ليبيون نازحون قسراً يطالبون بـ«حق العودة»

بعض النازحين في مخيم تاورغاء في طرابلس ({الشرق الأوسط})
بعض النازحين في مخيم تاورغاء في طرابلس ({الشرق الأوسط})
TT

ليبيون نازحون قسراً يطالبون بـ«حق العودة»

بعض النازحين في مخيم تاورغاء في طرابلس ({الشرق الأوسط})
بعض النازحين في مخيم تاورغاء في طرابلس ({الشرق الأوسط})

هرب ناصر أبديوي وأسرته، مع الآلاف من سكان تاورغاء، (شمال غربي ليبيا) قبل أكثر من ستة أعوام، إلى مدينتي طرابلس، وسبها (غرب وجنوب البلاد) في واحدة من أكبر عمليات النزوح القسري التي شهدتها البلاد، بعد إحراق منازلهم، في مواجهات مع مدينة مصراتة المجاورة، وتفرقوا بين المخيمات، أو الإقامة في مساكن مُستأجرة.
روى أبديوي، ذو البشرة السمراء لـ«الشرق الأوسط» جانباً من «قسوة الحياة المعيشية في المخيمات المنتشرة على طريق مطار طرابلس الدولي، في ظل برودة الطقس، ونقص الخدمات الضرورية»، وهو لا يزال يتذكّر تفاصيل تتعلق بكيفية إخراج 42 ألف مواطن من ديارهم، عقب إسقاط نظام الرئيس الراحل معمر القذافي عام 2011، بعضهم اتجه إلى بنغازي (شرق البلاد) يقول: «أغلب المنازل سُرقت قبل أن يتم إحراقها، بجانب من فقدوا حياتهم».
وأرجع متابعون ليبيون سبب تفريغ مدينة تاورغاء من أهلها، إلى خلافات مع مصراتة، (200 كيلومتر شرق العاصمة) تعود إلى عصر النظام السابق، مشيرين إلى أن تاورغاء كانت تدعم القذافي، وفور إسقاطه، هاجمت كتائب مصراتة، المدينة عقاباً لها على اتهامات سابقة بـ«الاعتداء على مدينتهم واغتصاب نسائها»، لكن أبديوي رد قائلاً: «اتهامات مصراتة باطلة، وليس لديهم الحجة والدليل»، متابعاً «شباب تاورغاء كانوا يعملون في (الشعب المسلح)، وليس مع قوات القذافي... كنا مع الوطن وما زلنا».
وأضاف لـ«الشرق الأوسط»: «النظام السابق كان يمثل الدولة والقانون، وهذه التهمة التي توجّه إلينا، ليست السبب؛ فليبيا كلها كانت مع هذا النظام»، ودافع أبديوي عن تهمة «الاعتداء على نساء مصراتة» إبان حكم القذافي، ومضى يقول: «يختلقون قصص الاغتصاب، من خيالهم، للاستحواذ على أراضينا... نحن أهل بادية ونعرف الأصول وحرمة الجار، ولا نعتدي على شرف غيرنا».
و«الشعب المسلح» يعد أحد المبادئ الرئيسية في السلطة الشعبية التي تبناها القذافي بداية السبعينات، وفقاً لـ«الكتاب الأخضر».
ورسم أبديوي صورة لمدينتهم الآن، وقال: إنها «خاوية على عروشها ما بين منازل أُحرقت، أو هُدمت، بعد الاستيلاء على محتوياتها»... وبعد فترة صمت، استكمل: «كان لي منزل وسيارة أضرموا فيهما النار، كما ردموا بئر مياه كنت أمتلكها»، ومع هذا، فإنه ينتظر اليوم الذي يعود فيه إلى تاورغاء برفقة جميع سكانها.
يدفع أبديوي 500 دينار ليبي شهرياً ثمناً لإقامته في شقة صغيرة يقطنها هو وأسرته في مدينة سبها، (جنوب البلاد)، بعد توزيع عدد من النازحين بين بلداتها، إضافة إلى النازحين في ستة مخيمات في طرابلس، يقع أحدها على طريق المطار، كما يوجد مخيم السراج والصياد والفلاح (1) و(2).
وعدد أبديوي من خلال مشاهداته، الصعوبات التي يواجهها الأهالي في المخيمات، قائلاً: «السكن تحت الصفيح أمر قاسٍ، كذلك هناك حجرات مسقوفة بالخشب، ينهمر منها المطر على المواطنين، والمياه لا تكفي، ودورات المياه مقززة».
وفي العاشر من ديسمبر (كانون الأول) الحالي، التهمت النيران جانباً من وحدات المخيم الواقعة في منطقة السراج (جنوب غربي طرابلس)؛ ما دفع المئات من نازحي تاورغاء إلى الخروج في مسيرة للتنديد بـ«تردي أوضاعهم»، وتطالب الجهات المسؤولة بالعمل على إعادتهم إلى مدينتهم، مرددين هتافات: «ارفع صوت فوق... تاورغي يا مقهور».
