قطاع العقارات المالديفي يغري الشركات الأجنبية

تصاعد وتيرة الإصلاحات الاقتصادية... وشركة «سينغها» تكشف عن مشروع يتجاوز 680 مليون دولار

قطاع العقارات المالديفي يغري الشركات الأجنبية
TT

قطاع العقارات المالديفي يغري الشركات الأجنبية

قطاع العقارات المالديفي يغري الشركات الأجنبية

يشير تيتي تهونغ بينجاماس، رئيس الشؤون الاستثمارية لدى شركة «سينغها» العقارية العامة، أن الشركة تستوحي مشاريعها من ثقافة جزر المالديف، حيث أطلقت على مشروعها الجديد اسم «كروس رود»، وهو ما يعني «ملتقى الطرق»، من التأثيرات الثقافية المتنوعة التي شكلت هوية المالديف عبر العصور.
وقال تيتي إن أرخبيل الجزر المالديفي يقع على ملتقى عدد من طرق الملاحة العريقة، ولطالما كان محطة اجتذبت البحارة القادمين من مختلف أنحاء المعمورة لأغراض التجارة والاستراحة وإعادة التموين، مشيراً إلى أنه أول مشروع في المالديف يسعى لإنشاء مجموعة منتجعات تغطي جزراً كثيرة، فضلاً عن كونه المشروع السياحي الأكبر في المالديف
ويقع مشروع «كروس رود» الذي تطوره شركة «سينغها» العقارية العامة، التي تتخذ من تايلاند مقراً لها، في وسط مياه المحيط الهندي، ويمكن الوصول إليه بسهولة جواً من أبرز الوجهات العالمية، مثل أوروبا وآسيا والشرق الأوسط، وينطوي التصميم المعماري للمكان على مكوّنات تحمل مضامين تنوع العالم، مثل التصاميم الفرنسية، وعناصر عربية تقليدية، إضافة إلى المفاهيم المعمارية من البرتغال والصين وبريطانيا.
وسيغطي المشروع بكليته 9 جزر، تشمل منتجعات متنوعة تدار بشكل منفصل. وتشتمل المرحلة الأولى على 3 منتجعات، أبرزها منتجع «تاون شيب»، الذي يمثّل قلب المشروع، ويقع على امتداد 7 كيلومترات من شواطئ الجزيرة التي تحتضنه، ويقع على بعد 15 دقيقة بالقارب السريع من مطار ماليه الدولي، ويستوعب حتى 30 قارباً، من خلال مرسى يعتزم إنشاؤه.
وبالعودة إلى رئيس الشؤون الاستثمارية لدى شركة «سينغها» العقارية العامة، الذي قال إنه تم استثمار مبلغ 311.5 مليون دولار في المرحلة الأولى من المشروع في منتجعات متوزعة على 3 جزر، و368.5 مليون دولار في المرحلة الثانية لتطوير الجزر الست الباقية، ومن المخطط أن يكتمل كل من منتجع تاون شيب والمرحلة الأولى بحلول النصف الثاني من 2018، في حين من المزمع إكمال المرحلة الثانية خلال الأعوام الخمسة المقبلة.
وأضاف: «تحرص (سينغها) العقارية على توفير قيمة مستدامة لكل الجهات المعنية، وتلتزم بصون النظم البيئية في المالديف، مع رفع جودة معيشة المجتمعات المحلية ودعم النمو الاقتصادي»، مشيراً إلى أن شركته تعتزم تأسيس «مركز المالديف الثقافي» في إطار المشروع، وبالتعاون مع المجتمعات المحلية وخبراء في علم الأحياء البحري، حيث يهدف هذا المركز إلى التعريف والترويج لنمط الحياة المحلي والحرف التقليدية في المالديف، مع صياغة خطط لحماية الحياة البحرية بغية صون وتحسين التنوّع الحيوية للمنظومة البيئية البحرية الغنية في البلاد.
وسيشمل المشروع عند اكتماله 1300 غرفة، مع توقعات بأن يتيح أكثر من 5 آلاف فرصة عمل، مما يسهم في تحفيز اقتصاد البلاد القائم على السياحة، في الوقت الذي يشير فيه تيتي إلى أن جزر المالديف تحظى بشعبية كبيرة كوجهة استوائية للسيّاح من الشرق الأوسط، وتسعى لاستقطاب المستثمرين من المنطقة بمشروع مدينة ذكية على إحدى جزرها. وزاد: «من خلال مشروع (كروس رودس)، سيتم استكشاف أحدث التقنيات الذكية في الكفاءة باستهلاك الطاقة ونظم التخلص من النفايات في كل من المشروع وجزر المالديف عموماً، الأمر الذي من شأنه أن يحدث تحوّلاً جذرياً في البنية التحتية الحالية غير الفعالة للتخلص من النفايات في الجزر».

