ماكرون: سنلعب دور «المسهّل» للتفاوض ولا اعتراف بالدولة الفلسطينية اليوم

أبو مازن من باريس: مستمرون في مساعينا الدبلوماسية وهناك «بديل» للدور الأميركي

الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون يصافح الرئيس الفلسطيني محمود عباس في ختام مؤتمرهما الصحافي المشترك أمس (أ.ف.ب)
الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون يصافح الرئيس الفلسطيني محمود عباس في ختام مؤتمرهما الصحافي المشترك أمس (أ.ف.ب)
TT

ماكرون: سنلعب دور «المسهّل» للتفاوض ولا اعتراف بالدولة الفلسطينية اليوم

الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون يصافح الرئيس الفلسطيني محمود عباس في ختام مؤتمرهما الصحافي المشترك أمس (أ.ف.ب)
الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون يصافح الرئيس الفلسطيني محمود عباس في ختام مؤتمرهما الصحافي المشترك أمس (أ.ف.ب)

لن تقدِم فرنسا على «خطوة أحادية الجانب» للاعتراف بالدولة الفلسطينية، كما أن الرئيس الفلسطيني الذي اجتمع بنظيره إيمانويل ماكرون في قصر الإليزيه، لم يطلب منه ذلك، رغم سماع أصوات فلسطينية تحث باريس على القيام بهذه «الخطوة الشجاعة». أما الأسباب التي تدفع ماكرون إلى الامتناع عن ذلك، فقد أوضحها أمس، في المؤتمر الصحافي الذي أعقب الاجتماع مع الوفد الفلسطيني. وتجدر الإشارة إلى أن باريس، في عهد الرئيس السابق فرنسوا هولاند، التزمت على لسان وزير خارجيتها الأسبق لوران فابيوس، بالإقدام على الاعتراف من جانب واحد «إذا فشلت جهود فرنسا في إعادة إطلاق المفاوضات» بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي. والحال أن مساعي فرنسا لم تؤدِ إلى أي نتيجة، وبقي «مسار» السلام في حالة الموت السريري منذ ربيع عام 2014. ومنذ رحيل فابيوس عن وزارة الخارجية بداية عام 2016، أخذت مواقف فرنسا بالتراجع إلى أن اختفى موضوع الاعتراف.
في حديثه للصحافة، برر ماكرون رفضه السير في موضوع الاعتراف بمجموعة من الحجج، أولها أن ذلك سيعد «ردة فعل» على قرار الرئيس الأميركي الذي اعترف بالقدس عاصمة لإسرائيل وقرر نقل سفارة بلاده إليها من تل أبيب. والحال، يقول ماكرون، إنه «يرفض» أن يكون القرار الفرنسي «رهينة» لما تقرره واشنطن. فضلاً عن ذلك، فإن الرئيس الفرنسي يعتبر أن الإقدام على خطوة كهذه وفي هذه الظروف بالذات: «لن يكون له تأثير على الوضع الذي ننظر فيه»، إضافة إلى أنه «سيحشر» فرنسا في موقف وإلى جانب أحد المعسكرين، وهذا سيمنعها من التحدث إلى المعسكر الآخر، وبذلك تكون باريس قد ارتكبت الخطأ نفسه الذي ارتكبته واشنطن، لكن بالمقلوب. وفي أي حال، يعتبر ماكرون أن الحل «لا يمكن أن يأتي من الخارج» ويكون بـ«التسرع»، بل هو «بين أيدي الفلسطينيين والإسرائيليين». ولا شك أن فرنسا ستقدم على الاعتراف بالدولة الفلسطينية ولكن «في الوقت المناسب»، وهذا سيأتي «آلياً مع التوصل إلى حل سياسي» بحيث يكون «مفيداً لبناء السلام». باختصار، لا يريد الرئيس الفرنسي أن «يهمّش» ويتمسك بالقدرة على التحدث لكل الأطراف، كما أنه يرفض «اتخاذ قرار تحت ضغط الأحداث الخارجة عن خيارات الدبلوماسية الفرنسية».
بيد أن هذه الأسباب ليست الوحيدة التي تدفع ماكرون إلى الحذر. فعقب لقائه العاهل الأردني بداية الأسبوع المنقضي، أشار ماكرون إلى أنه توافق مع الملك عبد الله الثاني حول الحاجة إلى الانتظار بعض الوقت، (الملك عبد الله تحدث عن شهرين إلى ثلاثة أشهر)، حتى تُعرف تفاصيل «الخطة الأميركية» التي يجري الحديث عنها والتي تأجل الإفصاح عنها إلى أواخر الفصل الأول من عام 2018. وفي أي حال، ووفق مصادر دبلوماسية عربية في باريس، فإن واشنطن «طلبت من باريس عدم التحرك» قبل أن يعرف مصير خطتها. ومن جانب آخر، تعرف باريس أن أي جهود يمكن أن تبذلها من أجل أن يعود الطرفان إلى طاولة المفاوضات، لا حظ لها بالنجاح من غير موافقة ودعم أميركيين. ثم إن هناك أسبابا «محلية» تدفع الحكومة الفرنسية إلى التريث والانتظار، وأولها أنها تتعرض لضغوط من المجلس التمثيلي ليهود فرنسا لأن تحذو حذو الولايات المتحدة. يضاف إلى ذلك، أن حزب الرئيس ماكرون «الجمهورية إلى الأمام»، يسعى للفوز في 2019 ببلدية باريس التي ترأسها حالياً الاشتراكية آن هيدالغو. لذا؛ لا يستطيع أن يفرط بأصوات مناصري إسرائيل من المقيمين في العاصمة الفرنسية.
