رؤساء أحزاب مصرية: قانون البرلمان يضعف الأحزاب لصالح «أصحاب النفوذ»

محلب أكد إمكانية استيعاب مقر المجلس لزيادة النواب.. والسياسيون يبحثون «التحالفات»

رؤساء أحزاب مصرية: قانون البرلمان يضعف الأحزاب لصالح «أصحاب النفوذ»
TT

رؤساء أحزاب مصرية: قانون البرلمان يضعف الأحزاب لصالح «أصحاب النفوذ»

رؤساء أحزاب مصرية: قانون البرلمان يضعف الأحزاب لصالح «أصحاب النفوذ»

أبدت قوى سياسية وحزبية مصرية تحفظها على مشروع قانون مجلس النواب (البرلمان)، الذي أقرته الحكومة قبل يومين. وقال رؤساء أحزاب لـ«الشرق الأوسط» أمس، إن مشروع القانون جاء مخالفا لما جرى التوافق عليه في جلسات الحوار الوطني مع الرئيس عدلي منصور، مؤكدين أن انتخاب غالبية المقاعد وفقا للنظام الفردي سيؤدي إلى ضعف الأحزاب السياسية بشكل كبير لصالح أصحاب النفوذ والأموال من أتباع نظام الرئيس الأسبق حسني مبارك.
وتجري الانتخابات البرلمانية في غضون الأشهر القليلة المقبلة. وأقر مجلس الوزراء أول من أمس مشروعي قانوني مباشرة الحقوق السياسية ومجلس النواب وأرسلهما للرئيس المصري تمهيدا لإصدارهما. وقال السفير حسام القاويش، المتحدث باسم الحكومة، إن مشروع القانون يتضمن أن «يكون مجمل عدد الأعضاء 567 عضوا، منهم 540 بالانتخاب (420 مقعدا بالنظام الفردي و120 بالقوائم المغلقة المطلقة)، إضافة إلى تعيين الرئيس لخمسة في المائة من أعضاء البرلمان».
وسبق أن اقترحت لجنة تعديل القانون برئاسة المستشار محمد أمين المهدي، وزير شؤون مجلس النواب والعدالة الانتقالية، رفع عدد النواب إلى 630، غير أنه تبين أن قاعة مجلس النواب (مجلس الشعب سابقا) لن تسمح بتلك الزيادة، حيث كان عدد أعضاء المجلس في السابق يبلغ 444 عضوا.
وقام أمس المهندس إبراهيم محلب، رئيس الوزراء، بزيارة مقر مجلس النواب للوقوف على التجديدات الحالية له ومناقشة إمكانية توسعة القاعة الرئيسة لتستوعب الزيادة المتوقعة في عدد الأعضاء. وقال محلب إن زيارته للوقوف على الوضع بالمجلس الذي يحتاج لإعادة ترميم وتجهيز إداريا وفنيا، مشيرا إلى أن القاعة الرئيسة تتحمل بالفعل عدد النواب الجديد، في حين لم يتحدد بعد مدى الاستفادة من قاعة مجلس الشورى الذي ألغي بحكم الدستور الجديد.
ووفقا لمشروع القانون الجديد، فإنه سيكون داخل دوائر النظام الفردي تخصيص لتسعة مقاعد للمسيحيين، وستة للعمال والفلاحين، ومثلهم للشباب، وثلاثة لذوي الاحتياجات الخاصة، ومثلهم للمصريين بالخارج. وقال السفير القاويش، إنه سيكون للمرأة 56 مقعدا بالفردي، بالإضافة إلى ما سيفزن به في القوائم أو بالتعيين.
من جهته، قال يونس مخيون، رئيس حزب النور (السلفي)، إن حزبه يرفض مشروع القانون، لأنه جاء خلافا لرأي الأحزاب الذي عرضوه في جلستي الحوار الوطني مع الرئيس منصور، مشيرا إلى أن القانون ضرب بكل آرائنا عرض الحائط. وحصد «النور» الأغلبية الثانية في البرلمان السابق، خلف الحرية والعدالة (الإخوان المسلمين). وأكد مخيون: «كنا نتمنى السماع لمطالب الأحزاب بتقليل نسبة المقاعد الفردية، فإعطاء النظام الفردي 80 في