نظرة على السوق

قال رئيس الشؤون الاستثمارية لدى شركة «سينغها» العقارية العامة إن الحكومة المالديفية تتجه نحو تطبيق سياستها الرامية إلى لتحويل المالديف إلى اقتصاد مفتوح، وذلك مع اقتراح وزير التطوير الاقتصادي محمد سعيد تحويل المالديف لتصبح قريباً منطقة حرة مفتوحة للشركات، فيما يشير مصرف التنمية الآسيوي إلى أن الأداء الإيجابي في قطاع السياحة الذي شهده عام 2017 سيستمر في 2018، ويعزى ذلك إلى الرحلات الدولية المتوقع أن تزداد إلى جزر المالديف، بالإضافة إلى إطلاق 30 منتجعاً جديداً في البلاد.
وأشار إلى أن عام 2016 قد شهد دخول أكثر من مليون سائح إلى جزر المالديف، مما يشير إلى نمو في متوسط معدل السياح بنسبة 4.2 في المائة، وهو ما يمثّل تحسناً عن معدل النمو البالغ 2.4 في المائة في عام 2015. وحول الضرائب، فإن قانون ضريبة الأرباح التجارية يفرض ضريبة بنسبة 15 في المائة على الأرباح التي تتجاوز 500 ألف روفية مالديفية (العملة المالديفية: الروفية، وتساوي 0.065 دولار) سنوياً. ويطبّق معدل ضريبة 5 في المائة على الشركات التي تتخذ من المالديف مقراً لها، وتمتلك عائدات دولية بالكامل.
ولفت إلى أن السياسات المواتية للأعمال التجارية والاستثمارية التي تتبعها حكومة المالديف تحت قيادة الرئيس المالديفي عبد الله يمين مهدّت الطريق أمام الشركات الدولية للاستثمار في جزر المالديف وفي قطاع العقارات، وقال: «أنا أعتقد أن مبادرات تنمية البنى التحتية والمساحة التي وفّرتها الحكومة لتمكين مشاركة القطاع الخاص والمستثمرين الأجانب في عملية التنمية سيكون لها أثر كبير في دفع عجلة التنمية في البلاد إلى مستويات جديدة». وزاد: «من بين العوامل الحاسمة التي ساهمت بإقناعنا بأن هذا هو الوقت الملائم للاستثمار في المالديف، التزام حكومة المالديفن وجهودها الكبيرة لتحقيق تنمية فعّالة في البنى التحتية، مثل إنشاء مطار فيلانا الدولي ومدينة هولومالي للشباب، ومشاريع تطوير الربط بين المراكز الحضرية. فتحقيق مشروع بهذا الحجم من خلال الاستثمار الخاص لم يكن ممكناً دون مناخ الأعمال المواتي الذي توفره الحكومة».
وتابع تيتي: «في حين يسهم هذا المشروع في تحقيق النمو لشركتنا، نحن نعتقد أنه سوف يساعد في تعزيز قطاع السياحة المزدهر أساساً في جزر المالديف ليصل إلى مستويات جديدة كلياً، كما سيكون له دور فاعل في إعادة تعريف المنتج والتجربة السياحية في المالديف، ومن المتوقع أن يكون الأثر المتوخى من هذا المشروع عميقاً خلال السنوات المقبلة».
وقال: «على اعتبارنا شركة استثمار أجنبية في جزر المالديف، نحن فخورون بكوننا شركاء في مرحلة التطوير الجديدة التي شرعت بها الحكومة المالديفية، فقد كانت تجربتنا في المالديف إيجابية حتى الآن، ونحن واثقون بأن المبادرات الفاعلة لتطوير البنية التحتية التي يقوم بها الرئيس عبد الله يمين، والتزامه بتنويع الاقتصاد، سيكون له دور كبير في إعادة تشكيل المشهد الاقتصادي المالديفي، وتعزيز موقع الدولة خلال القرن الحادي والعشرين. وأنا من جهتي لن أتردد في التوصية بجزر المالديف كوجهة مثالية للاستثمارات في جنوب آسيا».


