جنبلاط يسخر من انتخابات سوريا ويصفها بـ«غير المسبوقة في أعرق الديمقراطيات»

الحريري عدها «سوداء ومفبركة ودموية».. ورعد قال إنها اقتلعت المؤامرة من موقعها

سعد الحريري و وليد جنبلاط
سعد الحريري و وليد جنبلاط
TT

جنبلاط يسخر من انتخابات سوريا ويصفها بـ«غير المسبوقة في أعرق الديمقراطيات»

سعد الحريري و وليد جنبلاط
سعد الحريري و وليد جنبلاط

وصف رئيس الحكومة اللبنانية الأسبق، رئيس تيار المستقبل، سعد الحريري الانتخابات الرئاسية السورية بأنها «انتخابات مسخرة وهزيلة وسوداء وحقيرة ومفبركة ودموية وساقطة»، في حين سخر رئيس اللقاء الديمقراطي النائب وليد جنبلاط من الانتخابات، عادا إياها «غير مسبوقة في أعرق الديمقراطيّات التي عرفها التاريخ القديم والوسيط والمعاصر».
الحريري قال في تغريدات متتالية على حسابه الشخصي في موقع «تويتر»، أمس إن «هناك إجماعا بأن العالم شهد أسوأ تجربة ديمقراطية في التاريخ». وعد أنه «لا توجد انتخابات في تاريخ البشرية، تعرّضت للأوصاف والنعوت المهينة كالانتخابات التي منحت (الرئيس السوري) بشار الأسد ولاية جديدة على الشعب السوري»، لافتا إلى أن «قلة في هذا العالم احتفلت بتتويج بشار على عرش الجريمة المستمرة».
وأشار الحريري إلى أن «الشعب السوري يحتاج إلى قرار دولي بإنهاء مشروع تدمير سوريا ووقف مسلسل تقاسم المصير السوري بين بشار الأسد و(داعش)»، لافتا إلى أن «الشعب السوري يحتاج لما هو أكثر من وصف الانتخابات السورية بصفر مكعب».
ووجه كل من الحريري وجنبلاط انتقادات حادة إلى المجتمع الدولي ومجموعة أصدقاء سوريا، إذ رأى الحريري في تغريداته أن «أصدقاء الشعب السوري يكتفون هذه الأيام برجم بشار بأقذع الأوصاف، فيما يواصل الأسد قذف الأحياء بالبراميل المتفجرة»، محذرا من أن «بقاء بشار يساوي بقاء الحرب والإرهاب والخراب في سوريا وقد آن الأوان لوقف هذه المأساة المهزلة».
وفي السياق ذاته، لفت رئيس اللقاء الديمقراطي أنه «لولا تخاذل ما يُسمّى المجتمع الدولي ومجموعة (أعداء) سوريا، لما تمكن النظام من إجراء أنزه انتخابات في تاريخ البشريّة بعد أن تفرّج ويتفرّج العالم عليه يقوم بما يقوم به من قمع وتنكيل وقصف وتهجير في إطار تهيئته للانتخابات الديمقراطية الحرة التعدديّة النزيهة».
وقال جنبلاط، في تصريح أمس: «يا لها من انتخابات براقة حقا، تشع منها أنوار الحرية، وتفوح منها روائح الديمقراطيّة، وتشكل خارطة طريق لكل شعوب الأرض لتتعلم فنون الانتخابات والاقتراع والفرز وتستفيد منها». وسخر جنبلاط من نسبة الإقبال على الانتخابات التي أعلنتها دمشق، وقال: «مع تصويت الأموات الذين فاق عددهم المائتي ألف، والمهجّرين داخل وخارج سوريا البالغ عددهم ما يزيد عن ثمانية ملايين، والمعتقلين السياسيين والمفقودين ومجهولي المصير؛ مع كل هؤلاء كان بإمكان النظام السوري أن يحقق نتائج أفضل في تلك الانتخابات الباهرة بشفافيتها وتعدديتها وديمقراطيتها».
وعد جنبلاط أنه «لولا بعض الركام في حمص وبعض الدمار في حلب وبعض الطرقات المقطوعة في إدلب، لتمكن كل سكان هذه المدن من تجديد البيعة الأبدية للسيّد الرئيس، ولو كان على جثث وأشلاء الضحايا الذين تقدّر أعدادهم بمئات الآلاف». وتابع في السياق ذاته: «لولا بعض البراميل المتفجرة التي ترمى من الطائرات، وبعض السلاح الكيماوي الذي استخدم بين الحين والآخر، لكان بإمكان أهل الغوطة الشرقيّة ومناطق الشمال السوري أن يعلّموا الغرب كيف تنظم الانتخابات وتُدار عمليات الاقتراع الحر والتصويت النزيه».
في المقابل، عد رئيس كتلة حزب الله النيابية محمد رعد: «إن تجديد الانتخاب للرئيس بشار الأسد في سوريا هو نعي للمؤامرة التي استهدفت تدميرها واقتلاعها من موقعها وإضعاف الأمة عبر استهداف محور المقاومة في هذه المنطقة كمقدمة للانقضاض على الجمهورية الإسلامية في إيران وعلى المقاومة الإسلامية في لبنان»، مشيرا إلى أنه «في النهاية انتصر المشروع الذي يمكن أن يتناغم ويتعايش مع مشروع المقاومة الذي هو مشروع حياة الأمة ونهضتها». وتابع رعد، خلال احتفال تكريمي لجرحى حزب الله، جنوب لبنان، أن «ما شهدناه خلال اليومين الماضيين من إقبال كثيف على صناديق الاقتراع لاختيار وانتخاب مشروع سوريا القوية الموحدة بقيادتها وجيشها وشعبها عبر عن إرادة الشعب السوري الحقيقية الذي حاول الكثيرون خداعه في بداية الأزمة، لكنه استعاد موقعه وعرف أن الخيار الصحيح ليس فيما يسوق على أنه بديل للواقع القائم، فالبديل تأنف منه النفس البشرية ولا يمكن أن تتعايش معه الشعوب على الإطلاق».



دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
TT

دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)

مع توجّه الحكومة اليمنية بطلب إلى الأمم المتحدة لعقد مؤتمر للمانحين لجهة دعم خطة الاستجابة الإنسانية في البلاد، بعد تزايد الاحتياجات الإنسانية الملحَّة، جددت منظمات دولية وأممية الدعوة إلى زيادة التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية.

وفي حين تواصل الجماعة الحوثية إعاقة جهود الإغاثة في البلاد، ذكر الإعلام الرسمي أن سفير اليمن لدى الأمم المتحدة، عبد الله السعدي، أكد على ضرورة أن تظل الأزمة الإنسانية في اليمن على رأس أولويات الأمم المتحدة والمجتمع الدولي للحد من المعاناة المتزايدة، داعياً إلى تكثيف الجهود للإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المختطَفين والمعتقَلين، ومحاسبة المسؤولين عن مختلف الانتهاكات، في إشارة إلى الجماعة الحوثية.

وفي بيان اليمن أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، خلال الجلسة الخاصة بتعزيز تنسيق المساعدات الإنسانية والإغاثية، حذَّر السعدي المجتمع الدولي من خطورة تجاهل الانتهاكات التي ترتكبها الجماعة الحوثية لخدمة أجندتها السياسية، بما في ذلك استخدام المساعدات الإنسانية لخدمة أهدافها العسكرية وتحويل المناطق الخاضعة لسيطرتها إلى سجون لمن يعارضونها.

أكثر من 19 مليون يمني بحاجة إلى المساعدات خلال العام المقبل حسب تقديرات أممية (الأمم المتحدة)

وأعاد البيان اليمني التذكير بأهمية نقل مقرات الوكالات الأممية والمنظمات الدولية إلى العاصمة المؤقتة عدن لضمان سلامة العاملين في المجال الإنساني، وتوفير بيئة آمنة للعمل بعيداً عن التدخلات؛ ما يساهم في تحسين القدرة على إيصال المساعدات إلى الفئات المحتاجة في مختلف المناطق. وتتهم الحكومة اليمنية وأوساط إغاثية وحقوقية محلية وأممية ودولية الجماعة الحوثية بالاستمرار في اختطاف العاملين بالمجال الإغاثي، وتبني حملات إعلامية مسيئة للعمل الإنساني، ورفض الاستجابة لطلبات عائلات المختطفين بالسماح بزيارتهم والاطمئنان على صحتهم الجسدية والنفسية، وتقديم الرعاية لهم.

سوء التنظيم والتخطيط

وجدَّدت الحكومة اليمنية التذكير بالأضرار الكبيرة التي تسببت بها الفيضانات والسيول التي ضربت عدة مناطق يمنية هذا العام، إلى جانب مختلف التطرفات المناخية التي ضاعفت من الآثار الناجمة عن الحرب في مفاقمة الأوضاع الإنسانية والاقتصادية؛ ما زاد من أهمية وضرورة تكثيف دعم المجتمع الدولي لليمن في مواجهة هذه التحديات.

جهات دولية تتهم الجماعة الحوثية بإعاقة أعمال الإغاثة بعد اختطاف موظفي المنظمات (رويترز)

ولا يتوقع جمال بلفقيه رئيس اللجنة العليا للإغاثة في الحكومة اليمنية أن يكون الدعم كبيراً أو كافياً لمواجهة مختلف المتطلبات والاحتياجات، مشيراً إلى أن عملية حشد الأموال لا بد أن تقترن بكيفية تنظيم إدارة العمل الإنساني والإغاثي، وخلق شراكة حقيقية بين الحكومة اليمنية والقطاع الخاص، والمنظمات المحلية والجهات الإغاثية الحالية، لإيصال المساعدات.

