تشيلي توجه بوصلتها السياسية إلى اليمين

فوز رجل الأعمال بنييرا بالانتخابات الرئاسية يشجع النمو الاقتصادي

TT

تشيلي توجه بوصلتها السياسية إلى اليمين

ليست المرة الأولى التي يفوز بها سيباستيان بنييرا برئاسة تشيلي، فهي المرة الثانية بعد ابتعاده 4 سنوات شغلت فيها اليسارية ميشيل باتشليت رئاسة البلد الغني في أميركا الجنوبية، الذي أصبح من أكثر بلدان القارة تحقيقاً للنمو الاقتصادي والتداول الديمقراطي للسلطة.
لا شك أن وصول بنييرا إلى سدة الحكم سيدفع تشيلي إلى تحقيق معدلات نمو اقتصادية غير مسبوقة، خصوصاً أن المرشح الرئاسي يعتبر من أثرياء البلاد، إضافة إلى تاريخه الاقتصادي الحافل الذي استطاع في فترة ولايته السابقة بين عامي 2010 و2014 تحقيق نمو وصل إلى 5 في المائة.
وحسب كثير من المحللين، لن يكون الطريق شاقاً بالنسبة لبنييرا للعمل على الجبهة السياسية، خصوصاً أن الرئيسة السابقة باتشليت خاضت معارك سياسية داخل البلاد مهدت فيها الطريق لبنييرا لتقدم له أكبر خدمة في مساره الرئاسي. فمنذ سنوات، استطاعت الرئيسة السابقة باتشليت تغيير قانون الإجهاض في البلاد، وهو موضوع جدلي ضخم شغل الشارع التشيلي، حيث كان يحرم القانون الإجهاض، إلا أنه الآن بعد أن حسمت تلك المعركة، لم يبقَ للرئيس القادم بنييرا سوى العمل على الأطر الاقتصادية للبلاد التي يتمتع فعلياً بمعدلات قوية اقتصادية لافتة.
ولا يتمتع الرئيس الجديد بنييرا بأغلبية داخل البرلمان التشيلي الذي تسيطر عليه المعارضة اليسارية وقوى التقدميين، إلا أن كثيراً من التشيليين ينظرون إلى الطبقات السياسية الحاكمة للبلاد على أنهم سيعملون سوياً في كل الأحوال، لكنه قد يلاحظ التراجع في الإصلاحات الاجتماعية التي لا يركز عليها اليمين عادة، وكانت تستثمر فيها الرئيسة السابقة ميشيل باتشليت.
من جهتها، أشارت صحيفة «الميركوريو» التشيلية إلى أن الأوضاع السياسية والاقتصادية في فنزويلا أثرت بشكل كبير في الانتخابات التشيلية، حيث فضل الناخب التشيلي اختيار رجل الأعمال بنييرا على منافسه اليساري جيير، وذلك حتى لا تنزلق البلاد إلى تيار اليسار الذي يعاني في أميركا اللاتينية من كثير من الإخفاقات والتحديات التي هددت وجوده في أميركا اللاتينية، وأسهمت في تراجع وانحصار اليسار في عدد قليل من الدول، بعد أن كان اليسار هو المهيمن هناك.
وكان المرشح أليخاندرو جيير قد أقر بهزيمته في الانتخابات الرئاسة. وبعد فرز 96.31 في المائة من الأصوات، حصل اليميني بنييرا على 54.57 في المائة، بينما حصل اليساري جيير على 45.43 في المائة من الأصوات. إلا أن التلفزيون التشيلي أذاع لقطات لاتصال هاتفي بين بنييرا وباتشليت للتهنئة بالفوز الرئاسي، كما ظهر بنييرا بجانب جيير بعد النتائج للتهنئة أيضاً، وذلك لإيصال رسائل بأن عملية تداول السلطة تسير في الاتجاه الصحيح.
وسيقود بنييرا تشيلي، التي تعد أكبر مصدر للنحاس في العالم، لفترة رئاسية تصل إلى 4 سنوات مقبلة، بدءاً من مارس (آذار) المقبل، وهو يتسلم لمرة ثانية دفة القيادة من باتشليت التي يمنعها الدستور من الترشح.
وتناوبت باتشليت مع بنييرا على رئاسة تشيلي منذ عام 2006، حيث كانت سياسة البلاد تنتقل في كل مرة من يسار الوسط إلى يمين الوسط.
ولم يسمح القانون في تشيلي لباتشليت بالترشح، في وقت تجنح فيه المنطقة إلى اليمين مع وجود الرئيس ماوريسيو ماكري في الأرجنتين، وميشال تامر في البرازيل، وبيدرو بابول كوتشينسكي في بيرو؛ وجميعهم رؤساء محافظون في دول كان يحكمها اليسار.
ورغم ازدياد صادرات النحاس، التي تساهم بشكل كبير في دخل الاقتصاد التشيلي، بفضل الطلب الصيني وازدهار تصنيع السيارات الكهربائية، انخفضت معدلات النمو الاقتصادي نسبياً مقارنة بالسنوات السابقة.
ومن المتوقع أن ينمو الناتج المحلي الإجمالي للبلاد بواقع 1.4 في المائة، وهو أقل معدل نمو في السنين الثماني الماضية.



هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
TT

هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)

تخضع «هيئة تحرير الشام»، التي قادت قوات المعارضة للإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد، لعقوبات من الأمم المتحدة منذ فترة طويلة، وهو ما وصفه المبعوث الخاص للمنظمة الدولية إلى سوريا غير بيدرسون، بأنه «عامل تعقيد لنا جميعاً».

كانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف في السابق باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت العلاقات بالتنظيم في عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما فُرض عليها تجميد عالمي للأصول وحظر أسلحة.

ويخضع عدد من أعضاء «هيئة تحرير الشام» أيضاً لعقوبات الأمم المتحدة مثل حظر السفر، وتجميد الأصول، وحظر الأسلحة، ومنهم زعيمها وقائد إدارة العمليات العسكرية أحمد الشرع، المكنى «أبو محمد الجولاني»، المدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.

وقال دبلوماسيون إنه لا يوجد حالياً أي مناقشات عن رفع العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة على الجماعة. ولا تمنع العقوبات التواصل مع «هيئة تحرير الشام».

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟ (رويترز)

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

فرضت الأمم المتحدة عقوبات على «جبهة النصرة»، لأن الجماعة مرتبطة بتنظيم «القاعدة»، ولأنها كانت «تشارك في تمويل أو تخطيط أو تسهيل أو إعداد أو ارتكاب أعمال أو أنشطة» مع «القاعدة» أو دعماً لها وتستقطب أفراداً وتدعم أنشطة «القاعدة».

وجاء في قائمة العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة: «في يناير (كانون الثاني) 2017، أنشأت جبهة النصرة (هيئة تحرير الشام)، وسيلة لتعزيز موقعها في التمرد السوري وتعزيز أهدافها باعتبارها فرعاً لتنظيم (القاعدة) في سوريا»... ورغم وصف ظهور «هيئة تحرير الشام» بطرق مختلفة (على سبيل المثال كاندماج أو تغيير في الاسم)، فإن جبهة «النصرة» استمرت في الهيمنة والعمل من خلال «هيئة تحرير الشام» في السعي لتحقيق أهدافها.

وفُرضت عقوبات على الجولاني بسبب ارتباطه بتنظيم «القاعدة» وعمله معه.

كيف يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة؟

تستطيع أي دولة عضو في الأمم المتحدة في أي وقت تقديم طلب لرفع العقوبات عن كيان أو شخص إلى لجنة عقوبات تنظيمي «داعش» و«القاعدة» التابعة لمجلس الأمن الدولي المؤلف من 15 دولة.

وإذا جاء الطلب من دولة لم تقترح في البداية فرض عقوبات الأمم المتحدة، فإن اللجنة تتخذ القرار بالإجماع.

وإذا تقدمت الدولة التي اقترحت في البداية فرض العقوبات بطلب الشطب من القائمة، فسيمحى الاسم من القائمة بعد 60 يوماً، ما لم توافق اللجنة بالإجماع على بقاء التدابير.

لكن إذا لم يتم التوصل إلى إجماع، يستطيع أحد الأعضاء أن يطلب إحالة الطلب إلى مجلس الأمن للتصويت عليه في غضون 60 يوماً.

ولم تتضح بعد الدول التي اقترحت فرض عقوبات على جبهة «النصرة» والجولاني.

ويستطيع أيضاً الشخص أو الكيان الخاضع للعقوبات أن يطلب إزالة التدابير عن طريق الاتصال بأمين عام المظالم، وهو منصب أنشأه المجلس في عام 2009، ليقوم بمراجعة الطلب.

وإذا أوصى أمين عام المظالم بإبقاء اسم ما على القائمة، فسيظل مدرجاً على القائمة. وإذا أوصى أمين عام المظالم بإزالة اسم ما، فسترفع العقوبات بعد عملية قد تستغرق ما يصل إلى 9 أشهر، ما لم توافق اللجنة في وقت أسبق بالإجماع على اتخاذ إجراء أو الإحالة إلى المجلس لتصويت محتمل.

هل هناك استثناءات من العقوبات؟

يستطيع الأشخاص الخاضعون لعقوبات الأمم المتحدة التقدم بطلب للحصول على إعفاءات فيما يتعلق بالسفر، وهو ما تقرره اللجنة بالإجماع.

ويقول المجلس إن عقوباته «لا تستهدف إحداث عواقب إنسانية تضر بالسكان المدنيين».

وهناك استثناء إنساني للأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة يسمح «بتوفير أو معالجة أو دفع الأموال أو الأصول المالية الأخرى أو الموارد الاقتصادية، أو توفير السلع والخدمات اللازمة لضمان تقديم المساعدات الإنسانية في الوقت المناسب، أو لمساندة الأنشطة الأخرى التي تدعم الاحتياجات الإنسانية الأساسية».