اختبار ناجح لتماسك وفد المعارضة الموحد

ترجيح قيام «آستانة سياسي» بعد نجاح «آستانة العسكري»

TT

اختبار ناجح لتماسك وفد المعارضة الموحد

تجاوزت المعارضة السورية بنجاح الاختبار الأول لوفدها الموحد في الجولة الثامنة من التفاوض في حنيف، بحيث لم يسجل أي خروج لأي من المجموعات عن التفاهمات التي سبق أن أقرها اجتماع الرياض الأخير.
وعلى الرغم من إعلان «هيئة التفاوض السورية» المعارضة بعد انتهاء الجولة الثامنة من اجتماعات جنيف مساء الخميس، أن «المفاوضات في خطر حقيقي» واستباق وفد النظام هذا التصريح بربط التفاوض المباشر والانتقال للبحث بالسلال الأربع عن إسقاط بيان مؤتمر الرياض 2، ما أدّى لتغليب منطق فشل الجولة الثامنة، فإن نجاح وفد المعارضة الموحّد بإظهار تماسكه، سمح بإسقاط الذرائع التي كان النظام والدول الداعمة له يستخدمونها لتبرير فشل المفاوضات وتحميل المعارضة مسؤولية هذا الفشل.
ووصف هادي البحرة، عضو وفد المعارضة المفاوض في جنيف، أداء هذا الوفد الذي توجه للمرة الأولى موحداً إلى جنيف بـ«الجيد»، مثنياً على طريقة تعاطيه مع المفاوضات «بحيث كانت مطالبه واحدة ما دحض كل الحجج الدولية السابقة التي تحدثت عن انقسام في صفوف المعارضة يؤدي إلى إضعاف موقعها وورقتها». وقال البحرة لـ«الشرق الأوسط»: «نحن لم نكن نتوقع في يوم من الأيام أن تكون مهمتنا سهلة، وأن يكون مسار جنيف سالكاً تماماً، فبمقابل توحيد صف المعارضة بإطار وفد ناقش السلال الـ4 وعمل قدر الإمكان على الدفع باتجاه التقدم في المفاوضات، كان هناك وفد النظام الذي يشكل المعضلة الأساسية أمام تحقيق أي خطوة إلى الأمام لغياب النية لديه بذلك».
ورد البحرة على المواقف التي أطلقها رئيس وفد النظام في جنيف بشار الجعفري بعد انتهاء الجولة الثامنة وبالتحديد على ربطه التفاوض المباشر والانتقال للبحث بالسلال الأربع بإسقاط بيان الرياض، فقال: «الدعوة للمفاوضات واضحة، وهي غير مشروطة ومباشرة، وما قاله يُعتبر شرطاً مسبقاً بحد ذاته».
وعلى الرغم من تعاظم الحديث عن مسارات أخرى قد تنطلق قريباً بعد تعثر مسار جنيف، شدد البحرة على أن هذا المسار يبقى المظلة الشرعية الوحيدة لضمان تنفيذ القرار 2254، لافتاً إلى أنه «حتى الساعة لا شيء رسمياً بخصوص مسارات أخرى، كما أنّه لا غطاء دولياً أو شرعياً لها».
بالمقابل، رجّح محمد سرميني، مدير مركز «جسور للدراسات» انطلاق مسار جديد يهدف للتوصل لحل سياسي للأزمة السورية، أكثر جدية بعدما لم يبذل اللاعبون الدوليون وخصوصاً روسيا والولايات المتحدة أي جهد يُذكر لتفعيل مسار جنيف، بحسب رأيه. ولفت في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أنّه «وبعدما أظهر مسار آستانة الذي اتخذ منحى عسكرياً جديته في المرحلة الماضية، فقد نشهد على (آستانة سياسي)، على أن يتبلور ذلك خلال الاجتماع المقبل في 20 من الشهر الحالي». وأضاف: «أما مؤتمر سوتشي الذي لا يزال غير واضح المعالم تماماً، فقد يكون داعماً لآستانة السياسي، فيحصل انتقال تدريجي لمسار الحل من جنيف إلى آستانة».
ورأى سرميني أن «ما يجعل مسار آستانة أكثر فاعلية هو أنّه يحظى بدعم الفاعلين الأساسيين المؤثرين على طرفي الصراع السوري الذين هم في الحقيقة أصحاب القرار»، معتبراً أنّه «لو أرادت واشنطن لأعادت إنعاش مسار جنيف، لكننا لا نلمس لديها أي رغبة في المرحلة الراهنة في هذا الاتجاه».
وكان رئيس هيئة التفاوض السورية في جنيف نصر الحريري قد دعا الأمم المتحدة والمبعوث الدولي الخاص ستيفان دي ميستورا للإفصاح أمام المجتمع الدولي عن سعي النظام إلى هدم المسار السياسي في جنيف.
واعتبر الحريري في مؤتمر صحافي عقده مساء الخميس بُعيد إعلان دي ميستورا انتهاء الجولة الثامنة من المناقشات، أن «مفاوضات جنيف في خطر حقيقي»، مشدداً على أن المجتمع الدولي ومجلس الأمن عليهما حماية العملية التفاوضية، منوهاً بأن هناك «من جاء ليغتال الحل السياسي» في هذه المفاوضات.
وإذ أكد الحريري أن «هيئة التفاوض» انخرطت على مدى 3 أسابيع بجدية بالغة في «محادثات مسؤولة» مع الأمم المتحدة حول الانتقال السياسي، قال إن العالم شاهد على أن «لا شريكَ لنا» في مفاوضات جنيف.
واتهم موفد الأمم المتحدة إلى سوريا ستيفان دي ميستورا الخميس، الحكومة السورية، بإفشال مفاوضات السلام في جنيف عبر رفضها التحاور مع المعارضة، مشيراً إلى «إضاعة فرصة ذهبية». وقال دي ميستورا في ختام الجولة الثامنة من المفاوضات: «لقد خاب أملي. تمت إضاعة فرصة ذهبية».