وفي حديثه لـ«الشرق الأوسط»، يصف بلفقيه الأزمة الإنسانية في بلاده بالأشد قسوة؛ ما يجعل من غير الممكن على اليمنيين الصمود أمام متطلبات معيشتهم، في ظل استمرارها وتصاعدها، منوهاً بأن حجم الأموال التي يمكن الحصول عليها ليس مهماً إذا لم يتم تنظيم عمليات الإغاثة للوصول بكفاءة إلى كل المستحقين.

وانتقد بلفقيه، وهو أيضاً مستشار وزير الإدارة المحلية، التوجهات الأممية الموسمية لزيادة التمويل، عند نهاية عام وبداية عام جديد، مع غياب التخطيط والتنظيم الفاعلين، وعدم مراعاة الاحتياجات المحلية للمتضررين من الأزمة الإنسانية في كل محافظة.

فيضانات الصيف الماضي في اليمن فاقمت من الأزمة الإنسانية وزادت من احتياجات الإغاثة (الأمم المتحدة)

من جهتها، أكدت منظمة «هيومن رايتس ووتش» أن اليمن أصبح يعيش «واحدة من أكبر الأزمات الإنسانية في العالم»، وفقاً لبيانات الأمم المتحدة؛ ما يزيد من احتياجات التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية، بما فيها الغذاء والمياه والإمدادات الطبية.

واتهمت المنظمة، في بيان حديث لها، الجماعة الحوثية، باحتجاز وإخفاء 17 شخصاً على الأقل من موظفي الأمم المتحدة، بالإضافة إلى عشرات الموظفين من المنظمات غير الحكومية ومنظمات المجتمع المدني والشركات الخاصة، ومواصلة احتجازهم دون تهم.

إيقاف التمويل

نقلت «هيومن رايتس ووتش» عن الأمم المتحدة، أن 24.1 مليون يمني، أي ما يساوي 80 في المائة من السكان، بحاجة إلى المساعدات الإنسانية والحماية».

ونبهت المنظمة الدولية إلى أن الحكومة السويدية أقرَّت، أواخر الشهر الماضي، «الإنهاء التدريجي» لمساعداتها الإنمائية لليمن، على خلفية الإجراءات التدميرية المتزايدة للجماعة الحوثية في الأجزاء الشمالية من اليمن، ومنها اختطاف موظفي الأمم المتحدة.

كما دعت الأمم المتحدة والمجتمع الدولي تصعيد مطالبة الحوثيين بالإفراج عن المعتقلين، وتنسيق جهودهما بشكل أفضل في هذا الهدف المشترك. وقالت: «يجب أن تضاعف وكالات الأمم المتحدة الجهود لحماية ودعم موظفيها المتبقين في اليمن».

رغم تراجع تمويل الإغاثة في اليمن لا تزال وكالات أممية تقدم مساعدات للنازحين والمحتاجين (الأمم المتحدة)

ويتفق الباحث الاقتصادي، عادل السامعي، مع مسؤول الإغاثة اليمني، بلفقيه، حول سوء إدارة أموال الإغاثة في اليمن، وتسبب ذلك في حلول جزئية ومؤقتة للأزمة الإنسانية في البلاد. ويوضح السامعي لـ«الشرق الأوسط» أن هناك تراجعاً ملحوظاً في تمويل خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن بسبب «الفساد» الذي أضر بالعملية الإغاثية وتجيير كثير من أوجه الدعم والمساعدات لصالح الجماعة الحوثية.

ويلفت إلى أن هناك تراكماً للفجوات بين الاحتياجات التي تفرضها الأزمة الإنسانية في اليمن والتمويل الموجَّه لها؛ فبعد أن كانت متطلبات الاستجابة الإنسانية خلال الـ12 عاماً الماضية تزيد على 33 مليار دولار، جرى تحصيل أقل من 20 مليار دولار فقط.

وخلال الأسبوع الماضي، كشفت الأمم المتحدة عن حاجتها إلى 2.5 مليار دولار لدعم خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن خلال العام المقبل (2025).

بسبب اختطاف الجماعة الحوثية موظفي الإغاثة في اليمن تراجعت عدد من الدول عن تمويل الاستجابة الإنسانية (أ.ف.ب)

وحذَّر «مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)»، في بيان له، من أن الظروف المعيشية لمعظم اليمنيين ستظل مزرية في عام 2025. ومن المتوقَّع أن تؤدي فرص كسب العيش المحدودة وانخفاض القدرة الشرائية إلى تعميق عدم الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي.

ووفقاً للمكتب الأممي، فإن 19.54 مليون شخص في اليمن بحاجة إلى المساعدة خلال العام المقبل، من بينهم 17 مليون شخص (49 في المائة من السكان) سيواجهون انعدام الأمن الغذائي الشديد، مع معاناة 5 ملايين شخص من ظروف «الطوارئ». بينما يؤثر سوء التغذية الحاد على نحو 3.5 مليون شخص، بمن في ذلك أكثر من 500 ألف شخص يعانون من سوء التغذية الحاد الشديد.