تعزيز القدرات العسكرية والاقتصادية يتقدم استراتيجية ترمب للأمن القومي

صنفت الصين وروسيا ضمن التحديات وتوعّدت أنشطة النظام الإيراني والإرهابيين

ترمب يكشف عن استراتيجيته للأمن القومي في واشنطن أمس (أ.ب)
ترمب يكشف عن استراتيجيته للأمن القومي في واشنطن أمس (أ.ب)
TT

تعزيز القدرات العسكرية والاقتصادية يتقدم استراتيجية ترمب للأمن القومي

ترمب يكشف عن استراتيجيته للأمن القومي في واشنطن أمس (أ.ب)
ترمب يكشف عن استراتيجيته للأمن القومي في واشنطن أمس (أ.ب)

رسم الرئيس الأميركي دونالد ترمب استراتيجية للأمن القومي تقوم على تفوق وتفرد الولايات المتحدة وتعزيز قوتها العسكرية والاقتصادية في مواجهة كافة دول العالم، وبصفة خاصة روسيا الصين. وشدد ترمب على مواجهة ما سماه «آيديولوجيات الإرهاب الإسلامي المتشدد والمتطرف» وتأمين الحدود، ومنع الإرهابيين من الدخول إلى الأراضي الأميركية. وأكد ترمب على التزام إدارته بمواجهة إيران ووقف مسارها للحصول على أسلحة نووية ومواجهة الحرس الثوري الإيراني.
وقال ترمب من داخل مبنى رونالد ريغان بوسط واشنطن: «اليوم، أقدم للعالم استراتيجيتنا للأمن القومي التي عملنا عليها خلال العام ونحن منخرطون في فترة تشهد تنافسا ونواجه أنظمة تهدد الولايات المتحدة وجماعات إرهابية وشبكات إجرامية وقوى مثل روسيا والصين وسنستمر في التعامل بما يحمي مصالحنا القومية. وقد قام الرئيس بوتين بتوجيه الشكر لنا على المعلومات الاستخباراتية حول هجوم إرهابي كان يستهدف سان بطرسبرغ، ما أدّى إلى إحباطه». وأضاف: «لدينا منافسون شديدون، وللنجاح علينا إدخال كل عنصر في قوتنا لنفوز ونعتمد على استراتيجية تخدم مصالحنا لحماية الأراضي الأميركية والشعب الأميركي، فلا يمكن حماية البلد دون حماية الحدود».
وأشار الرئيس الأميركي إلى فشل الإدارات السابقة في حماية المصالح الأميركية عبر سنّ قوانين «مكبلة» وترك الحدود مفتوحة والحفاظ على نظام هجرة يسمح للأشخاص السيئين بالدخول إلى أميركا، فضلا عن إبرامهم صفقة سيئة مع إيران والسماح لـ«داعش» بالسيطرة على مناطق كثيرة في الشرق الأوسط. وتفاخر ترمب أنه تم استعادة الأراضي التي كان يسيطر عليها «داعش» في كل من سوريا والعراق، خلال رئاسته.
وقال ترمب أمام حشد كبير في خطاب استمرّ نصف ساعة، إن العالم يدرك الآن أن أميركا ستعود قوية، حيث ستصل ميزانية الدفاع العسكري إلى 700 مليار دولار، مشيرا إلى أن ذلك سيؤدّي إلى سلام طويل. وتطرق ترمب إلى الوضع في أفغانستان، وملاحقة الجماعات الإرهابية، والضغط على باكستان، مؤكدا أنه سيتوجب على الدول الثرية دفع تكلفة دفاع أميركا عنهم.
إلى ذلك، نوّه ترمب بالجهود الأميركية التي أسفرت عن فرض أقسى العقوبات على نظام كوريا الشمالية، وأنّه لا يزال هناك عمل لا بد من القيام به للتأكد أن هذا البلد لن يهدد العالم. كما تفاخر ترمب بأداء الاقتصاد الأميركي، مشيرا إلى خلق مليوني فرصة عمل وارتفاع أداء البورصات الأميركية، مع تحقيق نمو بنسبة 3 في المائة.
