تقارب بين «النصرة» وفصائل «معتدلة» يثير مخاوف من تصنيف الجميع في خانة «المتشددين»

TT

تقارب بين «النصرة» وفصائل «معتدلة» يثير مخاوف من تصنيف الجميع في خانة «المتشددين»

تتوجس فصائل سورية معارضة تُصنّف في خانة «المعتدلة» من جهود للتقارب مع «هيئة تحرير الشام» التي تشكل «جبهة النصرة» عمودها الفقري في الشمال السوري، كون الخطوة «ستطبع جميع الفصائل بصبغة تنظيم القاعدة، وتمهد لروسيا لضربها تحت ذريعة محاربة الإرهاب»، بحسب ما قال مصدر بارز في المعارضة في الشمال.
وتسير بعض فصائل المعارضة المعتدلة في خطوة للتقارب مع «هيئة تحرير الشام» في ظل معارك يخوضها الطرفان ضد قوات النظام وحلفائها من جهة، وتنظيم داعش من جهة أخرى، في أرياف حلب الجنوبي وإدلب الشرقي وحماة الشمالي الشرقي. ووصل التقارب بين الأطراف إلى حد التشارك ميدانياً في عمليات مشتركة لصد الهجمات المحتدمة منذ نحو شهرين.
وقال مصدر بارز في أحد الفصائل المعتدلة في الشمال لـ«الشرق الأوسط» إن خطوة التوحد الآن «تمثل منعطفاً بالغ الحساسية على صعيد التحالفات»، موضحاً أن عملية مشابهة «من شأنها أن تصبغ سائر المنطقة بدمغة تنظيم القاعدة، وهو ما يشرّع ضربها من قبل الروس الذين يبحثون عن ذريعة لقصف إدلب ومناطق سيطرة المعارضة في محيطها». وقال المصدر إن خطوات التوحد «بدأت قبل شهرين، مع انطلاق عمليات النظام في ريف حماة، حيث بدأ النظام بمحاولة التمدد باتجاه ريف إدلب، واستطاعت النصرة الصمود لأنهم من المقاتلين المحليين في تلك المنطقة، لكن حين توسعت المعارك وتقدم النظام طلبت الجبهة مؤازرات، لم تستجب لها بداية فصائل المعارضة، قبل أن يستجيب فصيلان في مرحلة لاحقة، هما جيش العزة وجيش إدلب الحر، استطاعا صد الهجمات في قرية رسم الحمام»، وهي الحادثة الأولى التي تُسجّل في الشمال لجهة مؤازرة فصيل معتدل لفصيل يضم قيادات في «القاعدة».
وقال المصدر إن تلك التطورات الميدانية التي أثبتت أن «هيئة تحرير الشام» لا تستطيع خوض المعارك بمفردها بلا مؤازرات، «دفعت زعيمها أبو محمد الجولاني للتواصل مع القياديين في الفصائل، وأفرج عن قيادات للفصائل المعتدلة يعتقلهم في محاولة للتقرب منها».
ويقول منتقدون لـ«هيئة تحرير الشام» إنها لا تمتلك حاضنة شعبية في تلك المنطقة، ولا أنصارا فعليين لها يمكن أن يمدوها بالحماية، وأنها استأثرت بالمنطقة الممتدة من أثريا إلى ريف حلب الجنوبي بعد انتزاعها من «أحرار الشام»، كما انتزعت ريف حماة الشرقي من تنظيم «جند الأقصى».
وفيما لم يعلن التوحد بين الفصائل المعتدلة و«هيئة تحرير الشام» حتى الآن، قال المصدر إن «لا سبيل أمام الفصائل إلا الانضمام، بسبب فقدانها الدعم والسلاح، بينما لا تعاني جبهة النصرة من مشكلة مالية، كونها تحكم قبضتها على مصادر حيوية تستطيع منها تحقيق إيرادات مالية». لكنه أكد أن خطوة مشابهة «تعني انضمام الموافقين على المبادرة إلى هيئة تحرير الشام، وبالتالي سيصنّف الجميع ضمن خانة التشدد».
وبينما تسعى «الهيئة» لحشد مقاتلين إلى صفوفها، عاد الهدوء الحذر بعد ظهر أمس إلى محاور القتال في ريفي حماة الشمالي الشرقي وإدلب الجنوبي الشرقي بعد جولة واسعة من المعارك اشتبكت فيها قوات النظام مع «هيئة تحرير الشام»، إثر هجوم متواصل ومستمر لقوات النظام مدعمة بالقصف الجوي والصاروخي المكثف. ورصد «المرصد السوري لحقوق الإنسان» تمكن قوات النظام من تحقيق تقدم جديد في الريف الإدلبي، تمثل بالسيطرة على قرية هوية الواقعة بالقرب من الشطيب، بموازاة مناوشات على محاور في ريفي إدلب الجنوبي الشرقي وحماة الشمالي الشرقي، حيث تتركز عمليات القصف والاستهدافات في محاور الظافرية ودجاج والمشيرفة والسيرياتيل.
وتشن قوات النظام هجوماً عنيفاً من عدة محاور، وتحديداً من الطليسية شمال حماة، وريف حلب الجنوبي في منطقتي خناصر وجبل الحص نحو مطار أبو الضهور العسكري، كما تحاول التقدم من ريف حماة الشرقي بدعم من الطيران الروسي إلى قرية أبو دالي.
وأفادت شبكة «الدرر الشامية» بأن «هيئة تحرير الشام»، صدَّت هجومين منفصلين لقوات النظام وتنظيم داعش بريف حماة الشرقي، وكبدتهم خسائر في الأرواح. وقال مصدر عسكري في «الهيئة» إن مقاتليها صدّوا هجوماً لتنظيم داعش على تلة رسم الحمام بريف حماة الشرقي، وتمكنوا من قتل 10 عناصر على الأقل وجرح آخرين.
وتخوض «هيئة تحرير الشام» معارك منفصلة ضد «داعش» الذي يحاول التمدد باتجاه ريف إدلب الشرقي. وأفاد «المرصد السوري لحقوق الإنسان» بتجدد القتال بين مقاتلي «هيئة تحرير الشام» من جانب، وعناصر «داعش» من جانب آخر، في محيط قرية رسم الحمام، بالريف الشمالي الشرقي لحماة، في محاولة من التنظيم لتحقيق تقدم في المنطقة، بعد سيطرته على عدد كبير من القرى خلال الأسابيع التسعة الماضية.



