مصر: نواجه 40 تياراً متطرفاً... و100 ألف صفحة للفكر المتشدد

مسؤولون ومثقفون بمؤتمر في القاهرة أكدوا ضرورة الخروج من «كهف» الخطاب الديني السائد

الدكتور أسامة الأزهري (يسار) عضو الهيئة الاستشارية للرئاسة خلال جلسة الخطاب الديني («الشرق الأوسط»)
الدكتور أسامة الأزهري (يسار) عضو الهيئة الاستشارية للرئاسة خلال جلسة الخطاب الديني («الشرق الأوسط»)
TT

مصر: نواجه 40 تياراً متطرفاً... و100 ألف صفحة للفكر المتشدد

الدكتور أسامة الأزهري (يسار) عضو الهيئة الاستشارية للرئاسة خلال جلسة الخطاب الديني («الشرق الأوسط»)
الدكتور أسامة الأزهري (يسار) عضو الهيئة الاستشارية للرئاسة خلال جلسة الخطاب الديني («الشرق الأوسط»)

قال مسؤولون ومثقفون وسياسيون مصريون، أمس، إننا «نحتاج إلى أن نخرج من (كهف) الخطاب الديني بنسف الخطاب السائد، لأن الخطاب الديني المنتج كان يلائم قروناً قديمة، ونحن الآن نعيش في قرون أخرى».
في حين قال الدكتور أسامة الأزهري، عضو الهيئة الاستشارية للرئاسة المصرية، عضو المجلس القومي لمواجهة الإرهاب والتطرف التابع لمؤسسة الرئاسة، إننا «نواجه 40 تياراً متطرفاً على رأسها جماعة (الإخوان)، وصفحات الفكر المتشدد تصل إلى 100 ألف باللغة العربية واللغات الأخرى».
تحت رعاية شريف إسماعيل رئيس الوزراء المصري، وبحضور وزراء ومسؤولين ومثقفين وسياسيين وبرلمانيين، نظمت مؤسسة «دار الهلال» الصحافية أمس، مؤتمراً عن «دور الثقافة والتعليم والإعلام والفن في نشر التنوير ومواجهة الإرهاب»، وناقش المؤتمر خلال جلستين «تنوير وتجديد الخطاب الديني»، و«الشباب والمرأة... كيف يصبح التنوير قضية وطن؟»، وذلك بمناسبة مرور 125 عاماً على تأسيس الدار.
بدأ المؤتمر بالوقوف دقيقة حداداً على أرواح ضحايا الإرهاب من الجيش والشرطة والمدنيين في مصر، وأكد وزير الأوقاف الدكتور محمد مختار جمعة، أن مكافحة الإرهاب مسؤولية ثقافية جماعية تضامنية، إذ لا يمكن لمؤسسة أن تقوم بهذه المجابهة وحدها منفردة، لافتاً إلى أن الخطاب الديني والإعلامي يعاني من الدخلاء الذين يسعون فقط للتكسب والمتاجرة وهم غير مؤهلين، مشيراً إلى أهمية التنوير والثقافة لإجلاء الحقائق وتوعية المجتمع، خصوصاً الشباب، وحمايتهم من الفكر المتطرف. من جانبه قال الدكتور أسامة الأزهري، إن «قضية تجديد الخطاب الديني ملحة وعاجلة، والإجراءات فيها ما زالت متأخرة، ويأتي على رأسها عدد من الأمور والمحاور، وهي 4 محاور، وبمجموعها يولد ما يمكن أن يسمى تجديداً؛ الأول إطفاء نيران الفكر المتطرف، والثاني إطفاء نيران التطرف اللاديني الذي يصل إلى الإلحاد، والثالث إعادة بناء شخصية الإنسان المصري، والرابع إعادة بناء الحضارة».
وقال الأزهري، في كلمته خلال المؤتمر: «فيما يخص المحور الأول، فنحن أمام نحو 40 تياراً دينياً متطرفاً على رأسها جماعة (الإخوان) التي تعتبرها مصر تنظيماً إرهابياً، وجماعات أخرى مثل: التكفير والهجرة، والجهاد، والقاعدة، ثم داعش، وبوكوحرام، في نيجيريا، فالتيارات المتطرفة تدور حول 80 مفهوماً منها، قضايا كبرى تبدأ بالحاكمية، ثم الجاهلية، ثم الولاء والبراء، ثم الفرقة الناجية، وأخيراً حتمية الصدام، وهي المرحلة التي تصل بالمتطرف إلى حمل السلاح».
مشيراً فيما يتعلق بقضية التكفير والحاكمية، إلى أن سيد قطب (أشهر منظّري جماعة الإخوان) لجأ إلى فكرة في منتهى الشطط والجنون وهي ليست تكفير الحاضر فقط؛ لكن تكفير الأجيال الماضية أيضاً، وأن العالم كله غارق في الكفر، وكان يرى أن الدين قد انقطع عن الوجود قبل قرون، وهي العبارة التي استخدمها من بعده أبو بكر البغدادي، زعيم «داعش».
مؤكداً أنه إذا تعددت الخطابات في المجتمع أورثت عند الناس الحيرة، فآليات تجديد الخطاب: التأصيل عن طريق رصد كل ما يحدث، ثم توصيل هذا الإخطار للناس عن التدين، لافتاً إلى أن كتب سيد إمام (مؤسس تنظيم الجهاد) لم يُردّ عليها حتى الآن، وهناك 1000 كتاب ينظِّر للفكر المتطرف آخرها كتاب لأحد عناصر الإخوان.
وأكد الأزهري، وهو وكيل اللجنة الدينية بمجلس النواب (البرلمان)، أن «فكرة حتمية الصدام التي يرتكز عليها سيد قطب من منطلق ديني مغلوط هي فكرة مرفوضة بشكل عام، ففكر التطرف والتكفير لم يعد بريئاً؛ لكن صار فكراً مستغلاً». مضيفاً أن الفكر المتطرف تحول من اختطاف العقول إلى اختطاف «السوشيال ميديا»، فعدد صفحات الفكر المتطرف بلغت 60 ألف صفحة باللغة العربية، و30 ألفاً باللغات الأخرى، بإجمالي 100 ألف صفحة. من جهته، قال الكاتب الصحافي مجدي سبلة، رئيس مجلس إدارة مؤسسة «دار الهلال» الصحافية، إن «جميع إصدارات «دار الهلال» لم تتوانَ عن مواجهة الإرهاب، ونكافح ضد أفكار التطرف والأفكار الظلامية التي تحاول أن تنال من مجتمعنا، لافتاً إلى أن هناك شريحة في المجتمع المصري والعربي تحتاج إلى التنوير والخطاب الديني، وتوضيح الفارق بينه وبين الفكر الديني.
بينما أكد الكاتب الصحافي كرم جبر، رئيس الهيئة الوطنية للصحافة، أن مثل هذا المؤتمرات بداية لمعركة كبيرة هي «استرداد مصر»، فمصر تم استردادها من جماعة إرهابية وهي «الإخوان»؛ لكن تحرير الثقافة من هذه الجماعة لم يتم حتى الآن، فمصر لم تعد إلينا؛ إلا إذا عدنا إليها، بالعودة إلى الثقافة الناعمة لا ثقافة الجماعات التي تتقاتل، مضيفاً: «لسنا في حاجة إلى تجديد الخطاب الديني فقط؛ بل تجديد الخطاب الديني والثقافي والسياسي، وتعديل سلوكيات العنف والدم، ونحتاج إلى أن نعود لمعاني الإسلام السامية»، لافتاً إلى أننا نحتاج أن نخرج من «كهف» الخطاب الديني بـ«نسف» الخطاب السائد، لأنه لن يكون هناك خطاب ديني إلا بالأفكار الحديثة لا القديمة، فالإسلام كرّم المرأة وجماعات الإرهاب أهانتها، فضلاً عن أن هذه الجماعات كل يوم تطلق فتوى ضالة حتى تدخلنا في مجال من الجدال، ولذلك نحتاج إلى عملية تطهير واسعة للعقول المصرية.



