نوري ... موهبة دمرتها إصابة الدماغ وأبكت الجماهير الهولندية

كان يسعى لتحقيق حلمه في عالم كرة القدم وسقط وهو يلعب مع نادي أياكس

عبد الحق نوري بقميص أياكس قبل صدمة الإصابة
عبد الحق نوري بقميص أياكس قبل صدمة الإصابة
TT

نوري ... موهبة دمرتها إصابة الدماغ وأبكت الجماهير الهولندية

عبد الحق نوري بقميص أياكس قبل صدمة الإصابة
عبد الحق نوري بقميص أياكس قبل صدمة الإصابة

في الطابق الأول من أحد المباني التجارية الحديثة في العاصمة الهولندية أمستردام، وفي ظلال الملعب الذي شهد أحلام اللاعب الهولندي ذي الأصول المغربية عبد الحق نوري، وجه عبد الرحيم الشقيق الأكبر لنوري رسالة شجاعة، قائلا: «شعورنا بالغضب لا يكفي. وشعورنا بالحزن لا يكفي، وبكاؤنا طوال اليوم لا يكفي، لكن ما يفيد حقا في هذا الأمر هو أن نكون إيجابيين وأن نصلي من أجله. عندما أكون بجوار فراشه، أتحدث معه بشأن أشياء جيدة، وهذا هو ما يفيده».
لقد كان عبد الحق نوري يسعى لتحقيق حلمه في عالم كرة القدم وهو يلعب في صفوف نادي أياكس أمستردام عندما سقط على أرض الملعب يوليو (تموز) الماضي، وأشارت التقارير الطبية إلى أنه يعاني من تلف دائم في الدماغ وما زال يصارع لتجنب الموت.
على مدى أكثر من ساعة، تحدث عبد الرحيم عن سلسلة الأحداث المأساوية التي حدثت الصيف الماضي والتي تركت شقيقه البالغ من العمر 20 عاما، والذي كان واحدا من أكثر اللاعبين الشباب موهبة في هولندا، يعاني من تلف شديد ودائم في الدماغ.
وكان نوري قد سقط على أرض الملعب خلال مباراة فريقه الودية في يوليو الماضي أمام فيردر بريمن الألماني استعدادا للموسم الجديد، وظل فاقدا للوعي في أحد مستشفيات أمستردام. وخلال الخمسة أشهر الماضية، كان أحد أفراد أسرته إلى جوار سريره كل يوم وكل لحظة. يقول عبد الرحيم: «نحن إلى جانب شقيقي 24 ساعة يوميا على مدار الأسبوع».
وتحدث عبد الرحيم عن القوة الداخلية التي تستمدها الأسرة من كونها عائلة مسلمة ومتدينة وكيف ساعدها إيمانها على الشعور بالراحة والسكينة خلال هذه التجربة المؤلمة. يقول عبد الرحيم: «بالأمس، جاء شخص ومعه صورة كبيرة لشقيقي وهو يرتدي قميص اللعب خلال إحدى المباريات أمام فينورد، وحتى الصورة كان من الصعب للغاية النظر إليها. لو أردت رؤية مقطع فيديو لنوري وهو يلعب فلا أستطيع سوى مشاهدة 10 أو 15 ثانية، ولا يمكنني مشاهدة أكثر من ذلك، لأن الأمر صعب للغاية».
ويستعيد عبد الرحيم الذكريات في ذهنه، ولا يزال بإمكانه رسم صورة لشقيقه الأصغر وهو يركض حول مجموعة من الأطفال الذين كانوا في ضعف سنه تقريبا، رغم أنه كان «قصيرا جدا لدرجة أن الكرة كانت تصل إلى ركبتيه»، وكان يُظهر «مهارات بشكل لا يصدق» ولا يتوقف عن القيام بذلك لدرجة أن والديه كانا يتوسلان إليه لكي يعود إلى المنزل. وكان عبد الحق يريد أن يأخذ الكرة معه إلى الفراش وهو نائم. يقول عبد الرحيم: «كان ينام وهو يمسك بحذاء كرة القدم».
ونظرا لموهبته الكبيرة، انضم نوري لنادي أياكس أمستردام وهو في السابعة من عمره، وبعد مرور أكثر من عقد من الزمان كان نوري لا يزال يلعب بنفس الحماس والسعادة والراحة التي كان يلعب بها وهو طفل صغير. كان نوري موهوبا للغاية ويجعلك تشعر بالمتعة وأنت تشاهده وهو يتحرك بالكرة بين قدميه. ورغم قصر قامته، كان نوري يمتلك موهبة كبيرة للغاية في كشف الملعب وتمرير الكرات بدقة فائقة لزملائه، فضلا عن مهارته التي كانت تمكنه من المرور من لاعبي الفرق المنافسة بسهولة.
