ميزانية السعودية تدفع القطاع الخاص للمشاركة في التنمية

محفظة صندوق الاستثمارات العامة تقفز إلى 224 مليار دولار

جانب من المؤتمر الصحافي الذي عقد في الرياض مساء أمس (تصوير: خالد الخميس)
جانب من المؤتمر الصحافي الذي عقد في الرياض مساء أمس (تصوير: خالد الخميس)
TT

ميزانية السعودية تدفع القطاع الخاص للمشاركة في التنمية

جانب من المؤتمر الصحافي الذي عقد في الرياض مساء أمس (تصوير: خالد الخميس)
جانب من المؤتمر الصحافي الذي عقد في الرياض مساء أمس (تصوير: خالد الخميس)

شرح ثلاثة مسؤولين سعوديين، أمس، أثر الإنفاق التوسعي في ميزانية الدولة لعام 2018 على القطاع الخاص، يأتي ذلك بعد أن أعلنت المملكة أول من أمس عن أكبر ميزانية في تاريخ البلاد، من حيث حجم الإنفاق، وهو الإنفاق الذي سيتخطى حاجز التريليون ريال (266.6 مليار دولار).
وفي هذا الخصوص، عقد كل من الدكتور ماجد القصبي وزير التجارة والاستثمار، والمهندس خالد الفالح وزير الطاقة والصناعة والثروة المعدنية، وياسر الرميان المشرف على صندوق الاستثمارات العامة، مؤتمراً صحافياً موسعاً مساء أمس في الرياض، كشفوا من خلاله أثر الإنفاق التوسعي على القطاع الخاص.
وخرج المؤتمر الصحافي بعدة مؤشرات مهمة، تؤكد على أن السعودية تمضي قدماً في تفعيل دور القطاع الخاص، ليقوم بدوره الحيوي في التوظيف، والإنتاج، ونقل التقنية، ودعم الابتكار، وتعزيز فرصة المنافسة في الأسواق العالمية والمحلية.
وفي هذا الخصوص، أكد الدكتور ماجد القصبي وزير التجارة والاستثمار، أن ميزانية عام 2018، ستمكّن رجال الأعمال من المشاركة في التنمية، وقال إن «حجم الإنفاق الرأسمالي، والاستثماري، والتحفيزي الضخم الذي تم الإعلان عنه في ميزانية 2018 سيجعل الفرص تتزايد أمام القطاع الخاص للقيام بدوره الحيوي في التنمية».
وخلال إجابته عن سؤال يتعلق بتحسين المناخ الاستثماري في السعودية، قال القصبي: «الاستثمار هو نتيجة للبيئة التشريعية، والبيئة التنظيمية، والبيئة التحفيزية، ومن هنا جاء العمل الجاد على إيجاد حزمة من الأنظمة التي تستهدف تحسين البيئة التشريعية، مثل نظام الامتياز التجاري، ونظام الرهن التجاري، ونظام الإفلاس، وغير ذلك من الأنظمة المهمة».
وشدد الدكتور القصبي خلال حديثه، على أهمية دور المنشآت الصغيرة والمتوسطة، مشيراً إلى أن حزمة البرامج التحفيزية التي تم الإعلان عنها لدعم وتحفيز القطاع الخاص، تولي أهمية كبرى للمنشآت الصغيرة والمتوسطة، لما لهذه الشركات من أثر كبير على صعيد النشاط الاقتصادي، وخلق فرص العمل، والمشاركة في التنمية.
من جهته أكد المهندس خالد الفالح وزير الطاقة والصناعة والثروة المعدنية، خلال المؤتمر الصحافي، أن التحركات السعودية مع بقية الدول المنتجة للبترول ساهمت في تعافي أسعار النفط خلال عام 2017. وقال: «نستهدف خلال العام الجديد زيادة مستوى إنتاج الغاز، بالإضافة إلى تشغيل مصفاة جازان، هذا بالإضافة إلى توقيع عدد من عقود المشروعات المنبثقة عن مبادرة الطاقة الذرية».
ولفت المهندس الفالح خلال حديثه، إلى أن القطاع الخاص سيكون شريكاً أساسياً في مبادرة الطاقة الذرية، مبيناً في الوقت ذاته أن المملكة تستهدف توسيع إنتاج حقل خريص بنحو 300 ألف برميل يومياً.
