التحفظ على أموال عائلة مرشد «الإخوان» وتأجيل محاكمة مرسي

حبس 28 من أعضاء الجماعة.. و«التحالف» يدعو للتظاهر

محمد بديع
محمد بديع
TT

التحفظ على أموال عائلة مرشد «الإخوان» وتأجيل محاكمة مرسي

محمد بديع
محمد بديع

قررت لجنة حصر وإدارة أموال جماعة الإخوان المسلمين، التحفظ على أموال عائلة مرشد «الإخوان» محمد بديع، وذلك بعد أن تبين اختلاط ثروتهم بأموال الجماعة، في حين أرجأت محكمة الجنايات جلسات محاكمة الرئيس المعزول محمد مرسي، و131 متهما من قيادات جماعة الإخوان المسلمين وتنظيمها الدولي، في قضية الهروب من سجن «وادي النطرون» عام 2011، بالاتفاق مع كل من حركة حماس و«حزب الله» اللبناني والحرس الثوري الإيراني، إلى جلسة 15 يونيو (حزيران) الحالي، لوجود جلسة نطق بالحكم على المتهمين في قضية قطع الطريق الزراعي بقليوب. كما قضت محكمة مصرية أمس بحبس 28 إخوانيا لمدد تتراوح بين سنة و«المؤبد»، بينما جرى تأجيل محاكمة 20 متهما، من بينهم أربعة أجانب من مراسلي قناة «الجزيرة» في القضية المعروفة إعلاميا بـ«خلية الماريوت».
ويمثل مرسي أمام محكمة الجنايات يوم 10 يونيو الحالي في قضية قتل «متظاهري قصر الاتحادية»، كما يحاكم في قضية «التخابر مع هيئات أجنبية» يوم 16 من نفس الشهر، بينما قرر المستشار شعبان الشامي خلال جلسة محاكمة مرسي، أمس، تأجيلها إداريا لجلسة 15 يونيو بدلا من الغد، لتزامنها مع جلسة النطق بالحكم على المتهمين في قضية قطع الطريق الزراعي بقليوب.
وكانت السلطات أحالت الرئيس السابق، الذي يقضي فترة السجن الاحتياطي بمنطقة سجون برج العرب بالإسكندرية، وقيادات من «الإخوان» إلى المحكمة في تهمة اقتحام السجون التي جرت بعد يومين من قيام ثورة 25 يناير (كانون الثاني) عام 2011. وكانت السلطات في عهد الرئيس الأسبق حسني مبارك ألقت القبض على مرسي وقيادات من «الإخوان» ثالث أيام الانتفاضة الشعبية التي أطاحت بمبارك. لكن مجهولين اقتحموا عدة سجون وقاموا بتحرير قيادات «الإخوان» ومساجين لحماس و«حزب الله» مدانين في قضايا سابقة، مما تسبب في فوضى في السجون وهروب آلاف السجناء الجنائيين.
ويتوقع مراقبون توقيع أحكام مشددة - قد تصل إلى الإعدام - على مرسي وبقية المتهمين. وقال مصدر قضائي لـ«الشرق الأوسط»، إن «المتهمين يواجهون تهما بحمل أسلحة ثقيلة منها (آر بي جي)، ومدافع (غرينوف) ومدافع (رشاشة) وبنادق (آلية) بالذات وبواسطة الغير، بقصد استعمالها في الإخلال بالأمن والنظام العام والمساس بنظام الحكم».
في غضون ذلك، قررت لجنة حصر وإدارة أموال جماعة الإخوان، برئاسة المستشار عزت خميس، التحفظ على أموال سمية محمد الشناوي، زوجة محمد بديع مرشد الجماعة، ونجله بلال (طبيب) بما يشمل الأموال السائلة والمنقولة والأسهم وسندات البورصة، وذلك بعد أن تبين اختلاط ثروتهم بأموال جماعة الإخوان.
وقال المستشار وديع حنا، أمين عام اللجنة الوزارية لحصر أموال «الإخوان»، التي أعلنتها السلطات «تنظيما إرهابيا»، إن «اللجنة ما زالت تتبع أموال (الإخوان) عن طريق إجراء التحريات الرقابية والأمنية حولهم، والتي كشفت عن اختلاط أموال زوجة المرشد ونجله بأموال الجماعة، التي جاءت عن طريق بديع»، مشيرا إلى أن اللجنة ستقوم بالتحفظ على عدد من القياديات النسائية التابعة للجماعة، بعد أن تبين من التحريات صلتهن بالإخوان ودعم الجماعة الإرهابية. وقالت مصادر مطلعة، إن «إجمالي عدد قيادات الجماعة المتحفظ عليهم حتى الآن 737 قيادة، خاضعين لإجراءات المنع من التصرف في كافة ممتلكاتهم الشخصية. ومنهم يوسف القرضاوي، رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين (المقيم في قطر)، وباكينام الشرقاوي، مساعدة الرئيس السابق، وعبود وطارق الزمر القياديان بالجماعة الإسلامية، في حين بلغ عدد جمعيات (الإخوان) المتحفظ عليها 1105 جمعيات».