رغم هذه المعطيات، فإن باريس تريد أن تلعب دوراً، وهي «ناشطة ميدانياً وسياسياً». وباختصار، فإنها تريد أن تكون «مسهّلاً» و«مواكبة للطرفين» للعودة إلى طاولة المفاوضات، فضلاً عن أنها «صديقة لفلسطين» التي «ليست وحدها وسنقف إلى جانبها»، كما أنها صديقة للإسرائيليين. وفي الأساس، تتمسك باريس، وهذا ما شدد عليه ماكرون، بحل الدولتين وبالقدس عاصمة للطرفين، وبالمفاوضات طريقاً وحيدة للحل السياسي الذي لا بديل عنه. وعند سؤاله عما وعد به الرئيس عباس، رد ماكرون بأنه «التزم بكل وضوح القيام بكل ما يستطيعه» من أجل مساعدته في مساعي الوصول إلى الدولة الفلسطينية وبناء السلام. ووعد ماكرون بزيارة فلسطين العام المقبل (من غير تحديد تاريخ)، في حين سيسبقه إليها رئيس الحكومة ومجموعة من الوزراء من أجل اللقاء الحكومي الدوري؛ لغرض تعزيز العلاقات وتنشيط مجالات التعاون. وبذلك يكون الرئيس الفرنسي، كما قال، يعمل «بتواضع»، لكن «بكثير من الحزم والفاعلية من أجل السلام».
في باريس، حرص أبو مازن على إسماع مواقفه من قرار الرئيس ترمب مباشرة، وكرر أن واشنطن «أبعدت نفسها عن العملية السياسية»، و«لم تعد وسيطاً نزيهاً»، وبالتالي فإنه «لن يقبل أي خطة منها»، حيث إنها «خرقت القانون الدولي»، ولأنها لم تعد قادرة على أن «تقدم حلاً عادلاً» للنزاع الفلسطيني ــ الإسرائيلي. وامتنع عباس عن الإشارة إلى ما «تطبخه» واشنطن من أفكار. وتعقيباً على ما حصل قبل تصويت الجمعية العامة من تهديدات أميركية بقطع المساعدات عن الدول التي تصوت ضد الولايات المتحدة، رد عباس بقوله إنه «يأمل أن يتعظ الآخرون (أي الأميركيين) أن العالم لا يساق هكذا، أو أن تفرض عليه المواقف (السياسية) بالمال».
لكن ما البديل عن واشنطن وعن الدور الذي سعت لعقود لأن تنفرد به؟ يقول أبو مازن إنه «مستمر في المساعي السياسية» في كل أنحاء العالم ومع الجميع، وأنه يستند داخلياً إلى عامل جديد هو المصالحة الفلسطينية. أما البديل فيتعين البحث عنه، وفق الرئيس الفلسطيني، بين «دول كثيرة مهمة أيّدت موقفنا، ويمكنها أن تلعب دوراً من أجل تحقيق السلام في الشرق الأوسط». ولا شك أن أبو مازن كان يعني فرنسا ودولاً أوروبية والصين وروسيا وعواصم أخرى. وفي أي حال، فإن المقاربة النهائية التي يتبناها الرئيس الفلسطيني هي «الأسلوب السياسي وثقافة السلام»؛ ما يعني التخلي عن العنف نهائياً. ومن هنا، فإن ماكرون «هنأه» على مواقفه الرافضة للعنف «والتزام التهدئة». وفي أي حال، فإن ماكرون أدان مسبقاً اللجوء إلى العنف «من أي جهة أتى»، ما يعني أنه يخلط بين الفلسطيني الذي يحتج لسلبه أرضه وبين الجندي الإسرائيلي الذي يطلق عليه النار. ولم يفوّت عباس الفرصة للتنديد بالقمع الإسرائيلي الأعمى، ودليله على ذلك قتل مُقعَد فلسطيني بترت ساقاه وإصابته برصاصة في الرأس.
في ظل ذلك كله، لم ينس أبو مازن الموقف السعودي وهو كان قد وصل إلى باريس من الرياض، التي زارها والتقى فيها خادم الحرمين الشريفين وولي العهد. وقال أبو مازن إن السعودية «دعمت دائماً» الموقف الفلسطيني. ونقل عن الملك سلمان بن عبد العزيز وعن ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، أن «أزمة الشرق الأوسط لن تحل قبل أن تقوم دولة فلسطين وعاصمتها القدس الشرقية».
واضح اليوم أن الطرف الفلسطيني راكم النجاحات الدبلوماسية وحشد الدعم، للوقوف بوجه قرارات واشنطن المجحفة وأحادية الجانب. لكن السؤال الذي يبقى مطروحاً هو: كيف يمكن الخروج من الطريق المسدودة إزاء تمسك الإدارة الأميركية حتى الآن بقرارها؟ وهل يتعين انتظار «الإفراج» عن خطة السلام الأميركية التي يمكن أن توفر الفرصة حتى تصحح واشنطن «تسرعها»، بالإعلان مثلاً أن القدس الغربية هي عاصمة لإسرائيل، وأن القدس الشرقية ستكون مطروحة على طاولة التفاوض في مسائل الحل النهائي؟ الجوب فيما سيأتي من الأيام.



