واشنطن تقدم أدلة على تزويد طهران للحوثيين بصواريخ باليستية

طالبت المجتمع الدولي بمواجهة التهديدات الإيرانية

السفيرة الأميركية لدى الأمم المتحدة نيكي هيلي تستعرض أدلة تثبت تورط إيران في إرسال الصواريخ إلى الحوثيين خلال مؤتمر صحافي بقاعدة أناكوستيا في واشنطن أمس (أ.ف.ب)
السفيرة الأميركية لدى الأمم المتحدة نيكي هيلي تستعرض أدلة تثبت تورط إيران في إرسال الصواريخ إلى الحوثيين خلال مؤتمر صحافي بقاعدة أناكوستيا في واشنطن أمس (أ.ف.ب)
TT

واشنطن تقدم أدلة على تزويد طهران للحوثيين بصواريخ باليستية

السفيرة الأميركية لدى الأمم المتحدة نيكي هيلي تستعرض أدلة تثبت تورط إيران في إرسال الصواريخ إلى الحوثيين خلال مؤتمر صحافي بقاعدة أناكوستيا في واشنطن أمس (أ.ف.ب)
السفيرة الأميركية لدى الأمم المتحدة نيكي هيلي تستعرض أدلة تثبت تورط إيران في إرسال الصواريخ إلى الحوثيين خلال مؤتمر صحافي بقاعدة أناكوستيا في واشنطن أمس (أ.ف.ب)