يقول اللاعب الهولندي الدولي السابق فيم يونك، الذي أشرف على تدريب نوري في أكاديمية الناشئين بنادي أياكس أمستردام: «إنه لاعب موهوب بشكل لا يصدق. لو شاهدت أي مباراة لنادي أياكس أمستردام، كنت تجد الجميع يتحدثون عن نوري لأن مهاراته كانت مختلفة تماما عن باقي اللاعبين. لقد كان لاعبا مبدعا، كما كان يمتع الجمهور، ولذا كان الجميع يحبه. وبالنسبة له، كان القيام بذلك شيئا سهلا للغاية لأنه كان يلعب بطريقة طبيعية وكأنه يلعب في الشارع».
كان نوري يتمتع بشعبية جارفة داخل نادي أياكس أمستردام وخارجه. وكانت جميع الأندية الأوروبية تراقب موهبته عن كثب، كما كان جمهور أياكس يتغنى باسمه حتى قبل ظهوره مع الفريق الأول بالنادي. وعندما ظهر نوري للمرة الأولى مع الفريق الأول عندما شارك كبيدل أمام نادي فيلم تو تيلبورغ في كأس هولندا في سبتمبر (أيلول) من العام الماضي، ظهر بمستوى مميز وحصل على ركلة حرة مباشرة بالقرب من منطقة الجزاء، وطلب بكل أدب من اللاعب الدنماركي الدولي لاسي شون المتخصص في تنفيذ الضربات الثابتة أن يسدد هذه الركلة الحرة، وبالفعل سددها في الشباك وأحرز هدفا رائعا يظهر موهبته الكبيرة.
ومع ذلك، لم يكن ما أظهره نوري في تلك المباراة سوى جزء صغير للغاية من مستودع موهبته. ورغم كل هذا، كان نوري يتسم بالتواضع الشديد والحياء. يقول عبد الرحيم: «كان يلعب بصورة مذهلة مع فريق الرديف بنادي أياكس، وكان الجمهور يشعر بالدهشة من الأشياء التي يقوم بها داخل المستطيل الأخضر. كان من المستحيل أن تتخيل الأشياء التي يقوم بها داخل الملعب، وقد سألته عن ذلك ذات مرة وقلت له: كيف تقوم بذلك؟ فرد بخجل: يمكنني أن ألعب بشكل أفضل من ذلك».
لقد كان نوري معشوقا لجمهور نادي أياكس أمستردام، وكان هو أيضا يعشق جمهور النادي، فبعد الفوز على ليون الفرنسي بأربعة أهداف مقابل هدف وحيد في مباراة الذهاب للدور نصف النهائي للدوري الأوروبي الموسم الماضي، تجمع حشد كبير من الجمهور خارج الملعب وشجعوا اللاعبين، بما في ذلك نوري، رغم أنه جلس على مقاعد البدلاء ولم يشارك في المباراة. وحيا نوري الجمهور وعلامات السعادة على وجهه ورسم لهم شكل قلب بيديه تعبيرا عن حبه الشديد لهم.
وكلاعب، كان نوري يمتلك إمكانات هائلة، وكانت هناك وجهة نظر سائدة داخل النادي الهولندي بأنه سينتقل إلى أكبر الأندية الأوروبية فيما بعد. ويحكي يونك عن قصة مثيرة عن اليوم الذي أخبر فيه نوري بذلك. وجاء الحديث بين يونك ونوري بعد المناسبة الوحيدة التي رفض فيها نوري المشاركة في إحدى المباريات. ويشير يونك إلى أن هذه المباراة كانت لفريق الشباب بنادي أياكس وكانت ستقام بعد إحدى المباريات لفريق النادي تحت 19 عاما في دوري أبطال أوروبا، وكان نوري يريد أن يلعب في فريق الرديف بنادي أياكس في مستوى أعلى.
لم يكن نوري من نوعية اللاعبين الذين يثيرون المشاكل ويعترضون على القرارات، ولذا استجاب في نهاية المطاف ولعب المباراة وسجل «هدفا لا يصدق» وصنع هدفين آخرين. وبعد بضعة أيام، طلب نوري التحدث إلى يونك واعتذر له. تعانق الاثنان، وشعر يونك، الذي رحل عن أياكس قبل عامين، بأنه مضطر لأن يخبر نوري بمدى تقديره له. وقال يونك: «لقد عانقني. وقلت له: نوري، أريد منك أن تنتبه جيدا. بالنسبة لي، فإن مهاراتك وقدراتك تؤهلك لأن تكون إنيستا الجديد». لكن «إنيستا الجديد» يخضع للعلاج حاليا في أحد مستشفيات أمستردام، بينما يصلي جمهوره في جميع أنحاء العالم من أجل أن يتغلب على تلك المحنة الصعبة.