اليمن يطالب بتوسيع التدخلات الأممية الإنسانية في مأرب

نقص التمويل أدى إلى خفض المساعدات وحرمان الملايين منها (إعلام حكومي)
نقص التمويل أدى إلى خفض المساعدات وحرمان الملايين منها (إعلام حكومي)
TT

اليمن يطالب بتوسيع التدخلات الأممية الإنسانية في مأرب

نقص التمويل أدى إلى خفض المساعدات وحرمان الملايين منها (إعلام حكومي)
نقص التمويل أدى إلى خفض المساعدات وحرمان الملايين منها (إعلام حكومي)

طالبت السلطة المحلية في محافظة مأرب اليمنية (شرق صنعاء) صندوق الأمم المتحدة للسكان بتوسيع تدخلاته في المحافظة مع استمرار تدهور الوضع الاقتصادي والإنساني للنازحين، وقالت إن المساعدات المقدمة تغطي 30 في المائة فقط من الاحتياجات الأساسية للنازحين والمجتمع المضيف.

وبحسب ما أورده الإعلام الحكومي، استعرض وكيل محافظة مأرب عبد ربه مفتاح، خلال لقائه مدير برنامج الاستجابة الطارئة في صندوق الأمم المتحدة للسكان عدنان عبد السلام، تراجع تدخلات المنظمات الأممية والدولية ونقص التمويل الإنساني.

مسؤول يمني يستقبل في مأرب مسؤولاً أممياً (سبأ)

وطالب مفتاح الصندوق الأممي بتوسيع الاستجابة الطارئة ومضاعفة مستوى تدخلاته لتشمل مجالات التمكين الاقتصادي للمرأة، وبرامج صحة الأم والطفل، وبرامج الصحة النفسية، وغيرها من الاحتياجات الأخرى.

ومع إشادة المسؤول اليمني بالدور الإنساني للصندوق في مأرب خلال الفترة الماضية، وفي مقدمتها استجابته الطارئة لاحتياجات الأسر عقب النزوح، بالإضافة إلى دعم مشاريع المرأة ومشاريع تحسين سبل العيش للفئات الضعيفة والمتضررة، أكد أن هناك احتياجات وتحديات راهنة، وأن تدخلات المنظمات الدولية غالباً ما تصل متأخرة ولا ترقى إلى نسبة 30 في المائة من حجم الاحتياج القائم.

وحمّل وكيل محافظة مأرب هذا النقص المسؤولية عن توسع واستمرار الفجوات الإنسانية، وطالب بمضاعفة المنظمات من تدخلاتها لتفادي وقوع مجاعة محدقة، مع دخول غالبية النازحين والمجتمع المضيف تحت خط الفقر والعوز في ظل انعدام الدخل وانهيار سعر العملة والاقتصاد.

آليات العمل

استعرض مدير برنامج الاستجابة في صندوق الأمم المتحدة للسكان خلال لقائه الوكيل مفتاح آليات عمل البرنامج في حالات الاستجابة الطارئة والسريعة، إلى جانب خطة الأولويات والاحتياجات المرفوعة من القطاعات الوطنية للصندوق للعام المقبل.

