النظام يكبّل مسار «جنيف» ... والمعارضة تنتظر توضيحات حول {سوتشي}

ربط التفاوض المباشر والبحث في السلال الأربع بسحب بيان الرياض

وفد هيئة التفاوض برئاسة نصر الحريري التقى بالمبعوث الأممي دي ميستورا في جنيف أمس (إ.ب.أ)
وفد هيئة التفاوض برئاسة نصر الحريري التقى بالمبعوث الأممي دي ميستورا في جنيف أمس (إ.ب.أ)
TT

النظام يكبّل مسار «جنيف» ... والمعارضة تنتظر توضيحات حول {سوتشي}

وفد هيئة التفاوض برئاسة نصر الحريري التقى بالمبعوث الأممي دي ميستورا في جنيف أمس (إ.ب.أ)
وفد هيئة التفاوض برئاسة نصر الحريري التقى بالمبعوث الأممي دي ميستورا في جنيف أمس (إ.ب.أ)

انتهت جولة جديدة من مفاوضات جنيف إلى تثبيت واقع «الدوران في حلقة مفرغة» خاصة مع إعلان وفد النظام السوري رفض الدخول في حوار مباشر مع وفد المعارضة أو الانتقال لبحث جدي للسلال الـ4 «طالما بيان الرياض2 لا يزال قائما».
وقال رئيس وفد النظام في جنيف بشار الجعفري بعد لقائه المبعوث الدولي ستيفان دي ميستورا: «أجرينا محادثات مكثفة خلال الجولة الثامنة من أجل الخروج بنتائج إيجابية، ونظراً لقناعتنا بما يجري على أرض الواقع من حرب إرهابية طرحنا الحديث عن الإرهاب بشكل أساسي لأن مكافحة الإرهاب هي المدخل الأساسي لبحث باقي السلال».
وأعلن الجعفري أن الوفد الذي يرأسه رفض الدخول في حوار مباشر مع المعارضة «لأن بيان الرياض2 لا يزال قائما»، وقال: «لن ندخل في حوار مباشر بوجود شروط مسبقة، وقد تركزت معظم جلسات الجولة الحالية في جنيف على ضرورة إلغاء الطرف الآخر (بيان الرياض2) للتركيز على مناقشة السلال الأربع». وإذ أكد أن النظام لا يريد فشل عملية جنيف، أشار إلى أن وفده شارك في ثماني جولات من المحادثات «بمنتهى الجدية».
وتحدثت مصادر من «جنيف» أول من أمس، لـ«الشرق الأوسط»، أن مشادة كلامية تمت بين الجعفري وممثل روسيا في سياق محاولة الأخير توجيه وفد النظام، غير أن الجعفري، رد عليه بالقول إن مرجعيته في دمشق ولن يقبل تعليمات إلا منها.
بالمقابل، شدد المتحدث باسم وفد المعارضة يحيى العريضي في تصريح لـ«الشرق الأوسط» على أن «الجعفري لا يستطيع أن ينهي مسار جنيف أو بيان الرياض، وهو أعجز بألف مرة عن ذلك، خاصة أن هذا البيان هو تعبير واضح عن إرادة المعارضة»، وقال: «من الآن وصاعدا سيكون هناك تمسك أكثر بـ(جنيف) لمواجهة غطرسة النظام وتحديه للشرعية الدولية وللأمم المتحدة».
وربط العريضي مشاركة المعارضة بمؤتمر الحوار الوطني السوري الذي تعتزم روسيا عقده في سوتشي بتوضيح وتحديد تاريخه وهدفه والأطراف التي ستشارك فيه. وأضاف: «نحن سنؤيد لا شك أي فعل خارج جنيف يحقق الأهداف الأساسية للمعارضة وأبرزها تطبيق القرارات الدولية، وبالتالي إذا كان سوتشي سيساهم بإطلاق عملية الانتقال السياسي وعودة اللاجئين وإطلاق المعتقلين، فلم لا نشارك فيه».
وكان المتحدث باسم وفد المعارضة أوضح أن الاجتماعات مع دي ميستورا يوم أمس الخميس، «كرست لبحث موضوع الانتقال السياسي، وذلك بعد أن تم بحث ملفي العملية الدستورية والانتخابية في اليومين الماضيين». ووصف الجلسة الأخيرة مع المبعوث بـ«الغنية والجادة»، لافتا إلى أنها «تعمقت في تفاصيل الانتقال السياسي أو ما يعرف بالسلة الأولى وهي تتطلب جلسات أكثر وأكثر».
إلا أن المستشارة لمفاوضات جنيف مرح البقاعي، بدت أكثر تشاؤما، واعتبرت أن النسخة الثامنة من هذه المفاوضات «وصلت إلى طريق مسدود»، لافتة إلى أن «الوفد النظامي الذي يمثل حكومة الأسد يرفض التعامل مع مخرجات مؤتمر الرياض، ولا يحترم الجدول الزمني أو السياسي المحدد لتناول الملفات الأربعة التي حددها المبعوث الأممي وصولاً إلى تطبيق فعلي لقرار مجلس الأمن 2254. فيما المبعوث الأممي الذي كان قد فاجأ هيئة التفاوض المعارضة بموقف فج اتخذه بصورة بعيدة كل البعد عن طبيعة موقعه كوسيط دبلوماسي، مهدداً بانتقال المحادثات إلى قبضة سوتشي». وقالت البقاعي لـ«الشرق الأوسط»: «المعارضة عالقة اليوم بين سندان آستانة العسكري وما يحضّر في سوتشي الذي سيكون أشبه بآستانة السياسي، فيما الولايات المتحدة تسحب يدها تماماً وهي مهتمة بتوطيد قواعدها في الشمال والشرق ورعاية شركائها هناك».
وكانت صحيفة «الوطن» السورية التابعة للنظام، نقلت عن مصدر دبلوماسي عربي من جنيف أن الجولة الثامنة من المفاوضات «كانت من أفشل الجولات في المسار المتعثر، وتقع مسؤولية ذلك على المبعوث الأممي ستيفان دي ميستورا بالدرجة الأولى، وعلى وفد الرياض وشروطه المسبقة تجاه مصير هذه المفاوضات وسقوفها».
من جهته، اعتبر نائب رئيس الائتلاف المعارض عبد الرحمن مصطفى، أن «عرقلة نظام الأسد للمفاوضات هي لمنع قيام أي عملية انتقال سياسي في سوريا، حسب ما نصت عليها القرارات الدولية وعلى رأسها بيان جنيف1 والقرار 2254».
وبيّن مصطفى وهو أحد أعضاء هيئة التفاوض أنهم ما زالوا على استعداد للدخول في مفاوضات مباشرة مع نظام الأسد، مشدداً على أن ذلك مسؤولية الأمم المتحدة، وأشار إلى أن الوصول إلى تلك المرحلة سيدفع العملية السياسية إلى الأمام.
وكان دي ميستورا دعا الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى العمل على إقناع النظام السوري بالموافقة على إجراء انتخابات «لكسب السلام». واعتبر دي ميستورا أن على بوتين «إقناع الحكومة بأنه لم يعد هناك من مجال لإضاعة الوقت» مضيفا: «يمكن أن يعتقد البعض أنه انتصر في حرب ميدانية، إلا أن الأمر مؤقت، ولا بد من كسب السلام، ولتحقيق ذلك لا بد من الشجاعة لدفع الحكومة إلى الموافقة على وضع دستور جديد، وإجراء انتخابات جديدة بالتعاون مع الأمم المتحدة».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».