شويغو يبلغ بوتين بسحب القوات

TT

شويغو يبلغ بوتين بسحب القوات

أعلن وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو انتهاء عملية سحب «جزء كبير» من القوات الروسية من سوريا، تنفيذاً لقرار الرئيس فلاديمير بوتين، وأكد أن روسيا ستحتفظ على الأراضي السورية بقاعدتين و3 كتائب ومركز المصالحة، وأن تكلفة العملية العسكرية الروسية في سوريا كانت ضمن النفقات المحددة لذلك، وقدم تفاصيل أخرى حول العملية السورية، وذلك خلال اجتماع أمس لكبار القادة في الجيش الروسي، شارك فيه الرئيس بوتين، الذي أثنى من جانبه على الدور الحاسم للقوات الروسية في تحرير سوريا من الإرهابيين.
وقال شويغو خلال الاجتماع أمس، مخاطباً بوتين: «قراركم حول سحب مجموعة القوات الروسية من سوريا تم تنفيذه»، وأصدر بوتين خلال زيارته قاعدة حميميم الروسية في سوريا يوم 11 ديسمبر (كانون الأول) الحالي أمراً بسحب جزء كبر من القوات، وأعلن القضاء على «داعش» في سوريا. ووجه شويغو خلال الاجتماع أمس، الشكر للرئيس بوتين على «تنفيذ العملية في سوريا بنجاح». وقال: «ما كان هذا الأمر ليتحقق لولا اهتمامكم بتطوير القوات المسلحة والأسطول». وأكد الاحتفاظ بمركز حميميم الروسي للمصالحات في سوريا، «للمساهمة في التسوية السياسية واستعادة الحياة المدنية»، والاحتفاظ كذلك بـ3 كتائب من الشرطة العسكرية الروسية «التي تقوم بمهام المراقبة في مناطق خفض التصعيد». وأضاف: «وبموجب اتفاقيات دولية ستبقى (في سوريا) على أساس دائم المجموعة الجوية في مطار حميميم، ونقطة الدعم التقني المادي للأسطول الحربي في طرطوس». وأشار إلى تفوق للقوات الجوية الروسية في الأجواء السورية تحقق بفضل أداء منظومات الصواريخ «إس - 400»، و«إس - 300» و«بانتسير»، بالتعاون مع المجموعة الجوية.
وقدم شويغو عرضاً لما قامت به القوات الروسية في سوريا، وقال إنها استخدمت منظومة صواريخ «إسكندر» لضرب أهداف مهمة، وكذلك صواريخ «كاليبر» من البحر، وصواريخ «توتشكا - و»، و«خا - 55»، وأكد أن العملية الجوية الروسية أدت إلى تحرير 1024 قرية وبلدة ومدينة في سوريا من الإرهابيين، وأن 48 ألف عسكري روسي شاركوا في العمليات هناك. وأضاف أن المقاتلات من على متن حاملة الطائرات الروسية «الأميرال كوزنيتسوف» شاركت لأول مرة في عمليات قتالية حقيقية خلال تنفيذها مهام في سوريا. وبالنسبة لخسائر الإرهابيين، أكد أن العملية الجوية الروسية أسفرت عن مقتل 60 ألف إرهابي، بينهم 2800 إرهابي من مناطق روسيا، و819 قائداً من قادة المجموعات الإرهابية، وتدمير 8 آلاف آلية وعربة مدرعة وسيارات محمولة برشاشات ثقيلة، و718 مصنعاً وورشة لتصنيع السلاح والذخيرة. وفي تعليقه على تقرير شويغو، قال بوتين إن التقييم الذي يمكن منحه للعملية العسكرية الروسية في سوريا «ممتاز»، وأكد أن «القوات الروسية قدمت، دون أي شك أو تضخيم، مساهمة حاسمة في القضاء على مجموعات الإرهاب الدولي». وعبر عن الشكر للقوات المسلحة، وقال إن القوات الروسية أنقذت أرواح مئات آلاف المدنيين في سوريا، وحافظت على الدولة السورية، وفتحت الأبواب أمام التسوية السياسية للأزمة هناك.
وفي سياق متصل، أعلن فياتشيسلاف فالودين، رئيس مجلس الدوما، أن القوات الروسية نفذت مهامها بنجاح، وأكد أهمية الاحتفاظ بالقواعد الروسية في سوريا. وقال فالودين خلال جلسة الدوما أمس، إن «القوات الروسية، بقيادة القائد العام للجيش والقوات المسلحة، الرئيس فلاديمير بوتين نفذت مهامها القتالية في سوريا بشكل رائع»، وأشار إلى أن «العسكريين الروس عادوا (من سوريا) إلى بيوتهم وقواعدهم الدائمة في روسيا»، وأضاف: «لكن القواعد العسكرية الروسية ستبقى في سوريا»، وعبر عن قناعته بأن «بقاءها مهم وليس لسوريا فحسب، بل ولدول المنطقة عموماً». وفي المجلس الفيدرالي، قال السيناتور فيكتور بونداريف، رئيس لجنة المجلس لشؤون الدفاع والأمن: «يمكننا أن نعتبر أن الحرب في سوريا انتهت»، وأوضح أنه «لو لم يكن الأمر كذلك لما قمنا بتقليص قواتنا الجوية هناك».