3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
TT

3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)

قدمت الحكومة اليمنية عبر سفارتها في واشنطن 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية في مواجهة الجماعة الحوثية المدعومة من إيران، في حين تحدثت الجماعة، الأحد، عن غارة ضربت موقعاً لها في جنوب محافظة الحديدة.

ووصف الإعلام الحوثي الغارة بـ«الأميركية - البريطانية»، وقال إنها استهدفت موقعاً في مديرية التحيتا الخاضعة للجماعة في جنوب محافظة الحديدة الساحلية على البحر الأحمر، دون إيراد تفاصيل عن آثار الضربة.

مقاتلات أميركية من طراز «إف 35» شاركت في ضرب الحوثيين باليمن (أ.ب)

وفي حين لم يتبنَّ الجيش الأميركي على الفور هذه الغارة، تراجعت خلال الشهر الأخير الضربات على مواقع الحوثيين، إذ لم تسجل سوى 3 غارات منذ 12 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

وكانت واشنطن أنشأت تحالفاً بقيادتها سمّته «حارس الازدهار» وبدأت - ومعها بريطانيا في عدد من المرات - في شن ضربات على مواقع الجماعة الحوثية ابتداء من 12 يناير (كانون الثاني) 2024، في مسعى لإضعاف قدرة الجماعة على مهاجمة السفن.

وإذ بلغت الغارات أكثر من 800 غارة غربية استأثرت محافظة الحديدة الساحلية بأغلبها، كانت الجماعة تبنت مهاجمة نحو 215 سفينة منذ نوفمبر 2023، وأدت الهجمات إلى غرق سفينتين وإصابة أكثر من 35 سفينة ومقتل 3 بحارة.

وتزعم الجماعة الموالية لإيران أنها تشن هجماتها ضد السفن إلى جانب عشرات الهجمات باتجاه إسرائيل مساندة منها للفلسطينيين في غزة، في حين تقول الحكومة اليمنية إن الجماعة تنفذ أجندة طهران واستغلت الأحداث للهروب من استحقاقات السلام.

تصنيف ودعم وتفكيك

في وقت يعول فيه اليمنيون على تبدل السياسة الأميركية في عهد الرئيس المنتخب دونالد ترمب، لتصبح أكثر صرامة في مواجهة الحوثيين الذين باتوا الذراع الإيرانية الأقوى في المنطقة بعد انهيار «حزب الله» وسقوط نظام بشار الأسد، قدم السفير اليمني لدى واشنطن محمد الحضرمي 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ لدعم بلاده.

وتتضمن المقترحات الثلاثة إعادة تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية، ودعم الحكومة اليمنية لتحرير الحديدة وموانئها، واستهداف قيادات الجماعة لتفكيك هيكلهم القيادي.

محمد الحضرمي سفير اليمن لدى الولايات المتحدة ووزير الخارجية الأسبق (سبأ)

وقال السفير الحضرمي إن تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية على غرار تصنيف «حزب الله» و«الحرس الثوري» الإيراني، من شأنه أن يبعث برسالة قوية مفادها أن أفعال الحوثيين (ترويع المدنيين، واستهداف الأمن البحري، وزعزعة استقرار المنطقة) غير مقبولة.

