التحالفات الانتخابية في طرابلس على نار هادئة... و3 لوائح تتصدر المشهد

خلط للأوراق بعد استقالة الحريري يدفع نحو أقسى المعارك

TT

التحالفات الانتخابية في طرابلس على نار هادئة... و3 لوائح تتصدر المشهد

يبقى شمال لبنان الذي يتمثل بـ28 نائبا في البرلمان محط أنظار جميع التيارات في الانتخابات المقررة في مايو (أيار) المقبل، لما فيه من قواعد شعبية كبيرة ومختلفة، فيما تؤشر التوقعات إلى أن دائرة طرابلس– المنية – الضنية ستشهد إحدى أقوى المعارك.
طرابلس الملقبة بـ«عاصمة الشمال» تخلط الآن أوراقها ويسعى كل طرف فيها إلى استطلاع الشارع بشكل دقيق قبل أن يبني على أي تحالف.
والتحالف الذي كان يعتبر في السابق عملية سهلة جدا بفعل اصطفاف جبهتي 8 و14 آذار بات الآن صعبا جدا، ليس فقط، بفعل تلاشي هذا الاصطفاف أمام اختلاف التوجهات السياسية وصعود الأفراد بوجه التيارات، بل بفعل القانون النسبي والصوت التفضيلي فيه الذي يحرج الأفرقاء جميعهم.
ويقول عضو المكتب السياسي في تيار «المستقبل» النائب السابق مصطفى علوش، إنه «ليس لدى تياره حتى الآن معلومات دقيقة حول توجه الرأي العام في الانتخابات القادمة»، معترفا «إننا بحاجة لاستطلاعات رأي واضحة كي نرى إلى أين نحن ذاهبون». ويرى علوش أنه «ليس بالضرورة أن تنعكس المحبة التي ينالها رئيس التيار، والحكومة، سعد الحريري على تيار المستقبل بشكل عام لأن التيار يتضمن مجموعات وأناسا ومرشحين وأفرادا وقياديين»، لكنه يشدد على أن «الجو العام ارتفع لصالح التعاطف مع الرئيس الحريري أما كيفية تحويل هذا التعاطف من الآن حتى الأشهر الأربعة المقبلة في صناديق الاقتراع، فليس واضحا حتى اللحظة».
وعن التحالفات يقول علوش إنه لا يوجد شيء محسوم حاليا إلا «العلاقة المقطوعة مع الوزير أشرف ريفي والتي لا مجال لتحسينها في المدى المنظور». لكن الواضح أن التيار سيتحالف «مع أفراد وليس مع أحزاب لأن القوى السياسية في المدينة تستند إلى أشخاص، أما التيار فهو حزب لديه قاعدة شعبية»، لكنه يكشف في الوقت عينه أن «العلاقة ممتازة مع الوزير محمد الصفدي وعلى الأرجح سندخل في لائحة مشتركة معه على أنه يعود له أيضا أن يقرر في هذا الخصوص». أما مصادر الوزير الصفدي فتكتفي بالقول: إنه «على علاقة طيبة مع الكل ومن المبكر الحديث عن التحالفات» من دون أن تنفي العلاقة القوية مع تيار «المستقبل».
ثنائي الحريري – الصفدي إذا ما تشكل، يقابله في الجهة الأخرى لائحتان قويتان أو أكثر من المرجح أن تبرزا بقوة، وهي واحدة برئاسة ريفي والأخرى بين قطبين أساسيين في طرابلس، هما رئيس الحكومة الأسبق نجيب ميقاتي والوزير السابق فيصل كرامي.
يشدد أسعد بشارة، مستشار ريفي، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، على «العنوان الوطني للمعركة الذي هو سيادة لبنان ومواجهة مشروع الوصاية الإيرانية على لبنان المتمثل بحزب الله وبناء دولة حقيقية ومحاربة الفساد المستشري من خلال هذه الطبقة السياسية التي دخلت (الحكم) نتيجة تسوية». وإذ أكد أن «ماكينة الوزير ريفي بكامل جهوزيتها لخوض المعركة الانتخابية»، قال إن «من المبكر اختيار الأسماء لكن المعيار هو أن ريفي سيتحالف مع كل من يؤمن بسيادة لبنان والعناوين التي ذكرتها»، مشيرا إلى «اتصالات مع كل الأطراف المعارضين للتسوية التي هي استسلام للوصاية الإيرانية».