كشفت السفيرة االأميركية في الأمم المتحدة، نيكي هيلي، أمس، عن أدلة موثقة على تورط إيران في تهريب الصواريخ إلى الحوثيين في اليمن، في انتهاك متكرر لقرارات الأمم المتحدة ومجلس الأمن. مؤكدة أن تقارير الأمم المتحدة أثبتت أن صاروخاً أطلقه الحوثيون تجاه مطار الرياض في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي إيراني الصنع.
ووقفت هيلي خلال المؤتمر الصحافي من قاعدة أناكوستيا العسكرية أمام أجزاء من الصاروخ الذي أطلقه الحوثيون على الرياض، وقالت: «خلفي بقايا تم العثور عليها لصاروخ أطلقه المقاتلون الحوثيون في اليمن على السعودية»، قبل أن تستعرض تقريراً يرصد أدلة تثبت أن إيران تمد الحوثيين بأسلحة تقليدية وصواريخ باليستية من منشأ إيراني الصنع، وأضافت: «لقد صُنع في إيران، ثم أُرسِل إلى الحوثيين في اليمن».
وطالبت هيلي المجتمع الدولي بالانضمام إلى الولايات المتحدة في مواجهة التصرفات الإيرانية المزعزعة للاستقرار وبناء تحالف دولي، وكشفت عن تحرك في مجلس الأمن الدولي لمواجهة التهديد الإيراني بموازاة تحرك من وزارتي الخارجية والدفاع الأميركي ومجلس الأمن القومي.
ولفت هيلي إلى تقرير يصدر من الأمين العام للأمم المتحدة في الأيام المقبلة، ويرصد التقرير انتهاكات طهران وتفاصيل تثبت تورطها في مد الحوثيين بأسلحة تقليدية وصواريخ، وقالت في هذا الخصوص: «نقوم اليوم (أمس) بالكشف عن هذه المعلومات؛ لأن النظام الإيراني لا يمكنه الاستمرار في تهديد الأمن والسلم، والأمر يعتمد علينا للتصدي للتصرفات الإيرانية، ولا بد من هزيمة هذا التهديد».
وطالبت هيلي الدول الأوروبية وجميع الحلفاء والشركاء بالانضمام إلى الولايات المتحدة لبناء تحالف دولي ضد التصرفات الإيرانية، محذرة من أن «الصاروخ الذي تم به التهديد للمدنيين في مطار الرياض يمكن أن يتم إطلاقه على مطار دالاس في واشنطن، أو مطار جون كنيدي في نيويورك، أو أي مطارات في لندن وباريس».
و أوضحت هيلي أن التقرير يثبت أن الصاروخ حمل بصمات إيرانية واضحة، وملصقات تشير إلى أنه صنع في إيران. مشيرة إلى أن تلك الأدلة ضمن أدلة أخرى كثيرة تثبت تهريب الصاروخ إلى اليمن، إضافة إلى تهريب شحنات من الأسلحة التقليدية والسفن والمواد المتفجرة، وقالت: «كل الأدلة تثبت أن إيران تنتهك القرارات الدولية». وأشارت أن هناك أدلة أخرى عن سلوك إيران السيئ في كلٍ من اليمن، ولبنان، وسوريا، والعراق.
وأضافت هيلي: «إننا سندعو المجتمع الدولي إلى إرسال وفود للتحقق من هذه الأدلة، وسنرسلها إلى أعضاء الكونغرس والمجتمع الدولي، والولايات المتحدة مستعدة للمشاركة بما لديها من معلومات استخباراتية وأدلة دامغة ضد التصرفات الإيرانية إلى حلفائنا وشركائنا، ونسأل أصدقاءنا وحلفاءنا للقيام بالمثل، فعلينا التحدث بلسان واحد لكشف النظام الإيراني، وندعو كل الدول للانضمام إلينا في مقاومة هذا التهديد الدولي».
وحول الخطوات المقبلة التي تتخذها إدارة ترمب فيما يتعلق بالاتفاق النووي الإيراني، قالت هيلي: «الرئيس ترمب أكد أن إيران لا تفي بالتزاماتها فيما يتعلق ببرنامج الصواريخ والدعم الذي تقدمه إيران للإرهاب، وإيران تتخفى وراء الاتفاق النووي، والجميع ركز على الاتفاق النووي وما نقدمه اليوم من أدلة يجب أن يفتح العيون للتهديدات الإيرانية ومجلس الأمن الدولي والكونغرس والمجتمع الدولي سوف ينظر في سبل للتصدي لهذه الأنشطة الإيرانية المزعزعة للاستقرار».
وأضافت سفيرة الولايات المتحدة إلى الأمم المتحدة: «كل الأمور لا بد من ربطها بالاتفاق النووي، وما نقوله إن الجميع لم يتحركوا خوفاً من انسحاب إيران من الاتفاق النووي، لكننا سنواصل بناء الدعم لمحاسبة إيران على كل أنشطتها، وما شهدناه من شركائنا أنهم الآن يرون أن الرئيس ترمب كان محقاً في موقفه من إيران، ويدركون أن هذا الصاروخ بإمكانه إصابة أي عاصمة في العالم، ولا يمكنهم الآن أن يديروا ظهورهم لهذه المشكلة»، موضحة أن إيران انتهكت خصوصاً القرار الدولي 2231، الذي يشمل الاتفاق النووي، ويمنع طهران من بيع أي صاروخ باليستي لخمسة أعوام.
في نفس الاتجاه ، قالت وزارة الدفاع الأميركية، إن استعراض الأسلحة والمعدات العسكرية الإيرانية الذي تم في قاعدة أناكوستيا العسكرية بالعاصمة واشنطن، يأتي كجزء من استراتيجية إدارة ترمب لتقديم أدلة واضحة على استمرار إيران بخرق قرارات الأمم المتحدة. وأكدت لورا سيال المتحدثة باسم البنتاغون، أن واشنطن قدمت اليوم للعالم الدليل على استراتيجية إيران الخبيثة، بحسب تعبيرها. وأضافت: «نحن نقدم هذه الأدلة حتى يتمكن حلفاؤنا وشركاؤنا الدوليون بمن فيهم منظمات مثل الأمم المتحدة، من الاطلاع على الأنشطة الإيرانية بصورة قاطعة».
وقالت سايل إن تلك الأسلحة تم جمعها من ساحات القتال في أنحاء الشرق الأوسط، من خلال شركاء الولايات المتحدة وعلى رأسهم المملكة العربية السعودية، ودولة الإمارات، مؤكدة أن جميع الأسلحة والصواريخ الباليستية التي تم استعراضها اليوم عثر بها على قطع أنتجتها مصانع حكومية إيرانية وأضافت: «المكان الوحيد الذي يمكن أن تأتي منه تلك الأسلحة هو إيران»، مشيرة إلى أن نحو 6 قطع أسلحة يمكن تتبع مصدرها المباشر في إيران، بالإضافة إلى طائرات صغيرة مسيرة من طراز قاذف1 وهي تصنع فقط في إيران، لكن عثرت عليها القوات السعودية بحوزة الحوثيين في اليمن.
كما كشفت سايل عن العثور على صور من داخل مقرات تابعة للحرس الثوري الإيراني في طهران على أجهزة كومبيوتر عثر عليها على زوارق تابعة للحوثيين. وأكدت أن الكثير من المعدات التي عثر عليها يمكن التحكم فيها عن بعد، مما يجعلها أداة فعالة لتنفيذ الهجمات دون الحاجة إلى انتحاريين، مؤكدة أن جميع أجزاء الكومبيوتر التي احتوت عليها تلك الأسلحة مصدرها إيران. وأضافت قائلة: «من الواضح أن إيران تقوم بتسليح الميلشيات الخطرة والجماعات الإرهابية بأسلحة متطورة بهدف نشر الفوضى والعنف»، مؤكدة أن الولايات المتحدة ليست في طريقها للحرب مع إيران ولكن على العكس «نريد من إيران أن تتصرف بشكل مسؤول من أجل تحقيق السلام والاستقرار في المنطقة التي تعاني من تصرفات طهران».
بدورها، رفضت البعثة الإيرانية لدى الأمم المتحدة في بيان «هذا الاتهام في شكل قاطع»، معتبرة أنه «لا أساس له وغير مسؤول واستفزازي ومدمر». وأضافت أن «أدلة (هيلي) المفترضة التي قدمت اليوم (أمس) علناً هي مفبركة على غرار أدلة أخرى عرضت سابقاً في مناسبات أخرى»، وتابع البيان: إن الحكومة الأميركية «تمضي وقتها في تضليل الرأي العام بقضايا» تصب في مصلحة أجندتها السياسية، وفق ما نقلت وكالة الصحافة الفرنسية.
وقبل ساعات من تصريحات هيلي، نشرت وكالة «أسوشييتد برس» أجزاء من تقرير لأمين عام الأمم المتحدة يشير فيه إلى تجاهل إيران دعوات أممية تطالب بوقف تطوير الصواريخ الباليستية على الرغم من امتثالها للاتفاق النووي مع القوي الست العالمية.
ويشير غوتيريش في التقرير إلى أن الأمم المتحدة تواصل التحقيق في إمكانية نقل الصواريخ الباليستية إلى المتمردين الحوثيين في اليمين وإطلاقها على الأراضي السعودية في يومي 22 يوليو (تموز) و4 من نوفمبر الماضي. ويتهم غوتيريش إيران بانتهاك نص وروح الاتفاق النووي، مع دعمها المستمر للجماعات الإرهابية، إضافة إلى تطوير الصواريخ الباليستية.



انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
TT

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)

بموازاة استمرار الجماعة الحوثية في تصعيد هجماتها على إسرائيل، واستهداف الملاحة في البحر الأحمر، وتراجع قدرات المواني؛ نتيجة الردِّ على تلك الهجمات، أظهرت بيانات حديثة وزَّعتها الأمم المتحدة تراجعَ مستوى الدخل الرئيسي لثُلثَي اليمنيين خلال الشهر الأخير من عام 2024 مقارنة بالشهر الذي سبقه، لكن هذا الانخفاض كان شديداً في مناطق سيطرة الجماعة المدعومة من إيران.

ووفق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، فقد واجهت العمالة المؤقتة خارج المزارع تحديات؛ بسبب طقس الشتاء البارد، ونتيجة لذلك، أفاد 65 في المائة من الأسر التي شملها الاستطلاع بانخفاض في دخلها الرئيسي مقارنة بشهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي والفترة نفسها من العام الماضي، وأكد أن هذا الانخفاض كان شديداً بشكل غير متناسب في مناطق الحوثيين.

وطبقاً لهذه البيانات، فإن انعدام الأمن الغذائي لم يتغيَّر في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية، بينما انخفض بشكل طفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين؛ نتيجة استئناف توزيع المساعدات الغذائية هناك.