وشدد الرئيس الأميركي على مواجهة آيديولوجية الإسلام المتطرف ومنعه من الانتشار داخل الولايات المتحدة، ومواجهة الآيديولوجيات المتطرفة عبر وسائل الإعلام الاجتماعي، إضافة إلى تقوية الأمن الاقتصادي والتركيز على مبدأ العدل في المعاملات التجارية وتقوية البنية التحتية الأميركية، وحفظ الأمن من خلال القوة، وإصلاح الضعف في المنظومة العسكرية الأميركية وتقليل البيروقراطية وبناء نظم دفاع صاروخية قوية لحماية الولايات المتحدة وتقوية الحلفاء في مواجهة التهديدات. وقال ترمب: «لا نريد فرض طريقة حياتنا على أحد، لكننا لن نعتذر وسنقوم بعمل شراكات مع من يتشارك معنا في مبادئنا وسنستمر في رؤيتنا لتكون أميركا دولة قوية ومستقلة تحترم الدول».
وتعليقا على استراتيجية الأمن القومي الجديدة، قال مسؤولون كبار بالإدارة الأميركية إن الخطة تركز على أربعة محاور رئيسية. الأول هو حماية الأراضي الأميركية والشعب الأميركي وطريقة الحياة الأميركية، وهو ما يتعلق بمحاربة التطرّف الإرهابي وسلوك إيران المزعزع للاستقرار، وأيضا قضايا الهجرة ومكافحة المنظمات الإجرامية ومكافحة التشدد داخل الأراضي الأميركية.
أما المحور الثاني، فيعتمد على تعزيز الرخاء الأميركي. فيما يقوم المحور الثالث على تعزيز السلام من خلال القوة وحماية حدود الولايات المتحدة وإعادة بناء الجيش الأميركي وتعزيز القوة الأميركية في الخارج. وأخيرا تعزيز النفوذ الأميركي في عالم منافس، عبر تشجيع القطاع الخاص والاستثمار.
والجديد في الاستراتيجية، وفق المسؤولين، هي العناصر التي تقدم كيفية وسبل تنفيذ الاستراتيجية في عالم يتأثر بالمعلومات واتّباع نهج يوازن بين أمن الطاقة والتنمية الاقتصادية. وشدّد المسؤولون على أن الإدارة ستسعى للقيام بخطوات لحماية مصالحها بالتعاون مع الشركاء والحلفاء الذين يتشاركون مع الولايات المتحدة في القيم والمبادئ.
وقبل إلقاء ترمب خطابه، أصدر البيت الأبيض عددا من النقط الرئيسية للاستراتيجية وأبرز التحديات، مركزا على كل من الصين وروسيا كدول تستخدم التكنولوجيا والدعاية بما يتعارض مع مصالح الولايات المتحدة، فضلا عن الديكتاتوريين الذين ينشرون الرعب ويهددون جيرانهم، والإرهابيين الذين ينشرون آيديولوجيا متطرفة والمنظمات الإجرامية.
وأوضح البيت الأبيض أن استراتيجية ترمب تعتمد على تعزيز السيطرة على الحدود، وتعديل نظام الهجرة، وأن أكبر التهديدات العابرة للحدود الوطنية هي الإرهابيون والمنظمات الإجرامية لتهريب المخدرات. ولفت البيان إلى أن أميركا ستستهدف التهديدات من مصدرها، قبل أن تصل إلى حدود الولايات المتحدة، كما ستقوم بحماية البنية التحتية والشبكات الرقمية مع نشر نظم دفاع صاروخية للدفاع عن أميركا ضد أي هجمات صاروخية.