تقرير أممي: تدهور الأراضي الزراعية سيفقد اليمن 90 مليار دولار

اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
TT

تقرير أممي: تدهور الأراضي الزراعية سيفقد اليمن 90 مليار دولار

اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)

وضع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي سيناريو متشائماً لتأثير تدهور الأراضي الزراعية في اليمن إذا ما استمر الصراع الحالي، وقال إن البلد سيفقد نحو 90 مليار دولار خلال الـ16 عاماً المقبلة، لكنه وفي حال تحقيق السلام توقع العودة إلى ما كان قبل الحرب خلال مدة لا تزيد على عشرة أعوام.

وفي بيان وزعه مكتب البرنامج الأممي في اليمن، ذكر أن هذا البلد واحد من أكثر البلدان «عُرضة لتغير المناخ على وجه الأرض»، ولديه أعلى معدلات سوء التغذية في العالم بين النساء والأطفال. ولهذا فإنه، وفي حال استمر سيناريو تدهور الأراضي، سيفقد بحلول عام 2040 نحو 90 مليار دولار من الناتج المحلي الإجمالي التراكمي، وسيعاني 2.6 مليون شخص آخر من نقص التغذية.

اليمن من أكثر البلدان عرضة لتغير المناخ على وجه الأرض (إعلام محلي)

وتوقع التقرير الخاص بتأثير تدهور الأراضي الزراعية في اليمن أن تعود البلاد إلى مستويات ما قبل الصراع من التنمية البشرية في غضون عشر سنوات فقط، إذا ما تم إنهاء الصراع، وتحسين الحكم وتنفيذ تدابير التنمية البشرية المستهدفة.