مقالات ذات صلة

«البريمرليغ»: ثنائية وست هام تبقي نيوكاسل عاشراً

رياضة عالمية فوّت نيوكاسل فرصة الصعود إلى المركز السادس ليبقى عاشراً برصيد 18 نقطة (رويترز)

«البريمرليغ»: ثنائية وست هام تبقي نيوكاسل عاشراً

سقط نيوكاسل أمام ضيفه وست هام 0-2، الاثنين، في ختام المرحلة الثانية عشرة من بطولة الدوري الإنجليزي الممتاز لكرة القدم.

«الشرق الأوسط» (نيوكاسل )
رياضة سعودية منشور رونالدو وتعليق إيلون ماسك عليه عقب المباراة (منصة «إكس»)

إيلون ماسك يلفت أنظار عشاق كرة القدم بتهنئته لرونالدو

لفت الملياردير الأميركي إيلون ماسك، مالك منصة «إكس»، أنظار عشاق كرة القدم بعد رده على منشور لنجم نادي النصر السعودي كريستيانو رونالدو.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
رياضة عالمية جوليلمو فيكاريو حارس مرمى توتنهام هوتسبير (أ.ف.ب)

فيكاريو حارس توتنهام يخضع لجراحة في الكاحل

أعلن توتنهام هوتسبير المنافس في الدوري الإنجليزي الممتاز لكرة القدم أن حارس مرماه جوليلمو فيكاريو خضع لجراحة بعد إصابته بكسر في الكاحل.

«الشرق الأوسط» (لندن)
رياضة عالمية فينسنت كومباني مدرب بايرن ميونيخ (رويترز)

كومباني: سان جيرمان يضم مواهب مذهلة

قال فينسنت كومباني، مدرب بايرن ميونيخ، إن سان جيرمان يمتلك الكثير من العناصر الفردية الجيدة.

«الشرق الأوسط» (ميونيخ)
رياضة عالمية دييغو سيميوني مدرب أتلتيكو مدريد (د.ب.أ)

سيميوني: النظام الجديد لدوري الأبطال ليس سهلاً

قال دييغو سيميوني، مدرب أتلتيكو مدريد، إن النظام الجديد للبطولة يعني أن الأمور ليست سهلة بالنسبة لأي فريق.