وفيما يتعلق بالشق الاقتصادي، شدد البيت الأبيض على أن الولايات المتحدة لن تتسامح مع الانتهاكات التجارية وستبني علاقات اقتصادية حرة وعادلة، كما ستستخدم هيمنتها على الطاقة لضمان بقاء الأسواق مفتوحة.
وأوضح مسؤول أميركي رفيع لـ«الشرق الأوسط» أن إدارة ترمب هي أول إدارة تقدم استراتيجيتها للأمن القومي خلال العام الأول من توليها المسؤولية، مشيرا إلى أنها نتاج أشهر من المداولات والمناقشات التي أجراها الرئيس مع كبار مستشاريه، وأن الاستراتيجية تركز على مواجهة التحديدات في منطقة الشرق الأوسط وبصفة خاصة إيران وسلوكها المزعزع للاستقرار، كما تركز على مواجهة الإرهابيين وكيفية منع وصولهم إلى الأراضي الأميركية وتحسين مستويات التعاون الاستخباراتي لمواجهة الإرهاب ودفع الدول لمواجهة التشدد. وأثنى المسؤول بإدارة ترمب على ما تقوم به المملكة العربية السعودية من جهود في مواجهة التشدد، مستشهدا بتصريحات ولي العهد الأمير محمد بن سلمان في مكافحة الإرهاب والتطرف.
وأكد المسؤول الأميركي الرفيع للصحافيين أن الاستراتيجية التي قدمها الرئيس ترمب مختلفة بشكل كبير عن استراتيجيات الإدارات السابقة، حيث تتبنى رؤية صائبة فيما يتعلق بالسلوك الإيراني المزعزع للاستقرار، وأنها ملتزمة بمواجهة تدخل إيران في اليمن ولبنان وسوريا والعراق.
وقال المسؤول الرفيع إن وثائق استراتيجية ترمب تشير إلى الفرص الموجودة لتعزيز المصالح الأميركية في منطقة الشرق الأوسط والعمل مع الشركاء الذين يرفضون الآيديولوجيا المتطرفة، والقادة الرئيسيين الذي يرفضون التطرف والعنف.
وفيما يتعلق بكوريا الشمالية، قال المسؤول الرفيع إن الاستراتيجية تركّز على حماية الأراضي الأميركية من تهديدات صواريخ كوريا الشمالية. وتركز على الدبلوماسية لإقناع النظام الكوري الشمالي أنه من مصلحته أن يتخلى عن الأسلحة النووية والصواريخ، ودفع الصين للقيام بمزيد من الضغوط على كوريا الشمالية للتخلي عن ترسانتها النووية، خاصة أن هذه الصواريخ يمكن توجيهها في أي اتجاه.
واعتبر محللون أن استراتيجية ترمب للأمن القومي صورت دول العالم في حالة دائمة من المنافسة مع الولايات المتحدة وبصفة خاصة روسيا والصين، وأن كلا البلدين يسعى إلى تحدي السلطة الأميركية وتقويض أمن وازدهار الولايات المتحدة. كما يوضح المحللون أن إدارة ترمب التي تعتمد فكرة «أميركا أولا»، إذا ما قامت بتنفيذ هذه الاستراتيجية بالكامل فإنها يمكن أن تغير بشكل حاد علاقات الولايات المتحدة مع بقية العالم.
وبينما تقول الإدارة إن «أميركا أولا» لا تعني أميركا وحدها، إلا أن مسؤولون في البيت الأبيض أشاروا إلى أن الولايات المتحدة ستدافع عن أمنها حتى ولو كان ذلك يعني التصرف بشكل أحادي في قضايا تتعلق بالتجارة أو تغير المناخ أو الهجرة إذا كان هناك تعارض مع المصالح الأميركية.


