«آستانة ـ 8» يحسم موعد مؤتمر سوتشي ويستبعد الأكراد

مفاوضات جنيف في 21 الشهر المقبل تمهيداً للحوار السوري

جانب من الجلسة الختامية لاجتماع آستانة أمس (رويترز)
جانب من الجلسة الختامية لاجتماع آستانة أمس (رويترز)
TT

«آستانة ـ 8» يحسم موعد مؤتمر سوتشي ويستبعد الأكراد

جانب من الجلسة الختامية لاجتماع آستانة أمس (رويترز)
جانب من الجلسة الختامية لاجتماع آستانة أمس (رويترز)

اتفقت وفود روسيا وتركيا وإيران، في ختام الجولة الثامنة من المشاورات في آستانة حول الأزمة السورية، على تحديد نهاية شهر يناير (كانون الثاني) 2018، موعداً لعقد مؤتمر الحوار السوري في مدينة سوتشي الروسية على البحر الأسود.
وأكد رئيس الوفد الروسي إلى آستانة عدم توجيه الدعوة للأحزاب الكردية التي تصر أنقرة على رفض مشاركتها في العملية السياسية، وقال وفد المعارضة إنه تسلم دعوة للمؤتمر، لكن قرار المشاركة لم يحسم بعد، ومن جانبه عبر دي ميستورا عن أمله في أن يساهم مؤتمر سوتشي بدفع التسوية على مسار جنيف. وفشل المشاركون في «آستانة - 8» بالتوصل لاتفاق حول تشكيل اللجنة الخاصة بملف المعتقلين والمخطوفين والمفقودين.
وقال حيدر بيك توماتوف، مدير دائرة آسيا وأفريقيا في وزارة الخارجية الكازاخية، في تصريحات على هامش «آستانة - 8» أمس: إن مؤتمر الحوار السوري في مدينة سوتشي سينعقد يومي 29 - 30 يناير مطلع العام المقبل. وأعلنت الدول الضامنة (روسيا، تركيا وإيران) في بيان أمس، عزمها عقد لقاء تحضيري لمؤتمر سوتشي. وجاء في البيان وفق ما نقلته «إنتر فاكس»، إن الدول الضامنة «تدعو إلى التعاون كل من ممثلي الحكومة السورية والمعارضة، المتمسكين بسيادة واستقلال ووحدة الأراضي السورية»، وأشار البيان إلى أن «الضامنين الثلاثة سيعقدون لقاءً تحضيرياً خاصاً في سوتشي يومي 19 - 20 يناير عام 2018»، بينما تم تحديد النصف الثاني من فبراير (شباط) 208 موعداً للجولة القادمة، التاسعة من المشاورات بين الدول الضامنة في آستانة.
وأكد ألكسندر لافرينتيف، رئيس الوفد الروسي إلى آستانة، أن وفود الدول الضامنة تعمل على وضع قائمة المدعوين، لافتاً إلى استبعاد حزبي «الاتحاد الديمقراطي» و«العمال الكردستاني» عن المؤتمر، وقال: إن «المسألة الكردية عموماً، لا تعرقل المشاورات المستمرة حول موعد مؤتمر سوتشي»، موضحاً أن «الأمر يكمن في الرفض التركي القاطع لحضور أي جهة مرتبطة بحزبي (العمال الكردستاني) و(الديمقراطي) الكرديين؛ ولذا فإننا نعكف الآن على تحديد الشخصيات، بمن فيها الكردية، التي ستتم دعوتها لحضور مؤتمر سوتشي»، ولفت إلى أن التعقيدات تكمن في اختيار الجهة التي ستمثل الأكراد، ولا يرفضها الجانب التركي.
وشارك المبعوث الدولي ستيفان دي ميستورا في أعمال اليوم الثاني من «آستانة - 8»، حيث أجرى محادثات مع وفود الدول الضامنة، تناولت بصورة خاصة مؤتمر الحوار السوري في سوتشي. وشدد المبعوث الدولي في تصريحات من آستانة أمس على أن «الأمم المتحدة ما زالت على رأيها بأن أي مبادرة سياسية يقترحها المشاركون الدوليون، يجب أن يتم تقييمها بناءً على إمكاناتها بالمساهمة في العملية السياسية برعاية الأمم المتحدة في جنيف، والدعم التام لتنفيذ قرار مجلس الأمن 2254».
وقال لافرينتيف، إن دي ميستورا يخطط لعقد الجولة المقبلة من مفاوضات جنيف يوم 21 الشهر المقبل. وتابع في حديث لوكالة «نوفوستي»: «قال ستيفان دي ميستورا إنه يخطط لعقد لقاء جديد في جنيف في يناير، يوم 21 تقريباً. وبعد ذلك سيجري مؤتمر الحوار الوطني في سوتشي».
وأضاف لافرينتيف: «لقاء أمس (الخميس) مع وزير الخارجية (الروسي سيرغي) لافروف ووزير الدفاع شويغو أقنع ستيفان دي ميستورا بأن آستانة لا تعتبر منصة موازية لعملية جنيف، ناهيك عن أي تناقض معها أو سعي إلى تحقيق أهداف خفية. وأعتقد أنه أدرك ذلك».
وتابع أن موسكو تأمل بأن تدعم الأمم المتحدة مؤتمر الحوار الوطني السوري في سوتشي، وبخاصة بعد لقاء دي ميستورا مع الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش الجمعة.
في غضون ذلك، طالب بشار الجعفري، رئيس وفد النظام إلى آستانة، تركيا والولايات المتحدة بسحب قواتهما من سوريا، وقال عقب مشاورات آستانة أمس: إن «دمشق ترى في الوجود العسكري الأميركي والتركي على الأراضي السورية عملاً عدوانياً»، وأشار إلى أن وفد النظام لا يجري أي اتصالات مع الجانب التركي، متهماً تركيا بدعم الإرهابيين على الأراضي السورية، وفتح حدودها أمامهم. وفيما يخص مؤتمر سوتشي، أكد الجعفري أن «الحكومة» ستشارك فيه، وستبذل كل جهدها للتحضير له بنجاح، ووصف المؤتمر بأنه «أساس جيد للحوار بين السوريين».



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.