وبخصوص دعم الحكومة اليمنية لتحرير ميناء الحديدة، أوضح الحضرمي في مداخلته أمام مجلس الشيوخ الأميركي أن تأمين هذا الميناء الحيوي على البحر الأحمر، من شأنه أن يمكن الحكومة من حماية البحر الأحمر وإجبار الحوثيين على الانخراط في السلام، وكذلك منع وصول الدعم الإيراني إليهم.

وأكد الحضرمي أن تحرير الحديدة لن يكلف الحكومة اليمنية الكثير، وقال: «كنا على مسافة قليلة جداً من تحرير الحديدة في 2018، وتم إيقافنا من قبل المجتمع الدولي. وأعتقد أنه حان الأوان لتحرير هذا الميناء».

وفيما يتعلق باستهداف قيادات الحوثيين لتفكيك هيكلهم القيادي، شدد السفير اليمني في واشنطن على أهمية هذه الخطوة، وقال إن «محاسبة قادة الميليشيات الحوثية على جرائمهم ستؤدي إلى إضعاف عملياتهم وتعطيل قدرتهم على الإفلات من العقاب».

وأضاف: «ستعمل هذه التدابير على تعزيز أمن البحر الأحمر، وحفظ دافعي الضرائب وهذا البلد (الولايات المتحدة) للكثير من المال، ومحاسبة الحوثيين على أفعالهم، وتوفير الضغط اللازم لإجبار الجماعة على الانخراط في المفاوضات، مما يمهد الطريق لسلام دائم في اليمن».

ورأى السفير اليمني أن الدبلوماسية وحدها لا تجدي نفعاً مع النظام الإيراني ووكلائه، وقال: «حاولنا ذلك معهم لسنوات عديدة. (السلام من خلال القوة) هو المجدي! وأنا واثق بأن الشعب اليمني والإيراني سيتمكنون يوماً ما من تحرير أنفسهم من طغيان النظام الإيراني ووكلائه».

اتهام إيران

أشار السفير الحضرمي في مداخلته إلى أن معاناة بلاده كانت النتيجة المتعمدة لدعم إيران للفوضى وعدم الاستقرار في المنطق، وقال: «منذ أكثر من 10 سنوات، قامت إيران بتمويل وتسليح جماعة الحوثي الإرهابية، وتزويدها بالأسلحة الفتاكة لزعزعة استقرار اليمن وتهديد خطوط الملاحة الدولية في البحر الأحمر».

وأوضح أنه من المأساوي أن الدعم الإيراني مكّن الحوثيين من أن يصبحوا خطراً ليس فقط على اليمن، بل على المنطقة والعالم، إذ يعدّ البحر الأحمر ممراً مهماً للشحن التجاري، حيث يمر منه أكثر من 10 في المائة من التجارة العالمية و30 في المائة من شحن البضائع السنوي، لافتاً إلى أن الولايات المتحدة وحدها تنفق مليارات الدولارات للتصدي لهجمات لا تكلف إيران إلا القليل.

صاروخ وهمي من صنع الحوثيين خلال تجمع في صنعاء دعا له زعيم الجماعة (إ.ب.أ)

وخاطب الحضرمي أعضاء مجلس الشيوخ الأميركي بالقول: «يجب إيقاف الحوثيين، ويمكن لليمنيين إيقافهم! فنحن نمتلك العزيمة والقوة البشرية لمواجهة الحوثيين والتهديد الإيراني في اليمن والبحر الأحمر. ولكننا لا نستطيع أن نفعل ذلك بمفردنا؛ نحن بحاجة لدعمكم».

وأشار السفير اليمني إلى أن الحوثيين يحصلون على النفط والغاز مجاناً من إيران، وباستخدام الأسلحة الإيرانية يمنعون اليمن من تصدير موارده الطبيعية، مما أعاق قدرة الحكومة على دفع الرواتب، أو تقديم الخدمات، أو شن هجوم مضاد فعال ضد الجماعة. وقال: «يمكن أن يتغير ذلك بدعم الولايات المتحدة».

وأكد الحضرمي أن اليمنيين لديهم العزيمة والقدرة على هزيمة الحوثيين واستعادة مؤسسات الدولة وإحلال السلام، واستدرك بالقول إن «وجود استراتيجية أميركية جديدة حول اليمن يعدّ أمراً بالغ الأهمية لمساعدتنا في تحقيق هذا الهدف».

ومع تشديد السفير اليمني على وجود «حاجة ماسة إلى نهج جديد لمعالجة التهديد الحوثي»، أكد أن الحوثيين «ليسوا أقوياء بطبيعتهم، وأن قوتهم تأتي فقط من إيران وحرسها الثوري، وأنه بوجود الاستراتيجية الصحيحة، يمكن تحييد هذا الدعم».