مقالات ذات صلة

ترمب «شخصية العام» لمجلة «تايم»: 72 يوماً من الغضب

الولايات المتحدة​ احتفل ترمب باختياره «شخصية العام» من قِبل مجلة «تايم» بقرع جرس افتتاح بورصة نيويورك يوم 12 ديسمبر الحالي (أ.ب)

ترمب «شخصية العام» لمجلة «تايم»: 72 يوماً من الغضب

احتفى ترمب باختياره «شخصية العام» من مجلة «تايم»، وقرع جرس افتتاح بورصة نيويورك على بُعد بضعة مبانٍ من المحكمة التي أدانته قبل 6 أشهر فقط.

علي بردى (واشنطن)
الاقتصاد إريك ترمب يتحدث خلال مقابلة مع «رويترز» في أبو ظبي (رويترز)

إريك ترمب: نخطط لبناء برج في الرياض بالشراكة مع «دار غلوبال»

قال إريك ترمب، نجل الرئيس الأميركي المنتخب، لـ«رويترز»، الخميس، إن منظمة «ترمب» تخطط لبناء برج في العاصمة السعودية الرياض.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
المشرق العربي مجلة «تايم» تختار الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب «شخصية عام 2024»... (أ.ب)

ترمب: أدعم حل الدولتين لكن «هناك بدائل أخرى»

أجرى رئيس أميركا المنتخب، دونالد ترمب، حواراً مع مجلة «تايم» التي اختارته «شخصية عام 2024» وأكد أن «مشكلة الشرق الأوسط» أسهل في التعامل من «المشكلة الأوكرانية».

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب خلال فعالية شخصية العام لمجلة تايم في بورصة نيويورك، 12 ديسمبر 2024 (أ.ب)

ترمب رداً على سؤال عن احتمالات الحرب مع إيران: «أي شيء يمكن أن يحدث»

قال الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب ردا على سؤال في مقابلة مع مجلة «تايم» حول احتمالات الحرب مع إيران، إن «أي شيء يمكن أن يحدث».

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أ.ب)

"تايم "تختار دونالد ترمب شخصية العام 2024

اختارت مجلة تايم الأميركية دونالد ترمب الذي انتخب لولاية ثانية على رأس الولايات المتحدة شخصية العام 2024.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)

عطل يضرب تطبيقي «فيسبوك» و«إنستغرام»

انقطعت خدمة منصة «إنستغرام» عن أكثر من 23 ألف مستخدم (د.ب.أ)
انقطعت خدمة منصة «إنستغرام» عن أكثر من 23 ألف مستخدم (د.ب.أ)
TT

عطل يضرب تطبيقي «فيسبوك» و«إنستغرام»

انقطعت خدمة منصة «إنستغرام» عن أكثر من 23 ألف مستخدم (د.ب.أ)
انقطعت خدمة منصة «إنستغرام» عن أكثر من 23 ألف مستخدم (د.ب.أ)

أظهر موقع «داون ديتيكتور» الإلكتروني لتتبع الأعطال أن منصتي «فيسبوك» و«إنستغرام» المملوكتين لشركة «ميتا» متعطلتان لدى آلاف من المستخدمين في الولايات المتحدة، اليوم (الأربعاء).

وأبلغ أكثر من 27 ألف شخص عن وجود أعطال في منصة «فيسبوك»، وما يزيد على 28 ألفاً عن وجود أعطال في «إنستغرام»، وبدأ العطل في نحو الساعة 12:50 مساء بتوقيت شرق الولايات المتحدة.

وذكر موقع «داون ديتيكتور» أن «واتساب»، تطبيق التراسل المملوك لـ«ميتا»، توقف عن العمل أيضاً لدى أكثر من ألف مستخدم. وتستند أرقام «داون ديتيكتور» إلى بلاغات مقدمة من مستخدمين.

وربما يتفاوت العدد الفعلي للمستخدمين المتأثرين بالأعطال. وقالت «ميتا» إنها على علم بالمشكلة التقنية التي تؤثر في قدرة المستخدمين على الوصول إلى تطبيقاتها. وذكرت في منشور على منصة التواصل الاجتماعي «إكس»: «نعمل على إعادة الأمور إلى طبيعتها بأسرع ما يمكن ونعتذر عن أي إزعاج».

وكتب بعض مستخدمي «فيسبوك» و«إنستغرام» على منصة «إكس» منشورات تفيد بمواجهتهم عطلاً يعرض لهم رسالة «حدث خطأ ما»، وأن «ميتا» تعمل على إصلاح العطل. وأدّت مشكلة تقنية في وقت سابق من العام الحالي إلى عطل أثّر في مئات الألوف من مستخدمي «فيسبوك» و«إنستغرام» عالمياً. وواجهت المنصتان عطلاً آخر في أكتوبر (تشرين الأول)، لكنهما عادتا إلى العمل إلى حدّ كبير في غضون ساعة.