الرئيس الصيني يدعو لإعادة إحياء روح «طريق الحرير» لتعميق التعاون مع العرب

أكد أن بلاده ستتلقى واردات بقيمة عشرة تريليونات دولار خلال خمس سنوات

الرئيس جين بينغ يلقي كلمته الافتتاحية للدورة السادسة من الاجتماع الوزاري لمنتدى التعاون الصيني - العربي في بكين (رويترز)
الرئيس جين بينغ يلقي كلمته الافتتاحية للدورة السادسة من الاجتماع الوزاري لمنتدى التعاون الصيني - العربي في بكين (رويترز)
TT

الرئيس الصيني يدعو لإعادة إحياء روح «طريق الحرير» لتعميق التعاون مع العرب

الرئيس جين بينغ يلقي كلمته الافتتاحية للدورة السادسة من الاجتماع الوزاري لمنتدى التعاون الصيني - العربي في بكين (رويترز)
الرئيس جين بينغ يلقي كلمته الافتتاحية للدورة السادسة من الاجتماع الوزاري لمنتدى التعاون الصيني - العربي في بكين (رويترز)

دعا الرئيس الصيني شي خلال كلمته الافتتاحية للدورة السادسة من الاجتماع الوزاري لمنتدى التعاون الصيني - العربي إلى تعزيز العلاقات الصينية - العربية، مؤكدا أن السنوات المقبلة مرحلة حيوية للتنمية بالنسبة إلى كلا الجانبين الصيني والعربي، تجسدها روح طريق الحرير بكل معانيه.
وقال الرئيس جين بينغ أمام الشيخ جابر مبارك الحمد الصباح والدكتور نبيل العربي أمين عام جامعة الدول العربية، ورؤساء وفود عربية ضمن الحضور: «كلما التقيت الأصدقاء العرب، شعرت وكأني أجتمع مع الأصدقاء القدامى. إن هذا الإحساس بالتقارب جاء من المحبة والصدق في التعامل بيننا، ونشأ عبر التاريخ الطويل من التواصل بين الأمتين الصينية والعربية».
وأكد أن بلاده تعمل على وضع تخطيط عام لتعميق الإصلاح على نحو شامل، وتتمثل ركيزة من ركائز هذا التخطيط في تعزيز التعاون الدولي في أبعاد شاملة وعلى مستويات متعددة، وتوسيع دائرة القواسم المشتركة والمصالح المتبادلة والكسب المشترك مع مختلف الدول والمناطق بنظام اقتصادي منفتح أكثر استكمالا ونشاطا.
وأفاد بأن تجسيد روح طريق الحرير يعني تعزيز الاستفادة المتبادلة بين الحضارات، لا أفضلية لمختلف الحضارات، وإنما يزداد تنوع هذه الحضارات من خلال التواصل على قدم المساواة، ويقول القول الصيني: «تكامل الألوان يزيد من جمالها، وتناغم الألحان يزيد من هدوئها».
ظل الجانبان الصيني والعربي يلتزمان بموقف منفتح وجامع للتعامل بين بعضهما وبعض، ويتمسكان بالحوار والتواصل بدلا من النزاع والمجابهة، الأمر الذي يشكل نموذجا للتعايش المتناغم بين الدول التي تختلف بعضها عن بعض من حيث النظم الاجتماعية والمعتقدات والديانات والتقاليد الثقافية، مؤكدا أن تجسيد روح طريق الحرير يقصد به الالتزام بالتعاون والكسب المشترك.
وأوضح أنه في السنوات الخمس المقبلة ستدخل إلى الصين سلع وبضائع بقيمة إجمالية تتجاوز عشرة تريليونات دولار، بينما ستخرج من البلد أكثر من 500 مليار دولار من الاستثمار المباشر.
وقد بلغت قيمة البضائع التي استوردتها الصين في عام 2013 من الدول العربية أكثر من 140 مليار دولار وهو ما يساوي سبعة في المائة فقط من الواردات الصينية السنوية البالغة قيمتها تريليوني دولار، وبلغت الاستثمارات الصينية المباشرة في الدول العربية 2.2 مليار دولار لا تشكل إلا 2.2 في المائة فقط من الاستثمارات الصينية المباشرة التي ستصل قيمتها السنوية إلى 100 مليار دولار في الفترة المقبلة، فلا تعكس هذه المقارنة الإمكانيات الكبيرة فحسب، بل تبشر بالفرص الكثيرة.
إن الصين حريصة على تحقيق الالتقاء فيما بين التنمية فيها والتنمية في الدول العربية، بما يقدم دعما لما تعمل عليه الدول العربية من زيادة نسبة التوظيف وتعزيز العملية الصناعية ودفع التنمية الاقتصادية.
وأكد أنه يجب أن يجري تشارك الجانبين الصيني والعربي في بناء «الحزام» و«الطريق» بالالتزام بمبدأ التباحث والتضامن والتقاسم.
بحيث نتشاور ونستفيد من الأفكار المتنوعة من خلال «التباحث» لتجري مراعاة المصالح والاهتمامات لكلا الجانبين في عملية البناء وتجسيد حكمتنا وإبداعنا، ونوظف المزايا والقدرة والإمكانيات لكل منا من خلال «التضامن» لتعزيز عملية البناء بخطوات قد تكون صغيرة ولكن ثابتة، ونحقق توزيعا أكثر نفعا وتوازنا لنتائج عملية البناء على شعوب الجانبين من خلال «التقاسم»، ونبني مجتمعا صينيا عربيا ذا مصلحة مشتركة ومصير مشترك.