وأكد المهندس الفالح أن قطاعات الصناعة والتعدين والخدمات اللوجستية تقوم بدور محفز للاقتصاد، مضيفاً: «نعمل على خطة لتطوير مساهمة القطاع الصناعي في الناتج المحلي الإجمالي»، متحدثاً في الوقت ذاته عن حجم الثروة التعدينية التي تتوفر في الأرض.
وأوضح وزير الطاقة والصناعة أن المملكة تعمل على استحداث مجمعات صناعية جديدة، مؤكداً أن تحفيز القطاع الصناعي للقيام بدوره الحيوي، سيساهم في زيادة مستوى خلق فرص العمل أمام شباب وشابات الوطن.
من جانبه، أكد ياسر الرميان، المشرف على صندوق الاستثمارات العامة، أن محفظة الصندوق قفزت إلى 840 مليار ريال (224 مليار دولار)، مقارنة بنحو 579 مليار ريال (154.4 مليار دولار) في عام 2015، محققة بذلك نسبة زيادة قدرها 45 في المائة خلال عامين فقط.
ولفت الرميان إلى أن صندوق الاستثمارات العامة خلال عام 2017 أنفق نحو 70 مليار ريال (18.6 مليار دولار) في استثمارات محلية وعالمية، مبيناً أن الصندوق يستهدف المساهمة في تنمية كثير من القطاعات المحلية، متحدثاً عن تأسيس عدد من الشركات التي ستحقق هذا الهدف التنموي.
ولفت الرميان إلى أن صندوق الاستثمارات العامة نجح في تنفيذ عدد من الاتفاقيات والشراكات النوعية غير المسبوقة على مستوى العالم، التي يأتي من أهمها صندوق «رؤية سوفت بنك» والذي سيستثمر 100 مليار دولار في التكنولوجيا والتقنية.
وأشار الرميان خلال المؤتمر الصحافي إلى أن مشروع «نيوم» يعتبر أكبر المشروعات التي يتبناها صندوق الاستثمارات العامة، لافتاً خلال حديثه إلى حزمة المشروعات الضخمة التي أعلن الصندوق عن الاستثمار فيها خلال الأشهر القليلة الماضية.
ويشار إلى أن ثمة مؤشرات اقتصادية قوية من المتوقع أن تنعكس إيجاباً على القطاع الخاص السعودي خلال عام 2018، أحدث هذه المؤشرات وأكثرها تأثيراً هو إعلان المملكة مساء أول من أمس عن أضخم ميزانية إنفاقية في تاريخ البلاد، التي سيبلغ حجمها نحو 1.1 تريليون ريال (293.3 مليار دولار).
وبحسب الميزانية السعودية لعام 2018، فإن المملكة رصدت إنفاقاً يبلغ حجمه نحو 978 مليار ريال (260.8 مليار دولار)، هذا بالإضافة إلى 83 مليار ريال (22.1 مليار دولار) سيتم استثمارها وضخها عبر صندوق الاستثمارات العامة، و50 مليار ريال (13.3 مليار دولار) سيتم ضخها من قبل الصناديق الوطنية في قطاعات مختلفة، مثل الإسكان، والصناعة، والتعدين.
وتحمل الميزانية السعودية للعام المالي 2018 أرقاماً إيجابية للغاية، حيث تكشف الأرقام المعلنة عن تراجع مرتقب في العجز العام للدولة، على الرغم من تدني أسعار النفط، هذا بالإضافة إلى ارتفاع الإيرادات غير النفطية لتبلغ 291 مليار ريال (77.6 مليار دولار)، لتشكل بذلك ما نسبته 37.1 في المائة من إجمالي الإيرادات العامة المتوقعة خلال عام 2018.
ووفقاً لميزانية 2018، فإن الإيرادات غير النفطية المقدرة، من المتوقع أن تقفز بنسبة 13.6 في المائة، مقارنة بالإيرادات غير النفطية المتحققة في عام 2017 التي بلغت 256 مليار ريال (68.2 مليار دولار)، في حين أن إجمالي الإيرادات المتوقع تحقيقها خلال عام 2018 من المتوقع أن تنمو بنسبة 12.6 في المائة، وهذا يعني أن نمو الإيرادات غير النفطية سيكون أفضل حالاً من نمو الإيرادات النفطية، التي تم تقديرها بنحو 492 مليار ريال (131.2 مليار دولار)، بنسبة نمو قدرها 11.8 في المائة عن الإيرادات النفطية المحققة في 2017.


