استنفار القوات الكردية شرق سوريا... والنظام يتواصل مع عشائر عربية

استنفار القوات الكردية شرق سوريا... والنظام يتواصل مع عشائر عربية
TT

استنفار القوات الكردية شرق سوريا... والنظام يتواصل مع عشائر عربية

استنفار القوات الكردية شرق سوريا... والنظام يتواصل مع عشائر عربية

سجل استنفار أمني في مناطق سيطرة «قوات سوريا الديمقراطية» الكردية - العربية شرق سوريا، بعد اتهامها بـ«الخيانة» من قبل الرئيس بشار الأسد واعتبار نائب وزير الخارجية فيصل المقداد هذه القوات مشابهة لـ«داعش»، في وقت بدأ النظام السوري إعادة فتح قنوات مع قادة عشائر شرق سوريا لمواجهة محتملة مع الأكراد.
وكثفت الشرطة الكردية (آسايش) و«وحدات حماية الشعب» الكردي دورياتها في مدن منبج وتل أبيض ورأس العين والدرباسية والقامشلي والقحطانية والحسكة دورياتها وعززت نقاطها بعناصر إضافية خوفاً من تحرك أبناء العشائر العربية الذين يرفضون هيمنة الأكراد على مناطقهم بإشارة من النظام.
وقال مصدر في محافظة الحسكة: «تصريح الأسد لم يصف الأكراد بالخيانة، بل وصف كل من يعمل تحت المظلة الأميركية بالخيانة وهذا الأمر ينطبق على الأكراد والعرب والمسيحيين والتركمان باعتبارهم مشاركين في قوات سوريا الديمقراطية التي تعمل تحت المظلمة الأميركية». وأضاف: «رد فعل الأكراد على تصريحات الأسد كان قاسيا ولا يقل عن تصريحه فقد وصفوه بالخيانة باعتباره فتح أبواب سوريا أمام كل الإرهابيين. وغياب أي رد فعل من جميع المكونات الأخرى، يشير إلى أن وحدات الحماية الكردية وباقي الفصائل الكردية المشاركة معها تعمل تحت المظلة الأميركية وهم من ينسقون ويتواصلون مع الأميركيين لأنهم بصراحة لا يثقون بالعرب وغير هم من قوات سوريا الديمقراطية التنسيق فقط مع الوحدات الكردية، وهذا ما أكده الناطق الرسمي باسم قوات سوريا الديمقراطية طلال سلو بعد انشقاقه منتصف الشهر الجاري».
واتهمت «قوات سوريا الديمقراطية» في بيان الأسد بـ«الخيانة». وقالت: «الأسد وما تبقى من نظام حكمه، هم آخر من يحق لهم الحديث عن الخيانة وتجلياتها، بما أن هذا النظام هو المسؤول مباشرة عن فتح أبواب البلاد على مصراعيها أمام جحافل الإرهاب الأجنبي التي جاءت من كل أصقاع الأرض، كما أنه هو بالذات الذي أطلق كلَّ الإرهابيين من سجونه ليوغلوا في دماء السوريين بمختلف تشعباتهم». وأضافت: «النظام الذي ما زال يراهن على الفتنة الطائفية والعرقية ويتخندق وَفْق هذه المعطيات، هو ذاته أحد تعاريف الخيانة التي إن لم يتصدَّ لها السوريون ستؤدي بالبلاد إلى التقسيم، وهو ما لن تسمح به قواتنا بأي شكل من الأشكال». وكان وزير الخارجية السوري وليد المعلم قال إن «إقامة نظام إدارة ذاتية للأكراد في سوريا أمر قابل للتفاوض والحوار في حال إنشائها في إطار حدود الدولة».