وفي إطار هذا السيناريو، يذكر البرنامج الأممي أنه، بحلول عام 2060 سيتم انتشال 33 مليون شخص من براثن الفقر، ولن يعاني 16 مليون شخص من سوء التغذية، وسيتم إنتاج أكثر من 500 مليار دولار من الناتج الاقتصادي التراكمي الإضافي.

تحذير من الجوع

من خلال هذا التحليل الجديد، يرى البرنامج الأممي أن تغير المناخ، والأراضي، والأمن الغذائي، والسلام كلها مرتبطة. وحذّر من ترك هذه الأمور، وقال إن تدهور الأراضي الزائد بسبب الصراع في اليمن سيؤثر سلباً على الزراعة وسبل العيش، مما يؤدي إلى الجوع الجماعي، وتقويض جهود التعافي.

وقالت زينة علي أحمد، الممثلة المقيمة لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي في اليمن، إنه يجب العمل لاستعادة إمكانات اليمن الزراعية، ومعالجة عجز التنمية البشرية.

تقلبات الطقس تؤثر على الإنسان والنباتات والثروة الحيوانية في اليمن (إعلام محلي)

بدورها، ذكرت منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (فاو) أن النصف الثاني من شهر ديسمبر (كانون الأول) الحالي يُنذر بظروف جافة في اليمن مع هطول أمطار ضئيلة في المناطق الساحلية على طول البحر الأحمر وخليج عدن، كما ستتقلب درجات الحرارة، مع ليالٍ باردة مع احتمالية الصقيع في المرتفعات، في حين ستشهد المناطق المنخفضة والساحلية أياماً أكثر دفئاً وليالي أكثر برودة.

ونبهت المنظمة إلى أن أنماط الطقس هذه قد تؤدي إلى تفاقم ندرة المياه، وتضع ضغوطاً إضافية على المحاصيل والمراعي، وتشكل تحديات لسبل العيش الزراعية، وطالبت الأرصاد الجوية الزراعية بضرورة إصدار التحذيرات في الوقت المناسب للتخفيف من المخاطر المرتبطة بالصقيع.

ووفق نشرة الإنذار المبكر والأرصاد الجوية الزراعية التابعة للمنظمة، فإن استمرار الظروف الجافة قد يؤدي إلى تفاقم ندرة المياه، وزيادة خطر فترات الجفاف المطولة في المناطق التي تعتمد على الزراعة.

ومن المتوقع أيضاً - بحسب النشرة - أن تتلقى المناطق الساحلية والمناطق الداخلية المنخفضة في المناطق الشرقية وجزر سقطرى القليل جداً من الأمطار خلال هذه الفترة.

تقلبات متنوعة

وبشأن تقلبات درجات الحرارة وخطر الصقيع، توقعت النشرة أن يشهد اليمن تقلبات متنوعة في درجات الحرارة بسبب تضاريسه المتنوعة، ففي المناطق المرتفعة، تكون درجات الحرارة أثناء النهار معتدلة، تتراوح بين 18 و24 درجة مئوية، بينما قد تنخفض درجات الحرارة ليلاً بشكل حاد إلى ما بين 0 و6 درجات مئوية.

وتوقعت النشرة الأممية حدوث الصقيع في مناطق معينة، خاصة في جبل النبي شعيب (صنعاء)، ومنطقة الأشمور (عمران)، وعنس، والحدا، ومدينة ذمار (شرق ووسط ذمار)، والمناطق الجبلية في وسط البيضاء. بالإضافة إلى ذلك، من المتوقع حدوث صقيع صحراوي في المناطق الصحراوية الوسطى، بما في ذلك محافظات الجوف وحضرموت وشبوة.

بالسلام يمكن لليمن أن يعود إلى ما كان عليه قبل الحرب (إعلام محلي)

ونبهت النشرة إلى أن هذه الظروف قد تؤثر على صحة الإنسان والنباتات والثروة الحيوانية، وسبل العيش المحلية في المرتفعات، وتوقعت أن تؤدي الظروف الجافة المستمرة في البلاد إلى استنزاف رطوبة التربة بشكل أكبر، مما يزيد من إجهاد الغطاء النباتي، ويقلل من توفر الأعلاف، خاصة في المناطق القاحلة وشبه القاحلة.

وذكرت أن إنتاجية محاصيل الحبوب أيضاً ستعاني في المناطق التي تعتمد على الرطوبة المتبقية من انخفاض الغلة بسبب قلة هطول الأمطار، وانخفاض درجات الحرارة، بالإضافة إلى ذلك، تتطلب المناطق الزراعية البيئية الساحلية التي تزرع محاصيل، مثل الطماطم والبصل، الري المنتظم بسبب معدلات التبخر العالية، وهطول الأمطار المحدودة.

وفيما يخص الثروة الحيوانية، حذّرت النشرة من تأثيرات سلبية لليالي الباردة في المرتفعات، ومحدودية المراعي في المناطق القاحلة، على صحة الثروة الحيوانية وإنتاجيتها، مما يستلزم التغذية التكميلية والتدخلات الصحية.