مقالات ذات صلة

«السيادي» السعودي يُكمل الاستحواذ على 15 % من مطار هيثرو

الاقتصاد صندوق الاستثمارات العامة السعودي يهدف لدعم تحقيق النمو المستدام في مطار هيثرو (أ.ب)

«السيادي» السعودي يُكمل الاستحواذ على 15 % من مطار هيثرو

أكمل صندوق الاستثمارات العامة السعودي الاستحواذ على حصة تُقارب 15 % في «إف جي بي توبكو»، الشركة القابضة لمطار هيثرو من «فيروفيال إس إي»، ومساهمين آخرين.

«الشرق الأوسط» (الرياض) «الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد إريك ترمب يتحدث خلال مقابلة مع «رويترز» في أبو ظبي (رويترز)

إريك ترمب: نخطط لبناء برج في الرياض بالشراكة مع «دار غلوبال»

قال إريك ترمب، نجل الرئيس الأميركي المنتخب، لـ«رويترز»، الخميس، إن منظمة «ترمب» تخطط لبناء برج في العاصمة السعودية الرياض.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد جانب من فعاليات النسخة السابقة من المؤتمر في الرياض (واس)

السعودية تشهد انطلاق مؤتمر سلاسل الإمداد الأحد

تشهد السعودية انطلاق النسخة السادسة من مؤتمر سلاسل الإمداد، يوم الأحد المقبل، برعاية وزير النقل والخدمات اللوجيستية.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد صورة تجمع المسؤولين السعوديين واليابانيين خلال إطلاق صندوق مؤشرات متداولة وإدراجه في بورصة طوكيو (الشرق الأوسط)

«الاستثمارات العامة السعودي» يستثمر بأكبر صندوق في بورصة طوكيو

أعلنت مجموعة «ميزوهو» المالية، الخميس، إطلاق صندوق مؤشرات متداولة، وإدراجه في بورصة طوكيو.

«الشرق الأوسط» (طوكيو)
الاقتصاد وسط تحديات مناخية… كيف أصبحت السعودية أكبر منتج للمياه المحلاة عالمياً؟ 

وسط تحديات مناخية… كيف أصبحت السعودية أكبر منتج للمياه المحلاة عالمياً؟ 

قبل أكثر من مائة عام، بدأت رحلة السعودية ذات المناخ الصحراوي والجاف مع تحلية المياه بآلة «الكنداسة» على شواطئ جدة (غرب المملكة).

عبير حمدي (الرياض)

الساعات الأخيرة قبل إسدال الستار على مؤتمر «كوب 16» في الرياض

جلسة المفاوضات التي تعمل على حسم بنود الإعلان الختامي لمؤتمر «كوب 16» (الشرق الأوسط)
جلسة المفاوضات التي تعمل على حسم بنود الإعلان الختامي لمؤتمر «كوب 16» (الشرق الأوسط)
TT

الساعات الأخيرة قبل إسدال الستار على مؤتمر «كوب 16» في الرياض

جلسة المفاوضات التي تعمل على حسم بنود الإعلان الختامي لمؤتمر «كوب 16» (الشرق الأوسط)
جلسة المفاوضات التي تعمل على حسم بنود الإعلان الختامي لمؤتمر «كوب 16» (الشرق الأوسط)

على مدار الأسبوعين الماضيين، اجتمع قادة الدول والمنظمات الدولية، والمستثمرون، والقطاع الخاص، في العاصمة السعودية الرياض، لمناقشة قضايا المناخ، والتصحر، وتدهور الأراضي، وندرة المياه، وسط «مزاج جيد ونيات حسنة»، وفق الأمين التنفيذي لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر إبراهيم ثياو، خلال مؤتمر صحافي عُقد مساء الخميس.

