4 قتلى ومئات الجرحى في أعنف مواجهات تشهدها الأراضي الفلسطينية

الكنائس تلغي مظاهر الاحتفال بأعياد الميلاد تأكيداً على عروبة القدس

شبان فلسطينيون يحتمون خلال المواجهات مع القوات الإسرائيلية في رام الله أمس (رويترز)
شبان فلسطينيون يحتمون خلال المواجهات مع القوات الإسرائيلية في رام الله أمس (رويترز)
TT

4 قتلى ومئات الجرحى في أعنف مواجهات تشهدها الأراضي الفلسطينية

شبان فلسطينيون يحتمون خلال المواجهات مع القوات الإسرائيلية في رام الله أمس (رويترز)
شبان فلسطينيون يحتمون خلال المواجهات مع القوات الإسرائيلية في رام الله أمس (رويترز)

استشهد أربعة فلسطينيين أمس الجمعة، وأصيب المئات، غالبيتهم العظمى بالرصاص الحي من قبل الجيش الإسرائيلي، الذي تعمد إصابة المتظاهرين في الأجزاء العلوية من أجسادهم، وذلك في أعنف مواجهات شهدتها الأراضي الفلسطينية منذ قرار الرئيس الأميركي دونالد ترمب الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، ونقل سفارة الولايات المتحدة إليها.
وقالت وزارة الصحة الفلسطينية إن الشاب ياسر ناجي سكر (23 عاما) من سكان غزة، استشهد برصاصة مباشرة في الرأس خلال المواجهات التي اندلعت عند موقع ناحل عوز العسكري. فيما استشهد الشاب إبراهيم أبو ثريا (29 عاما) من سكان مخيم الشاطئ غرب مدينة غزة، برصاصة في الرأس في المنطقة ذاتها. كما استشهد شاب ثالث يدعى باسل مصطفى إسماعيل من بلدة عناتا شمال شرقي القدس، إلى الجنوب من رام الله، متأثرا بطلق ناري أصابه في الصدر خلال مواجهات في البلدة. أما الشاب الرابع محمد أمين عقل فقد توفي متأثرا بجروحه إثر إصابته بجروح خطيرة بعد ادعاء الاحتلال محاولته تنفيذ عملية طعن عند مفترق مدينة البيرة، ما أدى لإصابة جندي بجروح طفيفة.
وبحسب وزارة الصحة، فإن عدد الجرحى في قطاع غزة وصل إلى 164 جريحا، أصيب غالبيتهم بالرصاص الحي، موضحة أن طواقمها الطبية في حالة استنفار تام لتقديم العلاج للمصابين. كما أصيب أكثر من 263 فلسطينيا بالرصاص الحي والمطاطي، حسب ما أورده الهلال الأحمر الفلسطيني.
وشارك المئات في مسيرات حاشدة بعدة مناطق من الضفة الغربية بطلب من القوى الوطنية والإسلامية، التي دعت إلى «جمعة غضب» من خلال المواجهات مع الاحتلال في كل مناطق التماس مع قوات الاحتلال الإسرائيلي بالضفة الغربية. فيما أحيت حركة حماس في نابلس ذكرى انطلاقتها الـ30 لأول مرة منذ سنوات بسبب أحداث الانقسام، وسط مشاركة جماهيرية من عناصرها في المدينة.
واندلعت المواجهات قبالة المواقع العسكرية المحاذية للحدود من جنوب إلى شمال قطاع غزة، وشارك عشرات الآلاف من الفلسطينيين في «المليونية» بغزة رفضا للقرار الأميركي، حيث تقدم المسيرات قيادات الفصائل في مختلف محافظات قطاع غزة، وحمل المشاركون الأعلام الفلسطينية ويافطات تؤكد تمسكهم بمدينة القدس عاصمة للدولة الفلسطينية. وتحدث عدد من قيادات الفصائل في كلمات منفصلة أكدوا خلالها رفضهم للقرار الأميركي، واعتبروه عدوانا صريحا على الشعب الفلسطيني وانحيازا كاملا للاحتلال.
وقال خليل الحية، عضو المكتب السياسي لحركة حماس، إن القرار الأميركي وحد الشعب الفلسطيني والعالم العربي على قضية القدس من جديد، مشددا على ضرورة الاستمرار في مواجهة خيار الوحدة لمواجهة هذا القرار، والاستمرار في الانتفاضة الشعبية حتى يتم التراجع عنه ويسقطه.