وأمام معاناة بعض النازحين مع المرض، بخاصة الأطفال وكبار السن، بسبب رداءة الطقس، يقول أبديوي: «إذا كان المرض بسيطاً، يتجه المواطن إلى عيادة المخيم، وإذا استدعى الأمر فيذهب إلى المستشفيات الخاصة»، لافتاً إلى دور بعض الجمعيات الخيرية والهلال الأحمر الليبي والمنظمات وشؤون الاجتماعية في تقديم بعض المساعدات إلى النازحين.
ولمح أبديوي إلى أن «المسؤولين يتحدثون الآن عن الانتخابات، وهي لا تعني لهم شيئاً»، لكنه طالبهم باستعادة 240 مواطناً قال: إنهم «يقبعون في سجون مصراتة».
وفي مواجهة الاتهامات التي توجه إلى مصراتة، رد نائب مجلس النواب المقاطع فتحي باشاغا، نافياً أن «يكون شباب مصراتة، ارتكبوا أي أعمال مخالفة ضد سكان تاورغاء».
وأضاف النائب الذي ينتمي إلى مصراتة، في مداخلة تلفزيونية سابقة: «كنت شاهداً على خروج سكان تاورغاء من مدينتهم، وشبابنا تعامل معهم بالحسنى، وكان يعد لهم المركبات لنقلهم إلى حيث يريدون».
استكمالاً لشهادة أبديوي، تحكي «أم سليمان» ذات البشرة السمراء، عن جانب من الحياة في مخيم السراج، وتقول: «نمضي الليل أنا وأبنائي الثلاثة تحت مياه الأمطار، دون غطاء كاف، أو دفايات، وفي الصباح ننتقل بين طوابير طويلة للحصول على قدر من المياه، ثم طوابير أطول انتظاراً لدورنا في دخول الحمّام».
تسكن، السيدة الخمسينية، في بناية إسمنتية مسقوفة بألواح من الصاج الخفيف، وتزيد من شكايتها لفضائية «سكاي نيوز» العربية، وهي تقف على باب المخيم: «أبنائي يمرضون كثيراً بسبب الصقيع، وهذا هو الشتاء السابع لنا ونحن في المخيم، والحكومات لا تفعل لنا شيئاً... أبحث الآن عن عمل لشراء مستلزمات المعيشة لأنفق على أولادي بعد موت زوجي الذي ظل مريضاً ثلاث سنوات».
شكاية «أم سليمان»، التي تبثها، إلى الأطقم الإعلامية، ولجان الإغاثة التي تذهب إليهم في المخيم، لم تختلف عن باقي شكاوى سكان المخيم، وسط مطالبات للمسؤولين بإعادتهم ثانية إلى تاورغاء.
غير أن الشيخ منصور أبسيس المنفي، أحد أعيان برقة، يرى أن «الشائعات لعبت دوراً كبيراً في إشعال الفتن بين مصراتة وتاورغاء، في ذاك الوقت؛ ما تسبب في وقوع مزيد من القتلى».
وأضاف لـ«الشرق الأوسط» قائلاً: «أهالي تاورغاء أبرياء، وأوفياء لوطنهم ليبيا، ولا يجب أن نحاكمهم بفعل العشرات منهم أو حتى المئات»، مستدركاً: «المذنبون منهم يجب تقديمهم إلى المحاكمة العادلة... فكل المدن الليبية بها مخالفون».
وتابع المنفي: «توجد لجان من شيوخ القبائل تتولى حل الأزمة بين البلدين؛ لأن من حق مواطني تاورغاء العودة إلى مساكنهم، ومزارعهم، فبينهم شيوخ وأطفال وعجائز».
ويشمل النزوح القسري داخل ليبيا، بجانب سكان تاورغاء، مدناً أخرى، نزح سكانها إلى الغرب الليبي أيضاً، وتركوا منازلهم في أعقاب الاقتتال بين الكتائب المسلحة، والحرب التي شنّها الجيش على الإرهابيين في بنغازي.
وقال على كشير، عضو مجلس النواب، لـ«الشرق الأوسط»: إن مجلس النواب سبق وأصدر بيانات عدة طالب فيها الحكومة بحل أزمة جميع النازحين، مشيراً إلى أن «الخلاف في التوجهات السياسية بين المدينتين تسبب في إبقاء الوضع على ما هو عليه».
وكان مخيم المطار معسكراً لعمال إحدى شركات النفط، ولكن إبّان «ثورة 17 فبراير» خرج العمال، وظلت المساكن وراءهم إلى أن جاء أهالي تاورغاء وسكنوها.
وتأسست لجنة مشتركة لحل أزمة مصراتة وتاورغاء في أغسطس (آب) عام 2015 بناءً على اتفاق بين المجلس البلدي في مصراتة والمجلس المحلي في تاورغاء، واجتمعت مرات عدة في طرابلس وتونس وجنيف، بدعم من حكومتي ألمانيا وسويسرا، وتوصلت إلى ما يعرف بوثيقة «خريطة الطريق»، واتفقت على المعايير اللازمة لتصنيف المتضررين وتحديد القيم المالية اللازمة لجبر الضرر.