مقالات ذات صلة

«أنكس للتطوير» تكشف عن مشروع «إيفورا ريزيدنسز» في دبي

عالم الاعمال «أنكس للتطوير» تكشف عن مشروع «إيفورا ريزيدنسز» في دبي

«أنكس للتطوير» تكشف عن مشروع «إيفورا ريزيدنسز» في دبي

أعلنت شركة «أنكس للتطوير»، التابعة لمجموعة «أنكس القابضة»، إطلاق مشروعها الجديد «إيفورا ريزيدنسز» الذي يقع في منطقة الفرجان.

الاقتصاد العاصمة السعودية الرياض (واس)

بفضل النمو السكاني... توقعات باستمرار ارتفاع الطلب على العقارات السعودية

تتوقع وكالة «ستاندرد آند بورز غلوبال» للتصنيف الائتماني، أن يظل الطلب على العقارات السكنية في السعودية مرتفعاً، لا سيما في الرياض وجدة، وذلك بفضل النمو السكاني.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد جناح سلطنة عمان في معرض «سيتي سكيب العالمي 2024» بالرياض (وزارة الإسكان العمانية)

سلطنة عمان تعرض مشروعات استثمارية في معرض «سيتي سكيب» بالرياض

عرضت سلطنة عمان خلال مشاركتها في أكبر معرض عقاري عالمي، «سيتي سكيب 2024» الذي يختتم أعماله الخميس في الرياض، مشروعاتها وفرصها الاستثمارية الحالية والمستقبلية.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد ارتفعت الإيجارات السكنية بنسبة 11 % في أكتوبر (واس)

التضخم في السعودية يسجل 1.9 % في أكتوبر على أساس سنوي

ارتفع معدل التضخم السنوي في السعودية إلى 1.9 في المائة خلال شهر أكتوبر على أساس سنوي.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد زوار يطلعون على أحد مشاريع الشركة الوطنية للإسكان في معرض «سيتي سكيب العالمي» (الشرق الأوسط)

«سيتي سكيب»... تحالفات محلية ودولية لرفع كفاءة العقار بالسعودية

شهد معرض «سيتي سكيب العالمي»، المقام حالياً في الرياض، عدداً من التحالفات المحلية والدولية ضمن الشركات المجتازة لبرنامج «الدعم والتمكين للتطوير العقاري».

بندر مسلم (الرياض)

جدل أميركي حول تأثير بناء الشقق الفاخرة في الأحياء الفقيرة

المباني الجديدة مشكلة وحل في الوقت نفسه
المباني الجديدة مشكلة وحل في الوقت نفسه
TT

