العراق: حركتان شيعيتان تعلنان «التخلي» عن ميليشياتهما

TT

العراق: حركتان شيعيتان تعلنان «التخلي» عن ميليشياتهما

أعلنت حركتان شيعيتان في العراق فك الارتباط الحزبي بميليشياتهما المنضوية في «الحشد الشعبي»، بعد أيام من اجتماع لقيادات فصائل في النجف، لمناقشة أوضاعها في مرحلة ما بعد انتهاء المعارك ضد تنظيم داعش ومسألة نزع سلاحها.
وأمر نائب رئيس «الحشد الشعبي» زعيم «منظمة بدر» هادي العامري تشكيلات حركته بـ«إخلاء المدن من المظاهر المسلحة»، ووجه «جميع الألوية التابعة للمنظمة» بـ«قطع علاقتها الحزبية معها والبقاء ضمن الحشد».
وقال العامري في رسالة، أمس: «لدينا الآن عدد كبير من الألوية العسكرية تحت إمرة هيئة الحشد الشعبي، وتمتثل لأوامر المراجع العسكرية في القوات المسلحة... أهيب بالإخوة أمراء هذه الألوية كافة بقطع علاقتهم الحزبية ببدر، إن وجدت، والبقاء في الحشد الشعبي لأهمية هذا التشكيل المبارك في الدفاع عن أرض هذا الوطن».
وأشار العامري إلى أن «كل السلاح الذي بأيدي ألويتنا هو سلاح الدولة، وليس لدينا أي سلاح خاص بنا، لأننا نؤمن منذ البداية بحصر السلاح بيد الدولة، كما نوصي الإخوة كافة أمراء التشكيلات بإخلاء المدن من المظاهر المسلحة كافة والتقيد بذلك».
وبعد أيام من ظهوره بزي عسكري على الحدود اللبنانية - الإسرائيلية في حادثة أثارت جدلاً كبيراً، أعلن الأمين العام لحركة «عصائب أهل الحق» قيس الخزعلي، مساء أول من أمس، إطلاق «حملة ابدأ بنفسك لإزالة مظاهر عسكرة المجتمع».
وأكد الخزعلي في كلمة بمناسبة انتهاء الحرب ضد «داعش»، على «حصر السلاح بكل أنواعه الثقيلة والمتوسطة بيد الأجهزة الأمنية، ودعم الاستقرار الأمني والتصدي لكل المحاولات التي تريد زعزعة الوضع الأمني».
وأشار إلى أن «الحشد الشعبي ملتزم بتعليمات القائد العام للقوات المسلحة ولم يقم بأي تغيير ديموغرافي في أي منطقة»، مشدداً على «تحويل المقاتلين والكوادر والاختصاصات المجاهدة إلى هيئة الحشد الشعبي، والتأكيد والالتزام على ارتباطهم بالقائد العام للقوات المسلحة وفك ارتباطهم السياسي بعصائب أهل الحق».
وكان الخزعلي ظهر قبل أيام بزي عسكري في المنطقة الحدودية في جنوب لبنان عند بوابة فاطمة، برفقة قياديين من «حزب الله»، ما أثار موجة استياء واسعة عربياً ولبنانياً.
وأشاد وزير الداخلية العراقي قاسم الأعرجي بإعلان الخزعلي. وقال في بيان مقتضب: «نشكر الأمين العام لعصائب أهل الحق الشيخ قيس الخزعلي على هذه المبادرة، وهي خطوة وطنية تدعم الدولة وتفرض سلطة القانون».
ويأتي موقف «بدر» و«العصائب»، بعد أيام من إعلان زعيم «التيار الصدري» مقتدى الصدر تجميد ميليشيا «سرايا السلام» التابعة لتياره. وسبق خطوة الصدر بأيام إعلان مماثل أقدمت عليه قوات «أبي الفضل العباس» التي حلّت نفسها مباشرة بعد انتهاء المعركة ضد «داعش».
ورجحت مصادر أن يكون تتابع إعلانات فك الارتباط بالميليشيات بعد أيام من اجتماع النجف، استجابة لدعوة المرجع علي السيستاني إلى «حصر السلاح بيد الدولة». لكن لم تتضح بعد طبيعة فك الارتباط ومداه.
ويشغل مصير الفصائل المسلحة التي اشتركت في القتال ضد «داعش» الساحة السياسية في العراق. وشدد رئيس الوزراء حيدر العبادي في أكثر من مناسبة على ضرورة منع المظاهر المسلحة خارج إطار الدولة، وهدد بحرمان الأحزاب والجماعات السياسية التي لديها أجنحة مسلحة من المشاركة في الانتخابات البرلمانية المقبلة.
وقال عضو المكتب السياسي لـ«عصائب أهل الحق» ليث العذاري لـ«الشرق الأوسط» إن حملة الخزعلي «تأكيد على موضوع ترك السلاح منذ دخول ألويتنا تحت مظلة الحشد الشعبي، وما أعلن، إنما هو مجرد تأكيد وإجابة قاطعة على اللغط الذي حصل في الأيام الماضية حول سلاح الحشد، بمعنى أننا سلمنا أسلحتنا من زمن طويل».
ونفى وجود صلة بين الإعلان وظهور الخزعلي الأخير في جنوب لبنان، قائلاً: «لا رابط بين الأمرين، فذاك موقف تضامني مع الشعبين اللبناني والفلسطيني، ومن حقنا كحركة سياسية التضامن مع القضايا العربية والفلسطينية وإعلان موقفنا.... للتضامن أساليب وأشكال عدة، وهذه واحدة منها. أما قضية السلاح فهي داخلية».
وشدد العذاري على أن إعلان زعيم حركته «مرتبط باللغط حول موضوع سلاح الفصائل بعد تحقيق النصر على داعش، وليس الخشية من أميركا»، في نفي ضمني للمخاوف من الإدراج على لوائح الإرهاب الأميركية كما حدث مع «حركة النجباء» الشيعية العراقية. وأكد أن حركته «مع تحسين العلاقات مع جميع دول الجوار، خصوصاً العربية مع وجود حسن نوايا.... العراق أثبت ذلك مع العرب جميعاً، ونحن بحاجة إلى مبادرة حقيقية ملموسة لتطبيع العلاقات».



