جدل في الملتقى العربي الألماني حول الطاقة النووية كبديل

يبحث العالم اليوم عن مصادر لإنتاج الطاقة تكون كلفتها قليلة ومتوفرة في كل الأماكن، ويتم التركيز في الفترة الراهنة على الطاقة النووية والرياح والشمس وحركة مياه البحار، مع ذلك لا يوجد بلد يعتمد على هذه المصادر، ولكن هناك أبحاث مستمرة لتعظيم الاستفادة من مصادر الطاقة غير التقليدية، وهذا ما ناقشه الملتقى الاقتصادي العربي الألماني الذي أقامته غرفة التجارة العربية الألمانية في برلين، منتصف الشهر الحالي، وحضره أكثر من 600 من الشخصيات العربية والألمانية العاملة في قطاع الطاقة.
وأكد المشاركون على أن طلب العالم على الطاقة في تزايد سريع، وهذا أمر ملحوظ بشكل خاص في العالم العربي بسبب النمو الاقتصادي والزيادة السكانية والنشاط الاقتصادي. ووفقاً لتوقعات مجلة «ميد»، يجب إنشاء قدرة إضافية في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لتوليد طاقة تبلغ نحو 160000 ميغاواط بحلول عام 2020، وذلك من لتلبية الطلب المتوقع. وعلى هذا الأساس، فإن البلدان العربية التي لا تزال تستفيد من الموارد التقليدية مثل النفط والغاز، تدرك أهمية مصادر الطاقة المتجددة التي ستلعب أيضاً دوراً رئيسياً على نحو متزايد.

اهتمام عربي بالطاقة النووية
السؤال الأكثر إلحاحاً خلال المنتدى كان عن مصادر الطاقة البديلة (الطاقة المتجددة)، وهل يمكن الاعتماد على الشمس أم الرياح أم المفاعلات النووية، ويعتقد مؤيدو الأخيرة أنها الأقدر على توفير الطاقة لكل الطبقات الاجتماعية بأسعار في متناول الجميع.
وقال نائل الكباريتي، رئيس الغرفة التجارية الأردنية ورئيس اتحاد الغرف العربية، لـ«الشرق الأوسط»، إن الأردن يعاني من نقص الطاقة الكهربائية، لكن بلاده وضعت استراتيجية جديدة لعام 2020 وحتى عام 2025 تنص على تخصيص جزء من مشاريعها لبناء الطاقة البديلة التي ستعوض المواطنين عن نقص الطاقة التقليدية.
وبدأت بالفعل مشاريع للطاقة المتجددة في الأردن، منها مشروع في منطقة معان، التي تعد من أكثر مناطق البلاد تعرضاً لساعات سطوع الشمس، كما تضع اليوم شركة أردنية القاعدة النهائية لإنتاج الطاقة من الزيت الصخري، وهو موجود بكثافة في منطقة حول الكرك.
وتُظهر الحكومة الأردنية اهتماماً للحصول على الطاقة البديلة عبر بناء مفاعلات نووية، وتدرس اليوم الإيجابيات والسلبيات لهذا المصدر من الطاقة. «فاليورانيوم المطلوب لتغذية هذه المفاعلات متوفر في الأردن بشكل كبير والأمر يتعلق بمكان تخصيبه وما هي الإمكانيات المتوفرة لذلك»، كما يقول الكباريتي.
ويضيف: «إذا ما توفرت التقنيات المتطورة والخبرة البشرية القادرة على التعامل مع المفاعلات النووية يكون قد تم تجاوز عقبة أساسية في طريق الاعتماد على هذه الطاقة، وإذا ما توفرت الإمكانية لمعالجة المياه الخارجة من نظام التبريد، فهذا يحل مشكلة أخرى».
وبحسب رئيس الغرفة التجارية الأردنية فإن الطاقة النووية مصدر مأمون، إذا ما توفرت الاستعدادات الكافية لإدارة تلك المحطات، مشيراً إلى أن تجارب إغلاق المفاعلات المولدة للطاقة كانت بسبب عدم توفر أماكن آمنة لدفن النفايات «فأوروبا تنتج كميات كبيرة من النفايات، بينما قد يصل حجمها في الأردن إلى برميل واحد في السنة».

صوت معارض للمفاعلات النووية
لكن إلياس أسود، مدير مجموعة «أسود القابضة المنتجة للتقنيات المتطورة وحماية البيئة في بيروت»، قال لـ«الشرق الأوسط»: «إذا ما بدأ بلد في العالم العربي ببناء مفاعلات نووية لإنتاج الكهرباء ستتبعه الدول الأخرى، في الوقت الذي لا تتوافر في المنطقة خبرات كافية لتشغيل المفاعلات النووية بشكل صحيح. حتى اليابان المتطورة تقنياً تعرضت لكارثة وتواجه فرنسا مشكلات نتيجة المفاعلات. وفي الوقت الذي يفكر فيه العالم في الخروج من المجال النووي ندخل نحن إليه.
وأشار إلياس إلى أن إنتاج كهرباء من الطاقة النووية سيستغرق وقتاً طويلاً، ويحتاج إلى عشر سنوات بعد بدء المفاعل على أقل تقدير.
وبرأي رجل الأعمال اللبناني «ليس صحيحاً أن ثمن هذا النوع من الطاقة رخيص وأقل من 5 سنتات للكيلوواط، فكلفة التخلص من الرواسب التي تخرج من المفاعلات ودفنها في أماكن آمنة يضاعف سعر الكهرباء. ولا نستطيع التخلص من إشعاعاتها لأنها تظل آلاف السنين، لذا من الأفضل عدم التورط بمشاريع كهذه كلفتها المليارات».
وينصح إلياس ببناء محطات للطاقة تعتمد على أفكار مبتكرة مثل توليد الطاقة من خلايا الوقود، عن طريق التفاعل الكيماوي الحاصل بين الهيدروجين والأكسجين.
وهو ليس ضد إنتاج الطاقة من الشمس أو الرياح كطاقة مستدامة لكنه يحذر من ارتفاع تكاليف بناءها وصيانتها.