بدوره، قال فايز أبو عيطة، نائب أمين سر المجلس الثوري لحركة فتح، إن «الشعب الفلسطيني اليوم في خندق واحد، والقدس ستبقى عربية وإسلامية»، مشدداً على أن الشعب انتفض لاسترداد حقوقه المشروعة.
وفي الضفة الغربية، كان المدخل الشمالي لمدينة البيرة، الواقع على مقربة من قيادة الجيش الإسرائيلي، من أكثر المناطق سخونة، إذ أطلقت قوات الاحتلال النيران بكثافة صوب أحد الشبان، ما أدى إلى إصابته بجروح بالغة الخطورة. كما أصيب عدد من المواطنين بالاختناق، خلال مواجهات مع قوات الاحتلال في قرية بلعين، غرب مدينة رام الله. وأعلنت وزارة الصحة أن مجمع فلسطين الطبي برام الله تعامل أمس، مع 14 إصابة.
كما اندلعت مواجهات عنيفة مع قوات الاحتلال في مدخل مدينة نابلس الجنوبي، والعديد من القرى والبلدات المجاورة. وأصيب في المواجهات بمحاذاة حاجز حوارة وبلدة بيتا المجاورة عشرات المواطنين بحالات اختناق، وبالرصاص المعدني، كما اعتقلت قوات الاحتلال ثلاثة مواطنين.
وعلى مدخل بلدة اللبن اندلعت مواجهات عنيفة، حيث أطلق جنود الاحتلال القنابل الغازية المسيلة للدموع والرصاص المعدني المغلف بالمطاط، كما أصيب شاب بالرصاص الحي، وأصيب العشرات بالاختناق خلال قمع قوات الاحتلال الإسرائيلي لمسيرات الغضب في مدينة الخليل وبلدات يطا وسعير جنوبها، ومخيمي الفوار والعروب، وبلدة بيت أمر، شمالها. كما أصيب عدد من المواطنين بعد قمع قوات الاحتلال الإسرائيلي مسيرات في عدة مواقع بمحافظة قلقيلية، مثل كفر قدوم وعزون وجيوس شرق المحافظة، ومدينة قلقيلية. وحصل الأمر نفسه في منطقة طولكرم، حيث أصيب مواطن بجروح وعشرات بالاختناق.
وفي القدس أصيب شاب واحد على الأقل بعيار ناري، إضافة إلى عشرات المواطنين بالاختناق خلال مواجهات بمحيط الحاجز العسكري القريب من مدخل مخيم قلنديا شمال المدينة المحتلة.
وفي الوقت نفسه، حولت قوات الاحتلال، ومنذ ساعات فجر الجمعة، وسط القدس إلى ثكنة عسكرية؛ ودفعت بالمزيد من عناصر وحداتها المختلفة، ودورياتها العسكرية والشُرطية، ونصبت الحواجز الحديدية على مداخل القدس العتيقة، فضلاً عن نشر عناصر من قوات الاحتلال فوق سور القدس التاريخي وعلى أسطح بعض البنايات ومقبرتي باب الرحمة واليوسفية في باب الأسباط، كما نصبت حواجز حديدية على بوابات المسجد الأقصى المبارك الرئيسية «الخارجية» لتفتيش المصلين، واحتجاز بطاقات الشبان خلال دخولهم للصلاة في المسجد المبارك.
وانطلقت مظاهرة قطرية في مدينة سخنين بمشاركة واسعة من مختلف القوى السياسية، الذين حضروا من مناطق النقب والمثلث والساحل والجليل في أراضي الـ48. واختتمت بمهرجان في ساحة البلدية، كما انطلقت مسيرة مماثلة في مدينة الناصرة، انطلقت بعد صلاة الجمعة، من مسجد السلام مرورا بالشارع الرئيسي حتى الساحة المركزية للمدينة.
وانضم مجلس الطائفة العربية الأرثوذكسية في الناصرة، أمس، إلى الكنائس المسيحية العديدة في فلسطين التي قررت إلغاء مظاهر الاحتفال بأعياد الميلاد وإطفاء شجرة الميلاد النصراوية. وشدد بيان أصدره مجلس الطائفة العربية الأرثوذكسية في الناصرة على عروبة القدس، وأنها عاصمة الدولة الفلسطينية العتيدة، وعلى الرفض التام لإعلان ترمب.