جدل أميركي حول تأثير بناء الشقق الفاخرة في الأحياء الفقيرة

المباني الجديدة مشكلة وحل في الوقت نفسه
المباني الجديدة مشكلة وحل في الوقت نفسه

غالباً ما ينظر النشطاء في مجال الإسكان بالولايات المتحدة الأميركية إلى بناء المباني السكنية الجديدة على أنه هو المشكلة، حيث يتم السماح للمطورين العقاريين ببناء مزيد من المساكن، لا سيما في الأحياء الفقيرة، مما يجعل المستأجرين والجيران في هذه المناطق يخشون من ارتفاع أسعار السوق وزيادة تكلفة الإيجارات عليهم، في حين يميل الاقتصاديون، من ناحية أخرى، إلى رؤية المباني الجديدة بوصفها الحل وليست المشكلة، حيث يقولون إن الطريقة الوحيدة لتخفيف النقص في عدد الشقق، الذي بدوره يؤدي إلى رفع الإيجارات، هي بناء مزيد من المساكن، فهم يؤكدون أن بناء ما يكفي من المساكن سيؤدي لانخفاض الإيجارات بشكل عام.
وتعدّ الإشكالية بين هذين الرأيين أساس حالة الجدل المثارة حول البناء الفردي والمعارك الأوسع حول كيفية تخفيف أزمة الإسكان في الولايات المتحدة. وحتى وقت قريب، لم تكن هناك أي بيانات تقريباً على نطاق الأحياء لحل هذه الأزمة، ويبدو أن كلا الرأيين صحيح في الوقت نفسه، فالمساكن الجديدة قد تساعد في خفض الإيجارات في مناطق المترو على سبيل المثال وذلك حتى في الوقت الذي قد يعني فيه ذلك زيادة الطلب على هذه المناطق مما يزيد من قيمة الإيجارات فيها.
وتقدم دراسات جديدة عدة أخيراً بعض الأدلة المشجعة، إن لم تكن كاملة، حيث نظر الباحثون في جامعة نيويورك و«معهد آب جون»، وجامعة مينيسوتا، إلى ما يحدث بشكل مباشر مع بناء المساكن الجديدة، واسعة النطاق، والتي تُباع بسعر السوق (دون قيود على قيمة الإيجار)، حيث تشير دراسات عدة بالفعل إلى أن المناطق التي تبني مزيداً من المساكن تكون أسعارها معقولة، وتتساءل هذه الدراسات الحديثة عما إذا كان هذا النمط يظل ثابتاً عند النظر إلى بناء المساكن الفردية وليس المجمعات السكنية الكبيرة.
وتشير النتائج، مجتمعة، إلى أن المساكن الجديدة يمكن أن تخفف من حدة ارتفاع الإيجارات في المباني الأخرى القريبة، لكن جاء رأي هذه النتائج مختلطاً حول ما إذا كان المستأجرون من ذوي الدخل المنخفض يستفيدون بشكل مباشر من المباني الجديدة أيضاً.
وتمثل أنواع المباني التي تصفها هذه الدراسات، والتي تخضع لسعر السوق وتتكون من 50 وحدة سكنية أو أكثر، غالبية المباني الجديدة الآن، كما تستهدف الغالبية العظمى من الشقق الجديدة اليوم المستأجرين من ذوي الدخل المرتفع، حيث يبلغ متوسط الإيجار لوحدة جديدة الآن 1620 دولاراً أميركياً في الشهر، أي أعلى بنسبة 78 في المائة من متوسط الإيجار على مستوى البلاد، وذلك وفقاً لـ«مركز هارفارد المشترك للدراسات الإسكانية»، (كما أن الهوة بين هذه الأرقام آخذة في الاتساع)، وتميل هذه المباني أيضاً إلى أن تكون الأكثر ظهوراً في المعارك المتعلقة بالإسكان في مختلف الأحياء الأميركية.
وتقول الزميلة في «مركز فورمان» بجامعة نيويورك، والتي درست تأثير المباني الجديدة في نيويورك، شياودي لي: «المستأجرون لا يحبون فكرة بناء المباني الشاهقة الجديدة، وذلك لأنهم يجدون هناك ارتفاعاً أيضاً في قيمة الإيجارات لديهم».
وقد يفترض الجيران أن المباني الجديدة تتسبب في ارتفاع الإيجارات، وهذا أمر مبرر إذا كانت المباني الجديدة تجذب كثيراً من السكان الأكثر ثراءً، والذين بدورهم يجذبون وسائل الراحة الراقية التي تجعل الحي مرغوباً فيه بشكل أكبر.
وتضيف لي: «السؤال الرئيسي هنا هو: ما التأثير الحقيقي لبناء هذه المباني؟». وقد وجدت لي أن المباني الجديدة في نيويورك تجذب مزيداً من المطاعم والمقاهي في المناطق المجاورة، لكنها خلصت إلى أن أي تأثير قد يؤدي لرفع الإيجارات في المناطق المجاورة لهذه المرافق، سيتم وقفه بسبب زيادة المعروض من المباني، وهو الأمر الذي يؤدي لخفض الإيجارات، كما وجدت أنه مقابل كل زيادة بنسبة 10 في المائة في المعروض من المساكن، فإن إيجارات العقارات التي تقع على مسافة 500 قدم تنخفض بنسبة واحد في المائة، وذلك مقارنة بالمناطق الأخرى التي يرتفع فيها الطلب.