ووضعت اللجنة برنامجاً واضحاً قابلاً للتنفيذ شمل إعادة التأهيل لتاورغاء من مرافق أساسية، وفتح الطرق، وتحديد المناطق الملوثة بالألغام وصيانة وتهيئة المستشفيات، لكن إلى الآن لا تزال الأزمة تراوح مكانها.
ورغم ما يبديه المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني من سبل للحل، قال رئيس لجنة المصالحة عن مدينة مصراتة، يوسف الزرزاح: إن «الرئاسي» يتحمل مسؤولية تأخير تنفيذ اتفاق المصالحة، مطالباً المجلس الرئاسي بتقديم المساعدة لتفعيل الاتفاق، وقيام وزارتي الداخلية والدفاع بحكومة الوفاق بدعم الغرفة الأمنية المشتركة من أجل تأمين عودة الأهالي إلى ديارهم.
وفي الحادي عشر من ديسمبر الحالي، تجاوب المبعوث الأممي لدي ليبيا غسان سلامة، مع طلب تقدم به عضو المجلس الرئاسي محمد عماري زايد، لفتح حوار مع نازحي بنغازي، وتأمين عودتهم إلى ديارهم.
وأبدى سلامة موافقته على فتح حوار مع مهجري المدينة، والاستماع إلى آرائهم، وضمان مشاركتهم في النقاش حول الأزمة الليبية، موضحاً أنه سيكون على تواصل مع زايد لتنسيق لقاء مع المجلس البلدي المنتخب.
وكان عماري قال في رسالته: إن نازحي مدينة بنغازي تعد شريحة كبيرة من الليبيين الذين طردوا من بيوتهم ومدينتهم ونهبت أموالهم وقتل وشرد أهلهم، ويتجاوز عددهم المائة ألف مواطن، معرباً عن أمله في ألا يكون «هذا التجاوز لأزمة ومعاناة نازحي بنغازي سوى خطأ غير مقصود؛ لأنهم جزء من حل الأزمة الليبية».
ودعا عماري المنظمات الدولية للعمل من أجل «حفظ حقوق المهجرين، وتأمين العودة الآمنة والكريمة لهم، وضمان عدم تعرضهم لأعمال انتقامية، والحد من خطاب العنف والتحريض الذي يتبناه الطرف الآخر في المدينة».
وقدرت وكالة الأمم المتحدة للهجرة، النازحين الليبيين داخل المدن في أحدث تقرير لها بـ256.615 مواطناً و227.866 عائداً، مشيرة إلى أن «هذه النتائج الجديدة حصيلة أحدث جولة لمصفوفة تتبع النزوح بليبيا».
ويبين التقرير أن غالبية النازحين قدِموا من بنغازي وسرت ومصراتة وأوباري والكفرة؛ إذ نزحت نسبة 24 في المائة عام 2016، و45 في المائة عام 2015، أما عن نسبة الـ31 في المائة المتبقية فقد نزحت بين عامي 2011 و2014. ولفت التقرير إلى أن نسبة 87 في المائة من النازحين يقطنون في مساكن خاصة، في حين أقامت نسبة الـ13 المتبقية في مساكن غير نظامية ومبانٍ عامة وبالمدارس والمباني غير المكتملة.
في السياق نفسه، قال الدكتور خيري الراندي، عضو مجلس بلدي جنزور والأكاديمي بجامعة الجفارة: إن قضية النازحين في ليبيا للأسف معقدة وشائكة، وهذا يرجع إلى أن «أغلب النازحين كان لأسباب سياسية»، مضيفاً أنها بدأت في عام 2011 بإجبار مدينة تاورغاء على النزوح القسري، بحجة موالاتها لنظام القذافي ودفاع بعض أبنائها عنه».
وتحدث الراندي عن الحلول التي تبذل لإعادة تاورغاء إلى مدينتهم، وبخاصة من مشايخ وأعيان ليبيا، بجانب تدخل بعض الأطراف الدولية، وقال: «ولا نغفل مساعي بعض الأطراف الشجاعة في مدينة مصراتة التي سعت لوضع حلول لهذه القضية... مواقف هذه الفئة جاءت رداً على الجانب المتطرف في بعض سكان المدينة الذين منعوا حتى النقاش في الأزمة».
وانتهي الراندي إلى أن حل هذه القضية «مرهون بتسوية واستقرار سياسي يؤمن من خلاله الأطراف الليبية بقضية التعايش السلمي، وطي صفحة الماضي والاتجاه نحو مستقبل للجميع دون إقصاء».