«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
TT

«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)

ما زال حزب «الجبهة الوطنية» المصري الجديد يثير انتقادات وتساؤلات بشأن برنامجه وأهدافه وطبيعة دوره السياسي في المرحلة المقبلة، خاصة مع تأكيد مؤسسيه أنهم «لن يكونوا في معسكر الموالاة أو في جانب المعارضة».

وكان حزب «الجبهة الوطنية» مثار جدل وتساؤلات في مصر، منذ الكشف عن اجتماعات تحضيرية بشأنه منتصف الشهر الماضي، انتهت بإعلان تدشينه في 30 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وتمحورت التساؤلات حول أسباب ظهوره في هذه المرحلة، وهل سيكون بديلاً لحزب الأغلبية في البرلمان المصري (مستقبل وطن)، لا سيما أن مصر مقبلة على انتخابات برلمانية نهاية العام الجاري.

هذه التساؤلات حاول اثنان من مؤسسي الحزب الإجابة عنها في أول ظهور إعلامي مساء السبت، ضمن برنامج «الحكاية» المذاع على قناة «إم بي سي»، وقال وكيل مؤسسي حزب «الجبهة الوطنية» ووزير الإسكان المصري السابق عاصم الجزار، إن «الحزب هو بيت خبرة هدفه إثراء الفكر وإعادة بناء الوعي المصري المعاصر»، مؤكداً أن الحزب «لا يسعى للأغلبية أو المغالبة، بل يستهدف التأثير النوعي وليس الكمي».

وأضاف: «هدفنا تشكيل تحالف من الأحزاب الوطنية القائمة، إذ لن نعمل وحدنا»، معلناً استعداد الحزب الجديد، الذي لا يزال يستكمل إجراءات تأسيسه رسمياً، للتحالف مع «أحزاب الأغلبية مستقبل وطن وحماة وطن والمعارضة والمستقلين أيضاً بهدف خدمة المصلحة الوطنية»، مستطرداً: «لن نكون أداة لتمرير قرارات، بل أداة للإقناع بها».

وشدد الجزار على أن «الحزب لا ينتمي لمعسكر الموالاة أو للمعارضة»، وإنما «نعمل لمصلحة الوطن».

وهو ما أكده رئيس «الهيئة العامة للاستعلامات» بمصر وعضو الهيئة التأسيسية لحزب «الجبهة الوطنية»، ضياء رشوان، الذي قال: «سنشكر الحكومة عندما تصيب ونعارضها عندما تخطئ»، مشيراً إلى أن «مصر ليس لها حزب حاكم حتى يكون هناك حديث عن موالاة ومعارضة».

الانتقادات الموجهة للحزب ارتبطت بتساؤلات حول دوره في ظل وجود نحو 87 حزباً سياسياً، وفق «الهيئة العامة للاستعلامات»، منها 14 حزباً ممثلاً في البرلمان الحالي، يتصدرها حزب «مستقبل وطن» بأغلبية 320 مقعداً، يليه حزب «الشعب الجمهور» بـ50 مقعداً، ثم حزب «الوفد» بـ39 مقعداً، وحزب «حماة الوطن» بـ27 مقعداً، وحزب «النور» الإسلامي بـ11 مقعداً، وحزب «المؤتمر» بـ8 مقاعد.

ورداً على سؤال للإعلامي عمرو أديب، خلال برنامج «الحكاية»، بشأن ما إذا كان الحزب «طامحاً للحكم ويأتي بوصفه بديلاً لحزب الأغلبية»، قال رشوان: «أي حزب سياسي يسعى للحكم، لكن من السذاجة أن نقول إن حزباً يعمل على إجراءات تأسيسه اليوم سيحصد الأغلبية بعد 8 أو 10 أشهر»، مشيراً إلى أن «الحزب لن يعيد تجارب (الهابطين من السماء)». واستطرد: «لن نسعى للأغلبية غداً، لكن قد يكون بعد غد».

