محطات في مسيرة «المؤتمر الوطني الأفريقي»

محطات في مسيرة «المؤتمر الوطني الأفريقي»
TT

محطات في مسيرة «المؤتمر الوطني الأفريقي»

محطات في مسيرة «المؤتمر الوطني الأفريقي»

أسس حزب «المؤتمر الوطني الأفريقي» يوم 8 يناير (كانون الثاني) من عام 1912 في مدينة بلومفونتين، عاصمة ولاية الأورانج الحرة (إحدى المناطق الأربع الرئيسة التي تكونت منها جنوب أفريقيا مع الترانسفال والكاب وناتال)، والعاصمة القضائية لجنوب أفريقيا. وجاء تأسيس الحزب بعد سنتين فقط من إعلان ولادة «اتحاد جنوب أفريقيا»، وكان هدفه الدفاع عن حقوق السود أمام سيطرة الأقلية البيضاء.
أول رئيس للمنظمة كان جون لانغاليبالبلي دوبي، ومعه من الأعضاء البارزين بيكسلي با ايساكا سيمي والشاعر والمؤلف سول بلاتيي.
بين 1951 و1958 تولى قيادة «المؤتمر الوطني الأفريقي» شخصية لامعة هي ألبرت لوثولي، وقاده في إبان الانتفاضة الشعبية السوداء بعد سن حكومة الحزب الوطني (حزب البيض الأكبر) قوانين الفصل العنصري عام ‏‏1950، وحظر الحزب الشيوعي الذي دخل العمل السري منذئذ وحتى عام 1990.
ولكن بعد أحداث شاربفيل الدامية، التي دخلت التاريخ النضالي للسود ضد العنصرية تحت اسم «مجزرة شاربفيل» عام 1960 - بعد إطلاق الشرطة الرصاص على مظاهرة شعبية سلمية - حظرت السلطات العنصرية البيضاء نشاط «المؤتمر الوطني الأفريقي» والتشكيلات السياسية الحليفة له. وعلى الأثر، في عام 1961، أسس قيادي شاب اسمه نيلسون مانديلا جناحاً عسكرياً للحزب أعلن الكفاح المسلح ضد العنصرية باسم «رمح الأمة» (أومخونتو وي سيزوي). وكان مانديلا المتحدر من أسرة من قادة قبائل الكوزا (إحدى أكبر مكونين قبليين في جنوب أفريقيا مع قبائل الزولو) قد انضم إلى «المؤتمر» في عام 1942.
إيمان مانديلا بالكفاح المسلح، مع عدد من رفاقه ومنهم والتر سيسولو وأوليفر تامبو وغوفان مبيكي وجو سلوفو، إدى إلى اعتقاله في أغسطس (آب) 1962 والحكم عليه لمدة 5 سنوات بتهمة السفر غير القانوني، والتدبير للإضراب. وفي عام 1964 اتهم بالتخطيط لعمل مسلح، وحكم عليه بالسجن هذه المرة مدى الحياة.
في عام 1985 عرض على مانديلا الإفراج عنه مقابل إعلانه وقف المقاومة المسلحة لكنه رفض العرض. وبقي في السجن حتى 11 فبراير (شباط) 1990 عندما أثمرت الضغوط المحلية والدولية عن إطلاق سراحه بأمر من رئيس الجمهورية فريدريك ويليام دي كليرك الذي أعلن إيقاف الحظر الذي كان مفروضاً على «المؤتمر الوطني الأفريقي».
في مايو (أيار) 1994 انتخب مانديلا رئيساً لجنوب أفريقيا، وأنهى حكمه الحقبة العنصرية فيها. وفي عام 1999، أعلن تقاعده مع انتهاء فترته الرئاسية. وجرت انتخابات خلفه فيها ثابو مبيكي الذي استمر في المنصب حتى عام 2007 عندما انتخب جاكوب زوما وهو قيادي حزبي ونائب رئيس سابق كان مبيكي قد أبعده عام 2005 بتهم فساد.
واليوم، تبدأ صفحة جديدة في حياة «المؤتمر الوطني الأفريقي» تحت رئاسة سيريل رامافوزا.