تقرير أممي: تدهور الأراضي الزراعية سيفقد اليمن 90 مليار دولار

اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
TT

تقرير أممي: تدهور الأراضي الزراعية سيفقد اليمن 90 مليار دولار

اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)

وضع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي سيناريو متشائماً لتأثير تدهور الأراضي الزراعية في اليمن إذا ما استمر الصراع الحالي، وقال إن البلد سيفقد نحو 90 مليار دولار خلال الـ16 عاماً المقبلة، لكنه وفي حال تحقيق السلام توقع العودة إلى ما كان قبل الحرب خلال مدة لا تزيد على عشرة أعوام.

وفي بيان وزعه مكتب البرنامج الأممي في اليمن، ذكر أن هذا البلد واحد من أكثر البلدان «عُرضة لتغير المناخ على وجه الأرض»، ولديه أعلى معدلات سوء التغذية في العالم بين النساء والأطفال. ولهذا فإنه، وفي حال استمر سيناريو تدهور الأراضي، سيفقد بحلول عام 2040 نحو 90 مليار دولار من الناتج المحلي الإجمالي التراكمي، وسيعاني 2.6 مليون شخص آخر من نقص التغذية.

اليمن من أكثر البلدان عرضة لتغير المناخ على وجه الأرض (إعلام محلي)

وتوقع التقرير الخاص بتأثير تدهور الأراضي الزراعية في اليمن أن تعود البلاد إلى مستويات ما قبل الصراع من التنمية البشرية في غضون عشر سنوات فقط، إذا ما تم إنهاء الصراع، وتحسين الحكم وتنفيذ تدابير التنمية البشرية المستهدفة.

وفي إطار هذا السيناريو، يذكر البرنامج الأممي أنه، بحلول عام 2060 سيتم انتشال 33 مليون شخص من براثن الفقر، ولن يعاني 16 مليون شخص من سوء التغذية، وسيتم إنتاج أكثر من 500 مليار دولار من الناتج الاقتصادي التراكمي الإضافي.

تحذير من الجوع

من خلال هذا التحليل الجديد، يرى البرنامج الأممي أن تغير المناخ، والأراضي، والأمن الغذائي، والسلام كلها مرتبطة. وحذّر من ترك هذه الأمور، وقال إن تدهور الأراضي الزائد بسبب الصراع في اليمن سيؤثر سلباً على الزراعة وسبل العيش، مما يؤدي إلى الجوع الجماعي، وتقويض جهود التعافي.