ويقول بشارة إن الاتصال مع ميقاتي توصل فقط إلى فصل الإنماء السياسي عن الخلاف السياسي، كاشفا عن تعاون وثيق بين الوزير ريفي وأطراف المجتمع المدني لأن الانتخابات القادمة «هي استفتاء على بناء الدولة» على حد تعبيره. أما الأسماء «الكثيرة الأخرى» فهي ما زالت قيد البحث ولم يتم اعتماد أي منها.
اللائحة الثالثة المتوقعة والتي يبدو أنها تتشكل على قدم وساق، وباتت في حكم التحالف الأكيد الذي ينتظر الإعلان الرسمي عنه هي بين الرئيس ميقاتي والوزير كرامي والمرشح لأحد مقاعد منطقة الضنية جهاد الصمد. اللقاء بين الثلاثة حصل منذ أيام قليلة وغلب عليه الطابع الانتخابي، ولو كان عنوان الإنماء هو البارز في هذا اللقاء. يؤكد ذلك ما كشف عنه مصدر مقرب من ميقاتي لـ«الشرق الأوسط» بأن «اللقاء تطرق إلى كل المسائل ولو أنه من المبكر الحديث عن التحالفات». وأضاف المصدر أن «العلاقة وطيدة مع الوزير كرامي والموضوع الانتخابي قيد البحث ولم ينته. هناك علاقة جيدة مع الأستاذ جهاد الصمد والبحث جارٍ معهما في احتمال التحالف». ولدى سؤاله عن الوزير ريفي يؤكد الاتفاق على إنماء المدينة «لكن في السياسة ما من شيء واضح بعد». أما العلاقة مع تيار «المستقبل» فهي «عادية ولا يوجد تواصل قائم أبدا حول المسائل الانتخابية». كما كشف المصدر أن ماكينة تيار «العزم» التابع لميقاتي بدأت تعد العدّة وتنظم القطاعات الانتخابية المطلوبة «ومطلع العام الجديد سيشهد إعلانا رسميا للماكينة».
يذكر أن الأطراف المسيحية لها حصة من نائبين في المدينة (ماروني وأرثوذكسي)) تضاف إلى المقعد العلوي والمقاعد الخمسة الأخرى من حصة الطائفة السنية. يتوزع المسيحيون في المدينة بين أفراد فاعلين بينهم الوزير جان عبيد وأطراف أخرى، وأحزاب بينهم التيار «الوطني الحر» و«القوات اللبنانية» و«الكتائب اللبنانية» وتيار «المردة». في هذا الإطار وبينما يسود الحديث في الأوساط الكتائبية عن احتمال التحالف مع ريفي لكن «الصورة ما زالت ضبابية حتى اللحظة» أما مصادر «المردة» و«الوطني الحر» فترفض الدخول من الآن في مسألة التحالفات. ويقول مرشح «القوات» عن المقعد الماروني إيلي خوري لـ«الشرق الأوسط»، إنه من المبكر الحديث عن التحالفات، لكنه يكشف عن محاولات تقارب مع «القوات» بعد استقالة الحريري من قبل بعض الأطراف باعتبار أنها ذاهبة «نحو حالة الطلاق» مع التيار الأزرق (المستقبل). وأضاف: «أتت أطراف طرابلسية وشمالية وتحدثت معنا على اعتبار أن الطلاق قد حصل». لكن خوري يؤكد أن «هذا الأمر غير صحيح والجو مع تيار المستقبل يعالج على نار هادئة وستبين الأيام القادمة أن الكلام عن العلاقة مع الطرفين كانت مضخمة جدا في الإعلام». ويضيف أن «اللقاءات مستمرة مع الأطراف السياسية في طرابلس انطلاقا من مشروع الدولة المستقلة ذات السيادة وهذه هي ثوابتنا وكل شيء في السياسة ممكن». ويضيف: «الثابت الوحيد أننا لا يمكن أن نكون مع مشروع دويلة حزب الله ضد مشروع الدولة ولن نلتقي معهم». عن احتمال التحالف مع «الوطني الحر» في طرابلس يشدد خوري وهو مستشار رئيس الحزب سمير جعجع للعلاقات الخارجية على أنه لا يوجد شيء مستحيل، علما «أن القانون المطروح يضع أي حليفين أمام استحالة التحالف لأنه لا مصلحة لكل طرف منهما في ذلك».



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.