غضب في جامعات جزائرية بسبب منع محاضرة لأكاديمي «معارض»

احتجاجات على سجن مدونين وصحافيين بتهمة «إهانة رموز الدولة»

TT

غضب في جامعات جزائرية بسبب منع محاضرة لأكاديمي «معارض»

شهدت جامعة جزائرية جدلاً غير مسبوق، على خلفية منع أحد الأساتذة المعروفين بحدة مواقفه المعارضة ضد السلطات من المشاركة في مؤتمر كان سيعقد بكلية العلوم السياسية في العاصمة. وجاءت هذه الحادثة في ظل نقاشات تدور حول موضوع الحريات ومدى احترام الحكومة لها.
وتعود واقعة الجامعة الجزائرية إلى مساء الأربعاء الماضي، عندما نظم أساتذة كلية العلوم السياسية سلسلة محاضرات تتناول المسارات الانتخابية في الجزائر، في ضوء نتائج الانتخابات البلدية التي جرت الشهر الماضي، وما أثارته من مزاعم تزوير لمصلحة أحزاب السلطة التي حصلت على الغالبية. ودعي الأستاذ الجامعي المثير للجدل، ناصر جابي، ليشارك برأيه في الإشكالية، لكن مسؤولين في «جامعة الجزائر 3» تدخلوا، كما يبدو، للحؤول دون حضوره.
وشرح جابي ما وقع، قائلاً: «في إطار ندوة علمية من تنظيم كلية العلوم السياسية، اتصل بي أساتذة منها للمشاركة بمحاضرة، وقبل الموعد بساعات، تلقيت اتصالاً يفيد بأن التظاهرة ألغيت، بحجة الأوضاع التي تمر بها الجامعة»، في إشارة إلى اضطرابات في جامعات عدة، وخصوصاً في منطقة القبائل شرق الجزائر، للمطالبة بتدريس اللغة الأمازيغية في كل المدارس. ويثار هذا الموضوع في إطار الصراع الطويل بين تيار العروبيين وتيار الأمازيغ الميَالين إلى تعامل الدولة باللغة الفرنسية، بدل العربية.
وأضاف جابي: «اقتنعت بهذا التفسير لغاية الخميس صباحاً، لأفاجأ بأن الندوة لم تلغ، وأن كل ما في الأمر هو أنني منعت أنا بالذات من إلقاء المحاضرة، بعد تدخل... (سمّى مسؤولاً في جامعة الجزائر 3) بحجة أنني معارض للنظام. هذا ما أخبرني به بعض الأستاذة من المنظمين، ومن زملاء في الكلية. أنا فعلاً مذهول لحالة الجامعة، بعد هذا الاعتداء الصارخ على الحريات الأكاديمية». ولم يتضح فوراً رد مسؤولي الجامعة على مزاعم الأستاذ، لكن كليات ومعاهد، خصوصاً في العاصمة، قد شهدت اعتصامات ورفضاً للتدريس من طرف أساتذة، كشكل من الاحتجاج على ما جرى لجابي الذي يعد من أبرز الأكاديميين المحليين في علم الاجتماع، وله إسهامات وبحوث في مجلات محلية وأجنبية.
وأصدر أعضاء «هيئة التدريس لكلية العلوم السياسية والعلاقات الدولية» بياناً نددوا فيه بـ«فداحة الجرم المرتكب تجاه الأستاذ جابي، من خلال منعه من تقديم محاضرة، وبطريقة لا تمت بصلة للأخلاق العامة، فضلاً عن أخلاقيات البحث العلمي».
وتضمن البيان اعتذاراً لجابي عن «هذا السلوك غير السوي، رغم أننا لا نتحمله»، وتحدث عن «تعدٍ صارخ على الحرية الأكاديمية التي ينبغي أن نسعى إلى صونها جميعاً».
واستقال جابي من الجامعة في مايو (أيار) الماضي، تعبيراً عن سخطه من «تكميم الأفواه وضرب الحريات»، بحسب ما جاء في تصريحات سابقة له. وحمّل الحكومة مسؤولية «الوهن الذي وصلت إليه جامعتنا، التي هي انعكاس للأفق السياسي المسدود في البلاد».
وتأتي هذه الحادثة في سياق احتجاج نشطاء حقوقيين على سجن مدوَنين وصحافيين بسبب نشر آراء ومواقف عدَت «مسيئة لرموز الدولة»، ومن أهم هذه الرموز الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، وقائد أركان الجيش الفريق أحمد قايد صالح. ويترقب الوسط الإعلامي بدء محاكمة الصحافي سعيد شيتور، المتابع بتهمة «التخابر مع جهة أجنبية» و«تسريب وثائق سرية لدبلوماسيين أجانب». وقد طالبت عائلته ومحاموه وصحافيون من السلطات القضائية بالكشف عن ملابسات هذه القضية التي يلفها كثيراً من الغموض. كما توفي نهاية العام الماضي صحافي في السجن، يدعى محمد تامالت، متأثراً بتبعات إضراب عن الطعام شنّه احتجاجاً على سجنه بتهمة «إهانة رئيس الجمهورية».



تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
TT

تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

سلطت أحدث التقارير الحقوقية في اليمن الضوءَ على آلاف الانتهاكات التي ارتكبتها الجماعة الحوثية ضد المدنيين في 3 محافظات، هي العاصمة المختطفة صنعاء، والجوف، والحديدة، بما شملته تلك الانتهاكات من أعمال القمع والقتل والخطف والتجنيد والإخضاع القسري للتعبئة.