ووصف المجلس التنفيذي لمقاطعة الجزيرة التابع للإدارة الذاتية في بيان تصريحات الأسد بأنها «كانت متوحشة بمثابة إعلان حرب جديدة على كل مناطقنا المحررة التي لم يميز بين مكوناتها، وكأنه بمعنى من المعاني يريد إعادة إنتاج الماضي الأسود القاتم لكل مكونات شعبنا العربية والكردية والسريانية والشيشانية والتركمانية وغيرها عبر اتهامها بالخيانة والتبعية. لا يحق لمن كان السبب في تدمير البلاد والعباد وملأ هذا الوطن بميليشيات الموت المرتزقة من كل أصقاع العالم أن يتهم القوى التي حاربت الإرهاب وحافظت على أمن واستقرار المنطقة بالخيانة».
ورد المقداد على موقف الأكراد ووصف «قوات سوريا الديمقراطية» بأنها «داعش» جديد في الشمال الشرقي من سوريا. وقال أمس: «هناك داعش آخر قد يسمى قسد، ويحاول الأميركيون دعمها ضد إرادة الشعب السوري». وأضاف: «هي في خدمة أميركا وخدمة المخططات الغربية ضد شعب سوريا وضد الدولة السورية»، معتبراً أنه «من يعمل على تفتيت الدولة السورية، ويضع شروط على إعادة دمج المناطق السورية ببعضها ليس بسوري ولا يمكن الوثوق به».
النظام السوري الذي ما زال يستند إلى قواعد له في شمال شرقي سوريا من عرب وأكراد وتركمان ومسيحيين وغيرهم، باشر ومنذ عدة أشهر إلى التواصل مع شيوخ عشائر العربية والتركمانية والكردية وغيرهم بعد اتخاذ الكثير منهم مواقف ضد النظام بسبب تصرفاته وخاصة في محافظات الحسكة ودير الزور والرقة والتي سيطر عليها تنظيم داعش. وكانت طائراته لا تفرق بين عناصر التنظيم والمدنيين، بل كانت تستهدف المدنيين أكثر وإشارات استفهام حول معارك وهمية بين عناصر التنظيم وقوات النظام التي سيطرة على مواقع عسكرية كان من الصعب السيطرة عليها لولا وجود تفاهمات وجر الثورة السورية إلى التطرف وخلق تنظيمات متطرفة شمال شرقي سوريا، بحسب نشطاء معارضين. وقال أحدهم: «شواهد كثيرة على تحالف النظام مع مسلحي داعش والذي سلم لهم محافظة الرقة وريف دير الزور الشرقي والغربي ونصف محافظة الحسكة».
وكان النظام وجد ضالته في ضغط «الوحدات» على العرب شمال وشرق سوريا ونظرة بعض عناصر إلى العرب للعودة إلى فتح قنوات التواصل مع شيوخ العشائر عبر أقاربهم ومعارفهم في دمشق وبعض المحافظات السورية الأخرى، ووجد الشيوخ عودة التواصل مع النظام فرصة لتخلصهم من «الوحدات» وقيادتها التي تتبع لجبل قنديل مقر حزب العمال الكردستاني وممارساتهم ضد العرب في تلك المناطق وصلت إلى حد المواجهات في مدينة منبج منتصف الشهر الماضي عندما فرضوا التجنيد الإجباري.
وقال أحد الشيوخ: «إذا فرض على أبنائنا التجنيد سنرسلهم للخدمة في الجيش السوري الذي سيعود إلى المنطقة عاجلاً وليس آجلاً ولن نرسل أبناءنا للخدمة العسكرية وتقديم التحية لعبد الله أوجلان زعيم حزب العمال الكردستاني».
