اليونان: إرهابيون يهددون بحقن الطعام بحمض «الهيدروكلوريك» في متاجر السوبر ماركت

«داعش» دعا أنصاره إلى اتباع أساليب جديدة لإثارة الشك والريبة

اليونان: إرهابيون يهددون بحقن الطعام بحمض «الهيدروكلوريك» في متاجر السوبر ماركت
TT

اليونان: إرهابيون يهددون بحقن الطعام بحمض «الهيدروكلوريك» في متاجر السوبر ماركت

اليونان: إرهابيون يهددون بحقن الطعام بحمض «الهيدروكلوريك» في متاجر السوبر ماركت

تَحتم على متاجر السوبر ماركت اليونانية الأسبوع الحالي إزالة كثير من الأطعمة والمشروبات من على الأرفف عقب قيام جماعة بالادعاء بوضع حمض «الهيدروكلوريك» في العبوات، في إطار حملة بيئية تهدف إلى الحد من النزعة الاستهلاكية التي عادة ما تزيد مع اقتراب احتفالات الكريسماس. وناشدت السلطات المحلية في العاصمة أثينا وكذلك مدينة سالونيك المواطنين عدم شراء أنواع معينة من مشروب «كوكاكولا»، ونوع محدد من الحليب المنتج محلياً وبعض أنواع اللحوم. ويعيش في سالونيك وأثينا نحو مليون نسمة باتوا ملزمين باتباع التحذيرات. وكانت جماعة «بلاك غرين أرسونستس»، وهي جماعة من أتباع المذهب الفوضوي الأناركي كما يدل اسمها الذي يعنى حارقي الخضرة، قد هددت بحقن المنتجات بحمض «الهيدروكلوريك» التي تتسبب في التآكل والتي يقتصر استخدامها على الأبحاث والأغراض الصناعية فقط. وزعمت الجماعة الأناركية أن دافعها في ذلك هو أن إقبال آلاف الناس على الشراء في وقت متزامن يعني «التضحية بملايين المخلوقات التي تتعرض للذبح والتجفيف لإرضاء نهم المستهلكين». وكنوع من الاعتراض على تلك النزعة الاستهلاكية، ستقوم الجماعية بوضع «السلع الاستهلاكية المغلفة بطريقة أنيقة على الأرفف بعد حقنها بمواد ملوثة» بمختلف متاجر السوبر ماركت في الأيام التي تسبق احتفالات الكريسماس. من جانبها، أفادت السلطات بأنها ليست لديها معلومات عن هوية أعضاء تلك الجماعة. وكانت تهديدات مشابهة أطلقت في الماضي ولم يسفر الأمر عن شيء، غير أن الجماعة هذه المرة وضعت صور أعضائها، بينما يحقنون العبوات جزءاً من حملتهم الترهيبية عبر الإنترنت.
وقبيل احتفالات الكريسماس الماضي، قامت بعض الشركات العالمية العاملة في اليونان مثل «كوكاكولا» و«نيسلة» و«ينيليفر» بسحب منتجاتها من الأسواق عقب ورود تهديدات مماثلة، لكن من جماعة «غرين نمسيس» التي قالت السلطات اليونانية حينذاك إنها جماعات فوضوية أناركية معادية للمؤسسات. وكان أول تهديد من تلك الجماعة قد صدر قبل ذلك بـ3 سنوات.
ولجماعات اليسار الفوضوية في اليونان تاريخ طويل، وتعتبر أكثر انتشاراً هناك مقارنة بغيرها من دول أوروبا. وبحسب تقرير صدر عن «إنروبول»، هيئة إنفاذ القانون التابعة للاتحاد الأوروبي، عن تقييم الحوادث عام 2016، فإن «إيطاليا واليونان وإسبانيا تعد الدول الوحيدة في الاتحاد الأوروبي التي عانت من اعتداءات التيار اليساري الفوضوي الإرهابي».
وتستهدف غالبية الجماعات الأناركية الحكومات ومؤسسات الدولة، بيد أن نحو نصف هجماتها استهدفت الشركات الخاصة والأفراد. وليس هناك ما يدعو للربط بين تهديدات اليسار المتطرف والاعتداءات التي تقوم بها الجماعات المتشددة المتطرفة، وإن كان تنظيم داعش دعا أنصاره المقيمين في الدول الغربية إلى شن هجمات سامة على متاجر السوبر ماركت. واتجه تنظيم داعش وغيره من التنظيمات المتطرفة أخيراً إلى دعوة أنصاره إلى اتباع أساليب جديدة لإثارة الشك والريبة بدلاً من الاعتماد على الأساليب التقليدية كالمتفجرات، بعد أن بدأت السلطات فرض رقابة على متاجر بيع الكيماويات. وفي حملة الدعاية المنتشرة عبر الإنترنت، طالب «داعش» باللجوء لأدوات مثل السكين أو المركبات لتنفيذ الاعتداءات بدلاً من الوسائل القديمة. وتضمنت وثيقة صدرت عن «داعش» اقتراحاً باستخدام السم أداة للقتل الصامت وعرضت شرحاً تفصيلياً عن كيفية إنتاج أو شراء تلك المواد المميتة. وحتى الآن، لم ترد أنباء عن قيام «داعش» بتنفيذ اعتداءات ضد متاجر السوبر ماركت الغربية باستخدام السم، بيد أن المحللين عبروا عن قلقهم من إمكانية حدوث ذلك، نظراً لسهولة الوصول إلى الخامات التي تصنع منها السموم لاستخدامها في تنفيذ اعتداءات مقبلة.
* «واشنطن بوست»