واشنطن تضرب منشأتين حوثيتين لتخزين الأسلحة تحت الأرض

واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
TT

واشنطن تضرب منشأتين حوثيتين لتخزين الأسلحة تحت الأرض

واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)

بعد يوم من تبني الحوثيين المدعومين من إيران مهاجمة أهداف عسكرية إسرائيلية وحاملة طائرات أميركية شمال البحر الأحمر، أعلن الجيش الأميركي، الأربعاء، استهداف منشأتين لتخزين الأسلحة تابعتين للجماعة في ريف صنعاء الجنوبي وفي محافظة عمران المجاورة شمالاً.

وإذ أقرت وسائل الإعلام الحوثية بتلقي 6 غارات في صنعاء وعمران، فإن الجماعة تشن منذ أكثر من 14 شهراً هجمات ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، وهجمات أخرى باتجاه إسرائيل، تحت مزاعم مناصرة الفلسطينيين في غزة، فيما تشن واشنطن ضربات مقابلة للحد من قدرات الجماعة.

وأوضحت «القيادة العسكرية المركزية الأميركية»، في بيان، الأربعاء، أن قواتها نفذت ضربات دقيقة متعددة ضد منشأتين تحت الأرض لتخزين الأسلحة التقليدية المتقدمة تابعتين للحوثيين المدعومين من إيران.

ووفق البيان، فقد استخدم الحوثيون هذه المنشآت لشن هجمات ضد سفن تجارية وسفن حربية تابعة للبحرية الأميركية في جنوب البحر الأحمر وخليج عدن. ولم تقع إصابات أو أضرار في صفوف القوات الأميركية أو معداتها.

وتأتي هذه الضربات، وفقاً للبيان الأميركي، في إطار جهود «القيادة المركزية» الرامية إلى تقليص محاولات الحوثيين المدعومين من إيران تهديد الشركاء الإقليميين والسفن العسكرية والتجارية في المنطقة.

