البرد يزيد معاناة النازحين السوريين في البقاع اللبناني

سجينة سابقة تدرأ الثلج والمطر بسقف مغطى بالنايلون

نازحة سورية أمام خيمتها في عرسال («الشرق الأوسط»)
نازحة سورية أمام خيمتها في عرسال («الشرق الأوسط»)
TT

البرد يزيد معاناة النازحين السوريين في البقاع اللبناني

نازحة سورية أمام خيمتها في عرسال («الشرق الأوسط»)
نازحة سورية أمام خيمتها في عرسال («الشرق الأوسط»)

تجمع الأرملة النازحة من جوسيه السورية، حميدة القاسم (50 عاماً)، مخلّفات الورق والكرتون والنايلون من شوارع عرسال ودكاكينها، لتستخدمها في تدفئة أطفالها السبعة الساكنين في مخيم موسى في وسط عرسال البلدة (شرق لبنان). القاسم التي لم تتعبها مهمتها اليومية، لا تزال تأمل بتلقي مساعدة من المحروقات (مثل المازوت) توفرها الأمم المتحدة للنازحين هذا العام.
وتتشارك القاسم هذه الحال مع مئات النازحين السوريين الذين يسكنون في مخيمات شرق لبنان، وتتفاقم معاناتهم مع بداية كل موجة صقيع.
فمعظم هؤلاء يسكنون في خيم مبعثرة بشكل عشوائي داخل المخيمات المنتشرة في منطقتي البقاع الشمالي والأوسط. وتزداد المعاناة لدى سكان مخيمات النازحين في عرسال الذين يقطنون على ارتفاع 1500 متر، حيث تنخفض درجة الحرارة إلى ما دون 4 درجات تحت الصفر ليلاً، علماً أن معظم الخيام تعلوها سقوف من النايلون التي لا ترد الصقيع، ولا الثلوج والجليد.
مريم درّة تعيش في خيمة مشابهة منذ الإفراج عنها من سجن عدرا في سوريا قبل 3 سنوات، ووصولها إلى بلدة عرسال. تسكن في غرفة واحدة استأجرتها في البلدة، مع أفراد عائلتها الثمانية، وبينهم ابنتها مرام (20 عاماً) التي تعد من ذوي الاحتياجات الخاصة. وتغطي سقف الغرفة وجدرانها قطع النايلون خشية تسرب المياه إلى الداخل.
تعيش درة حياة صعبة منذ الإفراج عنها من سجن عدرا بعد سجنها لأشهر بتهمة الاتصال بمعارضين وتزويدهم بمعلومات. وحال الإفراج عنها، التحقت بعائلتها في عرسال. تقول: «ليس باليد حيلة. لم أحصل على البطاقة الحمراء المخصصة للتغذية حتى يوم (أول من) أمس وهي مخصصة لـ3 من أفراد عائلتي ممن ذهبوا برفقتي إلى مدينة زحلة حيث أجرينا المقابلة. أما الباقون فلم أستطع أن أضيفهم، لأنهم يرفضون الذهاب إلى (مدينة) زحلة، بينما يُقال إن الأمم المتحدة ستقوم بزيارة إلى عرسال حتى تتأكد من الأسماء بهدف إضافتها، لأن هناك قسماً كبيراً من الناس لا تستطيع الذهاب إلى زحلة، كما أن هناك أشخاصاً يعانون من مشكلة في انتقالهم بسبب فقدانهم أوراقاً ثبوتية».
وينتشر في داخل عرسال 93 مخيماً تتوزع بين الجرد والبلدة، ويسكنها أكثر من 120 ألف نازح سوري جاءوا خصوصاً من مناطق القصير والقلمون. ولا تزال عائلات تمتهن رعي المواشي تسكن في مخيمات صغيرة في وادي حميد على شكل مجموعات صغيرة، بعد الحصول على إذن من السلطات اللبنانية، ذلك أن الجيش اللبناني فكك كل المخيمات التي كانت هناك بعد انسحاب 10 آلاف مسلح وعائلاتهم إلى الداخل السوري.
تختلف الزيارة إلى عرسال هذه المرة عن سابقاتها بعد خروج آخر عنصر من تنظيم داعش منها في 28 أغسطس (آب) الماضي. فالحضور الأمني الرسمي في البلدة قائم. ويلفت نظر الزائرين انكفاء النازحين وتراجعهم عن إكمال سيرهم إذا ما لاحظوا جنوداً في شوارع البلدة.
غير أن عودة عرسال إلى حضن الدولة لم يخفف معاناة اللاجئين فيها. ويقول النازح خضر الخضير (30 عاماً) إنه يعمل لدى أهالي عرسال بأعمال البناء متى توافر العمل ليعيل والدته. أما النازح بكر الوليد فيعاني من البرد ويقول إن معظم أطفال مخيمات النازحين يعانون من أمراض مرتبطة بتدني درجات الحرارة ليلاً. ويضيف: «وعدونا بالمازوت وحتى الآن لم نحصل على شيء... نجمع النايلون ودواليب الكاوتشوك ونقطعها لإشعالها في المدافئ ليلاً».