موسكو تلعب على التصعيد النووي في انتظار عودة ترمب إلى البيت الأبيض

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال اجتماع في موسكو 21 نوفمبر 2024 (رويترز)
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال اجتماع في موسكو 21 نوفمبر 2024 (رويترز)
TT

موسكو تلعب على التصعيد النووي في انتظار عودة ترمب إلى البيت الأبيض

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال اجتماع في موسكو 21 نوفمبر 2024 (رويترز)
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال اجتماع في موسكو 21 نوفمبر 2024 (رويترز)

يشكّل تحديث العقيدة النووية لروسيا الذي أعلنه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مؤخراً، تحذيراً للغرب، وفتحاً ﻟ«نافذة استراتيجية» قبل دخول الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب البيت الأبيض، وفق تحليل لصحيفة «لوفيغارو» الفرنسية.

«إن تحديث العقيدة النووية الروسية يستبعد احتمال تعرّض الجيش الروسي للهزيمة في ساحة المعركة»، بيان صادر عن رئيس الاستخبارات الخارجية الروسية، سيرغي ناريتشكين، لا يمكن أن يكون بياناً عادياً، حسب «لوفيغارو». فمن الواضح، حسب هذا التصريح الموجه إلى الغربيين، أنه من غير المجدي محاولة هزيمة الجيش الروسي على الأرض، لأن الخيار النووي واقعي. هذه هي الرسالة الرئيسة التي بعث بها فلاديمير بوتين، الثلاثاء، عندما وقّع مرسوم تحديث العقيدة النووية الروسية المعتمد في عام 2020.

ويدرك الاستراتيجيون الجيوسياسيون الحقيقة الآتية جيداً: الردع هو مسألة غموض (فيما يتعلّق باندلاع حريق نووي) ومسألة تواصل. «وفي موسكو، يمكننا أن نرى بوضوح الذعر العالمي الذي يحدث في كل مرة يتم فيها نطق كلمة نووي. ولا يتردد فلاديمير بوتين في ذكر ذلك بانتظام، وفي كل مرة بالنتيجة المتوقعة»، حسب الصحيفة. ومرة أخرى يوم الثلاثاء، وبعد توقيع المرسوم الرئاسي، انتشرت موجة الصدمة من قمة مجموعة العشرين في كييف إلى بكين؛ حيث حثّت الحكومة الصينية التي كانت دائماً شديدة الحساسية تجاه مبادرات جيرانها في ما يتصل بالمسائل النووية، على «الهدوء» وضبط النفس. فالتأثير الخارق الذي تسعى روسيا إلى تحقيقه لا يرتبط بالجوهر، إذ إن العقيدة النووية الروسية الجديدة ليست ثورية مقارنة بالمبدأ السابق، بقدر ارتباطها بالتوقيت الذي اختارته موسكو لهذا الإعلان.