ولكن يبدو أن هذه الفوائد ستذهب للمستأجرين في المباني الراقية والمتوسطة القريبة، حيث يفترض أن مالكي العقارات يرون منافسة جديدة في الجوار مما يدفعهم لتعديل قيمة إيجارات مساكنهم بما يتناسب مع هذه المنافسة، لكن «لي» وجدت أن المباني الجديدة ليس لها أي تأثير على إيجار العقارات التي تقع على بُعد أكثر من 500 قدم، وأنها لا تؤثر أيضاً على إيجارات الوحدات منخفضة التكلفة القريبة، وذلك لأنه ربما لا يرى ملاك هذه الوحدات الأبراج الفاخرة الجديدة على أنها منافسة لهم بشكل مباشر.
وفي دراسة منفصلة، وجد براين أسكويث وإيفان ماست من «معهد آب جون»، وديفين ريد في «بنك فيلادلفيا الفيدرالي»، مجموعة مماثلة من النتائج في 11 مدينة رئيسية، بما في ذلك أتلانتا وأوستن وشيكاغو ودنفر، وشملت الدراسة المباني الجديدة التي تضم 50 وحدة على الأقل والتي تم بناؤها في أحياء يقطنها ذوو الدخل المنخفض في وسط المدينة، ويقدر هؤلاء الباحثون أن هذه المباني الجديدة تؤدي لخفض الإيجارات بنسبة بين 5 و7 في المائة في المناطق المجاورة بشكل مباشر، وذلك مقارنة بقيمة الإيجارات المتوقعة في حال لم يكن قد تم بناء هذه المباني الجديدة.
ولكن لا تعني الدراسة أن الإيجارات تنخفض بالفعل، إلا إنها تشير، بدلاً من ذلك، إلى أن المباني الجديدة تبطئ وتيرة زيادة الإيجارات في أنواع الأحياء التي يصفها المطورون العقاريون بأنها مرتفعة بالفعل، حيث إنه بحلول الوقت الذي يصل فيه هؤلاء المطورون إلى حي ما، خصوصاً مع وجود خطط لمشاريع كبيرة الحجم، فإنه من المرجح أن ترتفع الإيجارات بشكل سريع.
وعن تفسيره النتائج التي توصل إليها في اجتماع عام بشأن الرؤية السابقة، يقول ماست: «الأثرياء يتطلعون بالفعل إلى الانتقال إلى حي ما، ولذلك فإنه يمكننا بناء ذلك المبنى الذي يمنحهم شكل الوحدة التي يريدون أن يعيشوا فيها، وفي حال لم نفعل ذلك، فإنهم سيقومون بشراء وحدة في مكان قريب ثم سيقومون بتجديدها».
وقد يكون هذا الرأي غير مريح بالنسبة للمقيمين في الأحياء منذ فترة طويلة، خصوصاً أولئك الذين يشعرون بالقلق من التغيرات التي تحدث في أحيائهم والتي تتجاوز فكرة قيمة الإيجارات فقط، لكنه يمثل رداً على نقطة واحدة على الأقل فيما يخص الجدل المثار حول بناء المباني السكنية الجديدة.
ويقول الأستاذ في جامعة نيويورك، إنغريد غولد إيلين: «هذه النتائج تشير ببساطة إلى أن بناء مزيد من المساكن في أحد الأحياء لن يؤدي إلى تفاقم أعباء الإيجار المرتفعة، ولكنه قد يساعد في التخفيف من حدتها».
ويأتي أحد التحذيرات في الأبحاث التي أجراها أنتوني داميانو وكريس فرينير، اللذان يدرسان للحصول على الدكتوراه في جامعة مينيسوتا، حيث قاما بدراسة المباني الجديدة واسعة النطاق التي بنيت في مينابولس، وقد وجدوا أن بناء المساكن الجديدة قد ساعد في تخفيف حدة ارتفاع قيمة الإيجارات للوحدات الراقية القريبة، لكنهم خلصوا إلى أنه في الثلث الأسفل من السوق يكون للمباني الجديدة تأثير معاكس، حيث ترتفع قيمة الإيجار بشكل سريع.
ومن الممكن في بعض السياقات أن يتسبب بناء الشقق الجديدة، التي تباع وفقاً لسعر السوق، في قيام ملاك العقارات في المناطق القريبة بكبح جماح قيمة إيجار شققهم، لكنه قد يتسبب أيضاً في رؤية مجموعة أخرى من الملاك أن قيمة إيجاراتهم تعد قليلة مقارنة بالأسعار الجديدة، ومن المحتمل أن يشعر المستأجرون من ذوي الدخل المنخفض بالغضب من المساكن الجديدة في البداية، وذلك حتى لو كانوا سيستفيدون منها على المدى الطويل، وذلك لأنه مع تقدم عُمر هذه المباني الجديدة، فإن أسعارها تصبح في المتناول.
وبشكل عام، فإن هناك أدلة في هذه الدراسات كافة على أن العرض والطلب يعملان على النحو الذي يتوقعه الاقتصاديون، وذلك حتى على نطاق الحي الواحد، ولكن هناك أيضاً أدلة على تحقيق مخاوف المستأجرين الأكثر فقراً.
ويقول داميانو: «هؤلاء هم الأشخاص الذين مروا بعدد كبير من التجديدات الحضرية، وإنشاء الطرق السريعة، والاستثمار العام في الإسكان، وإخفاقات التخطيط الأوسع والمؤسسات الحكومية على مرّ الأجيال، وأعتقد أن الخوف من مجرد جملة (مبنى جديد) هو خوف حقيقي ومبرر، والأمر متروك للمخططين وصانعي السياسات للنظر إلى تلك المخاوف بشكل جيد».

* خدمة «نيويورك تايمز»