3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
TT

3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)

قدمت الحكومة اليمنية عبر سفارتها في واشنطن 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية في مواجهة الجماعة الحوثية المدعومة من إيران، في حين تحدثت الجماعة، الأحد، عن غارة ضربت موقعاً لها في جنوب محافظة الحديدة.

ووصف الإعلام الحوثي الغارة بـ«الأميركية - البريطانية»، وقال إنها استهدفت موقعاً في مديرية التحيتا الخاضعة للجماعة في جنوب محافظة الحديدة الساحلية على البحر الأحمر، دون إيراد تفاصيل عن آثار الضربة.

مقاتلات أميركية من طراز «إف 35» شاركت في ضرب الحوثيين باليمن (أ.ب)

وفي حين لم يتبنَّ الجيش الأميركي على الفور هذه الغارة، تراجعت خلال الشهر الأخير الضربات على مواقع الحوثيين، إذ لم تسجل سوى 3 غارات منذ 12 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

وكانت واشنطن أنشأت تحالفاً بقيادتها سمّته «حارس الازدهار» وبدأت - ومعها بريطانيا في عدد من المرات - في شن ضربات على مواقع الجماعة الحوثية ابتداء من 12 يناير (كانون الثاني) 2024، في مسعى لإضعاف قدرة الجماعة على مهاجمة السفن.

وإذ بلغت الغارات أكثر من 800 غارة غربية استأثرت محافظة الحديدة الساحلية بأغلبها، كانت الجماعة تبنت مهاجمة نحو 215 سفينة منذ نوفمبر 2023، وأدت الهجمات إلى غرق سفينتين وإصابة أكثر من 35 سفينة ومقتل 3 بحارة.

وتزعم الجماعة الموالية لإيران أنها تشن هجماتها ضد السفن إلى جانب عشرات الهجمات باتجاه إسرائيل مساندة منها للفلسطينيين في غزة، في حين تقول الحكومة اليمنية إن الجماعة تنفذ أجندة طهران واستغلت الأحداث للهروب من استحقاقات السلام.

تصنيف ودعم وتفكيك

في وقت يعول فيه اليمنيون على تبدل السياسة الأميركية في عهد الرئيس المنتخب دونالد ترمب، لتصبح أكثر صرامة في مواجهة الحوثيين الذين باتوا الذراع الإيرانية الأقوى في المنطقة بعد انهيار «حزب الله» وسقوط نظام بشار الأسد، قدم السفير اليمني لدى واشنطن محمد الحضرمي 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ لدعم بلاده.

وتتضمن المقترحات الثلاثة إعادة تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية، ودعم الحكومة اليمنية لتحرير الحديدة وموانئها، واستهداف قيادات الجماعة لتفكيك هيكلهم القيادي.

محمد الحضرمي سفير اليمن لدى الولايات المتحدة ووزير الخارجية الأسبق (سبأ)

وقال السفير الحضرمي إن تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية على غرار تصنيف «حزب الله» و«الحرس الثوري» الإيراني، من شأنه أن يبعث برسالة قوية مفادها أن أفعال الحوثيين (ترويع المدنيين، واستهداف الأمن البحري، وزعزعة استقرار المنطقة) غير مقبولة.

وبخصوص دعم الحكومة اليمنية لتحرير ميناء الحديدة، أوضح الحضرمي في مداخلته أمام مجلس الشيوخ الأميركي أن تأمين هذا الميناء الحيوي على البحر الأحمر، من شأنه أن يمكن الحكومة من حماية البحر الأحمر وإجبار الحوثيين على الانخراط في السلام، وكذلك منع وصول الدعم الإيراني إليهم.