صورة نشرتها وزارة الدفاع الروسية في الأول من مارس 2024 اختبار إطلاق صاروخ باليستي عابر للقارات تابع لقوات الردع النووي في البلاد (أ.ف.ب)

العقيدة النووية الروسية

في سبتمبر (أيلول) الماضي، وفي حين شنّت قوات كييف في أغسطس (آب) توغلاً غير مسبوق في منطقة كورسك في الأراضي الروسية، رد فلاديمير بوتين بتحديد أنه يمكن استخدام الأسلحة النووية ضد دولة غير نووية تتلقى دعماً من دولة نووية، في إشارة واضحة إلى أوكرانيا والولايات المتحدة. لكن في نسخة 2020 من الميثاق النووي الروسي، احتفظت موسكو بإمكانية استخدام الأسلحة الذرية أولاً، لا سيما في حالة «العدوان الذي تم تنفيذه ضد روسيا بأسلحة تقليدية ذات طبيعة تهدّد وجود الدولة ذاته».

وجاء التعديل الثاني في العقيدة النووية الروسية، الثلاثاء الماضي، عندما سمحت واشنطن لكييف باستخدام الصواريخ بعيدة المدى: رئيس الكرملين يضع ختمه على العقيدة النووية الجديدة التي تنص على أن روسيا ستكون الآن قادرة على استخدام الأسلحة النووية «إذا تلقت معلومات موثوقة عن بدء هجوم جوي واسع النطاق عبر الحدود، عن طريق الطيران الاستراتيجي والتكتيكي وصواريخ كروز والطائرات من دون طيار والأسلحة التي تفوق سرعتها سرعة الصوت». وحسب المتخصصة في قضايا الردع في المعهد الفرنسي للعلاقات الدولية (إيفري)، هيلواز فايت، فإن هذا يعني توسيع شروط استخدام السلاح النووي الروسي.

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يصافح الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب خلال اجتماع على هامش قمة مجموعة العشرين في أوساكا باليابان 28 يونيو 2019 (رويترز)

انتظار عودة ترمب

لفترة طويلة، لاحظ صقور الاستراتيجية الجيوستراتيجية الروسية أن الردع الروسي تلاشى. وبالنسبة إليهم، فقد حان الوقت لموسكو لإعادة تأكيد خطوطها الحمراء من خلال «إعادة ترسيخ الخوف» من الأسلحة النووية، على حد تعبير سيرغي كاراجانوف، الخبير الذي يحظى باهتمام فلاديمير بوتين. ةمن هذا المنظار أيضاً، يرى هؤلاء المختصون اندلاع الحرب في أوكرانيا، في 24 فبراير (شباط) 2022، متحدثين عن «عدوان» من الغرب لم تكن الترسانة النووية الروسية قادرة على ردعه. بالنسبة إلى هؤلاء المتعصبين النوويين، ينبغي عدم حظر التصعيد، بل على العكس تماماً. ومن الناحية الرسمية، فإن العقيدة الروسية ليست واضحة في هذا الصدد. لا تزال نسخة 2020 من العقيدة النووية الروسية تستحضر «تصعيداً لخفض التصعيد» غامضاً، بما في ذلك استخدام الوسائل غير النووية.

وحسب قناة «رايبار» المقربة من الجيش الروسي على «تلغرام»، فإنه كان من الضروري إجراء تحديث لهذه العقيدة؛ لأن «التحذيرات الروسية الأخيرة لم تُؤخذ على محمل الجد».

ومن خلال محاولته إعادة ترسيخ الغموض في الردع، فإن فلاديمير بوتين سيسعى بالتالي إلى تثبيط الجهود الغربية لدعم أوكرانيا. وفي ظل حملة عسكرية مكلفة للغاية على الأرض، يرغب رئيس «الكرملين» في الاستفادة من الفترة الاستراتيجية الفاصلة بين نهاية إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن ووصول الرئيس المنتخب دونالد ترمب إلى البيت الأبيض، الذي يتوقع منه بوتين مبادرات سلام محتملة لإنهاء الحرب.

يسعى بوتين، وفق الباحثة في مؤسسة «كارنيغي»، تاتيانا ستانوفايا، لوضع الغرب أمام خيارين جذريين: «إذا كنت تريد حرباً نووية، فستحصل عليها»، أو «دعونا ننهي هذه الحرب بشروط روسيا».