وجرى جمع 12 مليار دولار تعهدات تمويل من المنظمات الدولية الكبرى. وفي المقابل، تُقدَّر الاستثمارات المطلوبة لتحقيق أهداف مكافحة التصحر وتدهور الأراضي بين 2025 و2030 بنحو 355 مليار دولار سنوياً، مما يعني أن هناك فجوة تمويلية ضخمة تُقدَّر بـ278 مليار دولار سنوياً، وهو ما يشكل عقبة كبيرة أمام تحقيق الأهداف البيئية المطلوبة.

وحتى كتابة هذا الخبر، كانت المفاوضات لا تزال جارية. وكان من المرتقب إعلان النتائج في مؤتمر صحافي عصر اليوم، إلا أنه أُلغي، و«تقرَّر إصدار بيان صحافي يوضح نتائج المؤتمر فور انتهاء الاجتماع، وذلك بدلاً من عقد المؤتمر الصحافي الذي كان مخططاً له في السابق»، وفق ما أرسلته الأمم المتحدة لممثلي وسائل الإعلام عبر البريد الإلكتروني.

التمويل

وقد تعهدت «مجموعة التنسيق العربية» بـ10 مليارات دولار، في حين قدَّم كل من «صندوق أوبك» و«البنك الإسلامي للتنمية» مليار دولار، ليصبح بذلك إجمالي التمويل 12 مليار دولار، وهو ما جرى الإعلان عنه يوم الخميس.

وكانت السعودية قد أطلقت، في أول أيام المؤتمر، «شراكة الرياض العالمية للتصدي للجفاف»، بتخصيص 150 مليون دولار على مدى السنوات العشر المقبلة.

وأشار تقرير تقييم الاحتياجات المالية لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر، إلى وجود فجوة تمويلية تبلغ 278 مليار دولار سنوياً، تهدد قدرة الدول على تحقيق أهداف مكافحة هذه الظواهر بحلول عام 2030، ما يشكل عقبة أمام استعادة الأراضي المتدهورة التي تُقدَّر مساحتها بمليار هكتار.

وتبلغ الاستثمارات المطلوبة لتحقيق هذه الأهداف بين 2025 و2030، نحو 355 مليار دولار سنوياً، في حين أن الاستثمارات المتوقعة لا تتجاوز 77 ملياراً، مما يترك فجوة تمويلية ضخمة تصل إلى 278 مليار دولار، وفق تقرير تقييم الاحتياجات المالية لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر، الذي أصدرته في اليوم الثاني من المؤتمر. وفي وقت تواجه الأرض تحديات بيئية تتعلق بتدهور الأراضي والتصحر، إذ أشارت التقارير التي جرى استعراضها، خلال المؤتمر، إلى أن 40 في المائة من أراضي العالم تعرضت للتدهور، مما يؤثر على نصف سكان العالم ويتسبب في عواقب وخيمة على المناخ والتنوع البيولوجي وسُبل العيش.

وفي الوقت نفسه، يفقد العالم أراضيه الخصبة بمعدلات مثيرة للقلق، وزادت حالات الجفاف بنسبة 29 في المائة منذ عام 2000، متأثرة بالتغير المناخي، وسوء إدارة الأراضي، مما أدى إلى معاناة ربع سكان العالم من موجات الجفاف، ومن المتوقع أن يواجه ثلاثة من كل أربعة أشخاص في العالم ندرة كبيرة في المياه بحلول عام 2050، وفقاً لبيانات اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر. وقد ارتفع الجفاف الحاد بنسبة 233 في المائة خلال خمسين عاماً، وفق آخِر تقارير «البنك الدولي».

وفي ظل هذه الظروف، جاء مؤتمر الرياض «كوب 16» لمناقشة أهمية التعاون الدولي والاستجابة الفعّالة لمجابهة هذه التحديات، وليسلّط الضوء على ضرورة استعادة 1.5 مليار هكتار من الأراضي بحلول عام 2030 لتحقيق الاستدامة البيئية.

يُذكر أن «مؤتمر كوب 16» هو الأول من نوعه الذي يُعقَد في منطقة الشرق الأوسط، وأكبر مؤتمر متعدد الأطراف تستضيفه المملكة على الإطلاق. وصادف انعقاده الذكرى الثلاثين لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر، إحدى المعاهدات البيئية الثلاث الرئيسية المعروفة باسم «اتفاقيات ريو»، إلى جانب تغير المناخ والتنوع البيولوجي.