كيف يهدد سقوط الأسد استراتيجية روسيا في أفريقيا؟

بوتين والأسد يحضران عرضاً عسكرياً في القاعدة الجوية الروسية «حميميم» قرب اللاذقية ديسمبر 2017 (أ.ف.ب)
بوتين والأسد يحضران عرضاً عسكرياً في القاعدة الجوية الروسية «حميميم» قرب اللاذقية ديسمبر 2017 (أ.ف.ب)
TT

كيف يهدد سقوط الأسد استراتيجية روسيا في أفريقيا؟

بوتين والأسد يحضران عرضاً عسكرياً في القاعدة الجوية الروسية «حميميم» قرب اللاذقية ديسمبر 2017 (أ.ف.ب)
بوتين والأسد يحضران عرضاً عسكرياً في القاعدة الجوية الروسية «حميميم» قرب اللاذقية ديسمبر 2017 (أ.ف.ب)

قال تقرير لوكالة «بلومبرغ» للأنباء إن الانهيار السريع لنظام بشار الأسد في سوريا يُهدد قاعدة «حميميم» الجوية، التي اعتمدت عليها روسيا لفرض نفوذها في مختلف أنحاء أفريقيا.

وبحسب التقرير، تستخدم موسكو القاعدة لإرسال أفراد وإمدادات عسكرية إلى مالي وبوركينا فاسو والنيجر، وكل هذه الدول شهدت انقلابات مؤخراً، وقطعت علاقاتها مع الغرب، في حين تقترب من موسكو التي مكّنها هذا الجسر الجوي من إعادة بناء بعض نفوذها الذي اكتسبته في حقبة الحرب الباردة في القارة، خصوصاً في أماكن، مثل جمهورية أفريقيا الوسطى والسودان.

وسمحت قاعدتا «حميميم» الجوية و«طرطوس» البحرية، اللتان تستقبلان الوقود والإمدادات الروسية بتنفيذ توسع رخيص وفعال لنفوذها العسكري والسياسي والاقتصادي في أفريقيا، والآن قد تحتاج الشبكة التي تدعم عمليات روسيا في القارة، والتي تملأ الفراغ الذي خلفته القوات الغربية المغادرة، إلى إصلاح شامل.

استقبال جندي روسي لبشار الأسد خلال زيارته قاعدة «حميميم» العسكرية في اللاذقية 27 يونيو 2017 (أ.ف.ب)

قال أنس القماطي، مدير معهد صادق، وهو مركز أبحاث مقره ليبيا: «من دون جسر جوي موثوق، تنهار قدرة روسيا على فرض قوتها في أفريقيا، والاستراتيجية العملياتية الروسية بأكملها في البحر الأبيض المتوسط ​​وأفريقيا مُعلقة بخيط رفيع».

وقال القماطي إنه وفي حين أن روسيا، التي دعمت السلطات في شرق ليبيا، لديها قدرات تشغيلية في 4 قواعد جوية ليبية (الخادم والجفرة والقرضابية وبراك الشاطئ) فإن هذه القواعد ستكون بعيدة جداً، بحيث لا يمكن استخدامها في جسر مجدد من موسكو بسبب قيود المجال الجوي في أوروبا.

وقال رسلان بوخوف، رئيس مركز تحليل الاستراتيجيات والتكنولوجيات ومقره موسكو، إن القاعدة الجوية السورية ستكون «خسارة كبيرة» للعمليات الأفريقية؛ حيث «كانت جميع الإمدادات تمر عبر (حميميم)، وهذا مهم بشكل خاص لبلد من دون ميناء، مثل جمهورية أفريقيا الوسطى».

وبدأت جهود موسكو لإعادة بناء النفوذ في أفريقيا فعلياً عام 2018، عندما تم نشر مرتزقة من مجموعة «فاغنر» المرتبطة بالكرملين في جمهورية أفريقيا الوسطى غير الساحلية، للدفاع عن رئيسها المحاصر ضد هجوم المتمردين.