الحوثيون ينقلون أسلحة إلى صعدة لتحصينها من الاستهداف الأميركي

طائرة من طراز «إف 16» تحلق في منطقة عمليات القيادة المركزية الأميركية (الجيش الأميركي)
طائرة من طراز «إف 16» تحلق في منطقة عمليات القيادة المركزية الأميركية (الجيش الأميركي)
TT

الحوثيون ينقلون أسلحة إلى صعدة لتحصينها من الاستهداف الأميركي

طائرة من طراز «إف 16» تحلق في منطقة عمليات القيادة المركزية الأميركية (الجيش الأميركي)
طائرة من طراز «إف 16» تحلق في منطقة عمليات القيادة المركزية الأميركية (الجيش الأميركي)

كثفت الولايات المتحدة ضرباتها الجوية في الأسابيع الأخيرة على مواقع الجماعة الحوثية بمحافظة عمران، لا سيما مديرية حرف سفيان، في مسعى لتدمير أسلحة الجماعة المخزنة في مواقع محصنة تحت الأرض، ما جعل الجماعة تنقل كميات منها إلى معقلها الرئيسي في صعدة (شمال).

وكشفت مصادر يمنية مطلعة أن الجماعة الحوثية نقلت خلال الأيام الأخيرة مركز الصواريخ والطائرات المسيرة من مناطق عدة بمحافظة عمران إلى محافظة صعدة، وذلك تخوفاً من استهداف ما تبقى منها، خصوصاً بعد تعرض عدد من المستودعات للتدمير نتيجة الضربات الغربية في الأسابيع الماضية.

وكانت المقاتلات الأميركية شنت في الآونة الأخيرة، غارات مُكثفة على مواقع عسكرية تابعة للحوثيين، كان آخرها، الجمعة، حيث تركزت أغلب الضربات على مديرية «حرف سفيان» الواقعة شمال محافظة عمران على حدود صعدة.

وبحسب المصادر التي تحدثت لـ«الشرق الأوسط»، نقلت الجماعة الحوثية، تحت إشراف عناصر من «سلاح المهندسين والصيانة العسكرية»، مجموعة صواريخ متنوعة ومسيّرات ومنصات إطلاق متحركة وأسلحة أخرى متنوعة إلى مخازن محصنة في مناطق متفرقة من صعدة.