«الوفد» المصري يدخل أزمة جديدة بعد فصل أحد قادته

رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)
رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)
TT

«الوفد» المصري يدخل أزمة جديدة بعد فصل أحد قادته

رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)
رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)

دخل حزب «الوفد» المصري العريق في أزمة جديدة، على خلفية قرار رئيسه عبد السند يمامة، فصل أحد قادة الحزب ورئيسه الأسبق الدكتور السيد البدوي، على خلفية انتقادات وجَّهها الأخير إلى الإدارة الحالية، وسط مطالبات باجتماع عاجل للهيئة العليا لاحتواء الأزمة، فيما حذَّر خبراء من «موجة انشقاقات» تضرب الحزب.

وانتقد البدوي في حديث تلفزيوني، دور حزب الوفد الراهن، في سياق حديثه عمّا عدَّه «ضعفاً للحياة الحزبية» في مصر. وأعرب البدوي عن استيائه من «تراجع أداء الحزب»، الذي وصفه بأنه «لا يمثل أغلبية ولا معارضة» ويعد «بلا شكل».

وذكر البدوي، أن «انعدام وجوده (الوفد) أفقد المعارضة قيمتها، حيث كان له دور بارز في المعارضة».

و«الوفد» من الأحزاب السياسية العريقة في مصر، وهو الثالث من حيث عدد المقاعد داخل البرلمان، بواقع 39 نائباً. في حين خاض رئيسه عبد السند يمامة، انتخابات الرئاسة الأخيرة، أمام الرئيس عبد الفتاح السيسي، وحصل على المركز الرابع والأخير.

المقر الرئيسي لحزب «الوفد» في القاهرة (حزب الوفد)

وأثارت تصريحات البدوي استياء يمامة، الذي أصدر مساء الأحد، قراراً بفصل البدوي من الحزب وجميع تشكيلاته.

القرار ووجه بانتقادات واسعة داخل الحزب الليبرالي، الذي يعود تأسيسه إلى عام 1919 على يد الزعيم التاريخي سعد زغلول، حيث اتهم عدد من قادة الحزب يمامة بمخالفة لائحة الحزب، داعين إلى اجتماع طارئ للهيئة العليا.

ووصف عضو الهيئة العليا للحزب فؤاد بدراوي قرار فصل البدوي بـ«الباطل»، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن «لائحة الحزب تنظم قرارات فصل أي قيادي بالحزب أو عضو بالهيئة العليا، حيث يتم تشكيل لجنة تضم 5 من قيادات الحزب للتحقيق معه، ثم تُرفع نتيجة التحقيق إلى (الهيئة العليا) لتتخذ قرارها».

وأكد بدراوي أن عدداً من قيادات الحزب «دعوا إلى اجتماع طارئ للهيئة العليا قد يُعقد خلال الساعات القادمة لبحث الأزمة واتخاذ قرار»، معتبراً أن «البدوي لم يخطئ، فقد أبدى رأياً سياسياً، وهو أمر جيد للحزب والحياة الحزبية».

