حكومة إقليم كردستان العراق: الانتخابات خلال 3 أشهر

تجدد المظاهرات في السليمانية لليوم الرابع على التوالي

رئيس حكومة إقليم كردستان نيجيرفان بارزاني يتحدث في مؤتمر صحافي أمس في أربيل (أ.ف.ب)
رئيس حكومة إقليم كردستان نيجيرفان بارزاني يتحدث في مؤتمر صحافي أمس في أربيل (أ.ف.ب)
TT

حكومة إقليم كردستان العراق: الانتخابات خلال 3 أشهر

رئيس حكومة إقليم كردستان نيجيرفان بارزاني يتحدث في مؤتمر صحافي أمس في أربيل (أ.ف.ب)
رئيس حكومة إقليم كردستان نيجيرفان بارزاني يتحدث في مؤتمر صحافي أمس في أربيل (أ.ف.ب)

أكد رئيس حكومة إقليم كردستان نيجيرفان بارزاني، أن الانتخابات العامة في الإقليم تجري خلال مدة أقصاها ثلاثة أشهر، مشيرا إلى أن صادرات النفط انخفضت إلى نحو نصف الكميات التي كانت تصدر قبل أحداث الأشهر الماضية. يأتي التصريح في وقت تجدد فيه المظاهرات في أحد أقضية محافظة السليمانية لليوم الرابع على التوالي.
وقال بارزاني، في مؤتمر صحافي عقده في أربيل، أمس: «لقد أرسلنا الأسبوع الماضي رسالة إلى البرلمان، وطلبنا عقد اجتماع لتحديد يوم الانتخابات على أن لا تتعدى ثلاثة أشهر، والمفوضية العامة للانتخابات أبلغتنا بأنها مستعدة، وهي مستمرة بعملية تنقيح سجلات الناخبين وسنعين يوما للانتخابات بعد هذا الاجتماع». وأضاف أن «عملية تنقيح سجلات الناخبين التي تقوم بها مفوضية الانتخابات ضرورة ولا بد منها، ولكن ينبغي ألا يتخذها البعض ذريعة للتهرب من الانتخابات».
وعن انسحاب حركة التغيير والجماعة الإسلامية، قال بارزاني بحسب وكالة الأنباء الألمانية، إن «حركة التغيير وبسبب الأحداث المعروفة للجميع غير موجودة في الحكومة منذ نحو سنتين، أما الجماعة الإسلامية، فأقولها بكل صراحة، أنا لا أفهم سبب انسحابها، مع أننا نحترم قرار الحزبين، ولكن أسال لماذا الانتظار نحو أربع سنوات والانسحاب الآن، وإقليم كردستان على أبواب الانتخابات؟».
وعن إمكانية فتح المطارات أشار بارزاني إلى أن «الدستور العراقي يحدد كيفية إدارة المطارات، ونقاط الحدود، ونحن مستعدون في أي لحظة للعمل المشترك بموجب الدستور العراقي». وعن الأحداث الأخيرة والمظاهرات الاحتجاجية، التي اجتاحت مدنا وبلدات تابعة لمحافظة السليمانية وحلبجة وقضاء كويسنجق، قال بارزاني: «مبدئيا وعمليا نقر بحق التظاهر والتعبير عن الرأي كقيمة عليا، ولكن علينا أن نسأل هل أن إحراق المؤسسات ومقرات الأحزاب تدخل ضمن إطار حرية التعبير عن الرأي وحق التظاهر».
وأضاف: «نقولها بكل صراحة، هناك أياد خفية تعمل على تشويه المظاهرات، ونحن متأكدون أن هناك تحريضا على العنف، وهناك من يثير الشغب، وهناك أناسا يعملون في الخفاء لتغيير مسار المظاهرات وتحويلها إلى أعمال شغب وعنف».
وأشار إلى أن «تلك الأحداث حصلت عندما كانت القوات العراقية تحشد قواتها وتهددنا في منطقة مخمور»، قائلا: «نناشد أبناء شعبنا أن يدركوا أن هناك مؤامرة على الإقليم، وهي أكبر مما يتصورها البعض». وأكد أن حكومة الإقليم «مصرة على منع الفوضى ووضع حد لأعمال الشغب والعنف وإحراق المؤسسات العامة والمقرات الحزبية مع إصرارنا على حماية حق التظاهر والتعبير السلمي عن الرأي».
وعن صرف رواتب الموظفين أكد بارزاني: «نحن نتفهم جدا مطالب الناس، وندرك معاناتهم، وحريصون جدا على إيجاد حل سريع لمشاكلهم المعيشية، ولكن وليعرف الجميع أن واردات الإقليم الذي نصرف منها الرواتب قد انخفضت بسبب انخفاض صادرات الإقليم من النفط إلى نحو النصف، مقارنة بما قبل الأحداث الأخيرة».