وأكد الحضرمي أن تحرير الحديدة لن يكلف الحكومة اليمنية الكثير، وقال: «كنا على مسافة قليلة جداً من تحرير الحديدة في 2018، وتم إيقافنا من قبل المجتمع الدولي. وأعتقد أنه حان الأوان لتحرير هذا الميناء».

وفيما يتعلق باستهداف قيادات الحوثيين لتفكيك هيكلهم القيادي، شدد السفير اليمني في واشنطن على أهمية هذه الخطوة، وقال إن «محاسبة قادة الميليشيات الحوثية على جرائمهم ستؤدي إلى إضعاف عملياتهم وتعطيل قدرتهم على الإفلات من العقاب».

وأضاف: «ستعمل هذه التدابير على تعزيز أمن البحر الأحمر، وحفظ دافعي الضرائب وهذا البلد (الولايات المتحدة) للكثير من المال، ومحاسبة الحوثيين على أفعالهم، وتوفير الضغط اللازم لإجبار الجماعة على الانخراط في المفاوضات، مما يمهد الطريق لسلام دائم في اليمن».

ورأى السفير اليمني أن الدبلوماسية وحدها لا تجدي نفعاً مع النظام الإيراني ووكلائه، وقال: «حاولنا ذلك معهم لسنوات عديدة. (السلام من خلال القوة) هو المجدي! وأنا واثق بأن الشعب اليمني والإيراني سيتمكنون يوماً ما من تحرير أنفسهم من طغيان النظام الإيراني ووكلائه».

اتهام إيران

أشار السفير الحضرمي في مداخلته إلى أن معاناة بلاده كانت النتيجة المتعمدة لدعم إيران للفوضى وعدم الاستقرار في المنطق، وقال: «منذ أكثر من 10 سنوات، قامت إيران بتمويل وتسليح جماعة الحوثي الإرهابية، وتزويدها بالأسلحة الفتاكة لزعزعة استقرار اليمن وتهديد خطوط الملاحة الدولية في البحر الأحمر».

وأوضح أنه من المأساوي أن الدعم الإيراني مكّن الحوثيين من أن يصبحوا خطراً ليس فقط على اليمن، بل على المنطقة والعالم، إذ يعدّ البحر الأحمر ممراً مهماً للشحن التجاري، حيث يمر منه أكثر من 10 في المائة من التجارة العالمية و30 في المائة من شحن البضائع السنوي، لافتاً إلى أن الولايات المتحدة وحدها تنفق مليارات الدولارات للتصدي لهجمات لا تكلف إيران إلا القليل.

صاروخ وهمي من صنع الحوثيين خلال تجمع في صنعاء دعا له زعيم الجماعة (إ.ب.أ)

وخاطب الحضرمي أعضاء مجلس الشيوخ الأميركي بالقول: «يجب إيقاف الحوثيين، ويمكن لليمنيين إيقافهم! فنحن نمتلك العزيمة والقوة البشرية لمواجهة الحوثيين والتهديد الإيراني في اليمن والبحر الأحمر. ولكننا لا نستطيع أن نفعل ذلك بمفردنا؛ نحن بحاجة لدعمكم».

وأشار السفير اليمني إلى أن الحوثيين يحصلون على النفط والغاز مجاناً من إيران، وباستخدام الأسلحة الإيرانية يمنعون اليمن من تصدير موارده الطبيعية، مما أعاق قدرة الحكومة على دفع الرواتب، أو تقديم الخدمات، أو شن هجوم مضاد فعال ضد الجماعة. وقال: «يمكن أن يتغير ذلك بدعم الولايات المتحدة».

وأكد الحضرمي أن اليمنيين لديهم العزيمة والقدرة على هزيمة الحوثيين واستعادة مؤسسات الدولة وإحلال السلام، واستدرك بالقول إن «وجود استراتيجية أميركية جديدة حول اليمن يعدّ أمراً بالغ الأهمية لمساعدتنا في تحقيق هذا الهدف».

ومع تشديد السفير اليمني على وجود «حاجة ماسة إلى نهج جديد لمعالجة التهديد الحوثي»، أكد أن الحوثيين «ليسوا أقوياء بطبيعتهم، وأن قوتهم تأتي فقط من إيران وحرسها الثوري، وأنه بوجود الاستراتيجية الصحيحة، يمكن تحييد هذا الدعم».