وعلى صعيد ذي صلة، قضت محكمة جنايات سوهاج أمس، بحبس 28 شخصا ينتمون لجماعة الإخوان لمدد تتراوح بين سنة و«المؤبد»، وبراءة عشرة آخرين في التحريض على العصيان المدني بالمحافظة التي تقع جنوب البلاد. وشملت الأحكام معاقبة أحد أعضاء الجماعة بالسجن المؤبد، وسبعة بالسجن المشدد عشر سنوات، و13 بالسجن المشدد خمس سنوات، وأربعة بالسجن المشدد ثلاث سنوات، وثلاثة بالسجن سنة مع الشغل، وقال شهود عيان، إن «الجلسة شهدت إجراءات أمنية مشددة ووجودا مكثفا لقوات الشرطة والأمن المركزي والعمليات الخاصة، وجرى غلق الشوارع المؤدية إلى مبنى ومحيط المحكمة، ووضع خمس بوابات وحواجز تفتيش إلكترونية على الأبواب المؤدية إلى مبنى وقاعة المحكمة».
وكانت النيابة العامة أحالت المتهمين إلى المحكمة ووجهت إليهم عددا من الاتهامات، منها «الانضمام إلى جماعة إرهابية محظورة هدفها تكدير السلم والأمن العام، وتحريض المواطنين على الدخول في عصيان مدني، والدعوة لإسقاط مؤسسات الدولة، وتعطيل وسائل المواصلات وقطع الطرق، والقيام بعمل مظاهرات دون إذن مسبق بالمخالفة لقانون التظاهر، وتمويل أنشطة جماعة إرهابية محظورة، وحيازة وطباعة منشورات بقصد تعطيل القانون وإشاعة الفوضى».
كما أجلت محكمة جنايات القاهرة أمس، محاكمة 20 متهما بينهم أربعة من قناة «الجزيرة»، في القضية المعروفة إعلاميا بـ«خلية الماريوت». وكانت السلطات المصرية اتهمت المراسلين الأجانب، وهم بريطانيان وأسترالي وهولندية، بتشكيل «شبكة إعلامية»، ضمت 20 شخصا من المصريين والأجانب، اتخذت من فندق «الماريوت» الشهير، بوسط القاهرة، مركزا لعملياتها. وأسندت النيابة العامة إلى المتهمين المصريين ارتكاب جرائم «الانضمام إلى جماعة إرهابية مؤسسة على خلاف أحكام القانون، والاعتداء على الحرية الشخصية للمواطنين»، و«الإضرار بالوحدة الوطنية والسلام الاجتماعي». كما أسندت إلى المتهمين الأجانب «الاشتراك مع المتهمين المصريين بطريق الاتفاق والمساعدة، في إمداد أعضاء تلك الجماعة بالأموال والأجهزة والمعدات والمعلومات، مع علمهم بأغراض تلك الجماعة». وكانت الأجهزة الأمنية قد ضبطت معدات تصوير ومونتاج وبث، وأجهزة حواسب آلية، قالت إن «المتهمين استخدموها في تجميع المواد الإعلامية، والتلاعب فيها، لإنتاج مشاهد غير حقيقية، للإيحاء للخارج بأن ما يحدث في مصر حرب أهلية، تنذر بسقوط الدولة».
يأتي هذا في وقت دعا فيه تحالف دعم الشرعية الداعم لجماعة الإخوان أنصاره للتظاهر في الميادين بداية من اليوم (الجمعة)، وذلك تعبيرا عن رفضهم تنصيب الرئيس المنتخب عبد الفتاح السيسي رئيسا لمصر بعد فوزه الساحق في الانتخابات الرئاسية.
من جهة أخرى، قررت محكمة جنايات القاهرة المنعقدة بأكاديمية الشرطة بالقاهرة الجديدة أمس، تأجيل القضية المعروفة إعلاميا بـ«محاكمة القرن» المتهم فيها الرئيس الأسبق حسني مبارك ونجلاه جمال وعلاء مبارك ووزير داخليته حبيب العادلي وستة من مساعديه، لاتهامهم بقتل المتظاهرين إبان ثورة 25 يناير إلى جلسه الاثنين المقبل، لسماع دفاع إسماعيل الشاعر، مدير أمن العاصمة في عهد مبارك المتهم بالقضية. ويحاكم مبارك ونجلاه علاء وجمال ورجل الأعمال حسين سالم أيضا في جرائم تتعلق بالفساد المالي واستغلال النفوذ في التربح والإضرار بالمال العام وتصدير الغاز المصري إلى إسرائيل بأسعار زهيدة تقل عن سعر بيعها عالميا.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.