تواصل النظام مع شيوخ العشائر لم يقتصر على الداخل، فقد أعاد النظام الشيخ نواف راغب البشير شيخ قبيلة البكارة واحدة من أكبر العشائر العربية في شمال وشرق سوريا من صفوف المعارضة إلى دمشق، وأظهره بأنه داعم للنظام عبر مساندة فصيل لواء «محمد الباقر» المكون من أبناء البكارة ونشر صورا له مع قادة الفصيل في مدينة دير الزور إلى جانب العميد عصام زهر الدين الذي قتل منتصف شهر أكتوبر (تشرين الأول) الماضي. وقال أحد أبناء العشيرة: «إيران هي من أعادت الشيخ نواف البشير من تركيا وهو يقيم في حي كفر سوسة بدمشق تحت حراسة إيرانية. ولم يسمح له لقاء أي مسؤولين سوري، بل هو شخص منبوذ بالنسبة لهم بل وقصة إعادته استغلت فقط إعلامياً فقط».
تحالف «الوحدات» الكردية مع النظام السوري بني في البداية على مواجهة كل حراك شعبي في مناطق شرق سوريا، واعتبر عدد من المسؤولين السورين في تصريحات لهم أن «الوحدات الكردية هي جزء من القوى الوطنية». لكن هذا الوصف تلاشى بعد هجوم تنظيم داعش على مدينة الحسكة بتاريخ 25 يونيو (حزيران) 2015، حيث امتنعت «الوحدات» عن المشاركة لصد الهجوم على المدينة لأكثر من 20 يوماً من بدء الهجوم. ووعد قائد «الوحدات» الكردية الملقب بـ«لوند حسكة» بأن يشارك في صد هجوم «داعش» بعد مقابلة محافظة الحسكة السابق محمد زعال العلي، وقد وعد حسكة أن «تكون الوحدات الكردية إلى جانب الجيش والقوات الرديفة له في صد الهجوم»، بحسب مصدر. وأضاف: «قرار الوحدات الكردية ليس بيدهم هناك من يوجههم وهذه مشكلة بالنسبة لتعامل الحكومة السورية معهم، والتي ترفض لقاء أي مسؤول كردي ليس سوريا».
وتابع: «بعد هجوم داعش كانت قيادة الوحدات تنتظر سقوط مدينة الحسكة بيد تنظيم داعش وتقوم باستعادتها من تنظيم داعش وبذلك تفرض سيطرتها عليها بحكم الأمر الواقع، إلا أن صمود الجيش والقوات التي قاتلت معه أضاع الفرصة منهم، ودخلوا لتثبيت نقاط كان الجيش استعادها وبسطوا سيطرتهم عليها».
هذه السيطرة أوجدت حالة من الشك بين الحلفاء ضد تنظيم داعش، بل وصلت إلى حالة المواجهات عندما بدأت «الوحدات» تفرض سيطرتها على أغلب أحياء مدينة الحسكة والسيطرة على مقارها الحكومية وما كان من الصدام بد. وقال قائد إحدى المجموعات المسلحة التي تقاتل إلى جانب الجيش النظامي: «مع تمادي عناصر الوحدات الكردية في التعرض لنقاط الجيش والقوى الأمنية والرديفة لهم كان لا بد من المواجهة مع القوات الكردية، وهذا ما حصل وتدخل سلاح الجو في قصف مقرات الوحدات والآسايش في مدينة الحسكة بداية شهر أغسطس (آب) عام 2016، وعندها أدرك قادة الوحدات أن الحكومة السورية لن تسمح بسيطرتهم على محافظة الحسكة، وكل ما يقومون به هو تحت السيطرة بالنسبة للحكومة السورية».
وتعول الحكومة السورية في تواصلها مع شيوخ العشائر ووجهاء مناطق شمال وشرق سوريا على العنصر العربي، الذي يشكل نحو 70 في المائة من «الوحدات» الكردية، بحسب تصريحات قياداتها التي تنظر إلى هؤلاء كـ«مرتزقة»، كما يقول الشيخ محمد الفارس شيخ عشيرة طي في سوريا. وأضاف: «الوحدات تنظر إلى عناصرها العرب كمرتزقة وهم وقود أي معركة يدخلها الأكراد». وتابع: «عندما يكون الأمر يتعلق بالوطن سيكون العرب وكل شرفاء محافظة الحسكة وكل سوريا يدا واحدة ضد أي مشروع انفصالي أو غيره».