الوضع الإنساني في مناطق الحوثيين لا يزال مزرياً (الأمم المتحدة)

وأظهرت مؤشرات نتائج انعدام الأمن الغذائي هناك انخفاضاً طفيفاً في صنعاء مقارنة بالشهر السابق، وعلى وجه التحديد، انخفض الاستهلاك غير الكافي للغذاء من 46.9 في المائة في نوفمبر إلى 43 في المائة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وضع متدهور

على النقيض من ذلك، ظلَّ انعدام الأمن الغذائي في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية دون تغيير إلى حد كبير، حيث ظلَّ الاستهلاك غير الكافي للغذاء عند مستوى مرتفع بلغ 52 في المائة، مما يشير إلى أن نحو أسرة واحدة من كل أسرتين في تلك المناطق تعاني من انعدام الأمن الغذائي.

ونبّه المكتب الأممي إلى أنه وعلى الرغم من التحسُّن الطفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، فإن الوضع لا يزال مزرياً، على غرار المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة، حيث يعاني نحو نصف الأسر من انعدام الأمن الغذائي (20 في المائية من السكان) مع حرمان شديد من الغذاء، كما يتضح من درجة استهلاك الغذاء.

نصف الأسر اليمنية يعاني من انعدام الأمن الغذائي في مختلف المحافظات (إعلام محلي)

وبحسب هذه البيانات، لم يتمكَّن دخل الأسر من مواكبة ارتفاع تكاليف سلال الغذاء الدنيا، مما أدى إلى تآكل القدرة الشرائية، حيث أفاد نحو ربع الأسر التي شملها الاستطلاع في مناطق الحكومة بارتفاع أسعار المواد الغذائية كصدمة كبرى، مما يؤكد ارتفاع أسعار المواد الغذائية الاسمية بشكل مستمر في هذه المناطق.

وذكر المكتب الأممي أنه وبعد ذروة الدخول الزراعية خلال موسم الحصاد في أكتوبر (تشرين الأول) ونوفمبر، الماضيين، شهد شهر ديسمبر أنشطةً زراعيةً محدودةً، مما قلل من فرص العمل في المزارع.

ولا يتوقع المكتب المسؤول عن تنسيق العمليات الإنسانية في اليمن حدوث تحسُّن كبير في ملف انعدام الأمن الغذائي خلال الشهرين المقبلين، بل رجّح أن يزداد الوضع سوءاً مع التقدم في الموسم.

وقال إن هذا التوقع يستمر ما لم يتم توسيع نطاق المساعدات الإنسانية المستهدفة في المناطق الأكثر عرضة لانعدام الأمن الغذائي الشديد.

تحديات هائلة

بدوره، أكد المكتب الإنمائي للأمم المتحدة أن اليمن استمرَّ في مواجهة تحديات إنسانية هائلة خلال عام 2024؛ نتيجة للصراع المسلح والكوارث الطبيعية الناجمة عن تغير المناخ.

وذكر أن التقديرات تشير إلى نزوح 531 ألف شخص منذ بداية عام 2024، منهم 93 في المائة (492877 فرداً) نزحوا بسبب الأزمات المرتبطة بالمناخ، بينما نزح 7 في المائة (38129 فرداً) بسبب الصراع المسلح.

نحو مليون يمني تضرروا جراء الفيضانات منتصف العام الماضي (الأمم المتحدة)

ولعبت آلية الاستجابة السريعة متعددة القطاعات التابعة للأمم المتحدة، بقيادة صندوق الأمم المتحدة للسكان، وبالشراكة مع برنامج الأغذية العالمي و«اليونيسيف» وشركاء إنسانيين آخرين، دوراً محورياً في معالجة الاحتياجات الإنسانية العاجلة الناتجة عن هذه الأزمات، وتوفير المساعدة الفورية المنقذة للحياة للأشخاص المتضررين.

وطوال عام 2024، وصلت آلية الاستجابة السريعة إلى 463204 أفراد، يمثلون 87 في المائة من المسجلين للحصول على المساعدة في 21 محافظة يمنية، بمَن في ذلك الفئات الأكثر ضعفاً، الذين كان 22 في المائة منهم من الأسر التي تعولها نساء، و21 في المائة من كبار السن، و10 في المائة من ذوي الإعاقة.

وبالإضافة إلى ذلك، تقول البيانات الأممية إن آلية الاستجابة السريعة في اليمن تسهم في تعزيز التنسيق وكفاءة تقديم المساعدات من خلال المشاركة النشطة للبيانات التي تم جمعها من خلال عملية الآلية وتقييم الاحتياجات.