وأضاف: «كما أن عمليات التجارة البينية مع إيران انخفضت بنسبة كبيرة، حيث من بين ثلاث نقاط حدودية، هناك واحدة منها مفتوحة، بينما ما زالت نقطتان مغلقتين، بالإضافة إلى أن قوات الحشد الشعبي تفرض ضرائب من المواد التي تصدر من كردستان إلى المناطق الجنوبية والوسطى من العراق».
إلى ذلك, تجددت المظاهرات في أحد أقضية محافظة السليمانية لليوم الرابع على التوالي، للمطالبة بمحاربة الفساد وإقالة الحكومة في كردستان العراق وتحسين الوضع الاقتصادي في الإقليم.
وشهدت مدن وبلدات في كردستان العراق غالبيتها في محافظة السليمانية، ثاني محافظات الإقليم، مظاهرات حاشدة خلال الأيام الثلاثة الماضية تخللتها مواجهات مع قوات الأمن أدت إلى مقتل خمسة أشخاص وإصابة نحو مائتين بجروح.
ونزل مئات الشباب والناشطين إلى الشوارع وسط انتشار أمني كثيف في مدينة رانية التي تبعد 130 كلم شمال غربي مدينة السليمانية، ويقطنها نحو مائة ألف نسمة، حسبما أفاد مراسل وكالة الصحافة الفرنسية.
ويقول الخبير في الجغرافيا الفرنسي سيريلي روسل، إن المدينة تعاني من التهميش ومن ظروف اقتصادية صعبة منذ فترة طويلة، فيما تشهد عاصمة الإقليم أربيل ازدهارا اقتصاديا.
ويعيش معظم سكان رانية من تهريب البضائع من إيران المجاورة. ومنذ الليل نشرت قوات الأمن وحدات لمكافحة الشغب ومركبات عسكرية في جميع الأقضية التي شهدت مظاهرات بما فيها مركز مدينة السليمانية. وشكلت الحكومة لجنة أمنية من أجل ضبط الأوضاع تتكون من الشرطة وقوات الأمن (الأسايش) والبيشمركة وقوات مكافحة الإرهاب.
ولا تزال القوات الأمنية تطوق شارعي السراي ومولوي القريب من مقر الحزب الديمقراطي الكردستاني بزعامة مسعود بارزاني، كما لا تزال قوة تطوق مقر قناة «إن آر تي» الذي أغلقته السلطات وقطعت بثه.
وأكد عدد كبير من سكان مدينة أربيل عاصمة الإقليم لمراسل «الفرنسية»، أن حكومة الإقليم تستقطع من الرواتب، وشكوا من أن أسعار وقود التدفئة مع حلول فصل الشتاء ارتفعت إلى 150 دولارا للبرميل (200 لتر)، أي إلى ضعف ما كانت عليه قبل عامين. ولا تصل الكهرباء إلا أربع ساعات في اليوم، ويعجز الناس عن تحمل تكاليف الحصول عليها من المولدات.
ومنذ بدء أعمال الشغب الاثنين الماضي، تم إحراق نحو 20 مركزا للأحزاب السياسية ومبنى بلدية. وتسبب تصاعد المظاهرات في أزمة داخل حكومة الإقليم، وأعلن حزبان هما حركة التغيير والجماعة الإسلامية انسحابهما منها.
ويعيش إقليم كردستان الذي تمتع خلال المرحلة الماضية باستقرار كبير مقارنة ببقية مناطق العراق، أوضاعا مضطربة، خصوصا بعد الاستفتاء الذي أجراه الرئيس السابق للإقليم مسعود بارزاني في 25 سبتمبر (أيلول) الماضي، وقوبل برفض المجتمع الدولي والحكومة المركزية، وانتهى بفشل رغم الانتصار الكبير لأنصار «نعم».
ومع الفشل في تحقيق الاستقلال وفقدان سيطرة الإقليم على غالبية المناطق المتنازع عليها مع بغداد، اختار بارزاني التنحي في نوفمبر (تشرين الثاني)، ما دفع برلمان الإقليم إلى توزيع مؤقت للسلطات، إلى حين إجراء انتخابات رئاسية لم يحدد موعدها بعد.
وغرق الإقليم في الديون منذ انهيار أسعار النفط عام 2014، لكن الأوضاع تدهورت في شكل أكبر بعد الاستفتاء خصوصا بعدما اتخذت حكومة بغداد إجراءات عقابية واستعادت السيطرة على أغلب المناطق المتنازع عليها وأبرزها محافظة كركوك الغنية بالنفط.



الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)

كثّفت الجماعة الحوثية استهدافها مدرسي الجامعات والأكاديميين المقيمين في مناطق سيطرتها بحملات جديدة، وألزمتهم بحضور دورات تعبوية وزيارات أضرحة القتلى من قادتها، والمشاركة في وقفات تنظمها ضد الغرب وإسرائيل، بالتزامن مع الكشف عن انتهاكات خطيرة طالتهم خلال فترة الانقلاب والحرب، ومساعٍ حثيثة لكثير منهم إلى الهجرة.

وذكرت مصادر أكاديمية في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن مدرسي الجامعات العامة والخاصة والموظفين في تلك الجامعات يخضعون خلال الأسابيع الماضية لممارسات متنوعة؛ يُجبرون خلالها على المشاركة في أنشطة خاصة بالجماعة على حساب مهامهم الأكاديمية والتدريس، وتحت مبرر مواجهة ما تسميه «العدوان الغربي والإسرائيلي»، ومناصرة فلسطينيي غزة.

وتُلوّح الجماعة بمعاقبة مَن يتهرّب أو يتخلّف من الأكاديميين في الجامعات العمومية، عن المشاركة في تلك الفعاليات بالفصل من وظائفهم، وإيقاف مستحقاتهم المالية، في حين يتم تهديد الجامعات الخاصة بإجراءات عقابية مختلفة، منها الغرامات والإغلاق، في حال عدم مشاركة مدرسيها وموظفيها في تلك الفعاليات.

أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

وتأتي هذه الإجراءات متزامنة مع إجراءات شبيهة يتعرّض لها الطلاب الذين يجبرون على حضور دورات تدريبية قتالية، والمشاركة في عروض عسكرية ضمن مساعي الجماعة لاستغلال الحرب الإسرائيلية على غزة لتجنيد مقاتلين تابعين لها.

انتهاكات مروّعة

وكان تقرير حقوقي قد كشف عن «انتهاكات خطيرة» طالت عشرات الأكاديميين والمعلمين اليمنيين خلال الأعوام العشرة الماضية.

وأوضح التقرير الذي أصدرته «بوابة التقاضي الاستراتيجي»، التابعة للمجلس العربي، بالتعاون مع الهيئة الوطنية للأسرى والمختطفين، قبل أسبوع تقريباً، وغطّي الفترة من مايو (أيار) 2015، وحتى أغسطس (آب) الماضي، أن 1304 وقائع انتهاك طالت الأكاديميين والمعلمين في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية التي اتهمها باختطافهم وتعقبهم، ضمن ما سمّاها بـ«سياسة تستهدف القضاء على الفئات المؤثرة في المجتمع اليمني وتعطيل العملية التعليمية».

أنشطة الجماعة الحوثية في الجامعات طغت على الأنشطة الأكاديمية والعلمية (إكس)

ووثّق التقرير حالتي وفاة تحت التعذيب في سجون الجماعة، وأكثر من 20 حالة إخفاء قسري، منوهاً بأن من بين المستهدفين وزراء ومستشارين حكوميين ونقابيين ورؤساء جامعات، ومرجعيات علمية وثقافية ذات تأثير كبير في المجتمع اليمني.

وتضمن التقرير تحليلاً قانونياً لمجموعة من الوثائق، بما في ذلك تفاصيل جلسات التحقيق ووقائع التعذيب.

ووفق تصنيف التقرير للانتهاكات، فإن الجماعة الحوثية نفّذت 1046 حالة اختطاف بحق مؤثرين، وعرضت 124 منهم للتعذيب، وأخضعت اثنين من الأكاديميين و26 من المعلمين لمحاكمات سياسية.