وأكد المسؤول الأممي أن الوضع الإنساني الراهن للنازحين في المحافظة يستدعي حشد المزيد من الدعم والمساعدات لانتشال الأسر الأشد ضعفاً وتحسين ظروفهم.

النازحون في مأرب يعيشون في مخيمات تفتقر إلى أبسط مقومات الحياة (إعلام محلي)

وكانت الوحدة الحكومية المعنية بإدارة مخيمات النازحين قد ذكرت أن أكثر من 56 ألف أسرة بحاجة ملحة للغذاء، وأكدت أنها ناقشت مع برنامج الغذاء العالمي احتياجات النازحين وتعزيز الشراكة الإنسانية في مواجهة الفجوة الغذائية المتزايدة بالمحافظة، ومراجعة أسماء المستفيدين الذين تم إسقاط أسمائهم من قوائم البرنامج في دورته الأخيرة، وانتظام دورات توزيع الحصص للمستفيدين.

من جهته، أبدى مكتب برنامج الأغذية العالمي في مأرب تفهمه لطبيعة الضغوط والأعباء التي تتحملها السلطة المحلية جراء الأعداد المتزايدة للنازحين والطلب الكبير على الخدمات، وأكد أنه سيعمل على حشد المزيد من الداعمين والتمويلات الكافية، ما يساعد على انتظام توزيع الحصص الغذائية في حال توفرها.

خطط مستقبلية

بحث وكيل محافظة مأرب، عبد ربه مفتاح، في لقاء آخر، مع الرئيس الجديد لبعثة المنظمة الدولية للهجرة في اليمن، عبد الستار يوسف، الوضع الإنساني في المحافظة، وخطط المنظمة المستقبلية للتدخلات الإنسانية خصوصاً في مجال مشاريع التنمية المستدامة والتعافي المجتمعي والحاجة لتوسيع وزيادة حجم المساعدات والخدمات للنازحين واللاجئين والمجتمع المضيف، وتحسين أوضاع المخيمات وتوفير الخدمات الأساسية.

وكيل محافظة مأرب يستقبل رئيس منظمة الهجرة الدولية في اليمن (سبأ)

وطبقاً للإعلام الحكومي، قدّم الوكيل مفتاح شرحاً عن الوضع الإنساني المتردي بالمحافظة التي استقبلت أكثر من 62 في المائة من النازحين في اليمن، وزيادة انزلاقه إلى وضع أسوأ جراء تراجع المساعدات الإنسانية، والانهيار الاقتصادي، والمتغيرات المناخية، واستمرار النزوح إلى المحافظة.

ودعا الوكيل مفتاح، المجتمع الدولي وشركاء العمل الإنساني إلى تحمل مسؤولياتهم الأخلاقية في استمرار دعمهم وتدخلاتهم الإنسانية لمساندة السلطة المحلية في مأرب لمواجهة الأزمة الإنسانية.

وأكد المسؤول اليمني أن السلطة المحلية في مأرب ستظل تقدم جميع التسهيلات لإنجاح مشاريع وتدخلات جميع المنظمات الإنسانية، معرباً عن تطلعه لدور قوي وفاعل للمنظمة الدولية للهجرة، إلى جانب الشركاء الآخرين في العمل الإنساني في عملية حشد المزيد من الموارد.

حريق في مخيم

على صعيد آخر، التهم حريق في محافظة أبين (جنوب) نصف مساكن مخيم «مكلان»، وألحق بسكانه خسائر مادية جسيمة، وشرد العشرات منهم، وفق ما أفاد به مدير وحدة إدارة المخيمات في المحافظة ناصر المنصري، الذي بين أن الحريق نتج عن سقوط سلك كهربائي على المساكن المصنوعة من مواد قابلة للاشتعال، مثل القش والطرابيل البلاستيكية.

مخيم للنازحين في أبين احترق وأصبح نصف سكانه في العراء (إعلام محلي)

وبحسب المسؤول اليمني، فإن نصف سكان المخيم فقدوا مساكنهم وجميع ممتلكاتهم، بما فيها التموينات الغذائية، وأصبحوا يعيشون في العراء في ظل ظروف إنسانية قاسية. وحذر من تدهور الوضع الصحي مع زيادة انتشار الأوبئة وانعدام الخدمات الأساسية.

وطالب المسؤول السلطات والمنظمات الإنسانية المحلية والدولية بسرعة التدخل لتقديم الدعم اللازم للمتضررين، وفي المقدمة توفير مأوى طارئ ومساعدات غذائية عاجلة، إلى جانب المياه الصالحة للشرب، والأغطية، والأدوية.