يجب أن يجري تشارك الجانبين الصيني والعربي في بناء «الطريق» برؤى ثاقبة وخطوات ثابتة. تتطلب الرؤى الثاقبة وضع التصميم على أعلى مستوى وحسن تخطيط الاتجاه والأهداف لتشكيل إطار تعاون «1+2+3».
«1» يمثل ضرورة اتخاذ التعاون في مجال الطاقة كالقاعدة الأساسية وإقامة علاقات التعاون الاستراتيجي الصينية - العربية في مجال الطاقة التي تتميز بالمنفعة المتبادلة والوثوقية والود الدائم من خلال تعميق التعاون في سلسلة صناعة النفط والغاز الطبيعي بأكملها والحفاظ على سلامة قنوات النقل للطاقة.
ويمثل «2» ضرورة اتخاذ مجالي البنية التحتية وتسهيل التجارة والاستثمارات كجناحين لتعزيز التعاون الصيني - العربي في مشاريع تنموية كبرى ومشاريع معيشية نموذجية ووضع ترتيبات نظامية تعزز التجارة والاستثمارات بين الجانبين.
وفي هذا السياق، يشجع الجانب الصيني الشركات الصينية على استيراد مزيد من المنتجات غير النفطية من الجانب العربي وتحسين الهيكلة التجارية بغية زيادة حجم التبادل التجاري الصيني - العربي من 240 مليار دولار للعام الماضي إلى 600 مليار دولار في السنوات العشر المقبلة. كما سيشجع الجانب الصيني الشركات الصينية على تعزيز استثماراتها في الدول العربية في مجالات الطاقة والبتروكيماويات والزراعة والتصنيع والخدمات، سعيا إلى زيادة رصيد الاستثمار الصيني غير المالي في الدول العربية من عشرة مليارات دولار للعام الماضي إلى أكثر من 60 مليار دولار خلال السنوات العشر المقبلة.
أما «3» فيقصد بضرورة الارتقاء بمستوى التعاون العملي الصيني - العربي في ثلاثة مجالات ذات تكنولوجيا متقدمة كنقاط اختراق تشمل الطاقة النووية والفضاء والأقمار الاصطناعية والطاقات الجديدة. ويمكن للجانبين بحث إقامة «المركز الصيني - العربي لنقل التكنولوجيا» والتشارك في بناء «مركز التدريب العربي للاستخدامات السلمية للطاقة النووية» وبحث مشروع تشغيل نظام «بيدو» الصيني لتحديد المواقع عبر الأقمار الاصطناعية في الدول العربية.
وإن «الخطوات الثابتة» تهدف إلى تحقيق الحصاد المبكر. قال المثل العربي: «خير القول ما صدقه الفعل». ويجب تسريع وتيرة التشاور والجهود لتنفيذ المشاريع طالما توفرت الرغبة المشتركة وبدأت الأعمال ذات الصلة، بما في ذلك منطقة التجارة الحرة بين الصين ومجلس التعاون الخليجي وصندوق الاستثمار الصيني - الإماراتي المشترك ومشاركة الدول العربية في بناء البنك الآسيوي لاستثمار البنية التحتية وغيرها، سعيا إلى تحقيق جميعها، واحدا واحدا، طالما أصبحت الظروف ناضجة. كلما ازدادت السرعة لتحقيق النتائج الملموسة في بناء «الحزام» و«الطريق»، ازدادت الحماسة لمختلف الأطراف، وتعزيز الدور الريادي والنموذجي لـ«الحزام» و«الطريق».
وأكد أن منتدى التعاون الصيني - العربي خيارا استراتيجيا من أجل مستقبل العلاقات الصينية - العربية على مدى بعيد. وبعد عشر سنوات من التطور، قد أصبح المنتدى إطارا فعالا لإثراء المقومات الاستراتيجية للعلاقات الصينية - العربية وتعزيز التعاون العملي بين الجانبين الصيني والعربي. وإن التشارك في بناء «الحزام» و«الطريق» يمثل فرصة جديدة ونقطة انطلاق جديدة لتطوير المنتدى.
وأضاف أنه من الضرورة بمكان التمسك بهذه الفرصة بوصفها عاملا لا غنى عنه لضمان التنمية المستدامة دون التوقف حاليا ومستقبليا.
واستدرك الرئيس قصة حية حدثت في مقاطعة تشجيانغ حيث عمل سابقا، ليروي: «أنشأ تاجر أردني اسمه مهند مطعما عربيا أصليا في مدينة ييوو التي يجتمع فيها عدد كبير من التجار العرب. وهو أتى بالأطعمة العربية الأصيلة وما تمثله من الثقافة العربية إلى هذه المدينة، كما استفاد من تطور وازدهار المدينة وحقق نجاحا لتجارته، حتى تزوج بفتاة صينية، واستقر في الصين. إن هذا الشاب الذي هو مثل أي شاب عربي يعمل على تحقيق الاندماج فيما بين حلمه الشخصي والحلم الصيني الذي يقف رمزا لمساعي جميع أبناء الشعب الصيني إلى السعادة والرفاهية، ويبذل جهودا دؤوبة بروح الإصرار، بما يكسب تجارب متنوعة ويجسد الانسجام المثالي بين (الحلم الصيني) و(الحلم العربي).
إن كلا من الأمتين الصينية والعربية صاحبة حضارة باهرة، وعاشت كلتاهما التعثرات مع تغير الزمان منذ العصر الحديث، فظل الجانبان يسعيان إلى تحقيق نهضة الأمة. فلنعمل يدا بيد لتجسيد روح طريق الحرير وتعميق التعاون الصيني - العربي، ونعمل معا على تحقيق الحلم الصيني والنهضة العربية، ونكافح من أجل القضية السامية للسلام والتنمية للبشرية جمعاء».