وتشمل الانتهاكات التي رصدها التقرير، الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري والتعذيب الجسدي والنفسي والمحاكمات الصورية وأحكام الإعدام.

عشرات الأكاديميين لجأوا إلى طلب الهجرة بسبب سياسات الإقصاء الحوثية وقطع الرواتب (إكس)

وسبق أن كشف تقرير تحليلي لأوضاع الأكاديميين اليمنيين عن زيادة في طلبات العلماء والباحثين الجامعيين للهجرة خارج البلاد، بعد تدهور الظروف المعيشية، واستمرار توقف رواتبهم، والانتهاكات التي تطال الحرية الأكاديمية.

وطبقاً للتقرير الصادر عن معهد التعليم الدولي، ارتفعت أعداد الطلبات المقدمة من باحثين وأكاديميين يمنيين لصندوق إنقاذ العلماء، في حين تجري محاولات لاستكشاف الطرق التي يمكن لقطاع التعليم الدولي من خلالها مساعدة وتغيير حياة من تبقى منهم في البلاد إلى الأفضل.

إقبال على الهجرة

يؤكد المعهد الدولي أن اليمن كان مصدر غالبية الطلبات التي تلقّاها صندوق إنقاذ العلماء في السنوات الخمس الماضية، وتم دعم أكثر من ثلثي العلماء اليمنيين داخل المنطقة العربية وفي الدول المجاورة، بمنحة قدرها 25 ألف دولار لتسهيل وظائف مؤقتة.

قادة حوثيون يتجولون في جامعة صنعاء (إعلام حوثي)

لكن تحديات التنقل المتعلقة بالتأشيرات وتكلفة المعيشة والاختلافات اللغوية الأكاديمية والثقافية تحد من منح الفرص للأكاديميين اليمنيين في أميركا الشمالية وأوروبا، مقابل توفر هذه الفرص في مصر والأردن وشمال العراق، وهو ما يفضله كثير منهم؛ لأن ذلك يسمح لهم بالبقاء قريباً من عائلاتهم وأقاربهم.

وخلص التقرير إلى أن العمل الأكاديمي والبحثي داخل البلاد «يواجه عراقيل سياسية وتقييداً للحريات ونقصاً في الوصول إلى الإنترنت، ما يجعلهم يعيشون فيما يُشبه العزلة».

وأبدى أكاديمي في جامعة صنعاء رغبته في البحث عن منافذ أخرى قائمة ومستمرة، خصوصاً مع انقطاع الرواتب وضآلة ما يتلقاه الأستاذ الجامعي من مبالغ، منها أجور ساعات تدريس محاضرات لا تفي بالاحتياجات الأساسية، فضلاً عن ارتفاع الإيجارات.

إجبار الأكاديميين اليمنيين على المشاركة في الأنشطة الحوثية تسبب في تراجع العملية التعليمية (إكس)

وقال الأكاديمي الذي طلب من «الشرق الأوسط» التحفظ على بياناته خوفاً على سلامته، إن الهجرة ليست غاية بقدر ما هي بحث عن وظيفة أكاديمية بديلة للوضع المأساوي المعاش.

ويقدر الأكاديمي أن تأثير هذه الأوضاع أدّى إلى تدهور العملية التعليمية في الجامعات اليمنية بنسبة تتجاوز نصف الأداء في بعض الأقسام العلمية، وثلثه في أقسام أخرى، ما أتاح المجال لإحلال كوادر غير مؤهلة تأهيلاً عالياً، وتتبع الجماعة الحوثية التي لم تتوقف مساعيها الحثيثة للهيمنة على الجامعات ومصادرة قرارها، وصياغة محتوى مناهجها وفقاً لرؤية أحادية، خصوصاً في العلوم الاجتماعية والإنسانية.

وفي حين فقدت جامعة صنعاء -على سبيل المثال- دورها التنويري في المجتمع، ومكانتها بصفتها مؤسسة تعليمية، تُشجع على النقد والتفكير العقلاني، تحسّر الأكاديمي اليمني لغياب مساعي المنظمات الدولية في تبني حلول لأعضاء هيئة التدريس، سواء في استيعابهم في مجالات أو مشروعات علمية، متمنياً ألا يكون تخصيص المساعدات لمواجهة المتطلبات الحياتية للأكاديميين غير مشروط أو مجاني، وبما لا يمس كرامتهم.