«الشرق الأوسط» (براغ)

«خليجي 26»... السعودية والعراق وجهاً لوجه في المجموعة الثانية

الكويت ستحتضن كأس الخليج بنهاية العام الحالي (الشرق الأوسط)
الكويت ستحتضن كأس الخليج بنهاية العام الحالي (الشرق الأوسط)
TT

«خليجي 26»... السعودية والعراق وجهاً لوجه في المجموعة الثانية

الكويت ستحتضن كأس الخليج بنهاية العام الحالي (الشرق الأوسط)
الكويت ستحتضن كأس الخليج بنهاية العام الحالي (الشرق الأوسط)

أسفرت قرعة بطولة كأس الخليج (خليجي 26) لكرة القدم التي أجريت السبت، وتستضيفها الكويت خلال الفترة من 21 ديسمبر (كانون الأول) 2024، وحتى 3 يناير (كانون الثاني) 2025، عن مجموعتين متوازنتين.

فقد ضمت الأولى منتخبات الكويت، وقطر، والإمارات وعمان، والثانية العراق والسعودية والبحرين واليمن.

ويتأهل بطل ووصيف كل مجموعة إلى الدور نصف النهائي.

وسُحبت مراسم القرعة في فندق «والدورف أستوريا» بحضور ممثلي المنتخبات المشارِكة في البطولة المقبلة.

وشهد الحفل الذي أقيم في العاصمة الكويت الكشف عن تعويذة البطولة «هيدو»، وهي عبارة عن جمل يرتدي قميص منتخب الكويت الأزرق، بحضور رئيس اتحاد كأس الخليج العربي للعبة القطري الشيخ حمد بن خليفة، إلى جانب مسؤولي الاتحاد وممثلين عن الاتحادات والمنتخبات المشاركة ونجوم حاليين وسابقين.

السعودية والعراق وقعا في المجموعة الثانية (الشرق الأوسط)

وجرى وضع الكويت على رأس المجموعة الأولى بصفتها المضيفة، والعراق على رأس الثانية بصفته حاملاً للقب النسخة السابقة التي أقيمت في البصرة، بينما تم توزيع المنتخبات الستة المتبقية على 3 مستويات، بحسب التصنيف الأخير الصادر عن الاتحاد الدولي (فيفا) في 24 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.

وتقام المباريات على استادي «جابر الأحمد الدولي» و«جابر مبارك الصباح»، على أن يبقى استاد علي صباح السالم بديلاً، ويترافق ذلك مع تخصيص 8 ملاعب للتدريبات.

وستكون البطولة المقبلة النسخة الرابعة التي تقام تحت مظلة اتحاد كأس الخليج العربي بعد الأولى (23) التي استضافتها الكويت أيضاً عام 2017. وشهدت النسخ الأخيرة من «العرس الخليجي» غياب منتخبات الصف الأول ومشاركة منتخبات رديفة أو أولمبية، بيد أن النسخة المقبلة مرشحة لتكون جدية أكثر في ظل حاجة 7 من أصل المنتخبات الثمانية، إلى الاستعداد لاستكمال التصفيات الآسيوية المؤهلة إلى كأس العالم 2026 المقررة في الولايات المتحدة وكندا والمكسيك.

وباستثناء اليمن، فإن المنتخبات السبعة الأخرى تخوض غمار الدور الثالث الحاسم من التصفيات عينها، التي ستتوقف بعد الجولتين المقبلتين، على أن تعود في مارس (آذار) 2025.

ويحمل المنتخب الكويتي الرقم القياسي في عدد مرات التتويج باللقب الخليجي (10) آخرها في 2010.

الكويت المستضيفة والأكثر تتويجا باللقب جاءت في المجموعة الأولى (الشرق الأوسط)

ووجهت اللجنة المنظمة للبطولة الدعوة لعدد من المدربين الذين وضعوا بصمات لهم في مشوار البطولة مع منتخبات بلادهم، إذ حضر من السعودية ناصر الجوهر ومحمد الخراشي، والإماراتي مهدي علي، والعراقي الراحل عمو بابا، إذ حضر شقيقه بالنيابة.

ومن المقرر أن تقام مباريات البطولة على ملعبي استاد جابر الأحمد الدولي، الذي يتسع لنحو 60 ألف متفرج، وكذلك استاد الصليبيخات، وهو أحدث الملاعب في الكويت، ويتسع لـ15 ألف متفرج.

وتقرر أن يستضيف عدد من ملاعب الأندية مثل نادي القادسية والكويت تدريبات المنتخبات الـ8.