وفي عام 2019، لعب المقاتلون دوراً رئيساً في محاولة من قِبَل الزعيم الليبي الشرقي خليفة حفتر للاستيلاء على العاصمة طرابلس.

ومنذ ذلك الحين، أرسلت مقاتلين إلى مالي والنيجر وبوركينا فاسو، جنباً إلى جنب مع الأسلحة، ما أدّى إلى زيادة أكبر لبصمتها العالمية خارج الكتلة السوفياتية السابقة.

الرئيس الروسي يلقي كلمة في قاعدة «حميميم» في اللاذقية على الساحل السوري يوم 12 ديسمبر 2017 (سبوتنيك - أ.ب)

وهذا الدعم في خطر؛ لكن المقربين من تلك الحكومات يزعمون أن روسيا ستجد طريقة لمواصلة مساعدتهم.

وقال فيديل غوانجيكا، مستشار رئيس جمهورية أفريقيا الوسطى، إن روسيا «ستكون لديها خطة بديلة»، حتى تظل طرق إمدادها إلى أفريقيا سليمة، سواء باستخدام ليبيا نقطة انطلاق أكثر قوة، أو الوصول إلى جمهورية أفريقيا الوسطى عبر المواني في الكاميرون أو الكونغو، و«لن تكون هناك عواقب على جمهورية أفريقيا الوسطى».

وأضاف غوانجيكا أن أفريقيا الوسطى مستعدة لمساعدة الكرملين في إرسال الإمدادات والجنود من روسيا إلى الحكومات في منطقة الساحل إذا لزم الأمر.

وأعرب إبراهيم حميدو، رئيس إدارة الاتصالات لرئيس الوزراء علي الأمين زين، الذي عيّنه المجلس العسكري في النيجر عام 2023، عن الأفكار نفسها، وقال: «سقوط الأسد لن يُغير علاقاتنا، ويمكن لروسيا أن تجد طرقاً أخرى، من خلال تركيا على سبيل المثال، لدعم النيجر».

وفي حال سمحت تركيا، وهي عضو في حلف شمال الأطلسي، لبعض رحلات الشحن الروسية إلى ليبيا بالمرور عبر مجالها الجوي، فلا يوجد اقتراح فوري بأنها ستعمل بديلاً للجسر الجوي السوري لموسكو، خصوصاً أن مصالح الثنائي في أفريقيا غالباً ما تتباعد.

واقترحت مونيك يلي كام، وهي سياسية في بوركينا فاسو، تدعم المجلس العسكري وعلاقاته القوية مع روسيا، ليبيا خياراً لمساعدة موسكو على «الحفاظ على نفوذها في القارة».

كما لعبت روسيا دوراً رئيساً في الحرب الأهلية السودانية التي استمرت 20 شهراً؛ حيث ألقت مؤخراً بثقلها خلف الجيش في قتاله ضد «قوات الدعم السريع»، كما تواصل الضغط من أجل إنشاء قاعدة على ساحل البحر الأحمر في البلاد، وهو حلم طويل الأمد، من شأنه نظرياً أن يوسع شبكتها اللوجستية.

مقاتلة روسية في قاعدة «حميميم» جنوب شرقي اللاذقية في سوريا أكتوبر 2015 (سبوتنيك)

ومع ذلك، فإن الاحتفاظ بشبكة النفوذ الروسية مترامية الأطراف في أفريقيا لن يكون سهلاً، وفقاً لأولف ليسينغ، مدير برنامج الساحل في مؤسسة «كونراد أديناور»، وهي مؤسسة بحثية ألمانية.

وقال: «إن سقوط الأسد سيعيق بشكل كبير العمليات العسكرية الروسية في أفريقيا، وكانت جميع الرحلات الجوية لتوريد المرتزقة، وجلب الذخيرة والأسلحة الجديدة، تمر عبر سوريا. إنها مسافة بعيدة للغاية للطيران بطائرة نقل محملة بالكامل من روسيا إلى أفريقيا، وسيتعين على روسيا تقليص مشاركتها في أفريقيا وسيكون ذلك أكثر تكلفة بكثير».