في غضون ذلك، اعترفت الجماعة الحوثية، عبر وسائل إعلامها، بتلقي غارتين استهدفتا منطقة جربان بمديرية سنحان في الضاحية الجنوبية لصنعاء، وبتلقي 4 غارات ضربت مديرية حرف سفيان شمال محافظة عمران، وكلا الموقعين يضم معسكرات ومخازن أسلحة محصنة منذ ما قبل انقلاب الحوثيين.

وفي حين لم تشر الجماعة الحوثية إلى آثار هذه الضربات على الفور، فإنها تعدّ الثانية منذ مطلع السنة الجديدة، بعد ضربات كانت استهدفت السبت الماضي موقعاً شرق صعدة حيث المعقل الرئيسي للجماعة.

5 عمليات

كانت الجماعة الحوثية تبنت، مساء الاثنين الماضي، تنفيذ 5 عمليات عسكرية وصفتها بـ«النوعية» تجاه إسرائيل وحاملة طائرات أميركية، باستخدام صواريخ مجنّحة وطائرات مسيّرة، وذلك بعد ساعات من وصول المبعوث الأممي هانس غروندبرغ إلى صنعاء حيث العاصمة اليمنية الخاضعة للجماعة.

وفي حين لم يورد الجيشان الأميركي والإسرائيلي أي تفاصيل بخصوص هذه الهجمات المزعومة، فإن يحيى سريع، المتحدث العسكري باسم الحوثيين، قال إن قوات جماعته نفذت «5 عمليات عسكرية نوعية» استهدفت حاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» وتل أبيب وعسقلان.

الحوثيون زعموا مهاجمة حاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» بالصواريخ والمسيّرات (الجيش الأميركي)

وادعى المتحدث الحوثي أن جماعته استهدفت حاملة الطائرات الأميركية «يو إس إس هاري ترومان» بصاروخين مجنّحين و4 طائرات مسيّرة شمال البحرِ الأحمر، زاعماً أن الهجوم استبق تحضير الجيش الأميركي لشن هجوم على مناطق سيطرة الجماعة.

إلى ذلك، زعم القيادي الحوثي سريع أن جماعته قصفت هدفين عسكريين إسرائيليين في تل أبيب؛ في المرة الأولى بطائرتين مسيّرتين وفي المرة الثانية بطائرة واحدة، كما قصفت هدفاً حيوياً في عسقلانَ بطائرة مسيّرة رابعة.

تصعيد متواصل

وكانت الجماعة الحوثية تبنت، الأحد الماضي، إطلاق صاروخ باليستي فرط صوتي، زعمت أنها استهدفت به محطة كهرباء إسرائيلية، الأحد، وذلك بعد ساعات من تلقيها 3 غارات وصفتها بالأميركية والبريطانية على موقع شرق مدينة صعدة؛ حيث معقلها الرئيسي شمال اليمن.

ويشن الحوثيون هجماتهم ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن وباتجاه إسرائيل، ابتداء من 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، تحت مزاعم مناصرة الفلسطينيين في غزة.

مقاتلة أميركية تقلع من على متن حاملة الطائرات «هاري رومان»... (الجيش الأميركي)

وأقر زعيمهم عبد الملك الحوثي في آخِر خُطبه الأسبوعية، الخميس الماضي، باستقبال 931 غارة جوية وقصفاً بحرياً، خلال عام من التدخل الأميركي، وقال إن ذلك أدى إلى مقتل 106 أشخاص، وإصابة 314 آخرين.

كما ردت إسرائيل على مئات الهجمات الحوثية بـ4 موجات من الضربات الانتقامية حتى الآن، وهدد قادتها السياسيون والعسكريون الجماعة بمصير مُشابه لحركة «حماس» و«حزب الله» اللبناني، مع الوعيد باستهداف البنية التحتية في مناطق سيطرة الجماعة.

ومع توقع أن تُواصل الجماعة الحوثية هجماتها، لا يستبعد المراقبون أن تُوسِّع إسرائيل ردها الانتقامي، على الرغم من أن الهجمات ضدها لم يكن لها أي تأثير هجومي ملموس، باستثناء مُسيَّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.