انتهاكات حوثية تستهدف قطاع التعليم ومنتسبيه

إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)
إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)
TT

انتهاكات حوثية تستهدف قطاع التعليم ومنتسبيه

إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)
إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)

ارتكبت جماعة الحوثيين في اليمن موجةً من الانتهاكات بحق قطاع التعليم ومنتسبيه شملت إطلاق حملات تجنيد إجبارية وإرغام المدارس على تخصيص أوقات لإحياء فعاليات تعبوية، وتنفيذ زيارات لمقابر القتلى، إلى جانب الاستيلاء على أموال صندوق دعم المعلمين.

وبالتوازي مع احتفال الجماعة بما تسميه الذكرى السنوية لقتلاها، أقرَّت قيادات حوثية تتحكم في العملية التعليمية بدء تنفيذ برنامج لإخضاع مئات الطلبة والعاملين التربويين في مدارس صنعاء ومدن أخرى للتعبئة الفكرية والعسكرية، بحسب ما ذكرته مصادر يمنية تربوية لـ«الشرق الأوسط».

طلبة خلال طابور الصباح في مدرسة بصنعاء (إ.ب.أ)

ومن بين الانتهاكات، إلزام المدارس في صنعاء وريفها ومدن أخرى بإحياء ما لا يقل عن 3 فعاليات تعبوية خلال الأسبوعين المقبلين، ضمن احتفالاتها الحالية بما يسمى «أسبوع الشهيد»، وهي مناسبة عادةً ما يحوّلها الحوثيون كل عام موسماً جبائياً لابتزاز وقمع اليمنيين ونهب أموالهم.

وطالبت جماعة الحوثيين المدارس المستهدفة بإلغاء الإذاعة الصباحية والحصة الدراسية الأولى وإقامة أنشطة وفقرات تحتفي بالمناسبة ذاتها.

وللأسبوع الثاني على التوالي استمرت الجماعة في تحشيد الكوادر التعليمية وطلبة المدارس لزيارة مقابر قتلاها، وإرغام الموظفين وطلبة الجامعات والمعاهد وسكان الأحياء على تنفيذ زيارات مماثلة إلى قبر رئيس مجلس حكمها السابق صالح الصماد بميدان السبعين بصنعاء.

وأفادت المصادر التربوية لـ«الشرق الأوسط»، بوجود ضغوط حوثية مُورِست منذ أسابيع بحق مديري المدارس لإرغامهم على تنظيم زيارات جماعية إلى مقابر القتلى.

وليست هذه المرة الأولى التي تحشد فيها الجماعة بالقوة المعلمين وطلبة المدارس وبقية الفئات لتنفيذ زيارات إلى مقابر قتلاها، فقد سبق أن نفَّذت خلال الأعياد الدينية ومناسباتها الطائفية عمليات تحشيد كبيرة إلى مقابر القتلى من قادتها ومسلحيها.

حلول جذرية

دعا المركز الأميركي للعدالة، وهو منظمة حقوقية يمنية، إلى سرعة إيجاد حلول جذرية لمعاناة المعلمين بمناطق سيطرة جماعة الحوثي، وذلك بالتزامن مع دعوات للإضراب.

وأبدى المركز، في بيان حديث، قلقه إزاء التدهور المستمر في أوضاع المعلمين في هذه المناطق، نتيجة توقف صرف رواتبهم منذ سنوات. لافتاً إلى أن الجماعة أوقفت منذ عام 2016 رواتب موظفي الدولة، بمن في ذلك المعلمون.

طفل يمني يزور مقبرة لقتلى الحوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

واستحدث الحوثيون ما يسمى «صندوق دعم المعلم» بزعم تقديم حوافز للمعلمين، بينما تواصل الجماعة - بحسب البيان - جني مزيد من المليارات شهرياً من الرسوم المفروضة على الطلبة تصل إلى 4 آلاف ريال يمني (نحو 7 دولارات)، إلى جانب ما تحصده من عائدات الجمارك، دون أن ينعكس ذلك بشكل إيجابي على المعلم.

واتهم البيان الحقوقي الحوثيين بتجاهل مطالب المعلمين المشروعة، بينما يخصصون تباعاً مبالغ ضخمة للموالين وقادتهم البارزين، وفقاً لتقارير حقوقية وإعلامية.

وأكد المركز الحقوقي أن الإضراب الحالي للمعلمين ليس الأول من نوعه، حيث شهدت العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء إضرابات سابقة عدة قوبلت بحملات قمع واتهامات بالخيانة من قِبل الجماعة.

من جهته، أكد نادي المعلمين اليمنيين أن الأموال التي تجبيها جماعة الحوثي من المواطنين والمؤسسات الخدمية باسم صندوق دعم المعلم، لا يستفيد منها المعلمون المنقطعة رواتبهم منذ نحو 8 سنوات.

وطالب النادي خلال بيان له، الجهات المحلية بعدم دفع أي مبالغ تحت مسمى دعم صندوق المعلم؛ كون المستفيد الوحيد منها هم أتباع الجماعة الحوثية.