وقالت زينة علي أحمد، الممثلة المقيمة لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي في اليمن، إنه يجب العمل لاستعادة إمكانات اليمن الزراعية، ومعالجة عجز التنمية البشرية.

تقلبات الطقس تؤثر على الإنسان والنباتات والثروة الحيوانية في اليمن (إعلام محلي)

بدورها، ذكرت منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (فاو) أن النصف الثاني من شهر ديسمبر (كانون الأول) الحالي يُنذر بظروف جافة في اليمن مع هطول أمطار ضئيلة في المناطق الساحلية على طول البحر الأحمر وخليج عدن، كما ستتقلب درجات الحرارة، مع ليالٍ باردة مع احتمالية الصقيع في المرتفعات، في حين ستشهد المناطق المنخفضة والساحلية أياماً أكثر دفئاً وليالي أكثر برودة.

ونبهت المنظمة إلى أن أنماط الطقس هذه قد تؤدي إلى تفاقم ندرة المياه، وتضع ضغوطاً إضافية على المحاصيل والمراعي، وتشكل تحديات لسبل العيش الزراعية، وطالبت الأرصاد الجوية الزراعية بضرورة إصدار التحذيرات في الوقت المناسب للتخفيف من المخاطر المرتبطة بالصقيع.

ووفق نشرة الإنذار المبكر والأرصاد الجوية الزراعية التابعة للمنظمة، فإن استمرار الظروف الجافة قد يؤدي إلى تفاقم ندرة المياه، وزيادة خطر فترات الجفاف المطولة في المناطق التي تعتمد على الزراعة.

ومن المتوقع أيضاً - بحسب النشرة - أن تتلقى المناطق الساحلية والمناطق الداخلية المنخفضة في المناطق الشرقية وجزر سقطرى القليل جداً من الأمطار خلال هذه الفترة.

تقلبات متنوعة

وبشأن تقلبات درجات الحرارة وخطر الصقيع، توقعت النشرة أن يشهد اليمن تقلبات متنوعة في درجات الحرارة بسبب تضاريسه المتنوعة، ففي المناطق المرتفعة، تكون درجات الحرارة أثناء النهار معتدلة، تتراوح بين 18 و24 درجة مئوية، بينما قد تنخفض درجات الحرارة ليلاً بشكل حاد إلى ما بين 0 و6 درجات مئوية.

وتوقعت النشرة الأممية حدوث الصقيع في مناطق معينة، خاصة في جبل النبي شعيب (صنعاء)، ومنطقة الأشمور (عمران)، وعنس، والحدا، ومدينة ذمار (شرق ووسط ذمار)، والمناطق الجبلية في وسط البيضاء. بالإضافة إلى ذلك، من المتوقع حدوث صقيع صحراوي في المناطق الصحراوية الوسطى، بما في ذلك محافظات الجوف وحضرموت وشبوة.

بالسلام يمكن لليمن أن يعود إلى ما كان عليه قبل الحرب (إعلام محلي)

ونبهت النشرة إلى أن هذه الظروف قد تؤثر على صحة الإنسان والنباتات والثروة الحيوانية، وسبل العيش المحلية في المرتفعات، وتوقعت أن تؤدي الظروف الجافة المستمرة في البلاد إلى استنزاف رطوبة التربة بشكل أكبر، مما يزيد من إجهاد الغطاء النباتي، ويقلل من توفر الأعلاف، خاصة في المناطق القاحلة وشبه القاحلة.

وذكرت أن إنتاجية محاصيل الحبوب أيضاً ستعاني في المناطق التي تعتمد على الرطوبة المتبقية من انخفاض الغلة بسبب قلة هطول الأمطار، وانخفاض درجات الحرارة، بالإضافة إلى ذلك، تتطلب المناطق الزراعية البيئية الساحلية التي تزرع محاصيل، مثل الطماطم والبصل، الري المنتظم بسبب معدلات التبخر العالية، وهطول الأمطار المحدودة.

وفيما يخص الثروة الحيوانية، حذّرت النشرة من تأثيرات سلبية لليالي الباردة في المرتفعات، ومحدودية المراعي في المناطق القاحلة، على صحة الثروة الحيوانية وإنتاجيتها، مما يستلزم التغذية التكميلية والتدخلات الصحية.