المائة من مقاعد البرلمان المقبل، سيمكن أصحاب النفوذ والثروات فقط من دخول البرلمان، وسيحرم الشباب وأصحاب الخبرات والكفاءات من ذلك لأنهم لا يملكون نفقات حملاتهم الانتخابية، وبالتالي سيمثل البرلمان المقبل عائقا أمام الرئيس الجديد». وأشار مخيون إلى أن حزبه لا يزال يدرس حتى الآن المشاركة في الانتخابات أو الغياب عنها، وإن كانت المشاركة ستكون بشكل منفرد أم في تحالفات انتخابية مع أحزاب أخرى، مؤكدا أن كل الاحتمالات «مفتوحة».
من جانبه، قال عبد الغفار شكر، رئيس حزب التحالف الشعبي الاشتراكي، إن حزبه ضد القانون بشكله الحالي، خصوصا أنه كان هناك شبه توافق على زيادة مقاعد الانتخابات وفقا للقائمة النسبية المفتوحة، منوها بأنه رغم ذلك لا يزال يدرس مع عدد من الأحزاب الموقف النهائي من الانتخابات البرلمانية وإمكانية الدخول في تحالفات انتخابية.
وقالت مصادر حزبية وسياسية لـ«الشرق الأوسط»، إن الأحزاب والقوى المؤيدة للمرشح الخاسر في الانتخابات الرئاسية حمدين صباحي، ومنها التحالف الشعبي الاشتراكي، تعتزم تشكيل تحالف انتخابي والمنافسة في الانتخابات البرلمانية المقبلة، وأبرز تلك الأحزاب هي التيار الشعبي، والدستور، ومصر الحرية، والكرامة.
وفي السياق ذاته، قال محمد عبد العليم داود، عضو الهيئة العليا لحزب الوفد (الليبرالي)، إن مشروع قانون مجلس النواب ينتهج نظام ما قبل ثورة 25 يناير (كانون الثاني) 2011، حيث يناقش المسؤولون القوى السياسية ثم يتحركون برأي آخر مخالف، مؤكدا أن أنظمة الحكم في مصر تكتفي بمقابلات شكلية للاستهلاك المحلي، لنجد أنفسنا أمام برلمان تفصيلي لصالح فئات بعينها. وتابع: «هم يريدون عودة نظام مبارك بالكامل». وأوضح داود أن «الوفد سيشارك في هذه الانتخابات وسينافس في مقاعد القائمة والفردي، ولا يزال يدرس إمكانية الدخول في تحالف أم الدخول منفردا».
وكان عدد من القوى السياسية قد بدأ بالفعل في مناقشة عدد من التحالفات، حيث عقد عمرو موسى، رئيس لجنة الخمسين، اجتماعات موسعة مع رؤساء الأحزاب الليبرالية، ومنها أحزاب المؤتمر، والمصريين الأحرار، والمصري الاجتماعي الديمقراطي، وذلك لتشكيل تحالف انتخابي واسع من القوى المدنية لخوض الانتخابات البرلمانية المقبلة على جميع المقاعد، سواء بالنظام الفردي أو القائمة، ولا تزال اللقاءات قائمة مع هذه الأحزاب لإتمام التحالف الذي لم يرَ النور حتى الآن.
ومن جانبه، أعلن أحمد الفضالي، رئيس «تيار الاستقلال»، إحدى الجبهات الداعمة للرئيس المنتخب عبد الفتاح السيسي، أن التيار سيشكل تحالفا قويا سينافس على جميع المقاعد البرلمانية، وأنها ستكون كيانا قويا يمثل أغلبية الشعب، ويحافظ على كيان الدولة ويواجه الإرهاب. وأشار الفضالي إلى أن «باب الانضمام لهذا الكيان الوطني القوي مفتوح»، وأن هذه الجبهة ستكون مدنية قوية ذات دور فعال في قيادة البرلمان في الفترة المقبلة، مشيرا إلى أن جبهته تضم في عضويتها ما يقرب من 50 حزبا سياسيا وجميع الحملات الداعمة للسيسي في انتخابات الرئاسة.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.