«ستاندرد آند بورز»: نمو قوي للإقراض في الإمارات بدعم من السياسة النقدية

منظر عام لبرج خليفة وأفق مدينة دبي (رويترز)
منظر عام لبرج خليفة وأفق مدينة دبي (رويترز)
TT

«ستاندرد آند بورز»: نمو قوي للإقراض في الإمارات بدعم من السياسة النقدية

منظر عام لبرج خليفة وأفق مدينة دبي (رويترز)
منظر عام لبرج خليفة وأفق مدينة دبي (رويترز)

توقعت وكالة «ستاندرد آند بورز غلوبال رايتنغز» في تقريرها عن توقعات القطاع المصرفي لدولة الإمارات العربية المتحدة لعام 2025 تحت عنوان «توازن النمو والمخاطر في ظل التوسع الاقتصادي»، أن يستمر النمو القوي للإقراض في عام 2025، بدعم من استمرار تيسير السياسة النقدية والبيئة الاقتصادية الداعمة، مشيرة إلى أن البنوك شهدت زيادة ملحوظة في الودائع خلال الأعوام الثلاثة الماضية، مما سيدعم زخم نموها القوي. ومع ذلك، فإن بعض الودائع خارجية وقد تكون عرضة للتقلبات بسبب جوانب الضعف الاقتصادية.

كما توقعت أن يظل نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي للإمارات قوياً في الفترة من 2025 إلى 2027 مع زيادة إنتاج النفط والغاز، بدعم من النشاط القوي في القطاع غير النفطي. وتعتقد أنه على الرغم من احتمال التعرض لتصعيد مفاجئ في التوترات الجيوسياسية الإقليمية ولانخفاضات كبيرة في أسعار النفط، فإن المخاطر الاقتصادية ستظل قابلة للإدارة بدعم من المرونة التي أظهرتها المنطقة خلال فترات انخفاض أسعار النفط وتفاقم عدم الاستقرار الجيوسياسي في الماضي.