دخان يتصاعد في صنعاء عقب ضربات أميركية استهدفت موقعاً حوثياً (رويترز)

وتمت عملية نقل الأسلحة - وفق المصادر - بطريقة سرية ومموهة وعلى دفعات، كما استقدمت الجماعة الحوثية شاحنات نقل مختلفة من صنعاء بغية إتمام العملية.

وتزامن نقل الأسلحة مع حملات اختطاف واسعة نفذتها جماعة الحوثيين في أوساط السكان، وتركزت في الأيام الأخيرة بمدينة عمران عاصمة مركز المحافظة، ومديرية حرف سفيان التابعة لها بذريعة «التخابر لصالح دول غربية».

واختطف الانقلابيون خلال الأيام الأخيرة، نحو 42 شخصاً من أهالي قرية «الهجر» في حرف سفيان؛ بعضهم من المشرفين والمقاتلين الموالين لهم، بعد اتهامهم بالتخابر مع أميركا وإسرائيل، وفقاً للمصادر.

وجاءت حملة الاختطافات الحوثية عقب تنفيذ الجيش الأميركي في الأسبوعين الماضيين، عشرات الغارات التي استهدفت منشآت عسكرية وأماكن تجمعات للجماعة في حرف سفيان، أسفر عنها تدمير منشآت استُخدمت لشن هجمات ضد سفن تجارية وسفن حربية أميركية بجنوب البحر الأحمر وخليج عدن.

أهمية استراتيجية

نظراً للأهمية الاستراتيجية لمنطقة «حرف سفيان» في عمران، فقد تركزت الغارات على استهداف منشآت ومواقع متفرقة في المديرية ذاتها.

وتُعدّ مديرية «حرف سفيان» كبرى مديريات محافظة عمران من أهم معاقل الجماعة الحوثية بعد محافظة صعدة، وذلك نظراً لمساحتها الكبيرة البالغة نحو 2700 كيلومتر مربع، مضافاً إلى ذلك حدودها المتصلة بـ4 محافظات؛ هي حجة، والجوف، وصعدة، وصنعاء.

أنصار الحوثيين يحملون صاروخاً وهمياً ويهتفون بشعارات خلال مظاهرة مناهضة لإسرائيل (أ.ب)

وكان قد سبق لجماعة الحوثيين تخزين كميات كبيرة من الأسلحة المنهوبة من مستودعات الجيش اليمني في مقرات عسكرية بمحافظة عمران؛ منها معسكر «اللواء التاسع» بضواحي مدينة عمران، و«لواء العمالقة» في منطقة الجبل الأسود بمديرية حرف سفيان، وموقع «الزعلاء» العسكري الاستراتيجي الذي يشرف على الطريق العام الرابط بين صنعاء وصعدة، إضافة إلى مقار ومواقع عسكرية أخرى.

وإلى جانب ما تُشكله هذه المديرية من خط إمداد رئيسي للانقلابيين الحوثيين بالمقاتلين من مختلف الأعمار، أكدت المصادر في عمران لـ«الشرق الاوسط»، أن المديرية لا تزال تُعدّ مركزاً مهماً للتعبئة والتجنيد القسري لليمنيين من خارج المحافظة، لكونها تحتوي على العشرات من معسكرات التدريب التي أسستها الجماعة في أوقات سابقة، وترسل إليها المجندين تباعاً من مناطق عدة لإخضاعهم للتعبئة الفكرية وتلقي تدريبات قتالية.

صورة عامة لحاملة الطائرات الأميركية «يو إس إس هاري ترومان» (رويترز)

وتقول المصادر إن الضربات الأميركية الأخيرة على محافظة عمران كانت أكثر إيلاماً للحوثيين من غيرها، كونها استهدفت مباشرةً مواقع عسكرية للجماعة؛ منها معمل للطيران المسير، وكهوف تحوي مخازن أسلحة وأماكن خاصة بالتجمعات، بعكس الغارات الإسرائيلية التي تركزت على استهداف البنى التحتية المدنية، خصوصاً في صنعاء والحديدة.

وترجح المصادر أن الأميركيين كثفوا ضرباتهم في مديرية حرف سفيان بعد أن تلقوا معلومات استخبارية حول قيام الحوثيين بحفر ملاجئ وأنفاق ومقرات سرية لهم تحت الأرض، حيث يستخدمونها لعقد الاجتماعات وإقامة بعض الدورات التعبوية، كما أنها تحميهم من التعرض لأي استهداف مباشر.