وفي هذا السياق، رصد مكتب حقوق الإنسان في صنعاء (حكومي) ارتكاب جماعة الحوثيين نحو 2500 انتهاك ضد المدنيين في صنعاء، خلال عامين.

بقايا منازل فجرها الحوثيون في اليمن انتقاماً من ملاكها (إكس)

وتنوّعت الانتهاكات التي طالت المدنيين في صنعاء بين القتل والاعتداء الجسدي والاختطافات والإخفاء القسري والتعذيب ونهب الممتلكات العامة والخاصة وتجنيد الأطفال والانتهاكات ضد المرأة والتهجير القسري وممارسات التطييف والتعسف الوظيفي والاعتداء على المؤسسات القضائية وانتهاك الحريات العامة والخاصة ونهب الرواتب والتضييق على الناس في سُبل العيش.

وناشد التقرير كل الهيئات والمنظمات الفاعلة المعنية بحقوق الإنسان باتخاذ مواقف حازمة، والضغط على الجماعة الحوثية لإيقاف انتهاكاتها ضد اليمنيين في صنعاء وكل المناطق تحت سيطرتها، والإفراج الفوري عن المخفيين قسراً.

11500 انتهاك

على صعيد الانتهاكات الحوثية المتكررة ضد السكان في محافظة الجوف اليمنية، وثق مكتب حقوق الإنسان في المحافظة (حكومي) ارتكاب الجماعة 11500 حالة انتهاك سُجلت خلال عام ضد سكان المحافظة، شمل بعضها 16 حالة قتل، و12 إصابة.

ورصد التقرير 7 حالات نهب حوثي لممتلكات خاصة وتجارية، و17 حالة اعتقال، و20 حالة اعتداء على أراضٍ ومنازل، و80 حالة تجنيد للقاصرين، أعمار بعضهم أقل من 15 عاماً.

عناصر حوثيون يستقلون سيارة عسكرية في صنعاء (أ.ف.ب)

وتطرق المكتب الحقوقي إلى وجود انتهاكات حوثية أخرى، تشمل حرمان الطلبة من التعليم، وتعطيل المراكز الصحية وحرمان الموظفين من حقوقهم وسرقة المساعدات الإغاثية والتلاعب بالاحتياجات الأساسية للمواطنين، وحالات تهجير ونزوح قسري، إلى جانب ارتكاب الجماعة اعتداءات متكررة ضد المناوئين لها، وأبناء القبائل بمناطق عدة في الجوف.

ودعا التقرير جميع الهيئات والمنظمات المحلية والدولية المعنية بحقوق الإنسان إلى إدانة هذه الممارسات بحق المدنيين.

وطالب المكتب الحقوقي في تقريره بضرورة تحمُّل تلك الجهات مسؤولياتها في مناصرة مثل هذه القضايا لدى المحافل الدولية، مثل مجلس حقوق الإنسان العالمي، وهيئات حقوق الإنسان المختلفة، وحشد الجهود الكفيلة باتخاذ موقف حاسم تجاه جماعة الحوثي التي تواصل انتهاكاتها بمختلف المناطق الخاضعة لسيطرتها.

انتهاكات في الحديدة

ولم يكن المدنيون في مديرية الدريهمي بمحافظة الحديدة الساحلية بمنأى عن الاستهداف الحوثي، فقد كشف مكتب حقوق الإنسان التابع للحكومة الشرعية عن تكثيف الجماعة ارتكاب مئات الانتهاكات ضد المدنيين، شمل بعضها التجنيد القسري وزراعة الألغام، والتعبئة الطائفية، والخطف، والتعذيب.

ووثق المكتب الحقوقي 609 حالات تجنيد لمراهقين دون سن 18 عاماً في الدريهمي خلال عام، مضافاً إليها عملية تجنيد آخرين من مختلف الأعمار، قبل أن تقوم الجماعة بإخضاعهم على دفعات لدورات عسكرية وتعبئة طائفية، بغية زرع أفكار تخدم أجنداتها، مستغلة بذلك ظروفهم المادية والمعيشية المتدهورة.

الجماعة الحوثية تتعمد إرهاب السكان لإخضاعهم بالقوة (إ.ب.أ)

وأشار المكتب الحكومي إلى قيام الجماعة بزراعة ألغام فردية وبحرية وعبوات خداعية على امتداد الشريط الساحلي بالمديرية، وفي مزارع المواطنين، ومراعي الأغنام، وحتى داخل البحر. لافتاً إلى تسبب الألغام العشوائية في إنهاء حياة كثير من المدنيين وممتلكاتهم، مع تداعيات طويلة الأمد ستظل تؤثر على اليمن لعقود.

وكشف التقرير عن خطف الجماعة الحوثية عدداً من السكان، وانتزاعها اعترافات منهم تحت التعذيب، بهدف نشر الخوف والرعب في أوساطهم.

ودعا مكتب حقوق الإنسان في مديرية الدريهمي المجتمع الدولي إلى التدخل العاجل لإيقاف الانتهاكات التي أنهكت المديرية وسكانها، مؤكداً استمراره في متابعة وتوثيق جميع الجرائم التي تواصل ارتكابها الجماعة.