استمرار تحسن جودة الأصول

بحسب الوكالة، من المتوقع أن تظل القروض المتعثرة وخسائر الائتمان في البنوك الإماراتية منخفضة، وذلك لأن الأداء القوي للقطاعات غير النفطية والخفض المتوقع الأسعار الفائدة سيساعدان في تحسين جودة الأصول الأساسية.

وعلى مدى العامين الماضيين، استخدمت البنوك ربحيتها العالية للاحتفاظ بمخصصات للقروض القديمة وقامت بشطبها، مما أدى إلى انخفاض قروض المرحلة الثالثة لأكبر 10 بنوك إلى 4 في المائة من إجمالي القروض كما في 30 سبتمبر (أيلول) منخفضة من أعلى مستوى لها في عام 2021 حين بلغ 6.1 في المائة.

بالإضافة إلى ذلك، أدى تحسن البيئة الاقتصادية إلى ارتفاع معدلات التحصيل من القروض المشطوبة، مما أسهم في خفض الخسائر الائتمانية الصافية.

كما تحسنت ربحية البنوك مع تشديد السياسة النقدية، حيث ساعد ارتفاع أسعار الفائدة في زيادة هوامش الأرباح. وتوقعت الوكالة أن تظل تكلفة المخاطر منخفضة، وبالتالي من المتوقع أن تظل ربحية البنوك مرتفعة، وإن بمستويات أقل من الذروة التي وصلت إليها في عام 2023.

الرسملة تظل عامل دعم

دَعَّمَ رأس المال القوي البنوك الإماراتية في السنوات الماضية، مع تعزيز هوامش رأس المال من خلال توليد رأس مال داخلي مدفوع بالربحية العالية ودعم المساهمين. كما تمتلك البنوك الإماراتية مركز أصول خارجية قوي، مما يخفف تأثير تقلبات أسواق رأس المال. وتمثل الودائع الأجنبية 29 في المائة من المطلوبات، فيما يشكل الاقتراض بين البنوك وتمويل السوق 20 في المائة. وعلى الرغم من المخاطر الجيوسياسية، تقدر الوكالة قدرة البنوك على تحمل الضغوط.

كما شهدت الإمارات ظهور البنوك الرقمية والتكنولوجيا المالية، مع زيادة في المنتجات الرقمية من البنوك التقليدية. وتمهد الموافقة على خطة تسجيل العملات المستقرة لإصدار العملات المدعومة بالدرهم الإماراتي. ومن المتوقع أن تكمل البنوك الجديدة وشركات التكنولوجيا المالية البنوك التقليدية، بينما يواصل مصرف الإمارات المركزي الحفاظ على استقرار النظام المصرفي وتشجيع التحول الرقمي.

ويمكن إدارة الإقراض المباشر من البنوك المحلية للقطاعات المعرضة لتحول الطاقة، حيث يمثل نحو 11 في المائة من إجمالي الإقراض في 2023، رغم التركيز العالي على النفط والغاز. كما أن التنويع الاقتصادي، والثروة العالية، والأصول السائلة الضخمة، وزيادة الاستثمار في الطاقة المتجددة، ستسهم في تقليل مخاطر الانتقال من المصادر الملوثة للكربون.

كما ارتفعت أسعار العقارات في الإمارات خلال الأربع سنوات الماضية، مع تسليم عدد كبير من الوحدات في الأشهر الـ12-24 المقبلة، مما قد يزيد من مخاطر فائض العرض. ومع ذلك، تظل المخاطر للبنوك محدودة لأن معظم المعاملات تتم نقداً، ويتم تمويل 30-40 في المائة من المبيعات الجاهزة عبر الرهن العقاري. كما انخفض انكشاف القطاع المصرفي على العقارات والبناء إلى 15 في المائة من إجمالي الإقراض في يونيو (حزيران) 2024، مقارنة بـ20 في المائة عام 2021.

التقييم لمخاطر القطاع المصرفي

ترى الوكالة اتجاهاً إيجابياً للمخاطر الاقتصادية في الإمارات بفضل الأداء القوي للاقتصاد غير النفطي، مما حسّن جودة الأصول المصرفية وقلل الخسائر الائتمانية. ويشير تصنيف الوكالة الائتماني للبنوك إلى استقرارها حتى عام 2025، مدعومة بنمو الإقراض والربحية المرتفعة، لكن هناك مخاطر من التوترات الجيوسياسية وتقلبات أسعار النفط.