورة الحادية عشرة لمنتدى الفكر والثقافة العربية، الذي نُظم أمس (الخميس) في أبوظبي، إن «مسألة التعايش والتسامح باتت مطروحة علينا أيضاً على مستوى بيتنا الداخلي، وكياناتنا القطرية، أي في علاقتنا ببعضنا، نحن العرب والمسلمين».

«الشرق الأوسط» (أبوظبي)

جامعة ياغيلونيا البولونية... احتلها النازيون فأسست مؤسسة تعليمية سرية مناهضة

جامعة ياغيلونيا البولونية... احتلها النازيون فأسست مؤسسة تعليمية سرية مناهضة
TT

جامعة ياغيلونيا البولونية... احتلها النازيون فأسست مؤسسة تعليمية سرية مناهضة

جامعة ياغيلونيا البولونية... احتلها النازيون فأسست مؤسسة تعليمية سرية مناهضة

تم تصنيف جامعة ياغيلونيا في مدينة كراكوف البولندية كأفضل مؤسسة تعليمية جامعية في البلاد، إلى جانب كونها واحدة من أعرق الجامعات في العالم. بدأت قصتها عام 1364 عندما نجح الملك كازيمير الأعظم بعد سنوات طويلة في إقناع البابا أوربان الخامس بمنح تصريح لإنشاء مؤسسة للتعليم الجامعي في مدينة كراكوف، قام الملك بتمويلها بعائدات مناجم فياليتشكا الملحية القريبة.
بعد ثلاث سنوات كان الجرس يدق في أرجاء المؤسسة معلناً عن بدء الدروس والتي كانت في الفلسفة والقانون والطب. وبدأت الجامعة، التي كان أول اسم يطلق عليها هو أكاديمية كراكوف، في الازدهار والنجاح خلال القرن التالي عندما بدأت في تدريس الرياضيات واللاهوت والفلك، حيث جذبت تلك المواد الباحثين والدارسين البارزين من مختلف أنحاء أوروبا. وتطلب توسعها بخطى سريعة إنشاء حرم جامعي أكبر. وقد التحق نيكولاس كوبرنيكوس، الذي أحدث بعد ذلك ثورة في فهم الكون، بالجامعة منذ عام 1491 حتى 1495.
مع ذلك، لم يستمر ما حققته الجامعة من نجاح وازدهار لمدة طويلة كما يحدث طوال تاريخ بولندا؛ ففي عام 1939 احتل النازيون مدينة كراكوف وألقوا القبض على الأساتذة بالجامعة وقاموا بنقلهم إلى معسكري التعذيب زاكزينهاوسين، وداخاو؛ ولم يعد الكثيرون، لكن من فعلوا ساعدوا في تأسيس جامعة مناهضة سرية ظلت تعمل حتى نهاية الحرب. كذلك اضطلعت جامعة ياغيلونيا بدور في الاحتجاجات المناهضة للنظام الشمولي في الستينات والثمانينات، واستعادت حالياً مكانتها المرموقة كمؤسسة لتدريب وتعليم النخبة المتعلمة المثقفة في بولندا.
ساعد انضمام بولندا إلى الاتحاد الأوروبي عام 2004 في زيادة موارد الجامعة، وفتح أقسام جديدة، وإنشاء مرافق أفضل منها ما يسمى بـ«الحرم الجامعي الثالث» أو «الحرم الجامعي للذكرى الـ600» في منطقة بيخوفيسه. وبلغ عدد الملتحقين بالجامعة في 87 برنامجا دراسيا خلال العام الدراسي 2015-2016 47.494 طالباً.
وطوال قرون التحق خلالها عدد كبير من الطلبة بالجامعة، كان التحاق أول طالبة بالجامعة يمثل حدثاً بارزاً، حيث قامت فتاة تدعى نوفويكا، بالتسجيل في الجامعة قبل السماح للفتيات بالالتحاق بالجامعة بنحو 500 عام، وكان ذلك عام 1897، وتمكنت من فعل ذلك بالتنكر في زي شاب، وكانت الفترة التي قضتها في الدراسة بالجامعة تسبق الفترة التي قضاها زميل آخر لحق بها بعد نحو قرن، وكان من أشهر خريجي الجامعة، وهو نيكولاس كوبرنيكوس، الذي انضم إلى مجموعة عام 1492، وربما يشتهر كوبرنيكوس، الذي يعد مؤسس علم الفلك الحديث، بكونه أول من يؤكد أن الأرض تدور حول الشمس، وهو استنتاج توصل إليه أثناء دراسته في الجامعة، ولم ينشره إلا قبل وفاته ببضعة أشهر خوفاً من الإعدام حرقاً على العمود. من الطلبة الآخرين المميزين كارول فويتيالا، والذي يعرف باسم البابا يوحنا بولس الثاني، الذي درس في قسم فقه اللغة التاريخي والمقارن بالجامعة.