ويتخوف مراقبون من أن تتسبب الأزمة في تعميق الخلافات الداخلية بالحزب، مما يؤدي إلى «موجة انشقاقات»، وقال أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة الدكتور طارق فهمي لـ«الشرق الأوسط» إن «مشكلة فصل البدوي قد تؤدي إلى موجة انشقاقات داخل الحزب، وهي ظاهرة مرشحة للتفاقم في الحياة السياسية المصرية خلال الفترة القادمة، فمشكلة (الوفد) مثل باقي الأحزاب... لا توجد قناعة بتعدد الآراء والاستماع لجميع وجهات النظر».

وأكد فهمي أن «اجتماع الهيئة العليا لحزب (الوفد) لن يحل الأزمة، والحل السياسي هو التوصل إلى تفاهم، للحيلولة دون حدوث انشقاقات، فمشكلة (الوفد) أنه يضم تيارات وقيادات كبيرة تحمل رؤى مختلفة دون وجود مبدأ استيعاب الآراء كافة، وهو ما يؤدي إلى تكرار أزمات الحزب».

وواجه الحزب أزمات داخلية متكررة خلال السنوات الأخيرة، كان أبرزها إعلان عدد من قياداته في مايو (أيار) 2015 إطلاق حملة توقيعات لسحب الثقة من رئيسه حينها السيد البدوي، على خلفية انقسامات تفاقمت بين قياداته، مما أدى إلى تدخل الرئيس عبد الفتاح السيسي في الأزمة، حيث اجتمع مع قادة «الوفد» داعياً جميع الأطراف إلى «إعلاء المصلحة الوطنية، ونبذ الخلافات والانقسامات، وتوحيد الصف، وتكاتف الجهود في مواجهة مختلف التحديات»، وفق بيان للرئاسة المصرية حينها.

وأبدى فهمي تخوفه من أن «عدم التوصل إلى توافق سياسي في الأزمة الحالية قد يؤدي إلى مواجهة سياسية بين قيادات (الوفد)، ومزيد من قرارات الفصل، وهو ما سيؤثر سلباً على مكانة الحزب».

في حين رأى نائب مدير «مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» في مصر الدكتور عمرو هاشم ربيع، أن «(الوفد) سيتجاوز هذه الأزمة كما تجاوز مثلها»، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «الأزمة ستمر مثل كثير من الأزمات، لكنها لن تمر بسهولة، وستحدث عاصفة داخل الحزب».

واستنكر ربيع فصل أحد قيادات حزب ليبرالي بسبب رأيه، قائلاً: «من الغريب أن يقوم رئيس حزب ليبرالي ينادي بحرية التعبير بفصل أحد قياداته بسبب رأيه».

كان البدوي قد أعرب عن «صدمته» من قرار فصله، وقال في مداخلة تلفزيونية، مساء الأحد، إن القرار «غير قانوني وغير متوافق مع لائحة الحزب»، مؤكداً أنه «لا يحق لرئيس الحزب اتخاذ قرار الفصل بمفرده».

وأثار القرار ما وصفها مراقبون بـ«عاصفة حزبية»، وأبدى عدد كبير من أعضاء الهيئة العليا رفضهم القرار، وقال القيادي البارز بحزب «الوفد» منير فخري عبد النور، في مداخلة تلفزيونية، إن «القرار يأتي ضمن سلسلة قرارات مخالفة للائحة الحزب، ولا بد أن تجتمع الهيئة العليا لمناقشة القرار».

ورأى عضو الهيئة العليا لحزب «الوفد» عضو مجلس النواب محمد عبد العليم داوود، أن قرار فصل البدوي «خطير»، وقال في مداخلة تلفزيونية إن «القرار لا سند له ولا مرجعية».

وفي يوليو (تموز) الماضي، شهد الحزب أزمة كبرى أيضاً بسبب مقطع فيديو جرى تداوله على نطاق واسع، على منصات التواصل الاجتماعي، يتعلق بحديث لعدد من الأشخاص، قيل إنهم قيادات بحزب «الوفد»، عن بيع قطع أثرية؛ مما أثار اتهامات لهم بـ«الاتجار غير المشروع في الآثار».