وأضاف رشوان أن «الحزب يستهدف في الأساس إعادة بناء الحياة السياسية في مصر بعد فشل تجربة نظام الحزب الواحد في مصر منذ عام 1952»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إحياء تحالف 30 يونيو (حزيران)»، لافتاً إلى أن «التفكير فيه هو ثمرة للحوار الوطني الذي أثار زخماً سياسياً».

طوال ما يزيد على ساعة ونصف الساعة حاول الجزار ورشوان الإجابة عن التساؤلات المختلفة التي أثارها إعلان تدشين الحزب، والتأكيد على أنه «ليس سُلمة للوصول إلى البرلمان أو الوزارة»، وليس «بوابة للصعود»، كما شددا على أن «حزب الجبهة يضم أطيافاً متعددة وليس مقصوراً على لون سياسي واحد، وأنه يضم بين جنباته المعارضة».

وعقد حزب «الجبهة الوطنية» نحو 8 اجتماعات تحضيرية على مدار الأسابيع الماضي، وتعمل هيئته التأسيسية، التي تضم وزراء ونواباً ومسؤولين سابقين، حالياً على جمع التوكيلات الشعبية اللازمة لإطلاقه رسمياً.

ويستهدف الحزب، بحسب إفادة رسمية «تدشين أكبر تحالف سياسي لخوض الانتخابات البرلمانية المقبلة، عبر صياغة تفاهمات سياسية واسعة مع الأحزاب الموجودة»، إضافة إلى «لمّ الشمل السياسي في فترة لا تحتمل التشتت».

ومنذ إطلاق الحزب تم ربطه بـ«اتحاد القبائل والعائلات المصرية» ورئيسه رجل الأعمال إبراهيم العرجاني، حتى إن البعض قال إن «الحزب هو الأداة السياسية لاتحاد القبائل». وعزز هذه الأحاديث إعلان الهيئة التأسيسية التي ضمت رجل الأعمال عصام إبراهيم العرجاني.

وأرجع الجزار الربط بين الحزب والعرجاني إلى أن «الاجتماعات التحضيرية الأولى للحزب كانت تجري في مكتبه بمقر اتحاد القبائل؛ كونه أميناً عاماً للاتحاد»، مؤكداً أن «الحزب لا علاقة له باتحاد القبائل». وقال: «العرجاني واحد من عشرة رجال أعمال ساهموا في تمويل اللقاءات التحضيرية للحزب». وأضاف: «الحزب لا ينتمي لشخص أو لجهة بل لفكرة».

وحول انضمام عصام العرجاني للهيئة التأسيسية، قال رشوان إنه «موجود بصفته ممثلاً لسيناء، ووجوده جاء بترشيح من أهل سيناء أنفسهم».

وأكد رشوان أن «البعض قد يرى في الحزب اختراعاً لكتالوج جديد في الحياة السياسية، وهو كذلك»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إعادة بناء الحياة السياسية في مصر التي يقول الجميع إنها ليست على المستوى المأمول».

بينما قال الجزار: «نحن بيت خبرة يسعى لتقديم أفكار وحلول وكوادر للدولة، ونحتاج لكل من لديه القدرة على طرح حلول ولو جزئية لمشاكل المجتمع».

وأثارت تصريحات الجزار ورشوان ردود فعل متباينة، وسط تساؤلات مستمرة عن رؤية الحزب السياسية، التي أشار البعض إلى أنها «غير واضحة»، وهي تساؤلات يرى مراقبون أن حسمها مرتبط بالانتخابات البرلمانية المقبلة.

كما رأى آخرون أن الحزب لم يكن مستعداً بعد للظهور الإعلامي.

بينما أشار البعض إلى أن «الحزب ولد بمشاكل تتعلق بشعبية داعميه»، وأنه «لم يفلح في إقناع الناس بأنه ليس حزب موالاة».

وقال مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية الدكتور عمرو الشوبكي لـ«الشرق الأوسط» إن «الحزب قدم حتى الآن كلاماً عاماً دون تصور أو رؤية واضحة للإصلاح التدريجي»، موضحاً أنه «من حيث المبدأ من حق أي جماعة تأسيس حزب جديد».

وبينما أكد الشوبكي أن ما عرضه المسؤولون عن الحزب الجديد بشأن «عدم طموحه للحكم لا يختلف عن واقع الحياة السياسية في مصر الذي يترك للدولة تشكيل الحكومة»، مطالباً «بتفعيل دور الأحزاب في الحياة السياسية»، فالمشكلة على حد تعبيره «ليست في إنشاء حزب جديد، بل في المساحة المتاحة للأحزاب».